ضياء الدين ميرغني الطاهر
الحوار المتمدن-العدد: 8093 - 2024 / 9 / 7 - 12:30
المحور:
القضية الفلسطينية
إغتيال هنية غدر ام صفقة ؟
ضياء الدين ميرغني الظاهر
وقبل ان يجف حبر مقالنا السابق عن حرب غزة ، نقلت الاخبار إستشهاد السيد اسماعيل هنية واحد حراسه الشخصين في طهران وبدقة شديدة في استهداف مكان اقامته السرية ، ولا تفوقها الا عملية قصف الرجل الثاني في حزب الله اللبناني القائد الكبير كما وصفه بيان حزب الله بذلك وهو السيد فؤاد شكر او السيد محسن ، والذي تم اغتياله في نفس اليوم.
فاذا نظرنا الي عمليتي الاغتيال تستوقفنا عدة نقاط منها :
المكان والزمان والمستهدفون والجهة المنفذة .
وتفتح هذه العملية نوافذ النظر لموضوعات اخري ومنها إغتيال الرئيس الايراني السابق ووزير خارجيته والوفد المرافق له عبر سقوط طائرته او اسقاطها ، وهذا مبحث آخر ليس هنا مجال تحليله ولكن تكفي الإشارة اليه.
تناقلت الانباء بشكل يدعوا الي التهكم والسخرية ، الاجراءات الامنية المشددة التي رافقت تشييع جثمان الشهيد اسماعيل هنية وحارسه في ايران، وهنا يحق علينا ان نطلق المثل العربي ( وماذا يفيد الشاة بعد ذبحها ).
بالعودة للمقال السابق نشير الي فقرات منه ، قلنا (ان الحملة التدميرية والابادة الجماعية الموجهة ضد الشعب الفلسطيني ، لا تستهدف البشر والشجر والحجر فقط ، بل باكثر من ذلك تستهدف تحطيم النفسية العربية في الحاضر والمستقبل بشكل نهائي . بعد ان بلغ اليأس مبلغه ، ثم كسرهم او انكسارهم مما يزعزع الأمل نهائيا في عهد جديد للبطولة العربية واحياء العروبة المخذولة.)
وقلنا : ( يخطئ من يظن ظنا حسنا في الفُرس او من يوالونهم . وذلك بالرجوع الي التاريخ القديم والحديث ودورهم الكبير في محاربة اي اتجاه للنهضة العربية المعاصرة.
الأمر الذي اثبتته بالفعل في مختلف عهودها وتوجهاتها سواء كانت ليبرالية ام اسلاموية ،ولكنها جميعا لم تخرج من اطارها الامبريالي وتبعيتها للسياسة الامريكية والصهيونية ومخططاتها في المنطقة العربية خاصة .اذن فكل مظاهر العداء والصراع ضد العدو الصهيوني من جانب ايران ومن يوالونها، هو مجرد فلم هوليودي ، سيثبت عاجلا ام آجلا ، حقيقة مراميه الحتمية).
عدة اسئلة تفرزها طبيعة المرحلة ، حتي ندرك لماذا حدث ما حدث والمتوقع مستقبلا؟
في فترة سابقة من بداية معركة طوفان الأقصي ، طُلِب من قطر إبعاد قيادات حماس الموجودة فيها من الدولة . ولا نعرف هل جاء ذلك في اطار الوساطة القطرية واثبات حياديتها في المفاوضات والثقة في قيادتها؟
ام هي حالة استدراج لهذه القيادات ؟
ودون الوصول لاجابات دقيقة علي هذا السؤال ، فإن الكثير من خبايا ما يدور في الخفاء ، لا يفصح عن حقيقة ما يجري.
وبالانتقال المباشر الي حادثة إغتيال اسماعيل هنية واستهدافه بهذه الدقة في مقر إقامته في طهران ، ورغم عدم اعلان دولة العدو مسؤلية اغتيال هنية في مقابل التفاخر الكبير باغتيال فؤاد شكر ، فانه من الواضح امتلاك دولة العدو معلومات امنية دقيقة عبر الاختراق الامني او تسليمهم هذه المعلومات .
والسؤال المباشر هل يوجد اختراق في الامن الايراني الذي تولي عملية إسكان وحماية السيد اسماعيل هنية ؟ ام ان ثمة اتفاق مقبوض الثمن؟
الآن وبعد اكثرمن شهرعلي حادثة الاغتيال
والتهديد بالرد، لا نري سوي (جعجعة من غير طحين). بينما نري ان دولة العدو الصهيوني تزيد وتيرة غاراتها باكثر مما كان في فلسطين ولبنان ، مقابل بعض الهجمات هنا وهناك . واكثر من ذلك وفي خطابين للسيد حسن نصر الله والقيادات الايرانية بانهم لا يسعون لحرب شاملة مع العدو وسيكون الرد محدودا وهو ما فاوضت عليه امريكا وحليفتها اسرائيل التي لا ترغب في اي حل او توقف للحرب حتي الابادة الكاملة للشعب الفلسطيني.
ومن الواضح انهما حصلتا علي هذه التطمينات من ايران وحزب الله اللذان يقدمان المقاومة الفلسطينية كبش فداء لمصالحهما.
وتنقل الانباء يوميا اخبار المجازر التي تتجاوز العشرين الي اربعين شهيد يوميا .
