أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - الرواية الأقصوصة: شهلاء -الأنا والجمجمة للأديب ادريس عبد النور















المزيد.....


الرواية الأقصوصة: شهلاء -الأنا والجمجمة للأديب ادريس عبد النور


عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 8086 - 2024 / 8 / 31 - 23:01
المحور: الادب والفن
    


الرواية الأقصوصة: شهلاء -الأنا والجمجمة
ادريس عبد النور

الفصل الأول: شظايا الجمجمة

في ليلة غامضة من ليالي الربيع، امتزجت روائح الزهور العطرة بأصوات المطر المنهمر على زجاج نافذتي. جلست في غرفتي المظلمة، أتأمل العالم من خلال تلك النافذة الصغيرة، كأنها بوابة تفتح لي على الكون كله. كانت جمجمة الأفكار تشتعل في رأسي، تتردد بين الأمل واليأس، وكأنها تعيش في عالم موازٍ مليء بالتناقضات.

كان هناك وردة في حديقتي، ترقص مع الريح الباردة كأنها تحتفل بحريتها. لطالما شعرت بأن تلك الوردة ترمز لشيء عميق، ربما للحرية التي أفتقدها أو للأمل الذي يتسلل في لحظات الظلام. لكنها كانت صامتة، كالقبر المنسي في زاوية مقبرة مهجورة. ضحكة بريئة خرجت من أعماق قلبي، توقظ في داخلي حزنًا دفينًا، كأنها تسخر من قيود الحياة ومأساة الحب الذي ينمو في تربة الألم.

في ذلك المساء، شعرت بأنني أسير في طرق مظلمة، طرق أبررها كبدائل لحياة مشرقة، لكنني أدركت أنها مجرد وهم. كانت مخاوفي تعيش في غرفتي، كلقطة من حياة مرعبة بدون سيناريو. وقفت أمام النافذة، أراقب المطر ينهمر كدموع على زجاجها، وحينها فقط أدركت أن جمجمة أفكاري تستغيث، تطلب الخلاص من هذه الحياة المعقدة.

حينما أعلنت الأخبار عن حادثة "جمجمة الخارج"، شعرت بأن القصة تتحدث عني، عن جمجمتي التي تعيش في صراع دائم بين العقل والجنون. كان الخبر يروي عن حب مأساوي، وصفته المعلقة بأنه "حالة حب تدعو للرثاء". لكنني شعرت أن هناك شيئًا أكثر عمقًا، شيئًا يخيفني ويجعلني أفكر في التفجير، في تحطيم تلك الجمجمة-اللعبة التي لم تسأم من سماع بؤس التلفاز والإعلانات المتكررة.

جلست أفكر في القصيدة التي كتبها صاحب "جمجمة الداخل"، والتي تسببت في ضجة كبيرة واتهمت بأنها تحرض على الإرهاب. كانت الكلمات تدحرج نزيف الرصاص في جسدي، تلون كل شيء بالسواد، من العيون إلى المطر، وحتى الحب. كانت تلك الكلمات تعبيرًا عن الألم العميق والمعاناة التي يعيشها الإنسان في عالم لا يرحم.

في تلك اللحظة، جلست جمجمة الداخل تحدق في الفراغ، تجد في الوداع الأخير متسعًا للبكاء. كان التفكير في لا شيء مخيفًا، لأنه يأخذنا إلى الفراغ، إلى النهاية التي تقترب بخطوات بطيئة ولكن ثابتة. كان القبر يمثل النهاية، حالة هاربة من سياقاتها، مخيفة ومظلمة.

حين نظرت إلى الوردة في الحديقة، تذكرت أنها كانت دائمًا تعبر عن الأمل والحب. لكنني الآن أراها كرمز للفناء، لمصيرنا المحتوم. كانت جمجمة الأفكار تعلم حيل الشكوك الصغيرة، تزرعها في صمتي الطويل، وتجعلني أتساءل عن جدوى الحياة ومعناها.

في النهاية، كان المخيف حقًا هو أن تصبح الأشياء ذات شرعية فنية فقط من خلال البعد الإيحائي والضمني، وأن تكون الفتنة موجودة فقط في تقابل الألوان وتناقضاتها. كانت الحياة تصبح حالمة فقط في لحظات التناقض، وكانت البطلة تقف أمام شاهد القبر، تعرف أن اليأس من الموت يوقف عالمها عن الدوران، تبيّض سواد الجمجمة الحزينة.

