أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المبدعون .














المزيد.....


مقامة المبدعون .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8087 - 2024 / 9 / 1 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


مقامة المبدعون :

((أمتنا تصدر مبدعيها ليثري منهم البلد الغريب)) .

عبارة لميعة عباس عمارة هذه , أصبحت تقال ويستشهد بها في معظم أحتفالات تكريم مغتربينا الذين تركوا أثرا في شتى أوجه الحياة وألأبداع في وطننا العربي الكبير .

لسيد البلاغة الإمام علي بن أبي طالب خطبة سميت بالشقشقية, ذلك أنه نفث فيها الكثير من كرب صدره بسبب الحالة التي كانت سائدة في زمانه حينذاك مما دونته الكتب, ولقد اضطر إلى قطعها , فلما عاد سأله ابن عمه عبدالله بن عباس أن يتم كلامه من حيث قطع , فقال : ((تلك شقشقة هدرت ثم قرت)) , وعلى الرغم من أن أي كلام لأي مخلوق لا يرقى إلى بلاغة كلام الإمام , فأنا أدعي ان ماقالته لميعه اعلاه قد يبدو على صورة الخطبة الشقشقية , نفست فيها عن شيء من الكرب النازل بنا أجمعين.

تُنسب إلى الوزير آ ابن العُلقُمي قصيدة, قالها متألما على أحوال بغداد والخلافة :
(( كيف يُرجى الصلاحُ من أمرِ قومٍ ضيعوا الحزم فيه أي ضياع
فمُطاع المقالِ غيرُ سديدٍ وسديدُ المقال غيرُ مُطاع)) .

يُقال أن إبن الخليل بن أحمد الفراهيدي , ذات يوم راح ينادي في الطرقات (جُنَّ أبي) عندما وجده يتحدث مع نفسه وبصوت مسموع , وهو يحاول إكتشاف نغمات وإيقاعات الشعر , وتأسيس منظومته العروضية الخالدة , ويبدو أن الكثيرين منا يصرخون بأعلى أصواتهم جُنّ وطني , فما يجري في الواقع ضرب من الجنون المرعب , الذي يستعصي على الشفاء , فما يدور في البلاد لم يخطر على بال العباد , لا في حاضرهم ولا ماضيهم .


أصل الحكاية في بلد الشظايا , أن الوطن تحوّل إلى ضمير مستتر تقديره مجهول , فانتشرت الأفاعي والعقارب والعظايا , وتمرّغت في ترابه وإلتهمت ثرواته , وتخندقت في كينونات تحميها من الوطن , الذي يريد أن يكون وعاءً جامعا وميدانَ تفاعل وإنطلاق لتأمين مصالح مواطنيه , الأوطان أوعية ما فيها , فإذا تحطم الوعاء الوطني تناثر ما يحويه , وتناحر وتنافر وتمترس بأتراسٍ يلوذ بها متوهما بأنها ستحميه , وإذا تمزقت الخيمة فلن يجد ما تحتها مَن يقيه.

بعيدا عن الشعارات والأمنيات تضعنا هذه الصورة أمام حقيقة مرةٍ بتناقضِها : وطن يزخر بالمبدعين , لكنهم مغيبون فعليا عن الأدوار التي ينبغي أن يلعبوها للإنقاذ , فيما اتخذَ بعضهم لأنفسهم مواطن عمل وإنجاز في بلاد الله الأخرى , فأمَّتُنا كما قالت شاعرة العراق لميعةعباس عمارة, في تكريمِ أحد اللبنانيين المهاجرين (( فأمَّتُنا تُصَدِّرُ مُبدِعيها ليُثْرِيَ منهُمُ البلدُ الغريبُ)) .

يكمن دور المبدعين في أن يقدموا المثال الحي عن الإبداع الذي يتنافس فيه أهلُه ارتقاء إلى حيث تسكن القيم العليا في مساكن الفنونِ والجمالات والمعارف , ذلكَ ﴿خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ في ضمير الوطن من كلِّ صراعات الكراسي والسيادات الجوفاء , وبغداد أبي جعفر و المأمون كانت وستبقى عاصمة الفكر والثقافة والابداع , وردة زرعت في عين حاقد , ومدينة التاريخ ونافذة الشعوب وملجأ المظلومين , وبرغم ما نالها من حروب وزلازل وتداول حكامٍ واحتلالات , بقي ملتصقًا بها وصف دار العلوم وألأبداع , لأن العمل الإبداعي أكان كلمةً أم لوحة أم لحنًا أم بناء أم سوى ذلك من عمل الأيدي المضيئة والعقول الباذخة , ليس سوى تجديدٍ مستمر للحياة , فهو بمعنًى من المعاني ابنُها وأبوها في الوقت عينه , وهي تصرخ اليوم أن أرض المبدعين لا تنكسر , صحيح انهم شوهوا جمالها وضربوا آمال أبناء شعبها , ولكن لم ولن ينتصروا , وبقيت حدود الوطن المرسومة بدماء الشهداء , وسيكتب المستقبل بإنجازات ونجاحات المبدعين .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الشعر الزهيري
- مقامة واقعية القرن العشرين .
- مقامة فتوحات مولوية .
- مقامة الأضداد .
- تقاسيم على مقامات الأعراب .
- مقامة الحرية و الجهل .
- مقامة الراقصة والطبال .
- مقامة الجفاف العاطفي .
- مقامة الأحلام .
- مقامة النوم الآمن .
- مقامة البدو و الحضر .
- مقامة الشاعرية .
- مقامة تقاسيم الى ذلك الدرويش .
- مقامة الصندوق .
- مقامة الغضب .
- مقامة التحليل .
- مقامة السلمان .
- مقامة اللوحة الزيتية .
- مقامة الأكتراث .
- مقامة العبيد .


المزيد.....




- أفراد يحتجون.. إطلالة على علم النفس الاجتماعي للاحتجاج
- الشرطة تناشد الشهود لتزويدها بأفلام وصور إطلاق النار في المد ...
- المشهور الغامض.. وفاة الفنان المصري صالح العويل
- جسد شخصيته في فيلم -الشبكة الاجتماعية-.. جيسي أيزنبرغ لا يري ...
- مع ختام معرض الكتاب.. متى يعلن وزير الثقافة واتحاد الناشرين ...
- لوحات 18 فنانا مصريا تشارك في معرض لوحة في كل بيت بأتيليه جد ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صالح العويل
- إيرادات فيلم الدشاش في السعودية 2025 في الأسبوع الأول بعد ال ...
- المنافسة تشتعل.. أوفر 10 أفلام حظا للفوز بجوائز الأوسكار 202 ...
- الموصل تنهض من رماد: السوداني واليونسكو يشهدان إحياء روح الم ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المبدعون .