أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - قراءة سجالية بين الأستاذة فاطمة شاوتي والأستاذ المختار الحمري حول نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -فِي تَمَامِ الْبَيَاضِ-















المزيد.....


قراءة سجالية بين الأستاذة فاطمة شاوتي والأستاذ المختار الحمري حول نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -فِي تَمَامِ الْبَيَاضِ-


فاطمة شاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8089 - 2024 / 9 / 3 - 12:17
المحور: الادب والفن
    


وجهة نظر حول وجهة نظر :
أو قراءة داخل القراءة :



سجال نقدي بين الأستاذة فاطمة شاوتي و الأستاذ الحمري
حول نص نبيلة الوزاني
"فِي تَمَامِ الْبَيَاضِ"
كتابة /قراءة /نقاش
من المغرب
نقد داخل نقد :

1_ حين قرأ الأستاذ الحمري نص الشاعرة نبيلة كشاعرة اشتغلت على مفاهيم أساسية، كونت بنية النص من الإستهلال إلى الخاتمة ،والشاعرة في هذا النص تقارب إشكالية نقلتها من مجال تجريبي خاص إلى مجال نقاش عام....
اعتمد الناقد على استخراج ثلاث مقولات مركزية اعتبرت هيكل النص "في تمام البياض"
البياض كمفهوم أوّلي له سياقات متعددة ومحمولات تتراوح بين الشدة واللين لغة وتمثُّلا واقعيا من خلال استقراء دلالاته وما تشغله في أي سياق...

1_ سياق فيزيائي :

يعتبر البياض قاعدة تتركز فيها الألوان، وهو مجموع ألوان الطيف...

2_ سياق فني :

ارتبط بحقل الجمال بالفن السابع (السينما) وبالفنون التشكيلية (الرسم مثلا)
وكقاعدة ارتكزت عليها باقي انخطافات اللون من البياض إلى الرمادي فالسواد...
حركة جمالية تعتمد العين كحاسة تلتقط تموجاته...

3 _ سياق إجتماعي بخصوصية مغربية :

ارتبط المفهوم بلحظتين متساوقتين ومتماثلتين بالضد والتوافق ،تعالج الحدث بثنائية الجنائزيةوالإحتفالية...
تمثل تعكسه حفلات الزفاف والتأبين، وقد أشارت قراءة الناقد إليهما كطقس ثابت في الذهنية المغربية ، متعدد الدلالات (لباس الموت :الحداد
ترتدي الأرملة في الأعراف الاجتماعية بالمغرب الأبيض لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام،)
لباس نسائي خاص يضع المرأة تحت مجهر الرقابة الاجتماعية لتكريس قيمة أخلاقية، لايخضع لها الرجال الأرامل، يعكس تمييزا جنسيا بمبررات يستسيغها العقل الجمعي ،كعقل استبطن منظومته القيمية المتواضع عليها عرفيا لا قانونيا، تقيم حواجز بين الذكر والأنثى، لاتلزم الرجل بعد وفاة زوجته بأشهر العدة؛ والحجاب الاجتماعى، والحداد بل قد تدعوه نفس البنية إلى تجديد الفراش كما يشاع في ثقافتنا الشفوية "جَدَّدْاللهْ فْراشكْ")
الكفن الأبيض وحده يهزم الحاجز بتساوي الذكر والأنثى في تجربة الموت،يرتديانه بقوة إشراطية قسرا عكس الترمل الذي يقدم العرف تبريرا بالحمل وحفظ النسب، فكأن المرأة ترتدي الكفن مرتين مع فارق زمني يدخلهاإيحائيا تجربة الموت مرتين:
موت رمزي إجتماعي/
موت بيولوجي/ ...
يقابله طقس العرس /الزواج لباس الحياة /
فستان العروس /
دلالة متعانقة مترادفة تحضر بكثرة في معاملاتنا الثقافية،
فالموت والعرس حدثان يستدعيان احتفالا بطريقتين مختلفتين تطبيقا موحدتين شعارا...
البياض رمز الحياة /
البياض رمز الموت /
نقيضان يتعايشان رغم تنافرهما واختلاف إحداثياتهما....

4_ سياق عقائدي :

ارتبط هذا السياق بسابقه يتم التعامل معه من خلال كثافة رمزيته في الأعياد الدينيةكقداس رمزي يقوم على مفهومي الطهارة والتطهير، يحضر في مراسمنا كصلاة الجمعة وصلاتي عيدي الفطر والأضحى...

