أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس أدبية وفكرية ــ 279 ــ















المزيد.....


هواجس أدبية وفكرية ــ 279 ــ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8089 - 2024 / 9 / 3 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


لست مع تغيير العلم، ولم أكن يومًا مع العلم السائد، وهذه الأعلام التي تغيرت مرات كثيرة جاءت وفق مزاج الانظمة القائمة عبر العقود الماضية.
العلم يصبح رمزًا للدولة عندما يأتي عبر برلمان منتخب، يقر دستور البلاد وعلمه، دون وصاية من هذا التافه أو ذاك يسمي نفسه رئيس الجمهورية.
مشكلتنا ليست مع الأعلام، أنما مع فرضوا أنفسهم علينا، مع الأجندة السياسية الضيقة التي جاءت على مقاس القائمين عليها.
لا يحق لأي طرف أن يتهم الطرف الأخر بأعلامه، لأننا لم نقر يومًا بوجود دولة سورية مستقلة عن الأنظمة القائمة بقوة العسكر.
ليس لدينا دولة، ولم نعمل على تأسيس دولة، ولم نشكل دولة القانون والمؤسسات إلى اليوم.
عندما نصل إلى الدولة سيكون لنا شأن آخر في حياتنا السياسية والاجتماعية.
السوريون فتحوا عيونهم على الدنيا ورأوا أن هناك مرياع بجرس كبير يسيرهم وراءه كالقطيع، لهذا علينا أن لا نلوم هذا أو ذاك أنه يعبد هذا الحذاء أو ذاك، لأنه لم ير غير الحذاء فوق رأسه وعليه أن يبوسه أو يقبله.

من خلد من، النص أم الموضوع، شكسبير أم يوليوس قيصر؟
الطفولة مرتع للتحولات العميقة في بنية الإنسان النفسية، كل شيء في الطفل مثير وقابل للانقلاب من الشيء إلى نقيضه.
لولا الإنسان لما ولد النص أو كان هناك نص.
يكبر النص بقائله، ويكبر قائله به.

عندما تدرك أن هذا العالم مستقل عنّك، وأنك فاعل فيه بالرغم عنّك، حينها ستكون حرًا.
يعلم الإنسان علم اليقين أنه ذاهب إلى العدم، مع هذا يتواطأ مع ذاته ضد ذاته، يراوغها، يكذب عليها، يحاول أن يؤجل ذهابه إلى ذلك المكان الأمن، النهاية، عله يكسب بعض الوقت قبل الوصول إلى النهاية.
وجدت النصوص، الفنون، الموسيقا، النحت للعب على العبث، لتمرير بعض الوقت أو السخرية من الواقع، يمنن نفسه، يمرغ جسده بالتراب، بالوحل، اعتقادا منه أنه سيكون في مأمن
لا يريد أن يصدق أن تجربة سيزيف وعالمه معلق في رقبته ولا طاقة لديه في التحرر من ذلك.

أليست الرعشة هي بكاء، حزن على الفراق، على الانقطاع او الانفصال عن الذات، على عدم القبض على نفسها، على الرحيل إلى المجهول، المجبول بالحسرة.
أليست هذه الرعشة لهفة على ذلك الهارب إلى اللا نهاية، وإنعدام الأمل بالعودة؟

النخب المالية والسلطة، يملكون وعيهم لذاتهم، ويقررون ماذا يريدون وفق تصوراتهم ومصالحهم.
الفئات الفقيرة لا يملكون وعيهم لذاتهم، لهذا أنهم مشتتون، يباعون ويشترون في السوق، ولا يمكن أن يتغير التاريخ بالشروط القائمة اليوم، شروط الحضارة.
الثورة السورية، نكوصها، هزيمتها، فجرت في ذاتي آلاف الاسئلة، كلها تشير إلى أن القيام بالثورة ليس بالأمر السهل، أنها تحتاج إلى واقع اجتماعي سياسي اقتصادي مختلف، واقع متقدم اجتماعيًا، مدنيًا إنسانيًا، خاليًا من تداخلات خارجية.

