أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المغربية زكية المرموق -طِفْلَةٌ مِنْ شَمْعٍ-















المزيد.....


مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المغربية زكية المرموق -طِفْلَةٌ مِنْ شَمْعٍ-


فاطمة شاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8094 - 2024 / 9 / 8 - 09:32
المحور: الادب والفن
    


مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المغربية زكية المرموق
"طِفْلَةٌ مِنْ شَمْعِ" ...


لكل نص فَرَادَتُهُ وغرابتُهُ باعتباره نصًّا مُغلقا كسِيسْمَاتِيكٍ تبْنيه مقدماتٌ ونتائجُ لها منطقُها الذاتي، الذي يتحددُ معْناه من خلال تِيمَةٍ ،لاتنفتح إلا لقراءة متمكِّنةٍ...
وهذا النوعُ من القراءة يجعل النصَّ الفريدَ في ذاته/الغريبَ عن الآخرِفي شكله ومضمونه ،يفقد عُذْريتَهُ من جهة فيحققُ متعةً ودهشةً، يستطيع الجميع تذوقَها ،ويفقدُ غرابَتَه التي حولَته من بعيدٍ غريبٍ إلى قريبٍ، يمكن للقارئ أن يكشف كنْزَه ،ويمنحَ سرَّه لأضعفِ خلقِه بوساطة حقِّ ملكية المفاتيح...
النقد مفتاحٌ ، يجعله حقًّا عامًّا يتعامل معه الجميع بمواقفَ متعددةٍ، فيغدو متاحاً لكل من يدخله ، وتجعله أيضا ملكية تُخوِّل للقارئ امتلاكَ كنز المغارةِ العجيبة....
فهلْ ستكون زكية المرموق بهذا النص تلك المغارةَ الفريدةَ /الغريبةَ بكنزها.... ؟
وهلْ ستكونُ فاطمة شاوتي بمفاتيحها تلكَ "افتحي يا سِمْسِمَةُ"....!
مَنْ تكتشفُ كنوزَ المغارة فيتحققُ الإمتاعُ والإدهاشُ من خلال مُقاربةِ السِّيسْمَاتِيكِ الشعريِّ بنكهةِ مُنْتِجَتِهِ .... ؟
هذا تحدٍّ أحاولُ فيه أنْ أقرِّبَ الذائقةَ الشعريةَ بخصوصيةِ كاتبتِها لأكبر عدد ممكنٍ من المُتعاطينَ مع فَرادةِ وغرابةِ مَنْطوقِ النصِّ المقروءِ لِتعريةِ ماقالَه ومالَمْ يقلْهُ...
فإنْ وفِّقْتُ فلي أجْرانِ، أجرُ تقريبِ الذائقةِ وفهمِها واقتحامِِ مُغْلَقاتِها وصولاً إلى مُخرجاتٍ ذوقية جمالية/ ومعرفية لها تقاطعُها الذاتي والموضوعي...
وإنْ لَمْ أتمكَّنْ من فتحِ الكنز الإبداعي فَلِي أجرُ المحاولةِ وتقريبُها لحثِّ الآخرين على نيْل الأجر المفقود...
وفي متعة القراءة لذاتها كاملُ الأجرِ،انفتحت أسرارُ المغارة أو استعْصَتْ على الناقدةِ...
فإليكم سادتي القراء وسيداتي القارئات النص لعلكم تحققون معي رهان النِّرْفَانَا الشِّعرية من خلال هذه الشَّطْحَة الإبداعيةِ المغربيةِ...

النص :
طِفْلَةٌ مِنْ شَمْعٍ...

"وحيدة على الفيسبوك
مثل صفحة مذعورة
تطاردها قطعان الهكر

أهرب من كوابيس بوكوشينسكي
من دوريات السين والجيم
عن أحوال القلب،
صحة الوطن
وأغفو في قصيدة...

الطريق لعبة دومينو بين الريح
واليوتوبيا
"اليوتوبيا سفينة الحالمين"
تقول عاشقة تكحل عينيها بصوته
وتحرس بيض الأساطير من ثعابين الوجوديين

الوقت نائم على ركبتي
وأنا نائمة على ركبة الأرق
فماذا أقول لهذا الليل الذي يشربني
كما تشرب كأس اليقين
قلوب الصوفيين...