5 _ سياق سياسي خاص بالمغرب لا يعمم :

له علاقة بباقي السياقات يمثل رمزا في التداول السياسي، يعكسه الزي الرسمي للمسؤولين في استقبالاتهم وتدشيناتهم ومناسباتهم السياسية كجلسات النقاش العمومي في البرلمان أو ترؤس وفود و تمثيلية الدولة في دولة أخرى أو مؤتمر خارجي...
وتشكل دائرة الحياد رمزيا إحالة إلى عدم اعتناق موقف منحاز لجهة ما؛ ويحيل إلى السلام من خلال رسم حمامة بيضاء لاسوداء ،
وهي دلالة تحمل ضمنيا رسالة عنصرية، لأننا نلغي السواد في الاحتفالات داخل /خارج التداول العادي والسياسي...
هذا نقاش لاعلاقة له بالنص لكنه تولد من قراءة الناقد لمفهوم البياض الذي تكرر في النص...

6 _ سياق سيكوثقافي :

مفهوم البياض مفهوم تختزنه النفسية في أعماقها للإشارة إلى التصالح والهدنة الداخلية مع الذات عينها ومع ذوات أخرى...
في الثقافة المصرية يقال :
"صافي يا لبن"
و في المغرب يقال :
"قلبي مَاشِي كْحَلْ (أي أسود)"
رَاهْ بْيَضْ ؛ مَا كَيْحْقَدْشْ"
نستنتج من هذه الدلالات أن اللون الأبيض قاعدة مطلقة ترجع إليها كل الألوان والحالات والأوضاع والأجناس، وتحدد طبيعة علاقتنا مع العالم الخارجي ومع الآخر
اللَّا أبيض....

فكيف تمثل النقد الذي طرحه الأستاذ (الحمري)
مفهوم البياض في النص.. ؟
وكيف وظفته الشاعرة في بناء تيمة لها علاقة بهذا المفهوم؟
هل تكشف رؤيتها للون رسالة خفية تنتمي لمنظومة تعطي الأبيض أولوية مقصية السواد إلى هامش ما.... ؟
كيف أجْرَأَتِْ الشاعرة مفهوم البياض شعريا... ؟
بمعنى كيف قرأ النص اللون الأبيض.... ؟

1_مفهوم اللون في تيمة النص :

مفهوم اللون في فسيفساء النص مفهوم معقد ،بين ثلاثة
مفاهيم / مفاتيح :
البياض /الحب /اللعبة
إن كثافة اللون في سياقات مختلفة، يؤدي إلى القول إن الشاعرة وظفته كخلفية أشار إليها الأستاذ، وهي خلفية منشؤها تداعياته وحمولاته، انعكست في التحليل بكون البياض بؤرة التوتر الشعري حسب تصور الورقة النقدية، موضحا تضمين النص صورة قلب أبيض بخلفية سوداء، كتعبير انعكاسي يؤكد منطق ثنائية حضور النقيضين داخل كليهما، يكفي استدعاء البياض ليحضر السواد كفكرة من خلال منطوق النص ولامنطوقه حيث أكملت اللغة معنى السرد بصورة وقد أشار
"كلود ليفي ستراوس":
"بأن كل شيء لغة مالم يكن لاشيء"
فصورة القلب الأبيض كصورة أكملت حل الشيفرة التي ركزت على ثنائية توافقية لاضدية، استهلت بها الشاعرة النص واختتمته معا...
(تمام البياض /تمام البياض) بتأكيد مبيَّت مرتين (تمام)...
البياض استعارة لها عدة شفرات تُفكَّك وفق السياق الزمني والتاريخي والثقافي الذي يحكم هذه الإستعارة...
ألبياض أرضية تحركت فيها متداخلة /متخارجة
مقولتان :الحب واللعبة
فهل الحب في أرضية البياض داخل أم خارج اللعبة.... ؟
وأين يتموضع موقفها من هذه العلاقة... ؟
البياض ليس لونا استعاريا فقط، بل هو المفتاح فرضية ونتيجة،
فالبياض لايلد سوى نفسه...
للمفتاح الأول مفتاح ثانٍ هو تقنية السؤال الذي تكرر 8مرات داخل 8مقاطع احتلت مساحة النص، لأن المقطع الثالث هو مقطعان وإن جعلتهما الشاعرة مقطعا واحدا ،
ابتدأ :
"فما أدراك يا شكسبير..!؟
علاقة ثلاثية الأبعاد :
بياض /حب /لعبة
تتم عبر السؤال....
هل يكون الحب بياضا في اللعبةأم لعبة في البياض... ؟
هل الحب خروج عن البياض واللعبة معا... ؟
يفيدنا تكرار البياض مرتين؛ وتكرر في مقطع:
" الأصابع البيضاء" ماعدا" النظارة السوداء" التي اخترقت البياض، وكأنما حدث تحويل الأصابع البيضاء إلى قلب أبيض مرسوم، والنظارة السوداء إلى خلفية سوداء،
وقدم الناقد الأستاذ (الحمري) منحنيات فكرية ،اشتغل فيها على مفهوم هندسي الدائرة تحركت حوله وضمنه أساسيات النص في علاقته بالنقطة من أجل تفكيك الدائرة كرمز مركزي تعود إليه باقي العناصر:
الدائرة// النقط
وكأن الدائرة مجموعة نقط تنفصل وتعود إلى الأصل، وكأنه النص ينفتح وينغلق على نفسه بواسطة اللغة التي مارست عملية تدوير لغوي للبداية /النهاية...
انطلاقا من مفهوم البياض /الدائرة تنفتح لتفكك عناصرها /النقط
باعتبارها علاقة تضمُّن الكل للجزء، ثم تغلق...
لكنها خلال هذا التجاذب يظهر مفهوما الحب واللعبة كمتلازمتين، تحددان مساحة تدوير التيمة الأساسية...
كيف تحركت النقطتان في الدائرة.. ؟
كيف اشتغل المفهومان داخل البياض... ؟
هل يعتبر الحب في مساحته البيضاء داخل أم خارج اللعبة.. ؟
وكأن الشاعرة تواجهنا :
هل الحب لعبة أم ليس لعبة.... ؟