لماذا يفكر الإنسان بالخلود، ما الغاية، ودائمًا نظره يتجه نحو السماء ليصعد إليها، ويرحل إلى المجهول.
أي نوع من الخلود يرغب ويريد هذا الكائن التائه الضائع؟
هل هو خلود الجسد، العقل، الفكر، أم هو مزيج من احاسيس متنافرة متقاطعة لا رابط بينهم، ولماذا في داخله شغف البقاء والاستمرار إلى ما لا نهاية له؟
الطبيعة هي ذاتها غريبة، لديها دوافع غريبة، تسعى على عكس ما يريده الإنسان، تخلق الشهوات والرغبات في ذات الكائنات من أجل إنتاج المولد الجديد، وعندما تصل إلى غايتها، تتخلى عنه، ثم تدفنه في باطنها.
هذا التناقض بين الكائنات والطبيعة جعل الإنسان قلقًا، مغتربًا خائفًا، ودائما في داخله شغف البحث عن الأمان للهروب من الموت والبحث عن البقاء ثم الخلود فيه.
المؤمن حسم غايته، ارتدى ثوب الوهم وصعد عليه أو جلس فيه، بيد أن مأساة الإنسان، قلقه ما زال عالقًا، لم يحل ويبدو أنه لن يحل.

جاءت طالبان إلى الحكم دون برنامج سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، جاءت بالقوة المسلحة، وتريد فرض الشريعة على المجتمع.
حسنًا لنعتبره برنامجها السياسي والاجتماعي القادم، السؤال:
لماذا لا تخضع هذه الشريعة للاستفتاء الوطني، طالما أن أفغانستان تؤمن بالحدود الوطنية، المعترف بها دوليًا.
بمعنى أنها جزء من النظام السياسي الدولي، وخاضعة لبرامجه، حول حقوق الإنسان، والحريات العامة والخاصة؟
أليس هذا واجب وضرورة، أن يجلس المفكرين الإسلاميين وغيرهم، على طاولة واحدة، ليصلوا إلى صيغة مشتركة، ثم يقدموها للمجتمع لإقرارها كواجب قانوني وحقوقي واجتماعي ووطني.
من الذي كلف طالبان أن تكون وصيًا على الدولة والمجتمع، حتى تنفذ أجندتها، أليس هذا مدخل إلى حرب أهلية طويلة لن تجني منها هذه البلاد سوى الخراب.
إن الأتفاق على حكومة هشة ضعيفة، بين قوى لا يثقون ببعضهم تاريخيًا، سيعقد المسألة، وستؤدي إلى خلافات بينية عميقة لن يجني منه المجتمع والدولة أي مكسب.
ما هي المشكلة أن يشاركوا المجتمع في تنفيذ أجندتهم، من موقع أنهم قوى سياسية، ويرغبون في إدارة بلادهم من موقع المسؤول، والمكلف بشؤونه.
وهل يعرفون أبعاد ومرام الشريعة، وكيف تنفذ وما هي حدودها، وكيف؟ ومن هو القاضي، هل سيكون سياسيًا أم ملمًا بالقوانين، ويعرف متى يعفي ومتى ينفذ القانون؟
هل الشريعة ستنسف القوانين التي وصلت إليها شرائع الأمم المتحدة، وعلاقتها بحقوق الإنسان في ضمان حرية الفرد وحمايته أم أنها فوقه؟
هل سيوجد محامي الدفاع عن المتهم، أم أن القاضي هو المكلف أن يكون القاضي والنائب العام ومحامي الدفاع؟