في الدم أغنية وجمرة
فكيف نقول مالايقال
دون أن يشي بنا الدخان
والكلام يشعل النار في دولاب الكلام
الورق يأكل الورق بشهية
قارض جائع
أيتها المحبرة
الأبيض ذاكرة المحو
والمحو فيض
وأيضا قربان في حانة الأموات

ماذا بوسع المحاصرين بين الخبز
والسكين
والرب هدم جسره يامنيف
فهل من شأن اللغة أن تشير إلى الوصول
دون أن تشير إلى الفخ؟

هذا زمن الأخطاء
والصواب حجة الحطابين
الشمعة أيضا تخون يا صاحب الخبز الحافي
تخون حينما تموت قبل أن يموت الليل
فما رأيك أن نكمل الليلة بكأس شاي بالنعناع
على مقهى Eldorado؟

ربما استطعنا أن نغسل التاريخ من ذباب
بول بولز
وتقاسمنا" جوان" مع جون جنيت

بعد أن أكمل دفن الشمال في رمل اللوكوس
ورقصنا مع " كناوة*
رقصنا حتى حدود النرفانا
رقصنا
حتى قبل الأطلسي المتوسط

بينما همينغواي يسأل عجوزه
عن البحور التي عمدتها
سمكة التونة بالنثر
عزيري مينسوس
ليس الجائع من يعرف الحكمة

فالحكمة ابنة الكفاف
لا الشبع...

الحزن طفل غائب
الفرح طفلة من شمع
وليالي الصحراء أطول من مشنقة

البيت ينام وحيدا في العراء
والبيوت مواويل
وأرغفة

هانحن نحيا حياة الصورة
رولان بارث
فهاهو ماتيس يلون الحقيقة
بالفونطازم
حتى تحولت إلى فلكلور
رغم أن عينيه لم تطئا يوما غرف النوم
فغرف النوم في الجنوب
للغرباء مطامير

هل تتذكر الأبواب
أمها الشجرة؟"






__ يبدو العنوان عتبة دالّةً على مضمون النص بتنويعات رسائله دون شيفرة مستغلقة...
طفلة الشمع ودلالاتها المتعددة الذوبان والإضاءة والاحتراق
كلها حمولة مكثفة... العنوان دالة ودليل إنها المعاناة حد الانصهار...

01 _

المقطع الأول :

إعلان موقف بموقف العتبة الوحدة وتشبيه بورقة تائهة ومُهَكَّرَةٍ في الفضاء الأزرق...
تشبيه دلالي كاتبة /شاعرة /امرأة وحيدة /ورقة مهكرة في عالم مكتظ بالأوراق دون معرفة أيُّها الورقةُ الزرقاءُ أو البيضاءُ...؟ بل أيّتها الورقةُ الحمراءُ أوِ الصفراءُ... ؟
تعكس الوحَدَة الأولى انتقالا من الشمعة القابلة للإحتراق مع الضوء إلى ورقة تمكنها أن تحترق وتورق وتضيء...
نتيجة هذه المقدمة وصف حالة وجدانية لذات قلقة وسط ذوات؛ تختلف معاناتها من ذات إلى أخرى، ومن وضعية إلى وضعية غير مماثلة، وممكن أن تكون متقاربة
كوضع عام تعيشه نساء لهنَّ حساسية الشعر في واقع العلاقات الملتبسة...

02 _
المقطع الثاني :

رؤية استشرافية أمريكو لاتينو من خلال شخصية "كُوشِينْسْكِي" في دولة البيرو، التي أصبح رئيسَها الجديد...
استعارت الشاعرة مفهوم الكوابيس من حقلها الدلالي السياسي، وقرأت به حالة الوحدة، ومايرتبط بها من مخاوف وهواجس، لأن تصعيدَ الحالة الوجدانية ،ووصفَها بمشاكلِ السياسي هو تضخيمٌ غير اعتباطي، أرادت من خلاله أن تعكس حدّة المعاناة،
فالهمُّ السياسي همٌّ إجتماعي يعتنقُه السياسي بينما المعاناة همٌّ فردي؛ تعيشه الذات منغلقة على نفسها...
وهكذا تأتي معاناة الشاعرة كيْ تمزجَ ماهو عام بماهو خاص...
وكأنَّ الوطنَ قلبُها تُفَجِّرُه قصيدة الطفلة /الشمعة أيها الرئيس!
إنها غفوة الطفلة عندما تهرب من كوابيسها
فهل تشبه كوابيسُ الحب كوابيسَ السياسة.. ؟
مهمة تقبل نقاشا بين عاشق السياسة وعاشق القلب....
تنتهي إلى نتيجة تعتبرها حلاًّ مقدسا هو:
الغفوة الشعرية/
الخلوة الشعرية/
العزلة الذاتية /
كي تراجع أحداث القلب كماالسياسي ؛
حين يخلو لمراجعة مواقفه وأفكاره قبل دخوله معتركَ النقاش...
القصيدة حُرِّية الذات الشاعرة،وتحرُّرُها من معتقلِ الذاكرة والوحدةِ وتداعي الذكريات التي تخِزُها كلَّما حلَّقت بعيدا في زمن الحب ...