2_ مفارقة ضدية تحكمت في حركية النص انطلاقا من مرجعية فلسفية حددها الأستاذ (الحمري) وصاغها بأركيولوجيا معرفية اعتمادا على موقف المفكر الجزائري
"محمد أركون" في ثلاثة نقاط :
١ المفكر فيه.
٢ اللَّامفكر فيه.
٣ المستحيل التفكير فيه.
صغتُه بهذا المعنى لاستنطاق نص الشاعرة :
ماالذي فكرت فيه الشاعرة كتمام البياض.. ؟
ماالذي لم تفكر فيه ولكنه حاضر كنص غائب.... ؟
وما الذي يستحيل التفكير فيه... ؟وهل هو فعلا مستحيل... ؟
هكذا صاغ الناقد مرجعية النقاش، قادني إلى مخرجات محتملة :
أ_ المفكر فيه :هو مَقُول النص من خلال ظاهره اللفظي...
ب _ اللاّمفكر فيه: ماوراء النص الذي حاول الناقد تفكيك شبكته اللغوية، ليستخرج رسائلها خفية كانت أم واضحة، وكأن الأستاذ القارئ يُقَوِّلُ النص مالم يقله...
ولأنه منطقيا كل مفكَّر فيه، يستدعي اللامفكَّر فيه، والذي يتحقق بهذا التضاد ،فاللامرئي حاضر بشكل خفي لايحمله منطوق النص مباشرة
لإكراهات خارج إرادة الشاعرة في سياق له خصوصيته وضوابطه، التي تجعلها تقول ما يُرادُ أن يُقال، ونقول نحن كقراء وقارئات مالا تريد قوله جهرا....
هي لعبة النقد كأرقى تعرية معرفية...
فهل هناك المستحيل التفكير فيه.. ؟
لكل نص ظاهر وباطن
لكل نص مساحة بيضاء تقبل السواد..
ولكل قارئ وقارئة تأويل الباطن، ليصير ظاهرا يمكن القبض عليه لغويا معنى ومبنى، وكأننا نكتب النص ثانية...
لنخون النص الأصلي
إنها الخيانة الإبداعية...
والأستاذ (الحمري) قدم تحليلا من خلال فهمه وتأويله النص الذي نساجل تيمته....