أغلبنا يريد تأكيد ذاته، لإدراكه أنه كائن هش وضعيف وبايخ وتافه، لهذا يلجأ إلى الاحتيال، إلى البروز بأي شكل، سواء في الحصول على الشهادات الجامعية العليا أو جمع المال وتخزينه والتباهي به، أو يلجأ إلى الأدب والفن، لتأكيد حضوره المهم في هذا العالم من موقع الافتعال البايخ.
في مجمل هذه الأساليب، الرؤى المسبقة الصنع، هناك كائن عبد في داخل كل واحد منَا، يريد لعبوديته أن تكون مهمة، أن يشار إليه:
ـ الله، هذا العبد ما أجمله، ما أروعه، يا أخي له وزن وقيمة معنوية عالية لاتقدر بثمن، يا ليتني كنت مثله أو في جوفه أو مندغمًا فيه أو متماهيًا به.
أغلب مشاكلنا النفسية وأمراضنا العاطفية وهزائمنا الداخلية هي بسبب الركض وراء هذا العبد الذي في داخلنا، لم نعلفه بشكل جيد بالدعم المعنوي والمادي، لم يصبح ذا شأن عالي المستوى، له مكانته بين العبيد الفاعلين في عالمنا.
أغلبنا يعمل من أجل الخارج، خارجنا، لإرضاءه، وبعد إرضاءه نشعر بالجفاف والحسرة والقيد، وأن هناك ثقل يقبض على أنفاسنا وقلوبنا.
تذكر أن الحياة بين يديك تستطيع أن تنقشها كما تريد دون أن تحصل على رضى الأخرين.
القناعة حرية، كنز ثمين، أنه بين يدينا، البساطة في المأكل والمشرب والملبس، في قبول ما أنت فيه هو المخرج لأزمتنا مع العبودية.
الحرية أن تكون أنت هو أنت، وليس أن نكون أو لا نكون.
ماذا حصدت البشرية من مقولة: إن نكون أو لا نكون تلك هي المسألة؟ أليست هذه المقولة، تأكيد، على المزيد من العبودية لداخلنا، وإرضاء لخارجنا؟

دائما نبرأ أنفسنا من الأخطاء، ونحملها لغيرنا.
هذا النهج اشتغلت عليه الأنظمة والمعارضة معًا:
إن هزيمتنا سببها الخارج.
هذا الشك بالأخر الغائب الموجود، زرع فينا عيوب هائلة، جعلنا نرى التاريخ من منظور الضعيف المكسور المهزوم الذي لا حول له ولا قوة.
عقدة الاضطهاد فعلت بنا فعلها، لدرجة لم نعد نرى أنفسنا سوى مادة للعبث فينا، هذا العبث جنبنا العمل على أنفسنا في محاولة تحسين وجودنا، منعنا من التفكير في طرق أخرى للخروج من أزمتنا البنيوية.
رمينا هزائمنا على الاستعمار، على إسرائيل، على الخارج، لكننا لم نقل عن أنفسنا، ماذا فعلنا حتى ننتصر على أنفسنا، على التخلف والجهل والاستسلام؟
الجزائر، المغرب وتونس وليبيا، بلدان بعيدة جدًا عن إسرائيل، مع هذا بقت بلدان هشة ضعيفة مديونة، فقيرة نصف سكانهم يريدون الهروب إلى أوروبا.
ولنذكر مصر، عملت اتفاق مع اسرائيل منذ قبل أكثر من أربعين سنة، أين مصر من روندا أو كوريا؟
هل ستتدخل إسرائيل في شؤون مصر إذا حسنت القوانين الوطنية، وفتحت أبوابها للاستثمارات الخارجية. هل ستمنع مجيء شركات أمريكية للعمل فيها؟ أم أن النظام اشتغل على التخلف والجهل لاستمرار بقاءه واستثمار الشحادة؟
دائما هناك طرق ووسائل كثيرة للتغيير، وهناك وسائل للعمل، هذا منوط بالدولة والمجتمع، ولنكف عن تقديم أنفسنا أننا مظلومين، شعوب ودولة مأسورة.
أوروبا عرضت على المغرب وتونس والجزائر ومصر استقبال اللاجئين مقابل دعم مالي هائل، لم يقبلوا، خوفًا على السيادة المهزومة المنخورة من الداخل.
نحن لا نسمح بمجيئهم للاستثمار في بلدننا، لكننا نسمح لأنفسنا أن نتحول إلى لاجئين في بلداهم.

