أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - خيمة وزغرودة وساق رجل














المزيد.....

خيمة وزغرودة وساق رجل


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8090 - 2024 / 9 / 4 - 18:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خيمة و زغرودة وساق رجل
قالت لي صديقتي الغزاوية، هل تعرفي معنى خيمة؟ ليست خيمة الرفاهية منصوبة على شاطئ البحر أو خيمة في الصحراء مجهزة بكامل المعدات التي تُشعر الانسان بالراحة ومغازلة النعاس .
" خيمة عن خيمة تفرق كما قال كاتبنا غسان كنفاني " الخيمة التي أعيش فيها مجهزة بكامل معدات التعذيب والقهر الإنساني، من شقوق القماش البالي الممزق الذي صنعت منه جدران وسقف الخيمة ، حيث تتسلل أشعة الشمس الحارقة كالسياط تحرق أجسامنا كيفما تحركنا هذا غير الحرارة داخلها - كأنها بروفة لجهنم - أما العيش فوق ذرات الرمل المفروشة بغضب كأنها تستنكر وجوك فوقها ، حيث تصر حبيبات الرمل الساخنة على تعذيبك في المشي على أرضية الخيمة فهي تتقن الدخول بين الأصابع وفي العيون خاصة حين يركض أحد الأبناء ، أو حين تهب و تختلط بالطعام حين نأكل .
الخيمة تصادق الخيمة المجاورة، حيث تصير الخيام حارة كبيرة من عائلة واحدة قررت أن تزيل الحواجز وتتحول الاسرار إلى مملكة مفتوحة متاحة للجميع سماع آهاتها وحزنها وقرفها ووجعها حتى اختفت الخصوصية ودفء اللحظات الإنسانية، و صارت القلوب أقفاصاً من الحزن والارتباك والحذر والخوف طوال الساعات والأيام .
الخيمة في غزة هي المكان المميز للهذيان ، للصراخ، للعيش على حد سيف الانتظار، حتى حين تكتشف أنه لا يوجد مجالاً لاستحضار ذاكرة الماضي لأن المقارنة تصبح فخاً للبكاء ، والأصعب غياب الكثير من الوجوه التي تمتلئ الخيمة بتقاسيمهم وضحكاتهم، فعندما نتأملها تهطل التنهدات لأن غيابها قد رسم الواقع بصدق طيارته وصواريخه ورصاصه وركام البيوت والمباني .
الخيمة ترسم مساحات التحرك ، فهي المطبخ وغرفة النوم وغرفة الاستقبال وعند الغضب تخبط رأسك بعامودها فينهار جزءاً من السقف ويتدلى على الأرض ، فتسمع أصوات الاستنكار ثم تسمع أصوات الضحك المعلب في عبوات تفجرها لحظة عابثة من الوالدة " ومنين راح أجيب قماش اغلق فيه الخيمة فش غير سروال أبوك "
زغرودة وسط الجثث
هرعت النسوة مع مجموعة من الرجال للتفتيش بين كثبان الرمال عن جثث دفنها الجيش بصورة عشوائية ، وتركض النسوة هنا وهناك ، وكل امرأة تنتظر الأيدي التي تحفر لعل جثة ابنها أو زوجها أو شقيقها أو أحد أقاربها يكون بينهم ، وكلما صرخ الرجال " هون في جثث " تركض النساء وفجأة تنطلق زغرودة ، إحدى الأمهات تزغرد بأعلى صوتها وبحنجرة تتحدى الرمال والأيدي التي أرادت طمس جثة أبنها " هذا أبني !! ... هذا أبني !! " زغرودة مختلطة بالدموع وتردد الأم :
- الحمد الله سأدفنه إلى جانب والده الشهيد ..!! .. وتتراجع إلى الوراء وتحل محلها امرأة ثانية تنتظر وتردد " انشاء الله يلاقوا جثة أبي حتى تبرد نار أمي وجدتي ..!!
ولا تغادر النساء المكان .. لكن المراسل التلفزيوني قرر أن يغادر وينهي التقرير الذي يدور حول الجثث التي خطفها الجيش في غزة ، فصوته الخافت يشير إلى أن حزنه قد وصل إلى ثقل الوجع الذي لم يعد له قدرة على الاحتمال .
الساق والكلب
من بين الركام والجميع يحاولون تخليص العالقين تحت الردم ، يقف الكلب منتظراً لحظة فراغ المكان لعله يجد وجبة له ، وطال انتظاره لأن الذين قدموا للمساعدة يتكاثرون ، لم ييأس بل جلس على كومة من الحجارة ، وفجأة أخذ يصيح أحد الشباب " يا الله " وإذا بالأشلاء تخرج مبعثرة ، الرأس لوحده ثم الأيدي ، أما الساق فقد حملها الشاب الذي أخذ يصرخ متضرعاً إلى الله وناولها لشاب آخر وضعها جانباً وإذ بالكلب يقفز قفزة رهيبة ويسرق الساق ويهرب ، فيركض وراءه الشاب حتى أمسك به ، لقد كانت الساق بالنسبة للكلب وجبة دسمة ، أما بالنسبة للشاب فهي ساق إنسان ركض ودافع واستشهد من أجل وطنه .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حياة الماعز وحياة العامل الفلسطيني العاجز
- زمن الأوزان تحت الأنقاض في غزة
- الطفولة والحصان في غزة
- في غزة : يخرج ن القهر الرقص والطناجر
- مدرستي ما أحلاها
- في غزة أصبح اللون الأبيض رمزاً للوداع
- ما معنى أن تكوني امرأة في غزة
- الجاحظ بدر ... وسيبقى المفتاح في جيبي
- رجيم على الطريقة الغزاوية
- خيمة عن خيمة تفرق
- القوي عايب
- الدمى مربوطة خلف الدبابات
- الطيران في سماء غزة
- الغزيات الماجدات
- في بيتنا راديو
- لكوابيس الغزاوية
- غزة من زمن آخر
- تنهدات على تراب غزة
- خواطر من الزمن الغزي
- أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً


المزيد.....




- وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد أن قواته -تستأصل التنظيمات الإره ...
- تفاعل على تحية السيسي لحرس الشرف أثناء استقباله في تركيا.. ف ...
- نووي روسيا.. وسيلة ردع تحمي أمن موسكو
- السيسي وأردوغان يوقعان اتفاقيات استراتيجية كبيرة
- -حزب الله- يعلن استهداف موقعي رويسات العلم والسماقة وثكنة زر ...
- استراتيجية أنفاق -حماس-.. التنقل بالأشعة تحت الحمراء والأبوا ...
- تركيا تدعم مصر وتهاجم نتنياهو
- نتنياهو يحاول إنقاذ نفسه عبر المساعدة في انتخاب ترامب وهزيمة ...
- خلال مؤتمر صحفي.. أردوغان يرفض هجوم إسرائيل على مصر، والسيسي ...
- السعودية.. أكثر من 230 كيلوغرام من -الكوكايين- في شحنة موز ب ...


المزيد.....

- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - خيمة وزغرودة وساق رجل