_03
المقطع الثالث :

توظيف الدومينو لعبة لوصف الطريق والطريق هنا مسافة عالِقة بين الواقع والحلُم، مسافة انتظار للخروج من أزمة الإختناق...
والْيُوتُوبْيَا فلسفةٌ طُوبَى مثاليةٌ؛ تُشكِْل حلُما واسْتِيهامًا كأنَّها تسافر على أجنحة الأحلام التي أَجَّلتْها دوّاسةُ الفيروس والحصارُ الوبائي، الذي غيَّر خارطة الأمكنة كما غيَّر مفاتيح الطرق برًّا وجوًّا وبحرًا،
وربما حتى مفتاح القلب، ريثما تسمح السياسة بمحو آثار المسافة بلقاح القرب الوجداني....
تشبه اليوتوبيا سفينةَ الفضاء؛ لكنَّها سفينة القلب تسرع إلى فكِّ العزلة عنها وعن المسافة...
والمسافة شوقٌ يحرق الطفلة، وهي تُراوغ خطْو الطريق...
وتستلهمُ صوتَه عبر الرَّنين المغناطيسي والرنينِ القلبي، لِتُقَلِّصَ المسافةَ الزمنية والمكانية بِصَداهُ عبْر كل الوسائل الممكنة لمقاومة البعد...
إنها العاشقة
إنه صوتُ العاشق /كحلُ عينيها
يختزِل الزمنَ في لحظة عشق
وصفٌ وتماهٍ مع الصوت يغدو سفيرَها منهُ إليها ومنها إليهِ..
فكيف لاتذوب الشمعة... ؟!

04_
المقطع الرابع :

رتابة الوقت واستهلاك الملل والأرق ضيفُ الوحدة الثقيل. ،يُعزِّزُ هاجسَ الوقت والوقتُ الوجداني لايُحْسَبُ بالثواني والدقائق والساعات، بل تَحْسِبه نبضاتُ القلب ولهفةُ الشوق...
بين الأرق والوقت غيبوبةٌ إرادية كيْ تمحوَ رنينَ الحزن والانتظار على صخرةٍ لايفَتِّتُها سوى فتح الأبواب ليدخلَ الهواء والهوى نسيماً منعشا يقتل الليلَ الذي يسائِلُها :
إلى متى وأنتِ تستهْلِكينَنِي بالورق والقلم..؟
إلى متى وأنتِ واقفةٌ في فنجانه تتأمَّلين رشفاتِهِ زخّةً زخَّةً... ؟
إلى متى.... ؟
ويطولُ الليل ويطولُ شربُه ولمْ يرْتَوِ من رُكْبة التطلع إلى نهار قد يشرق
لكنْ متى.. ؟
كلُّ حساباتها كعاشقة مرهونةٌ بحسابات السياسيين...
إلى متى...؟
سؤالٌ عالقٌ بينهما هناك وهنا...

05 _
المقطع الخامس :