أصف النظام الرأسمالي أنه بنية واحدة، لا خروج عنه، هذا مستحيل.
أقصى ما نفعله كبلدان ضعيفة التكوين في أغلب المجالات، هو أن نحسن شروطنا ضمن هذه البنية.
إن الذي يجعلنا في وضع أفضل، هو أن نملك أدوات المعرفة والتقانة والأنخراط في النظام من موقع محاولة الاستفادة من الاستثمارات الخارجية، أن نؤمن أجواء وظروف مناسبة عبر سن قوانين حماية من الدول لتكوين أرضية استثمارية حقيقية.
ما الفرق بين مصر وكوريا، ألم تكن كوريا الجنوبية دولة عسكرية متخلفة فقيرة، شبه منهارة إلى العام 1980، ولننظر إليها اليوم.
أرى البنية الرأسمالية متشابكة، لهذا إن الانغماس فيها هو الطريق الأسلم لشعوب الجنوب، جربنا المقاومة، أغلبنا فشل فشلًا ذريعًا، لنستفيد من تجربة روندا، كان بلدًا محطمًا، خرج من حرب أهلية مدمرة في العام 1994، اليوم تعتبر من أفضل الاقتصادات العالمية، أزدهار وتطور وتقانة.
لماذا لا نغير سياساتنا ورؤيتنا لعالمنا الحديث، إلى متى نمشي في مقاومات لا تجدي نفعًا، كإيران وأفغانستان، لماذا لا نمشي على تماس، أسوة بكوريا الجنوبية وماليزا واندونيسيا ونغلاديش والصين وفيتنام وروندا، أغلبهم استفادوا من البنية الراسمالية عندما انخرطوا فيها بقوة وحسنوا شروط حياة بلدانهم.
دائمًا يوجد حلول لحل الأزمات، والمشاكل السياسية والاجتماعية، أم أنه مكتوب علينا أن نبقى في سلم التخلف والهزيمة.
الهزائم والتخلف ليستا قدرا، وليس مكتوب علينا أن نبقى فقراء ولاجئن وشحادين