ولعدم وثوق امريكا وحليفتها وبعض دول الغرب الاوروبي بالوعود الايرانية ، فانهم قد قاموا بتحريك بعض قطع من اساطيلهم الي المنطقة لحماية اسرائيل ظاهريا ، ولكن الهدف الاستراتيجي والاساسي في تقديري هو فرض النظرية الامريكية التي خططت لها منذ عهد كسنجر وشطبت بموجبها تسمية الوطن العربي وفرضت اسم الشرق الاوسط الجديد ، بعد ان اسقطت كل الانظمة التي كانت تقف حجر عثرة امام تنفيذ هذا المشروع، بدءً من حروب ١٩٥٦ ضد نظام جمال عبد الناصر مرورا باسقاط نظام البعث في العراق والآخرين وحتي الآن . وكذلك بعد ان حيّدت عدد من الانظمة العربية واكثر من ذلك جعلتها شريكة في تنفيذ هذا المشروع السياسي للمنطقة العربية بشكل صريح او موارب.
وعند الحديث عن ايران وملحقاتها من الحركات السياسية والعسكرية ، من واقع موقعها من هذا المشروع الامبريالي الصهيوني ، يبرز السؤال هل هي جزء من هذا المخطط وشريكة فيه؟ ام متماهية معه من اجل مشروعها الخاص ؟ كل ذلك يتناغم مع دور ايران كما ذكرنا سابقا في مختلف عهود انظمتها، مع المشروع الامبريالي الصهيوني واهمها حرب العراق وما يجري فيه حاليا بعد الاحتلال الامريكي ووجودها السياسي والعسكري في العديد من الدول العربية سلما او حربا كما هو الحال في لبنان واليمن وسوريا والجذر الامارتية المحتلة .
اما ما تمر به منطقة الشام وفلسطين ، فمن الواضح ان بقاء النظام السوري الذي يرفع شعارات البعث القومية ولو كذبا، فانه من من الواجب حسب السياسة الامريكية والصهيونية ، لا بد ان يسقط النظام آجلا . لانه اصبح ساحة صراع دولي يستخدمها النظام السوري من اجل بقائه باي ثمن. وهو صراع محكوم باتفاق غير معلن فوجود روسيا وايران حسب مصالحها من جانب وكذلك امريكا واسرائيل وتركيا من جانب آخر، يجعل سوريا أرض صراع محدود لان انفجاره باكثر من ذلك يقود الي حرب عالمية ثالثة بكل معني الكلمة.
إن ما جري ويجري في فلسطين ، ومهما كانت بشاعته ، الا انها بعيدة عن ان تكون بؤرة للصراع العالمي لانها غير مؤثرة في مصالح القوي العالمية المتصارعة بشكل مباشر. كما ان التأييد الشعبي العالمي لن يؤثر علي أسس التعامل الغربي والامريكي مع هذه القضية ، وهو الدعم اللا محدود للكيان الصهيوني ودولة العدو الاسرائيلي .
ان الغياب الملحوظ للسند الاساسي للقضية الفلسطينية وهو الدعم العربي شعوبا وحكومات ، هو ما يدفع الموقف الغربي الامريكي والاوربي لعدم الاهتمام لما تترتب عليه النتائج ، لابشع حرب ابادة تتم في العصر الحديث. لقد ذرف جو بايدن دموع حارة وهو يودع موقعه الرئاسي في الترشيحات لصالح نائبته . وقوبل ذلك بكثير من التعاطف من اعضاء مؤتمر الحزب الديمقراطي في امريكا ولكن الا تستحق حرب الإبادة التي تجري في فلسطين ولو اقل قدر من التعااطف علي هذه الماساة؟ ومن المؤكد لا اختلاف في الموقف الامريكي اذا فاز ترامب.
تشير كل االتقارير والمتابعات السياسية الي ان رئيس وزراء دولة العدو الصهيوني في ورطة حقيقية اذا توقفت الحرب باي شكل . ولذلك فان استمرار الحرب بابشع صوره انتقاما لما حدث في ٧ اكتوبر ، هو الضمانة الوحيدة لنتن ياهو بالاستمرار في موقعه وفي الحياة السياسية . صحيح ان حرب الابادة فشلت عسكريا في القضاء علي المقاومة الفلسطينية رغم الدمار الهائل في البنية التحتية لغزة وبعد عشرة شهور من هذه الحرب، ولكن رغم اتساع التظاهرات ضد ننتنياهو فان المجتمع الاسرائيلي بعمومه لا يمانع في استمرارهذه الحرب حتي في اواسط اسر الرهائن ولكن بعضهم يدعوا لهدنة مؤقتة لان الحرب لم تحقق هذا المطلب.
ولذلك يجب النظر والتعامل علي اساس ان المجتمع الإسرائيلي كله مجتمع حرب يتبادلون فيها الادوار باشكال مختلفة. فاليمين يؤيد بلا تحفظ استمرار الحرب ويقوم المستوطنون باعتداءات متكررة علي الشعب الفلسطيني دون حماية تلجم هذه الاعتداءات ، وكذلك الجيش رغم فشله في القضاء علي المقاومة .
كل ذلك وسط صمت الحكومات الغربية ة تي تدعم بغير حدود رئيس وزاء دولة العدو ما عدا قلة ساقها الي هذا الموقف ، الضغط الشعبي.
#ضياء_الدين_ميرغني_الطاهر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