حوار بينها /بينه /بينها /
حوار أَثِيري تُفرغ فيه هواجسَها بفوران الدم كلَّما تذكرتِ الدائرةَ المغلقة عليها وكأنَّها تغني :
"لِيلِي طْوِيلْ مَاعَنْدُو نِهَايَةْ"
أليس ذلك صحيحا يايونس ميغري.. ؟!
ليل ينبعث شراراتٍ وأسراراً...
والكلام بيْن جدارٍ وجدارٍ لايسقط كما جدارُ "برلين"...
فهل يردم المسافة.
والكلام المُرسَل والمُرْسِل
جمرةٌ توقظ أشواقها...؟
أشواق تخَزِّنُها :
الورقةُ /
المحبرةُ /
البياضُ /
لكنَّها ضاغطةٌ تلك اللهفةُ التي تجعلُ الورقَ يشتهي ورقاً؛ إنَّه نَهَمُ الحب على شكل شوق...
تشبيهُ الحصارِ بالحصار حصارٌ بين
" الخبز والسكين"
حصار بين الشوق والوباء...
وصف قلِقٌ والقلقُ غارةٌ ليليةٌ؛ تعجز السكاكينُ عن فضِّ الحصار...
لتنتهيَ إلى اللغة لأنها الملاذُ الآمن؛ وحدها تجيب عن تشوُّشِها وقهرِها...
اللغة سيف ذو حدَّين
تخفيف الوجع /
إشعال جذوة الحب /
أ تكونُ اللغةُ طوقَ نجاة وفخًّا يتصيَّدُها فيشتدُّ الوجع... ؟
وكأنَّ الشاعرةَ تتوقعُ وفي نفس الآن تتوجَّس من لعبةِ ومكيدةِ اللغة...
إنَّها فوْهةُ البركان
و الخلاصُ...؟
فهل تُنقذُنا اللغةُ من وضعِنا الذي لم يتركْ مسافةً للحلُم...
إنه اللُّغمُ الذي يُفجِّر المسافةَ بالكتابةِ وقد ننفجرُ معه على حبلِ البياض...

06 _
المقطع السادس :

استقراء مِيلُو دْرامِي لحالةِ اليأس مُشبِّهةً وضعَها بشمعةٍ...
إنَّها حالةُ تماهٍ مع شمعةٍ توقدُ الليلَ وتوقظُه من نومه ليسائلَ الزمنَ العاطفي..
محمِّلةً الزمنَ مسؤوليةَ انكساراتِ الذاتِ...
وللزمن معناه التاريخي ومعناه العشقي
فأيُّهما سجَّلَ الأخطاءَ.. ؟
أيُّهُما تربَّصَ بالآخر... ؟
هل زمنُ الأخطاءِ زمنُ العشق الذي يُحْتَمَل أنَّه أخْلف موعدَه معها،
أمْ زمنُ التاريخ الذي لمْ يُسْعِفْها في ترتيبِ أوراقِها كلِّها.... ؟
أيُّ زمنٍ تقصدُه الشاعرةُ يامحمد شكري... ؟!
هل من حقِّ الشمعة أن تموتَ قبل أن يخرجَ النهارُ من جُبَّةِ الليل... ؟
أستحضر موقف الفيلسوف الفرنسي "ديكارت" في تصوره للشمعة من خلال مفهوم الإمتداد الذي ناقشه،
قد تذوب الشمعة لكن يبقى الإمتدادُ؛ شكلَهٌا الهندسي كانعكاس للمكان...
إدانةُ الشمعة بالخيانةِ إدانةٌ للزمن بمعناه الفضفاض، قد تسُوق فيه زمنَ العشق وزمنَها الخاص ،وقد تسُوق فيه زمنَ الواقع الذي نعيشه حصارا لامعنى له...
وتكون قفلةً "ELDORADO" بسؤال قفلةَ العبثِ واختراقَ المستحيلِ بحرقِ المسافة خياليا، وكأنَّها تقبض على الحلُم...
ليس من حقِّك أيها الحلُمُ أنْ تخونَ!
إنّه حلمُ النعناعِ في كأسِ شاي على ضفاف الأمل...

07 _
المقطع السابع :