اعتقد أن نظرية المراكز والأطراف لم تعد صالحة في تقييم النظام الرأسمالي، أو مفهوم الشمال والجنوب، هناك تداخل، وانتقالات وتشابك في علاقات الإنتاج على الصعيد العالمي.
قلنا مرات كثيرة، أن الأوطان ماتت، لأن الاقتصاد لم يعد وطنيًا صرفًا، وتحولت السياسة إلى كائن أعرج، يستجدي بقاء الاقتصاد وطنيًا.
أغلب السلع المستوردة لدولة السويد على سبيل المثال، يأتيها من الصين وكوريا الجنوبية وبنغلاديش وقبلها من اليابان، وبإنتاجية سيئة للغاية.
المسألة برمتها تغيرت عن السابق، فالسوق لم يعد له وطن محدد ولا مراكز محددة، والأطراف لم تعد أطراف صرفة.
الشركات الأمريكية والأوروبية أغلبها تعمل خارج بلدانها.
أغلبنا يحلل ما يحدث في عالمنا اليوم وفق معطيات الستينات والسبعينات، ننسى أن الرأسمالية شبكة علاقات اقتصادية لا تهتم بالمراكز أو الأطراف، أنها تركض وراء الربح ولا يهمها المكان أو ما كان يسمى وطنًا.
لهذا نرى أن المراكز أصبحت متداخلة بقوة مع الأطراف، حتى الأقطاب السياسية انتهت منذ زمن طويل، نحن في زمن القطب السياسي الواحد، والهيمنة اصبحت جماعية تساهم فيها جميع دول العالم، لإدارة النظام الدولي وشؤونه وشجونه حتى يستمر.
الرأسمالية في أيامنا هذه، اعتبرها كشبكة العنكبوت، خيوطها متداخلة ودولها متداخلة وشركاتها واقتصادها كله يعمل بحيوية ونشاط بشكل متداخل.
ما زلنا ننظر إلى أوروبا والولايات المتحدة كأعداء تاريخيين، ننسى أن البساط يتم سحبه منهما عن طريق الصين والهند وكوريا الجنوبية وتايون وسنغفورة والبرازيل والباكستان، وأغلب البلدان الأسيوية يملكون التكنولوجية المتقدمة جدًا.
تايون على سبيل المثال، تملك رقائق السيليكون ما نسبته أكثر من سبعين بالمئة على الصعيد العالمي، وأغلب الشركات العالمية خاضعة لها، لتأمينها.
فهذه الرقائق تدخل في صناعة السيارات والهواتف والطائرات وأجهزة الكومبيوتر والتلفزيون وأغلب مجالات الصناعات الحديثة ذات التقانة العالية جدًا، وأغلب الشركات العالمية يستجدون تأمينها وإلا ستتوقف أعمالهم تمامًا، خاصة السيارات.
ما أريد قوله أن مفهوم الاستعمار القديم والجديد انتهى، وأن الصراع اليوم هو على امتلاك العلم والتقنيات والتكنولوجية.
لنغير مفاهيمنا حول الصراع وشكله وطريقة إدارته. وإن يكف العرب والمسلمين النظر إلى أوروبا وامريكا كما كانتا قبل ثلاثين سنة أو عشرين سنة.
أنا أرى الولايات المتحدة في وضع لا يحسد عليه، وأغلبنا يذكر كيف عمل الرئيس ترامب في سنوات حكمه على تخفيض الضرائب، وتقديم تسهيلات هائلة من أجل عودة الشركات الأمريكية إلى الوطن، مع هذا نجح قليلا وفشل كثيرًا.
لهذا نرى أن اليمين سيتقدم في وروبا وأمريكا، هذا موضوعي، وليس ترفًا، سيقدمان تسهيلات كبيرة جدًا للشركات من أجل عودتهم إلى بلدانها، المستقبل بالنسبة لهذه البلدان أما حياة أو موت، وربما يكون على حساب المجتمع.

الصراع البيني بين العسكر والإسلاميين على السلطة سيبقى مستمرًا في منطقتنا إلى ما شاء القدر، لأنهما من ثقافة واحدة وعقل واحد، عقل أحادي، عقل أوامري لا يفهم إلا في توجيه الأوامر، لا يعرف إلا حقه في الحياة، في الوصول إلى المال والسلطة
كلاهما لا يعرفان إلا البقاء في السلطة وتأبيد هذا البقاء.
الثقافة ذاكرة الإنسان، وذاكرتنا التاريخية لم تنل حقها في الحرية والاستقلال، التي تقدس الخضوع والخنوع والذل.
كنت اعتقد أن الرئيس قيس سعيد المحافظ، سيتوافق مع المحافظ الإسلامي راشد الغنوشي، بيد أن الواقع يقول أن هذا وهم.
الغنوشي لن يقبل بتقاسم السلطة، أما فوق أو القبر بالرغم من أنه أمضى نصف عمره في فرنسا.
الدودة الثقافية لا تسمح له ولانصاره أن يقبلوا أقل من فوق، فوق السماء، لهذا فإن تونس تتجه نحو المجهول، وستأسس لمجيء العسكر، لنعود إلى نقطة الصفر ويموت في داخلنا الحلم في الحرية.
الإسلاميين إذا لا ينظفوا العقل، عقلهم من شوائب التاريخ سنبقى رهائن في قبضة العسكر إلى أجل غير مسمى.