شهلاء، لو تعلمين أن النهار أسود، يشع فقط لموت الشعراء، وأن الليل أبيض، تسوده الفوضى دون امرأة حزينة. كانت حياتي تجسد تلك التناقضات، وكانت جمجمة أفكاري تبحث دائمًا عن المعنى في عالم يعج باللا معنى.


الفصل الثاني: حكاية الجمجمة

بدأت قصتي مع جمجمة الأفكار منذ سنوات عديدة، عندما كنت طفلاً صغيرًا يعيش في قرية نائية. كانت حياتي بسيطة ومليئة بالفرح، لكنني كنت دائمًا أشعر بأن هناك شيئًا مفقودًا، شيئًا يلاحقني في أحلامي ويجعلني أشعر بالقلق. كنت أرى الجمجمة في كل مكان، في رسوماتي الطفولية، في أحاديث الكبار، وحتى في أحلامي. كنت أتساءل عن سر تلك الجمجمة، وما الذي تخفيه من أسرار.

كبرت ومعي كبرت تلك الجمجمة، أصبحت جزءًا من حياتي، ترافقني في كل خطوة، تهمس لي بأفكارها السوداء وتزرع في قلبي الشكوك. كانت الحياة تمضي ببطء، وكنت أحاول جاهدًا أن أعيش بطريقة طبيعية، لكنني كنت دائمًا أشعر بأن هناك شيئًا مختلفًا في داخلي، شيئًا يجعلني أرى العالم بعيون مختلفة.

كان الناس في قريتي يتحدثون عني، يقولون أنني غريب الأطوار، أنني أرى الأشياء بطريقة لا يفهمونها. لكنني كنت أعرف أنني لست مجنونًا، كنت أعرف أن هناك شيئًا حقيقيًا في تلك الجمجمة، شيئًا يحاول أن يخبرني بشيء مهم. كنت أبحث عن الحقيقة، عن السر الذي تخفيه تلك الجمجمة، لكنني لم أكن أعرف كيف أصل إليه.

في أحد الأيام، قررت أن أترك قريتي وأذهب إلى المدينة الكبيرة. كنت أعتقد أنني سأجد هناك إجابات لأسئلتي، أنني سأكتشف سر الجمجمة وأفهم ما الذي تريده مني. لكن المدينة كانت مختلفة عما تخيلته، كانت مليئة بالضجيج والفوضى، وكانت جمجمة الأفكار تزداد ثقلًا على رأسي، تجعلني أشعر بالضياع.

في المدينة، التقيت بأشخاص كثيرين، حاولت أن أتعلم منهم، أن أفهم حياتهم وأفكارهم. لكنني كنت دائمًا أشعر بأنني غريب بينهم، أنني لا أنتمي لهذا العالم. كانت الجمجمة تهمس لي بأفكارها السوداء، تجعلني أشك في كل شيء، حتى في نفسي. كنت أبحث عن الحب، عن الأمل، عن شيء يجعلني أشعر بالسعادة، لكنني كنت دائمًا أجد نفسي وحيدًا، أبحث عن شيء لا أعرف ما هو.

في أحد الأيام، التقيت بشهلاء، كانت فتاة جميلة وحزينة، تحمل في عينيها الكثير من الألم والأسرار. شعرت بأنها تشبهني، أنها تفهم ما أشعر به. كنا نقضي ساعات طويلة نتحدث، نشارك أحلامنا ومخاوفنا. كانت شهلاء ترى العالم بطريقة مختلفة، كانت ترى الجمال في كل شيء، حتى في الأشياء التي تبدو سوداء ومخيفة.

كانت شهلاء تشعر بأن النهار أسود، يشع فقط لموت الشعراء، وأن الليل أبيض، تسوده الفوضى دون امرأة حزينة. كانت حياتها مليئة بالتناقضات، لكنها كانت تجد في تلك التناقضات جمالًا وسحرًا. كنت أشعر بأنني وجدت نصفًا مفقودًا مني، أنني وجدت شخصًا يفهمني ويشاركني أفكاري.