في هذه الوحدة عودة الذات لتستحضر أعْلامها الثقافيةَ التي تستعيدُ ذاكرتَها الثقافية ،التي تُمثِّل انتماءاً معرفيًا لا إجتماعيًا، لأنّه حاضرٌ بقوة يُوجِّهُها باستعارة (فْرِيدِرِيكْ بُّولْ بُولْزْ) الأمريكي الذي عاش اغترابا طويلا بشمال المغرب لأكثرَ من خمسين سنة، قضاها كاتبٌ وموسيقي وله كتب "يوميات طنجة"
و" بدون توقف" وقد ألف محمد شكري كاتب رواية "الخبز الحافي" عنه كتابا :
"بول بولز وعزلة طنجة"
توظيفُه كان جوابا عن معاناة الاغترابِ وإنْ عاشت تجربةً لاتشبهُه لكنَّها الأقْسى حين تعيش اغترابَها عن قلبها في مساحة جغرافيةٍ لها قواسمُ مشتركةٌ، تجعلُنِي أُسائلُ الشاعرةَ :
أيُّ غُربةٍ أقْسى غربةُ الأرضِ والجغرافيا أم غربةُ القلب.... ؟
مقدمة فقهية :"
لاقياس مع وجود الفارق"
غربةُ المثقف الأمريكي غربةٌ ثقافية؛ بينما غربة الشاعرة غربة عاطفية؛ يُعمِّقها وضعُنا العربي، والتاشيراتُ والحدودُ، وإشكاليةُ الزواج المختلط، وإنْ كان داخل وطن له مرجعيةٌ واحدة...
لهذا تستدعي ذاكرتُها المبدعَ بول بولز...
وتتداعى المخيلةُ بلعبة التداعي مستحضرةً
" جون جينيه" الكاتب الفرنسي والمسرحي...
هذا النسْج العربي /الغربي وظَّفَته لتحسيسِ القارئ بقوة الغربة، وإن عاشها كلُّ واحد بكيفيةٍ خاصة...
ف"جون" كان يعيش اغترابا كسجين...
و"بول" كمغترب خارج بلده...
و"محمد شكري" مغترب في ثقافة الهامش...
و"زكية" كمُبعَدة عن وطن الحب...
استحضارٌ لرموز ثقافية له دلالةُ التأكيد على المعاناة المشتركة
في سياقاتٍ متعارضة ، فالسياق الأمريكي ليس السياقَ الفرنسي، والسياقُ العربي ليس أيًّا من السِّيَاقَيْن الغربيين...
إنه الآخرُ يحضرُ في نص الشاعرة المغربية، ليدل على أنّ الإنسان مهْما اختلفتْ جنسيتُه، وانتماؤُه واغْترَبَ في المكان أوْ لمْ يغتربْ جسديًا في المكانِ، فإنَّه يعيش غربتَه في ذاته...
و القاسمُ الوحيد الذي يُحيلُنا إلى ذِرْوة التَّماهي مع الغربة، هو قطعةُ الْحَشِيشِ كمُخدِّرٍ يجعلُها تتقاسمُه، خاصة مع الفرنسي "جون جينيه" وإن كانت ترغبُ في كنْس ذباب بول بولز..
أهو تأثُّرها ب(الْفْرَانْكُوفُونِيَّةِ) ولكنَّها مختلفةٌ عن الفرانكوفونيين لأنها تكتب الشعرَ بلغة عربية راقية، قلَّما يُثْقِنها المُعْتنقون اللغةَ بحكمِ تخصُّصِهِم، تختلفُ عن "الْأَنْجْلُوفُونِيِّينَ" الذين يغتربُون في لغتهم حين يتكلمون الإنجليزيةَ...
معادلةٌ غريبةٌ للشاعرة ومفارقةٌ مهمة،لأنها رغم هذا التوظيفِ لشخوصِ ثقافةٍ درستُها ودرَّستْ بها، فهي فرانكوفونيةُ اللغةِ لكنّها عربيةُ اللسانِ والإنتماءِ نُطْقا وكتابةً بجدارة تُحترَم....
وهنا قوةُ الذات رغم الاغتراب....

08_
المقطع الثامن :

هو مقطعٌ يسجلُ شطحةً خارجَ هموم النص /الذات
رقصةُ "النِّرْفَانَا" لكنْ بحركة "كْنَاوِيَّةْ" كجذْبةٍ روحيةٍ، تنتهي فيها الذات إلى محْو ألمِ، وقلقِ الذاتِ...
توظيفُ موسيقى الثقافة المغربية، تشبهُ موسيقى الْجَازِ والْكُونْتْرِي تشبهُ موسيقى الزنوج...
كانت إشارةً ذكيةً حرَّرتْها من الغربةِ ومن ثقافة الغرْب...
إشارة قوية تنطق فيها بأنّها ذاتُ أصولٍ أَفْرِيقُو مغربي لاغربي، وإنْ أُعْجِبتْ بمفكريها...