3_ مفهوم الحب من منظور الناقد الحمري والشاعرة الوزاني :

لم أركز على مفهوم الحب لسببين:
1/ عدم التكرار لأني قمت بقراءة للنص ..
2/كون الأستاذ عالج التيمة من خلال قراءته الموجودة في صفحته وصفحة الشاعرة...
والرابط في صفحته بالفيسبوك
لكن سأعرض لتكرارات المفهوم وتقاطعاته مع مفهوم اللعبة....
غطى مفهوم الحب مساحة النص في خمسة مقاطع :
المقطع الأول والثالث والخامس والثامن،
ورد مرة واحدة...
بينما تكرر في المقطع الثاني مرتين...
وغاب المفهوم في المقاطع الرابع والسادس والسابع...
وهذا التكرار تعامل مع النص من خلال تقنية الكل والجزء...
ظهرت متقابلة في الجملتين :
"بعض حكايات الحب ..."
"بعض الحب..."
إن الاشتغال بهذا المفهوم (البعض) يلغي إطلاقية الحكم، ويبقي على نسبيته تفاديا للتعميم...
وبهذا الوعي وظفت الشاعرة حكايتي قيس وليلى؛ وروميو وجوليت، كي تنفي وتثبت متى الحب يكون لعبة ولا لعبة...
إن اعتماد كلمة البعض يُخرج الشاعرة من دائرة الحب لعبة، كونها تتبنى موقفا منافحا عن الحب خارج اللعبة ،وقد يُدخلها إلى نفس اللعبة، إلا أن قفلة النص تقدم الجواب المقنع لها كخطاب وسلوك تعتنقه، وترفض انتهاك قواعده مشبهة هذا الوعي بما سجله النص :
"القواعد الثابتة"
"القصور الرملية" المقطع القبل الأخير،
كصورتين متعاكستين، تنسجمان مع توظيف البعض لإلغاء أي تأويل يفيد حكما قيميا مطلقا...
في هذه النقطة استحضر النص التقابلات الضِّدِّ/والمَعَ /
وهو ماتجلى في تقابل الشمس والضوء كتأكيد تِكْراري يفيد الإثبات...
من خلال هذه التقابلات رسم الناقد للحب موقفا دعّمه بموقفين فلسفيين للألمانين "شُوبَّنْهَاوَرْ" و"نِتْشَهْ"
إذ حدده الأول في حفظ النوع، والثاني قرنه بالولادة،
الحب في منظوريهما وسيلة لاغاية ، عكْس النص يحدد الحب كغاية في ذاته ، وهنا يحضرني موقف الفيلسوف الألماني "كانطْ"الذي يعتبر الفعل الأخلاقي قيمة لذاته وليس وسيلة....
وهما موقفان لم يشذّا عن المنطق العام للمجتمع العربي واللاّعربي...
وهو ما أوضحه الأستاذ الحمري بأن الحب يرتبط حتميا بالْمَأْسَسَةِ، وكل حب مهما بلغت صدقيته لاينبغي أن يتم خارج هذه القاعدة...
وهو نقاش يفترض الصواب والخطأ فمتى يكون الحب حقا إنسانيا... ؟
هل الزواج هو شرط وجود الحب... ؟ومالم تتوفر هذه المؤسسة لاعتبارات لانناقشها الآن ألا يحق للحب الوجود ... ؟
فهل يختلف الحب كلعبة نرد عن الحب كلعبة شطرنج في مساحة البياض... ؟
أية لعبة تسع الحب كمجموعة مشاعر جوَّانية منفعلة وفاعلة ... ؟
ألا يحقق وجوده خارج هذين الرهانين اللذين يظلان مجرد مقامرة لامحسوبة ... ؟
في قراءة الأستاذ للمفهوم كتيمة ثاوية في مفهوم البياض ،توصل إلى نتيجة هندسية فسر بها بنية النص :
أن الحب والزواج خطان مستقيمان يلتقيان...
قد يكون الخطان حسب هندسة الزوايا من منطلق اليوناني "أُوقْلِيدَسْ" مستحيليِّ الالتقاء إلا في مجال اللّانهايات كما أكدتها الثورة العلمية في الرياضيات في القرن 19 مع الألماني "ريمان" والروسي "لُوبَاتْشُوفَسْكِي" اللذين هدما مفهوم المطلق في مجال العلم، وهو مستساغ في مجال المشاعر الإنسانية وإلا ماحدثت الخيانة كسلوك مناقض للحب وماحدث تعدد العلاقات ،
والانفصال والهجر والطلاق والانتحار والهروب والعنف ...
فهل اللانهاية في منطوق النص تعني الحب كحلم وكمشروع ،تطمح إلى تفعيله واقعيا في واقع معقد جدا مثل واقعنا المتخلف؛ الذي تحكمه الأعراف أكثر من القوانين... ؟
ألا يكون الزواج قصة حب غير كاملة... ؟
وهل يمكننا عكْس القضية :
أيهما ينتج عن الآخر ،الحب أم الزواج أم ينتجان معا في نفس اللحظة...؟
ألا يكون الزوج نصف حبيب أو ماتبقى من الحبيب في علاقة سابقة، لم تكتمل عناصرها واستنفذت شروط استمرارها ولا أقول تفشل... ؟
ألا تكون الزوجة نصف حبيبة أو ماتبقى منها حين تتوقف علاقة ما لظروف ما... ؟