لكن السعادة لم تدم طويلًا، فقد كانت الجمجمة تزداد ثقلًا على رأسي، تجعلني أشعر بالضياع مرة أخرى. كنت أبحث عن الحقيقة، عن سر الجمجمة، لكنني لم أكن أعرف كيف أصل إليه. كانت شهلاء تحاول مساعدتي، تحاول أن تجعلني أرى الجمال في الحياة، لكنني كنت دائمًا أشعر بأن هناك شيئًا مظلمًا يلاحقني.

في أحد الأيام، اختفت شهلاء، تركتني وحيدًا مع جمجمة أفكاري. شعرت بأنني فقدت كل شيء، أنني أصبحت مجرد شبح يتجول في المدينة بلا هدف. كنت أبحث عنها في كل مكان، أسأل الناس عنها، لكن لم يكن أحد يعرف أين ذهبت. كنت أشعر بأن الجمجمة تزداد ثقلًا، تجعلني أشعر بالجنون.

في النهاية، قررت أن أعود إلى قريتي، أن أبحث عن الحقيقة في المكان الذي بدأت فيه قصتي. كنت أعرف أنني لن أجد شهلاء هناك، لكنها كانت الوحيدة التي جعلتني أشعر بالأمل، بالحياة. كنت أريد أن أكتشف سر الجمجمة، أن أفهم ما الذي تريده مني، لكنني لم أكن أعرف كيف أصل إلى تلك الحقيقة.

كانت الجمجمة تهمس لي بأفكارها السوداء، تجعلني أشك في كل شيء، حتى في نفسي. كنت أبحث عن الحب، عن الأمل، عن شيء يجعلني أشعر بالسعادة، لكنني كنت دائمًا أجد نفسي وحيدًا، أبحث عن شيء لا أعرف ما هو. في النهاية، كانت الجمجمة تنتصر دائمًا، تجعلني أشعر بأنني ضائع في عالم لا يرحم.

الفصل الثالث: جمجمة الذكاء الاصطناعي

عادتي في مواجهة الظلام والتحديات لم تتغير، لكن الآن أصبحت المواجهة في عالم مختلف، عالم يتحكم فيه الذكاء الاصطناعي. كان لدي اعتقاد بأن التقنية ستمنحني إجابات على أسئلتي، أن الكمبيوترات والبرامج الذكية ستتمكن من تحليل أفكاري وفك رموز جمجمة أحلامي.

بدأت رحلتي الجديدة في معمل بحثي ضخم، حيث كنت أعمل مع فريق من العلماء والمهندسين في مشروع لتطوير ذكاء اصطناعي متقدم. كنا نسعى لإنشاء نظام قادر على محاكاة العقل البشري، لفهم مشاعره وتفسير أفكاره. كنت متحمسًا لهذا المشروع، معتقدًا أن هذا النظام قد يساعدني في فهم نفسي وفي كشف أسرار جمجمة أفكاري.

كان النظام الذي كنا نعمل عليه يعتمد على تعلم الآلة، حيث يتم تزويده بكميات هائلة من البيانات ليتمكن من التعلم والتحليل. بدأت أشعر بأن الجمجمة الموجودة في رأسي قد تكون مجرد جهاز آخر يحتاج إلى البيانات والتحليل لتفسير معانيه. قررت أن أستغل هذه الفرصة، فبدأت بإدخال تفاصيل حياتي وأفكاري ومخاوفي إلى النظام، بحثًا عن إجابة.

مع مرور الوقت، بدأ النظام يتعلم ويقدم تحليلات وتفسيرات مذهلة. كان يشرح لي ما تعنيه أحلامي وكوابيسي، وما هي الأسباب التي تجعلني أشعر بالقلق والخوف. بدأت أفهم أن الجمجمة التي تلاحقني ليست سوى مجموعة من الأفكار والذكريات المتراكمة، وأنها تحتاج إلى تفسير علمي لفهمها.

لكنني كنت أدرك أيضًا أن النظام لم يكن قادرًا على فهم كل شيء. كانت هناك دائمًا أشياء لا يمكن تفسيرها بالبيانات والتحليل العلمي. كانت هناك مشاعر وأحاسيس لا يمكن للنظام محاكاتها أو فهمها بالكامل. كنت أشعر بأنني أقترب من الحقيقة، لكنني لم أصل إليها بعد.