من الطبيعي أن يكون لدولة الاستبداد قاعدة شعبية واسعة جدًا:
كالعشائر والقبائل والطوائف والمذاهب والأديان.
الاستبداد قبل أن يتحول إلى واقع عملي، هو ثقافة.
دولة الراعي والرعية والقائد الخالد عمرها آلاف السنين، لذا فإن التغيير يحتاج إلى ثقافة مغايرة. ثقافة تؤمن بقيم المواطنة، ومفهوم الدولة الديمقراطية العلمانية، والعدالة وتوزيع الثروة.
من قبل أو لثم الحذاء العسكري، ونظر لبقاءه، معه حق، لإنه لم ير غير هذا البوط فوق رأسه منذ أن فتح عينيه على هذه الدنيا.
في هذه الحالة، لا فرق بين دكتور الجامعة وبياع الدخان المهرب.
لهذا من حق انصار المعتوه أن يفرحوا بمعتوههم، لأنه باقِ على رؤوسهم، يمنحهم الآمان المزيف بالمستقبل المزيف.
الاستبداد، ثقافة الزيف والغش والكذب والسرقة والاختلاس والنهب. بمعنى لا حرمة للمستبد، ولا لتابعه، ولا شرف لهما ولا ضمير.
إنه كائن مشوه، شيء، عبد سعيد.

هذا النص المجتزء من مقابلة لرياض الترك في مثل هذه الأيام من 2018
من الزاوية السياسية، كنا نتحدث بحتمية انتصار الثورة وربما لم ندرك إلى أي حد كانت هناك ممانعة إقليمية ودولية للتغيير في سوريا وفي المنطقة.
وهذا النص كتبته أنا في 21 آب العام 2014، وربما قبل هذا التاريخ، لأنني أركز على البعد الدولي في أي خطوة داخلية.
معرفة اللعبة الدولية جزء مهم جدًا في العمل السياسي في هذا العصر.
قبل أن تبدأ عليك كشف حسابك لهم، البدائل التي تملكها. ماذا ستقدم، موقفك من مصالحهم، موقفك من اسرائيل، القوى التي تمثلها، الروافع التي حملتك لتكون واجهة لهم؟
في ظل بلد مثل سوريا، يجب ان تحسب خطواتك بدقة شديدة. لهذا كان النظام والغرب يريدان من المجتمع حمل السلاح ليقبروا مطالب الثورة. ومصالح المجتمع. بله، مضوا في إذلال الإنسان السوري في كل مكان.
لو كان لدينا معارضة تطرح نفسها بقوة كبديل حقيقي له برنامج سياسي وطني واضح تتفاوض على المرحلة المقبلة لكان كلامنا مختلف تماماً.

النخب العربية الحاكمة، وعائلاتهم واتباعهم، الخليج تحديدًا لهم أسهم مالية في الشركات الاحتكارية العالمية. بمعنى مصالحهم متفارقة، منفصلة عن مصالح شعوب المنطقة.
إن هؤلاء المرتزقة، أصدقاء أموالهم الموجودة في الأسهم والشركات العالمية والبورصة. أموالهم وأموال الأسد متحالفة مع المال العالمي الغربي أو الروسي أو الصيني.
خلونا نشوف الحقائق هكذا.
حتى الدين الذي تسوقه، السعودية أو تركيا أو إيران أو قطر أو أو أو أو، ملوث بالمال الحرام، مال الضرائب، مال الشركات الاحتكارية المتقاطع مع مصالح النخب العالمية، الصهيونية والإسرائيلية، والأمريكية والأوروبية والتركية والواق واق.
هؤلاء، النخب، سارقي الفوائض المالية والثروات الوطنية على تحالف موضوعي مع بعضهم.
إن هذا التحالف ضد الثورات بالمطلق، وعلى تناقض مع مصالح المجتمع.
وإذا بدك تعمل ثورة وتفكر في بناء وطن لا تأخذ سلاح من هذه الحثالة.
لهذا نقول أن الوطن والدين والمجتمع ماتوا تحت ضربات النخب العالمية المتحالفة مع بعضها.