في هذه النقطة تُطرح إشكالية أعمق لم يحاورها النص لكن أثارها بواقعيةٍ الأستاذُ الناقدُ حين ربط الحب بالزواج...
فكَمْ علاقة حب نجحت حين تمأْسسَت... ؟
ألا تقتل مؤسسة الزواج بإكراهاتها وضغوطات الواقع والتزاماتها وروتينها تجربة الحب.. ؟
فما يبقى ليس سوى أخوية عاطفية غالبا يعترض انفصامَها وجودُ الأبناء أو عدم الإستقلال الاقتصادي، يسودها الاحترام والمصلحة المتبادلة لا الشغف، وتعبر بالمغربية الذاكرة الجمعية صاغتها أمثالنا الشفوية ونكتنا وحكايات الجدات :
"اللّْحَمْ تْخَاوَا... "
( أي أنهما أصبحا أخوين أكثر من زوجين)
و" إِلَى شَفْتِ جُوجّ مْلَاقِيِينْ؛ عْرَفْ الصّْبَرْ على واحَدْ..."
يتحول العصف العاطفي والجسدي الجنسي، إلى هدوء العاصفة...
وما توظيف الحدث الميلودرامي وغيره كثير الذي ينتهي بالموت أو الإنتحار أو بقتل أحدهما للآخر، فيتحول البياض إلى سواد؛ والحب إلى نقيضه الكراهية؛ التي تصل حد القتل بكل الوسائل الممكنة مباشرة وغير مباشرة بمافيها النفسي أقسى أنواع العنف، حين تختل موازين القلب وتتعارض مع موازين القيم السائدة بغض النظر عن معاداتها للحب كقيمة إنسانية كونية، وكحق لايتجزأ كما نصت عليه المواثيق الدولية داخل أو خارج الزواج، وإلا مامعنى جرائم الشرف التي تطغى راهنا رغم العولمة وحقوق الإنسان، ومايزال صراخ الضحايا يصم الآذان ودماؤهن تصبغ الجدران وتمتلئ المياتم والسجون بالكثيرات وأطفالهن ... ؟
لو افترضنا أن "روميو وجوليت" كما "قيس وليلى" انتهت تجربتهم بالزواج، هل ستتقدُ شعلة الحب ويستمر الشغف أم ستنطفئ وتتحول رمادا أو دخانا... ؟
سؤال لاجواب عليه لأننا لم نعاين الحدث فقط كل الاحتمالات واردة...
يرتبط هذا السؤال بسؤال وظيفي: كيف يمكن تفسير أن الشعر في مجمله لا النص (في تمام البياض) يستثمر هذا الحدث... ؟
هل ليثبت منطق الشعر أن منطق الواقع يؤكد الفشل لأن سلطته أكبر... ؟
أم لأن إرادة الحب ضعيفة طالما لم نوفر شروطا لحمايته من الهدر ، فتوقف هذه العوائق خارج إرادة الطرفين.... ؟
هل كانت هذه الميلودراما مجرد لعبة... ؟وأن ماسجله التاريخ هو مايخرج من دائرة اللعبة.... ؟
عكَس نصُّ نبيلة الوزاني هذه الرؤيةَ بألم :
"أخبرني أيها الورق
إلى متى سيعتنق الحبر أساطير القصاصين..؟"
سؤال استنكاري حول كم حكاية وحكاية...؟! وهل سيجد الحب مساحته البيضاء حاليا في ظل الثورة الرقمية والأون لاين والكام.... ؟
بالعودة إلى النص ألاحظ أن كلمة حب تكررت 6مرات مقابل تكرار كلمة لعبة 7مرات...
في منطق الملاحظة العادية يبدو الفارق عاديا،لكنه إحصائيا يعني فارقا مهما، ينتهي أن الطابع العام للمعالجة الشعرية، اعتبرته الشاعرة لعبة بررتها بالتساؤل عن الذي سيلعبها...
في السياق القرائي للأستاذ الحمري، كان الصراع السياسي داخل نفس الطبقة الأرستقراطية، يدل على انتحار الواقع الأوروبي لاانتحار روميو وجولييت ،هذا لو قرأتها سياسيا لاتجربة شخصية من خلال مسرحية "شكسبير"
وكأنه قرأ الواقع السياسي بواقعة عشق انتحارية،
هو تأويل يحتمل المعنيين :
_ كحدث عاطفي مآله الإنتحار...
_ كحدث سياسي مآله انتحار الطبقة المعنية...
في حين أن توظيف "النظارة السوداء" لإحسان عبد القدوس، هو استعارة فقط لتصل عبرها إلى اللامفكر فيه؛ و المستحيل التفكير فيه،
وهو لماذا نحتاج النظارة السوداء... ؟أليس لإخفاء عيوبٍ نُواريها لأنها تنتهك قيما متوافقا عليها، وإن كان ضمنيا وجود استثناء، والإسثتناء لايُعتمد...
فمن يضع النظارة السوداء... الواقع عينُه أم المنتمون له... ؟
وكأن توظيف السواد من خلال النظارة تعني ازدواجية واقع يكلف المرء (خاصة المرأة) أن تعيش عكس ماتريده، وكأنها إشارة من الشاعرة إلى التضاد اللوني بنقلة من الأبيض إلى الأسود بأن الحب لعبة تتضرر منها النساء أكثر، فلو عكسنا المرآة، وكان البطل رجلا هل سيضطر إلى النظارة السوداء.... ؟