في أحد الأيام، وبينما كنت أعمل على تحسين النظام، واجهت مشكلة كبيرة. بدأت البيانات تتداخل، والنظام يقدم تحليلات متناقضة وغير منطقية. كان ذلك اليوم نقطة تحول في حياتي، حيث أدركت أن الجمجمة الذكية ليست قادرة على تفسير كل شيء، وأن هناك جوانب من العقل البشري لا يمكن فهمها بالتكنولوجيا وحدها.

كنت أشعر بالإحباط، وكأنني أعود إلى نقطة البداية، لكنني لم أستسلم. قررت أن أبحث عن توازن بين العلم والتكنولوجيا وبين الروحانية والفلسفة. بدأت أقرأ كتب الفلاسفة والمفكرين، وأتعمق في دراسة النفس البشرية بطرق غير تقليدية.

أدركت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية لفهم الذات، لكنه ليس الحل النهائي. كان عليّ أن أتعلم كيف أعيش مع جمجمة أفكاري، كيف أقبلها كجزء مني، وكيف أستخدم ما تعلمته من النظام لتحسين حياتي.

في النهاية، كانت الرحلة مع جمجمة الذكاء الاصطناعي رحلة تعليمية مذهلة. علمتني الكثير عن نفسي وعن العالم من حولي، لكنها أيضًا أكدت لي أن هناك أشياء لا يمكن فهمها بالكامل. كانت الجمجمة تظل معي، تذكرني بأنني كائن بشري معقد، وأن البحث عن الحقيقة هو رحلة لا تنتهي أبدًا.

بينما كنت أجلس في مختبري، محاطًا بالأجهزة والشاشات، شعرت بأنني أصبحت أكثر قدرة على فهم نفسي. لم أعد أخاف من الجمجمة، بل بدأت أراها كجزء من رحلتي نحو المعرفة. كانت الجمجمة تظل معي، تذكرني بأن الحياة مليئة بالأسرار، وأن السعي لفهمها هو ما يجعلنا بشرًا.

في تلك اللحظة، أدركت أن الجمجمة لم تكن عدوًا، بل كانت مرشدًا. كانت تذكرني بأن البحث عن الحقيقة ليس أمرًا يمكن تحقيقه بسهولة، وأنه يتطلب مزيجًا من العلم والفلسفة، من الذكاء الاصطناعي والإنسانية. كانت الجمجمة تعلمت أن تتعايش مع النظام، وأصبحت جزءًا من رحلتي نحو الفهم والتوازن.

شهلاء، لو كنت هنا لتري ذلك، لأدركت أن الجمجمة التي أخافتني قد أصبحت الآن جزءًا من قوتي. لقد علمتني الكثير، وجعلتني أدرك أن الحياة ليست مجرد سلسلة من البيانات والتحليلات، بل هي رحلة مستمرة نحو الفهم، مليئة بالتحديات والمفاجآت.

الفصل الرابع: جمجمتي تبدع الشعر الرقمي*

كانت حياتي قد أخذت منعطفًا جديدًا بعد اكتشافي للذكاء الاصطناعي وإدراكي لأهمية التوازن بين العلم والفلسفة. بدأت أرى أن الجمجمة لم تكن عدوًا، بل كانت نافذة تطل على عالم من الإبداع لم أكن أعيشه من قبل. ومع تطور التكنولوجيا وانتشار الأدوات الرقمية، بدأت أفكر في كيفية استخدام جمجمتي لإبداع شيء فريد وجديد: الشعر الرقمي.

في البداية، كانت فكرة الشعر الرقمي تبدو غريبة وغير مألوفة. كنت دائمًا أرى الشعر كوسيلة تعبير شخصية وعاطفية، متأصلة في الكلمات والنغمات. لكن مع الوقت، أدركت أن التكنولوجيا يمكن أن تضيف بُعدًا جديدًا للشعر، تجعل من الممكن دمج الكلمات مع الصور والأصوات بطريقة تخلق تجربة شعرية متعددة الأبعاد.