من الطبيعي أن يكون المثقف غير فعال، أو بعيدًا عن مجتمعه. ومن الطبيعي أنه نخبوي، ذاتوي، لأنه يقرأ، ويتابع إنجازات عصره في أغلب مجالات الحياة المعاصرة: كعلم الاجتماع، علم السياسة والاقتصاد، الرواية والشعر، الموسيقا والمسرح والفن التشكيلي وغيره. بينما مجتمعه يعيش في العصور الوسطى، وثقافة العصور الوسطى. ويتابع هذا المجتمع ثقافة السمع المباشر، والكلام الشفهي المباشر.
بالطبع لن ينجح أي حزب أو فكر أو عقل عقلاني، أو سياسي معاصر من طرق باب هذا المجتمع المغلق.
كيف سيتم التواصل والتداخل والتفاعل بين الفكر المعاصر، وقاعدة هذا الفكر.
هذا ليس دفاعًا عن المثقف، وأنما عن المجتمع. لإن تفاعل المجتمع مع الثقافة المعاصرة هو المخرج من هذه الواقع القاسي الجاثم على أنفاسنا.

الكثير منا يشعر بالاعتزاز بتاريخية كردستان أو الاعتزاز بتاريخية العرب أو السريان أو المسيحيين أو المسلمين, ويريد كل طرف أن يطبق تاريخيته على أرض الواقع عبر استحضار ذلك التاريخ الذي ذهب ولن يعود.
إن العيش هناك, في ذلك التاريخ المنصرم لن يجعل أي واحد منا إلا مجرد كائنات منفصلة عن هذا العالم المتغول, عالم المصالح الذي تنصهر فيه نخب المال والبنوك والشركات البالعة لله والإنسان في اتجاه توسيع قاعدتها باستحداث أفضل الوسائل للتحكم الهرمي في العالم عبر قبضها على جميع الآليات الفاعلة في العالم كالإعلام والسياسة والعسكريتاريا وكل مكامن الثقافة والسلوك ومعايير الخير والشر.
هذا العقل لم ينتصر في السابق ولن ينتصر اليوم والمستقبل, ستبقون ضحايا, مجرد ضحايا, زوائد لحمية على سفرة أكلي لحوم البشر, النخب التي تتحكم في هذا العالم.
ستة أعوام من الموت والقتل والدمار لم تغير فيكم الحماقات السياسية, لم تعلمكم أن الايديولوجية مدخل لبلعكم وتدجينكم.
كل طرح خارج مفهوم المواطنة سيجعلكم أدوات موت.

الإعلام الغربي موجه, موظف في خدمة أجندته, سياساته.
قلنا مرات كثيرة أن لديهم غرفة عمليات واسعة, شبكة مترابطة يمشون على نسق واحد مثل فرقة موسيقية, لإدارة هذا العالم عبر الإعلام. ووراء تركيزهم على أية قضية هناك سياسات مبيتة قادمة.
علينا أن لا نكون أبرياء في تناول أية قضية. فالحرب والتشرد والضياع والهزائم واللجوء, مارشات عسكرية تمشي فوق رؤوسنا.

الغرب اعتبر الدولة, هي العقل كله. واشتغلوا عليه, ونجحوا بامتياز. وضعوا الشخصنة على جنب, وفعلوا المؤسسات, انتجوا, تطوروا على كل المستويات, بيد أنهم تغربنوا/ اغتراب/, لأن هذه المؤسسات حولت البشر إلى مستلبين, منفصلين عن الطبيعة.