إن السجال النقدي بيني وبين النص من خلال رؤية الأستاذ الذي قام بمسْح شبه طوبوغرافي للنص ،قد فرض منظوره للمفاهيم الثلاثة مقاربة فيلولوجية تهتم بمعنى الملفوظات، فكيف طرحت العلاقة بينها دلاليا في سياق البياض.. ؟
انطلاقا من مفهوم البياض وما يحمله نقيضه السواد، وتوظيف الشاعرة لهما بحيث كانت المساحة أكبر للأبيض وماأتت بالسواد إلا لتنقذ واقعا لايعكس طموحها، فلجأت للنظارة لما تحمله من معنى الرؤية والتبصر لكنها رؤية مصابة بالعمش ،لأنها تخفي وراءها جحيما من العقد والندوب، وتتدثر بسواد يبرره واقع يرفض التغيير...
شاشة سوداء مؤقتة عابرة كإشارة منها إلى العبثية السائدة...
إشارة تؤكد اللعبة في النهاية...
فكيف تم توظيف اللعبة في السياق الشعري والنقدي.... ؟
لا أجد أثرا في النص لمفهوم اللعب كسلوك مشترك بين كل الكائنات، لكن السياق النقدي ارتبط لدى الناقد مفهوم اللعب بمشتق منه وهو اللعبة،
هذا المفهوم الأخير الذي غطى مساحة النص، تكرر 7مرات توزعتها المقاطع :
المقطع الأول والخامس والسابع كانت المساحة تساوي واحدا لكل مقطع، بينما استغل المقطعان الثاني والسادس مساحة إثنين لكل مقطع، يجعل المقارنة بين الثلاثة مفاهيم :
بياض /حب /لعبة /مقارنة معرفية لا إحصائية وإن كانت دالة معرفية أيضا، تمكن القارئة من فهم لماذا كانت اللعبة أكبر مساحة من البياض والحب... ؟
فاللعب (jeu) ليس لعبة (jouet)
وإن تقاربتا معجميا ،لكن توظيفهما يختلف بُعده فتوظيف اللعبة مخالف لتوظيف اللعب، فاللعب يشترط طرفين يتقاسمان اللعب بالاتفاق على نوعيته وزمانه، وساحة التنفيذ وفق شروط معروفة سلفا...
أما اللعبة فلايسبقها وعي مشترك، الطرفان أحدهما يُنفِّد اللعبة والآخر يُمْليها ويُديرُها وفق خطة تُقصي الطرف الآخر رجلا كان أو امرأة،
أوضحتها مفاهيم مرافقة :
اللعبة :قواعد
اللعبة :نرد وشطرنج
اللعبة :أحصنة
اللعبة : ملك
اللعب يشترط طرفين وتعاقدا قبْليا، بينما اللعبة تقوم على أحادية اللعب أحدهما يملك قواعده والآخر يجهل الهدف والقواعد....
واللعب له دلالات سيكولوجية وتربوية، أكثر بوصفه ممارسة إيجابية هدفها تنمية القدرات الذاتية، للطرفين المتقاسمين اللعب، لكن اللعبة سلبية غالبا، حين يتحول طرف سيدا وطرف عبدا...
تجدر الإشارة أن النص لايطرح مفهوم اللعب بل اللعبة كمقابل سلبي، يجعل اللعب غائبا في علاقة إنسانية...
هكذا تنتهي إشكالية التيمة وتفريعاتها بتقابلات استخدمت فيها الشاعرة بكثافة فعل المضارع كخريطة لغوية تؤدي إلى نتيجة محددة في الإستهلال...
تصيِّر /يرتديه /تحاصره/يضيق /تطالبه / يركض /يغرق / وكأن فعل المضارع يؤكد استمرارية نفس السلوك...
ينتهي السجال إلى نتيجة أن أي نص شعري كلما أتاحت تيمته نقاشا يكون نصا جيدا لأنه بثغراته ونقاط قوته، يفتح إمكانيات واسعة تمكننا من النظر للشعر كمجال للحوار المتعدد وللمقاربات المختلفة، وهو ما يجعل الإبداع في شكليه الكتابة والقراءة وقراءة القراءة يحقق تطويرا للذائقة في مستوياتها الثلاثة
فشكرااا للنص...
وشكرااا للذي كشف خباياه
وشكرااا للتي حاولت انطلاقا من العمليتين السابقتين ،أن تعيد إنتاج نص داخل نص دون أن تمحوه بل تضاعفه وتكثف قيمته...
فشكرااا للشاعرة نبيلة الوزاني...
شكراااا للأستاذ سي المختار الحمري....
شكراااا لأنني تمكنت من تفريغ النص الذاتي على شكل قراءة خارجية لقراءة داخلية....