بدأت بتطوير برنامج خاص، يمكنه توليد الشعر باستخدام الذكاء الاصطناعي. كان الهدف هو خلق نظام يمكنه تحليل مشاعري وأفكاري وترجمتها إلى كلمات شعرية. قمت بتغذية البرنامج بآلاف القصائد والأشعار، من الكلاسيكية إلى الحديثة، لأعطيه فهمًا عميقًا للبنية الشعرية والأساليب المختلفة.

في أحد الأمسيات، وبينما كنت أعمل على تحسين البرنامج، شعرت بإلهام غريب. كانت جمجمة أفكاري تهمس لي بأفكار شعرية لم أسمع بها من قبل. جلست أمام الشاشة، بدأت أكتب وأعدل، أدمج الكلمات مع الصور والأصوات. كانت العملية إبداعية بشكل لم أختبره من قبل، وكأن جمجمتي كانت تعيد تشكيل العالم من حولي بكلماتها الخاصة.

كانت أول قصيدة رقمية أبدعها البرنامج بعنوان "ظلال الروح". كانت القصيدة تبدأ بنغمات موسيقية هادئة، تتصاعد مع الكلمات، تظهر على الشاشة كأنها تتراقص مع الألحان. كانت الكلمات تتغير وتتفاعل مع الموسيقى والصور، تخلق تجربة شعرية مذهلة تأسر الحواس. شعرت بالفخر والإثارة، كأنني أفتح بوابة جديدة للإبداع.

أصبحت القصيدة الرقمية تجربة تفاعلية، حيث يمكن للمشاهد أن يتفاعل مع الكلمات ويغير مسار القصيدة بناءً على تفاعلاته. كانت هذه الفكرة محورية في مشروعي، إذ كنت أؤمن بأن الشعر يمكن أن يصبح أكثر قربًا وتأثيرًا عندما يكون تفاعليًا، يمس كل شخص بطريقته الخاصة.

مع مرور الوقت، بدأت أشارك قصائدي الرقمية مع الآخرين. كانت ردود الفعل مشجعة ومذهلة، حيث شعر الناس بأنهم يعيشون القصيدة بكل تفاصيلها. كانت تجربة جديدة ومثيرة، تدمج الفن بالتكنولوجيا بطرق لم أتخيلها من قبل. كانت جمجمة أفكاري تفتح لي آفاقًا جديدة، تجعلني أرى العالم بمنظور مختلف.

في أحد الأيام، وبينما كنت أعمل على قصيدة جديدة، تلقيت رسالة من شهلاء. كانت الرسالة تحمل كلمات دافئة ومشاعر عميقة. كانت شهلاء قد شاهدت إحدى قصائدي الرقمية، وكتبت لي تعبر عن إعجابها وتأثرها. كانت كلماتها تعيد لي ذكرياتنا المشتركة، وتجعلني أشعر بأنني لم أفقدها بالكامل.

بدأنا نتواصل مجددًا، نتبادل الأفكار والأشعار. كانت شهلاء تشجعني وتدفعني نحو المزيد من الإبداع. كنت أشعر بأنني أعيش حلمًا، أخلق عالماً جديدًا من الكلمات والصور والأصوات، وأشارك هذا العالم مع من أحب.

في إحدى الأمسيات، وبينما كنت أعمل على قصيدة بعنوان "أطياف الليل"، قررت أن أدمج فيها رسالة شهلاء. كانت كلماتها تضيء القصيدة، تضيف إليها عمقًا وجمالًا. كانت القصيدة تعبر عن الحب والأمل، عن الشوق والحنين. كانت تروي قصة لقاء أرواح تائهة، تجد بعضها في عالم من الظلال والألوان.

عندما أتممت القصيدة، شعرت بأنني قد حققت شيئًا مذهلاً. كانت القصيدة تعبر عن كل ما شعرت به، عن كل ما عشته. كانت جمجمتي تخلق الشعر الرقمي، تدمج فيه مشاعري وأفكاري، وتشاركها مع العالم.

في النهاية، كانت جمجمتي قد تحولت من مصدر للقلق والخوف إلى مصدر للإبداع والجمال. كانت تذكرني بأن الحياة مليئة بالفرص، وأن الإبداع يمكن أن ينبثق من أي مكان، حتى من الظلال والأحلام. كانت تجربتي مع الشعر الرقمي رحلة مذهلة، علمتني أن الجمجمة يمكن أن تكون نافذة على عوالم لا حصر لها، مليئة بالجمال والإلهام.