السويد تستقبل عشرات الآلاف من السوريين وتعطيهم منزلا للسكن, راتب شهري ومدارس لهم ولابناءهم وتمنحهم جنسيتها بعد خمسة أعوام. مع هذا هناك الكثير يذم هذا البلد بدوافع دينية أو قومية أو سياسية.
إلى الأن لم أر دولة عربية أو إسلامية تحننت على شعبنا أو اشعرتهم بالأمان. جميهم يستغلوهم بأشكال مختلفة.
أكتب هذا بعيدا عن السياسة. لأن لي أخوات وأهل واصدقاء, يعيشون في اقسى الظروف في بلادنا العربية.


ووجدنا أنفسنا مرة بعد أخرى منقسمي الميول والاتجاهات والقوى مثلما يحدث في الماضي كالحاضر, بين الماضي والحاضر.
هواء البحر يطري القلب ويفتح الجوانح للطيران إلى عوالم بعيدة. طلبت المزيد من الشراب, وتحدثنا طويلًا عن البلاد هنا وهناك, نحن وهم, المدنية المغموسة بالدم والنار والحديد, عن الغرب والشرق.
كانت السهرة منعشة. والليل رفيقنا. والنار تشتعل وتبث حرارتها فينا. وتدغدغ ذاكرتنا الأبدية. وشغف اللقاء الأول بالناس وجمال وجودهم. وانكشافه على بعضه في تداخل ساحر.

لقد حاولت مرارًا وتكرارًا على قتل العبد الذي في داخلي، لم أستطع.
العبودية مستحكمة في دواخلنا، أنها في الضمير، في الدم والدماغ، في هذا العالم المأسور، المظلم.
من السهل تقييم العبودية، بيد أن الحرية هي مشكلتنا، أننا على فراق منها، لا نعرفها.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس ثقافية ـ 278 ـ
- هواجس ثقافية وفكرية وسياسية وأدبية ــ277 ــ
- هواجس ثقافية عامة ــ 276 ــ
- هواجس ثقافية أدبية 275
- هواجس فكرية وسياسية وأدبية ــ 274 ــ
- هواجس ثقافية ــ 273 ــ
- هواجس ثقافية ــ 272 ــ
- هواجس ثقافية أدب موسيقا ــ 271 ــ
- هواجس سياسية وفكرية وثقافية 270
- هواجس ثقافية سوياسية وأدبية ــ 269 ــ
- هواجس ثقافية وإنسانية 268
- هواجس ثقافية 267
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية وادبية ــ 266 ــ
- هواجس عامة ثقافة فكر أدب وفن 265
- هواجس الثقافة والحب ــ 264 ــ
- هواجس ثقافية أدبية فكرية 263
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ــ 262 ــ
- هواجس ثقافية متنوعة 261
- هواجس ثقافية 260
- هواجس ثقافية ــ 259 ــ


المزيد.....




- تنسيق الدبلومات الفنية 2024.. خطوات التسجيل في تنسيق الدبلوم ...
- نزلها في ثواني.. تردد قناة تنة ورنة للأطفال 2024 على القمر ا ...
- “حرامي سرق لوللو”.. استقبل الآن تردد قناة وناسة الجديد 2024 ...
- بوتين يلجأ لـ-أسلوب الأجداد- في ترجمة لقائه نائب الرئيس الصي ...
- إيطاليا.. فضيحة سياسية بسبب مشاركة مدونة جميلة في فعاليات حض ...
- نزلها بجودة عالية.. تردد قناة كراميش الجديد 2024 عيش المتعة ...
- إعادة قلادة ذهبية عمرها 2500 عام إلى تركيا تم تهريبا إلى الو ...
- ثبت الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال 2024 على النايل سات وت ...
- اتفرج على الأفلام الأجنبية والمسلسلات العربية مجاناً.. تردد ...
- كنعاني: دماء الممثل الفلسطيني ابو سخيلة صرخة مظلومية الشعب ا ...


المزيد.....

- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس أدبية وفكرية ــ 279 ــ