#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -فِي ...
- مقاربة فاطمة شاوتي في نص الشاعر اليمني عبد الغني المخلافي -م ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة التونسية فاطمة نصيبي -أُرِيدُ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة التونسية فاطمة نصيبي -تَعَلّ ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر الفلسطيني فريد غانم -كُرْسِيٌّ ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر الفلسطيني فريد غانم -مُعَادَلَ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية تورية لغريب -حَرْفٌ ...
- مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر المصري محمد عكاشة -قَالَ-
- قراءة فاطمة شاوتي في مقطع من نص الشاعرة السورية فيروز مخول - ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر المغربي مصطفى لفطيمي -نُبُوَّ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -بِاس ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -رِسَ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزّاني -تِل ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية ثورية الكور -أَحَدُ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية - فدوى الزياني -
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -مَمْ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزّاني -جَا ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة التونسية مروى بديدة -يَارُوم ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر التونسي صابر محمد
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة التونسية سماح البوسفي -إِعْت ...


المزيد.....




- نزلها بجودة عالية.. تردد قناة كراميش الجديد 2024 عيش المتعة ...
- إعادة قلادة ذهبية عمرها 2500 عام إلى تركيا تم تهريبا إلى الو ...
- ثبت الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال 2024 على النايل سات وت ...
- اتفرج على الأفلام الأجنبية والمسلسلات العربية مجاناً.. تردد ...
- كنعاني: دماء الممثل الفلسطيني ابو سخيلة صرخة مظلومية الشعب ا ...
- مصر.. تصريحات الفنانة إلهام شاهين عن الصلاة تثير جدلا كبيرا ...
- اتحاد الأدباء يستذكر كريم العراقي في ذكرى رحيله
- المخرج الياباني نيو سورا بالكوفية الفلسطينية في عرض -نهاية س ...
- حكيم لقمان.. تضارب في الرواية التركية والكردية حول مقتله، فه ...
- -حياة الماعز- و-الماذاعنية- بالسعودية.. تعليق حقوقي على الفي ...


المزيد.....

- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - قراءة سجالية بين الأستاذة فاطمة شاوتي والأستاذ المختار الحمري حول نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -فِي تَمَامِ الْبَيَاضِ-