09_
المقطع التاسع :

رغم حضور حضارة اليونان القديمة في شخص "مِينْسُوسْ "، فهي تثبثُ جذورَها في التاريخِ القديم دون أن يكونَ لِ "هِيمِنْغْوَايْ" الكاتب الأمريكي الذي استمدَْتْ منه الجملة الأولى، لأنه كان مُولَعًا بالبحرِ وصيدِ السمك، وقد أحالَنِي هذا المقطعُ في بدايتِه إلى تأثيرها برواية "أَرْنِسْتْ هِيمِنْغْوَايْ" "الشيخ والبحر" التي فازت بجائزة نوبل سنة 1954
تأثيرٌ ظهر جليًّا من خلال توظيفها
(العجوز والبحر) والتونة.. تأثيرٌ يجعلنِي أقرأ التوظيفَ بأنٍَ الكاتبَ الغزيرَ الكتابةِ قد انتحرَ خوفًا من هواجسِه ومن مراقبةِ المخابراتِ الأمريكية له...
فهلْ لأنَّه عاش اكتئابًا أدَّى إلى نتيجةٍ مأساويةٍ، تعاطفتْ معه باستدعاءِ حالتِه وعلاقته بالنفسية المكتئبةِ.. ؟
سؤالُ الحكمةِ من خلال الجوعِ فهلْ هو تماثُلٌ بين الجوعِ العاطفيِّ والجنسِيِّ، ألهمَ الشاعرةَ كي تستدعيَ كاتباً بحجم هيمنغواي... ؟
و"الحكمة ابنةُ الكفافِ لاالشبع "
نهاية تحملُ الجواب في ذاته...

10 _
المقطع العاشر :

تقابلٌ بين الحزن والفرح
فالحزنُ طفلُ الغياب بينما الفرحُ طفلةُ الشمع....
مقطعٌ يختتمُ حكمةَ الشبع والجوعِ باستدراج حالةِ الوحدة الخاليةِ من خضرةٍ تشبه الصحراءَ،
وتكتملُ الصورةَ شبحًا حين تعتبر المشاعر صحراء تلتفُّ عليها، مشنقةٌ كتجسيدٍ لمعاناةٍ عمقها الغيابُ والاحتراقُ من خلال مقولة الطفولة،
فتتضحُ صورةُ الذات وقد صارتْ تعيشُ فرحًا مُصَادَرا بحزنٍ مقيمٍ...
فهلْ استطاعتْ أنْ تتخلَّصُ من المشنقةِ لتَحْيَا... ؟
مجازفةُ السؤالِ بجوابٍ المقطع الموالي في وحدة، تجيبُ عن ثنائيةِ الفرحِ والحزنِ...
مقطعٌ تكميليٌّ كشطْرٍ موسيقي، تفتقدُهُ علاقة الفرح بالحزن من خلال الإنتقالِ من واقعٍ صحراوي إلى :
"بيت ينام وحيدا في العراء "
فهلْ الصحراءُ إقامةُ الشاعرة... ؟
وهلْ بيتُها وحْدتُها..؟
البيتُ بيتُها مقفرٌ ووحيدٌ وفي العراء مقابلَ بيوتٍ تسمعُ مواويلَ وتأكلُ أرغفةً....
إنَّها مواويلُ الحب/
إنَّها أرغفةُ الحب/
مطمحٌ وهدفٌ فهلْ سيتحققُ الحلُمُ... ؟
الجوابُ يقدمُه المقطعُ باسْتلْهامِها لظاهرةٍ أخرى فماذا تحملُ هذه الوحدة... ؟

11 _
المقطع الحادي عشر:

بدايةٌ تعتمدُ النَْحْنُ كجمْع لأنايَيْنِ ولكنْ بسَوْدَاوِيَّةٍ متعثرةٍ،
ف"رُولَانْ بَارْتْ" يقتلُ المؤلفَ
فهلْ الشاعرة تقتلُ النصَّ لتُحَوِّلَهُ مجردَ صورةٍ لحقيقتِها... ؟
وهاهي تستغيثُ ب"مَاتِيسْ" الشابُّ اللاعبُ الهولندي وكأنَّها تعتبرُ الحياةَ لعبةَ كرةِ القدمِ وأنَّ اللعبَ بالكرةِ يُشكِّلُ فَانْتَازْمْ الفُرُوسِيَّةِ يجعلُ الأملَ يشبهُ هذه اللعبةَ تخلُبُ لُبَّ مُتفرجٍ عاشقٍ لها...
تحولتِ الصورةُ دون شُخوصِها إلى فانتازيا
ولكنَّها تغدو" فُولْكْلُورًا" يقتل الفرح.. ويجعل "الجنوب مطامير الغرباء"
في هذه الجملة بالضبط بين رولان المفكر و"ماتيسْ" الفُوطْبُلُورْ كرة الحياة من يتحكَّمُ فيها على خريطةِ السياسة...؟ الشمال أم الجنوب... ؟
من يلعبُها ببراعةِ ماتيس.. ؟
وتنتهي الحكايةُ بسؤالٍ هل تتذكرُ الأبوابُ أمَّها الشجرةَ... ؟
مَنِْ الأمُّ إذنْ الشجرةُ أمِْ الأبوابُ... ؟
مَنِْ الأمُّ الشاعرةُ أمِٰ القصيدةُ... ؟
سؤالٌ ميتافيزيقيٌّ يُشبهُ :
مَنْ سبقَ.... ؟
البيضةُ أمِْ الدجاجةُ...؟
سؤالٌ محضُ سؤالٍ
لنصٍّ، ينفتحُ على أسئلةِ العلاقةِ بيْن الشجرةِ والأبواب.
فمَنْ قطعَ الشجرةَ ومَنْ أغْلقَ الأبوابَ... ؟
وكما انفتحتِ القصيدةُ مع شاعرةٍ مقتدرةٍ على وعيٍ القراءةِ، فأَلاَ تنفتحُ أبوابُ القصيدةِعلى أملٍ يحققُ للشجرةِ بُنُوّةَ الأبوابِ دونَ أنْ تُقطعَ جُذورُها... ؟
نصٍّ يتعاطى مع عدةِ إشكالاتٍ تَعْلَقُ الذاتِ فيها فهلْ من جوابٍ نهائيٍّ...؟

هامش : مينسوس فيلسوف صيني لكن ركزت على حضارته لاشخصيته
ماتيس :إسم لفنانيْن:
1_لاعب كرة هولندي
2_ هنري ماتيس : فنان تشكيلي فرنسي مستشرق
لكن ركّزتُ على اللاعب باعتباره يرسم لوحة تشكيلية بقدميه، كما يرسم الفنان لوحة تشكيلية بأصابعه، واعتبرت لعبة الأصابع فنًّا سواء كفن رياضي؛ أوكفنِّ الرسم؛ لهما علاقة برسم الفرح، وهو ما اعتقدت أن الشاعرة تبنته، لكنها تميل إلى التشكيل الجمالي بالأصابع، وأنا ملت للتشكيل الكروي دون أن يكون التأويل الجمالي محتكرا في جزء ما من الحياة،
فشكرااا لهذا التنبيه من الشاعرة...



#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -الْكُرَة ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -مَازَالَ ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المصرية سمر لاشين -أُدَخِّنُ ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر المصري أحمد عبد الحميد -وَلَيْ ...
- قراءة سجالية بين الأستاذة فاطمة شاوتي والأستاذ المختار الحمر ...
- مقاربة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -فِي ...
- مقاربة فاطمة شاوتي في نص الشاعر اليمني عبد الغني المخلافي -م ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة التونسية فاطمة نصيبي -أُرِيدُ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة التونسية فاطمة نصيبي -تَعَلّ ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر الفلسطيني فريد غانم -كُرْسِيٌّ ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر الفلسطيني فريد غانم -مُعَادَلَ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية تورية لغريب -حَرْفٌ ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر المصري محمد عكاشة -قَالَ-
- قراءة فاطمة شاوتي في مقطع من نص الشاعرة السورية فيروز مخول - ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر المغربي مصطفى لفطيمي -نُبُوَّ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -بِاس ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -رِسَ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزّاني -تِل ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية ثورية الكور -أَحَدُ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية - فدوى الزياني -


المزيد.....




- تابع أفلام العرض الأول .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 ...
- “استقبل واضبط” .. تردد قناة بين سبورت على القمر الصناعي نايل ...
- موسى زينل أحد أوائل مؤسسي المسرح القطري
- عبد العزيز جاسم.. -بوسعود- أيقونة المسرح القطري
- في فيلم -بيتلجوس بيتلجوس-.. بيرتون يعيد دمج الكوميديا السودا ...
- تابع أفلام العرض الأول .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 ...
- “استقبل واضبط” .. تردد قناة بين سبورت على القمر الصناعي نايل ...
- فيلم وثائقي يتضمن فيديوهات غير مسبوقة ضد نتنياهو...ما قصته؟ ...
- قناة الأطفال المميزة.. نزل قناة إم بي سي 3 وتابع أفلام الكرت ...
- تابع أفلام العرض الأول .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 ...


المزيد.....

- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المغربية زكية المرموق -طِفْلَةٌ مِنْ شَمْعٍ-