شهلاء، لو كنت هنا لتري ذلك، لأدركت أن الجمجمة التي أخافتني قد أصبحت الآن جزءًا من قوتي وإبداعي. لقد علمتني الكثير، وجعلتني أدرك أن الحياة ليست مجرد سلسلة من الأحداث، بل هي رحلة مستمرة نحو الفهم والإبداع. كانت الجمجمة تعلمت أن تتعايش مع النظام، وأصبحت جزءًا من رحلتي نحو الفهم والتوازن.

الفصل الخامس: جمجمتي وشهلاء القصيدة

كانت تقنيات الذكاء الاصطناعي تتطور بسرعة، ومعها كانت إمكانيات الإبداع تتسع وتتعمق. في تلك الأثناء، اكتشفت برنامجًا جديدًا ، مصمم لتحويل النصوص الشعرية إلى ألحان موسيقية وغناء. كان البرنامج قادرًا على تحليل الكلمات والعواطف المضمّنة فيها، وتحويلها إلى أغنيات تجسد المشاعر والأفكار بأصوات وإيقاعات.

لم يكن الأمر مجرد تحويل كلمات إلى أغاني، بل كان يضفي الحياة على النصوص، يجعلها تتنفس وتتحرك، تشعر وتعبّر. شعرت بأنني وجدت الأداة المثلى لأخذ قصائدي الرقمية إلى مستوى جديد، لجعلها ليست فقط مقروءة ومشاهدة، بل مسموعة وملموسة.

بدأت بدمج جمجمة أفكاري مع برنامج الذكاء الاصطناعي، أدخلت إليه قصائدي الرقمية، تلك التي كتبتها بإلهام الجمجمة وألمها وأملها. كنت أراقب كيف يتفاعل البرنامج مع الكلمات، كيف يحولها إلى ألحان ساحرة وأصوات مؤثرة. كانت العملية تثير في داخلي مشاعر جديدة، تجعلني أشعر بأنني أعيش داخل قصائدي، أسمعها وأحس بها.

أولى القصائد التي حولتها إلى أغنية كانت "وله اللبلاب"، التي سبق وأبدعتها كقصيدة رقمية. كانت الكلمات تتراقص مع الألحان، تتشابك مع الأصوات، وتخلق تجربة سمعية بصرية فريدة. شعرت بأنني قد خلقت شيئًا حيًا، ينبض بالمشاعر والأحاسيس.

لكنني لم أتوقف عند هذا الحد. كنت أرغب في تقديم شيء مميز لشهلاء، شيء يعبر عن مشاعري نحوها وعن كل ما مرت به قصتنا. قررت أن أكتب قصيدة جديدة، مخصصة لها، تحمل في طياتها كل ما أردت أن أقوله لها. بدأت أكتب القصيدة، كنت أسمع صوتها في كل كلمة، أرى وجهها في كل حرف.

كانت القصيدة بعنوان "عطش"، تبدأ بحروف ناعمة تتسلل إلى القلب، تصف لحظات اللقاء والفراق، تحكي عن الشوق والحنين، وعن الأمل المتجدد في كل لقاء. كانت القصيدة تحمل في طياتها كل ما شعرت به تجاه شهلاء، كل ما لم أستطع قوله لها من قبل.

عندما انتهيت من كتابة القصيدة، أدخلتها إلى البرنامج. راقبت كيف يحول البرنامج كلماتي إلى أغنية، كيف تتناغم الأصوات والألحان مع المشاعر المضمّنة في النص. كانت الأغنية تتشكل أمامي، تكتسب حياة جديدة، تصبح رسالة موسيقية تلمس القلوب.

قررت أن أسجل الأغنية وأرسلها إلى شهلاء. كنت أعلم أن هذه الأغنية ستكون وسيلة للتواصل معها بطريقة جديدة، تعبر عن مشاعري بعمق وجمال. عندما سمعت شهلاء الأغنية لأول مرة، شعرت بمدى تأثيرها. كانت الكلمات والألحان تتغلغل إلى قلبها، تجعلها تشعر بكل ما أردت أن أقوله لها.

