أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مظهر محمد صالح - الذكرى الثالثة والخمسين في معتقل شرق المتوسط-قصر النهاية














المزيد.....

الذكرى الثالثة والخمسين في معتقل شرق المتوسط-قصر النهاية


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8092 - 2024 / 9 / 6 - 02:19
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


مازالت ظهيرة يوم السادس من ايلول /سبتمبر 1971 تجسد في مخيلتي تراجع الحياة وهي تفقد صبغة آدميتها وتكبل أنفاسها بسحب داكنة لفها ظلام كان نهاره ساخن ، لم ينفك وهو يلامس نهايات يوم عاصف بهتت الوانه في فناء التوحش ، انه مسار رتيب مرعب اثقل سير ارجلي بين باحة السجن وزنزانات الموت وهي اقبية ظلماء طوقت جانبي ارض القصر
من كل صوب، لتحل الكلفة بقوة محل اية ألفة لامست سنوات طفولتي وصبايا الماضية.
فالسعادة التي ترعرعت في قلبي والزهو والامل الذي علا بنيانه قد ابتلعه ظلام قوي جاثم الفتور ، وهو يصرخ في سلالم انفاسي ويعانق موجات سالبة صامتة اسمها اليأس .
هنا تلمست دموعي كي امسحها من بين وجنتي فوجدتها قد تحولت الى ابخرة قوامها عذابات الصراع الناشب في اعماقي .
وهكذا تقلبت الحياة على مدار نصف قرن ونيف من الزمن وتحولت تلك الذكريات، لتحاكي ايام
قضيتها قبل ثلاثة وخمسين عامًا في ضلال زنزانات سجن رهيب في بغداد اسمه قصر النهاية . ولم يفاجئني بعدها وانا اطالع ادب السجون سوى رواية كان عنوانها شرق المتوسط وبشخص كاتبها الروائي والاقتصادي الراحل عبد الرحمن منيف .
اذ شاءت الصدف والاقدار وبعد حصولي على درجة الماجستير في علم الاقتصاد في صيف العام 1976، ان يتم اختياري من بين الخريجين المتفوقين للعمل في واحدة من مؤسسات الحكومة العليا المعنية في رسم السياسة الاقتصادية .
وعلى الرغم من قصر المدة التي تعاطيت فيها العمل الاقتصادي مع الروائي الكبير عبد الرحمن منيف ، الا ان إمارات الصمت كانت فسيحة بيننا مثل الحصاد الاخرس في حقل قمح لانهاية له ، حيث كان الخوف يعقد فوق رؤسنا ظلالاً حزينةً من الاسى ، وعلى الرغم من ذلك كانت عيناه تكلمني باستمرار :ان الحرية والوطن هما شيٌ واحد ،وان احلام الليل التي قضيتها ايها الشاب في سجن القصر الرهيب قبل سنوات هي اقسى من عذابات النهار ، فما عليك الا ان تبتسم ، فالابتسامة هي ارادة وان كانت حزينة.
ففي اعشاش ذلك الصمت العاصف كانت رواية عبد الرحمن منيف الموسومة : شرق المتوسط في
رمزيتها والغازها وعذاباتها ، تجسيدًا لأيام سجون شرق المتوسط ولياليها الدامية، و بمثابة عالم من الاقتباسات القاسية التي جسدت الحزن الانساني الناتج عن الاستبداد في اوضح صِوره.
ومن دون العبث في فسحات العقل البشري ونزهته ،فقد اقام القصر في مخيلتي طوعاً او كرهاً سجناً مظلماً في زنزاناته و محجراً محكماً في اقفاله ، ولا ترى من نافذته الصغيرة سوى سجان ابله يحمل سوطاً في يده ليسلب حياة من يريد وفي سيل جارف لا ينضب من اللاآدمية .
وهكذا ،تمر اليوم الذكرى الثالثة و الخمسين في معتقل قصر النهاية ، وهو المكان ذاته الذي قتل فيه آخر ملوك العراق فيصل الثاني وعدد من النساء الهاشميات العزل في مجزرة سالت دماؤها دون توقف لعقود زمنية طويلة، لكي اتذكر مرارات السجن وعذاباته ، والتي جسدتها عبر السنوات في ثلاثية من السرد الواقعي كانت عناوينها الرمزية تطوي صراخ دواخلها وهي :
ميشيل فوكو حوار لاينقطع ….وفي انتظار كافكا ….وآخرها صمتاً كانت ..قصر النهاية.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية المجال العام في حاضنة الأوليغارشية- القبلية
- المناظرات العامة : بين الحياد والتحيز الفكري
- حوار الاخلاق في الثقافة المشرقية.
- البنوك المركزية تغادر الليبرالية الجديدة .
- معركة ايديولوجية من انماط العالم الثالث
- حروب الشرق الاوسط الكبير
- ريتشارد مورفي ومستقبل الشرق الاوسط.
- نحو صندوق عراقي للثروة السيادية: افكار تاسيسية
- ملامح التنمية السياسية في الانماط الريعية المكوناتية
- سايكولوجيا الجماهير في العالم الرقمي الراهن
- ثقافة الفكر المشرقي : لمحات حياتية
- البطل السياسي في الديمقراطيات الناشئة: رجل الدولة ام رجل الس ...
- الثنائية في الفلسفة المشرقية الحديثة (حوار في القصة والرافد ...
- عالم يتشكل من جديد … عالم مابعد غزة
- الثقافة العضوية وانعطاف الوعي : الجامعات الغربية انموذجا ّ
- جدي والغزاة: واقعة في ليلة الاحتلال البريطاني 1917
- الشخصية العراقية في رحاب الجدل الاكاديمي.
- صعود الدولة الامة وهبوطها : العراق بعد 9 نيسان 2003
- المثقفون في حاضنة العنف الإديولوجي الشرقي.
- ثقافة المناخ الثالث


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مظهر محمد صالح - الذكرى الثالثة والخمسين في معتقل شرق المتوسط-قصر النهاية