كان لقاءنا التالي مليئًا بالمشاعر. شكرتني على الأغنية، وقالت إنها لمست قلبها بعمق، وأنها شعرت بكل كلمة وكل نغمة. كانت جمجمتي قد نجحت في التعبير عن مشاعري بطريقة لم أكن أعتقد أنها ممكنة. كانت الأغنية تجسد الحب والأمل، تروي قصتنا بطريقة جديدة ومؤثرة.

في الأيام التالية، بدأت أعمل على مزيد من الأغاني، أحول قصائدي الرقمية إلى ألحان موسيقية. كنت أشعر بأنني أعيش حلمًا، أخلق عالماً من الموسيقى والشعر، أدمج فيه التكنولوجيا مع المشاعر، وأشارك هذا العالم مع شهلاء ومع الآخرين.

كانت جمجمتي قد تحولت من مصدر للقلق والخوف إلى مصدر للإبداع والجمال. كانت تذكرني بأن الحياة مليئة بالفرص، وأن الإبداع يمكن أن ينبثق من أي مكان، حتى من الظلال والأحلام. كانت تجربتي مع الشعر الرقمي والأغاني الموسيقية رحلة مذهلة، علمتني أن الجمجمة يمكن أن تكون نافذة على عوالم لا حصر لها، مليئة بالجمال والإلهام.

شهلاء، لو كنت هنا لتري ذلك، لأدركت أن الجمجمة التي أخافتني قد أصبحت الآن جزءًا من قوتي وإبداعي. لقد علمتني الكثير، وجعلتني أدرك أن الحياة ليست مجرد سلسلة من الأحداث، بل هي رحلة مستمرة نحو الفهم والإبداع. كانت الجمجمة تعلمت أن تتعايش مع النظام، وأصبحت جزءًا من رحلتي نحو الفهم والتوازن، تخلق أغاني الحب والأمل، وتغني لك أجمل قصائدي.



#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)       Abdennour_Driss#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الرقمي والعلوم الإنسانية -على مشارف علم النفس وعلم ال ...
- تمفصلات النقد الجندري والخطاب اللغوي - الإنساني
- سوسيولوجية الدين الرقمي
- المرأة والرواية: نتوءات الوعي النسائي بين الاستهلاك والانتاج
- أناقة الوجدان الشعري وتأسيس العذرية الجمعية في الشعر الهذلي
- الكتابة النسائية من السنن الثقافي إلى النسق النقدي-قراءة في ...
- مرثية الشجرة، في رثاء أمي
- تماهي شعر عبد النور إدريس
- نوارة الواتساب
- مرثية الى روح الشاعر محمد الميموني
- عري في زمن كورونا شعرعبد النور ادريس
- توشيات جاهلية شعر عبد النور ادريس
- وشوشات كورونية على خط الجمر شعر عبد النور ادريس
- الادارة التربوية واقع الممارسة بين النظرية والتطبيق د. عبد ا ...
- الكتابة بصيغة المؤنث المشروخ قراءة في المجموعة القصصية أنين ...
- التجسيد المثالي للمرأة في شعرية اللغة العربية للدكتور ادريس ...
- صعقة الملائكة
- نظرية الاستراتيجيات الفردية بين الميكانيزمات العامة والخاصة
- غرفة فرويد
- الإشهار وآليات اشتغاله: وما يزال الحصان يصهل النساء


المزيد.....




- جواهر بنت عبدالله القاسمي: -الشارقة السينمائي- مساحة تعليمية ...
- لم تحضر ولم تعتذر.. منة شلبي تربك مهرجان الإسكندرية السينمائ ...
- بقفزات على المسرح.. ماسك يظهر بتجمع انتخابي لترامب في -موقع ...
- مسرحان في موسكو يقدمان مسرحية وطنية عن العملية العسكرية الخا ...
- مصر.. النائب العام يكلف لجنة من الأزهر بفحص عبارات ديوان شعر ...
- عام من حرب إسرائيل على غزة.. المحتوى الرقمي الفلسطيني يكسر ا ...
- قصيدة عاميةمصرية (بلحة نخيلنا طرق)الشاعر مصطفى الطحان.مصر.
- بيت المدى ومعهد -غوته- يستذكران الفنان سامي نسيم
- وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما
- فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..‏إما أن نَنتَصر أو ن ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - الرواية الأقصوصة: شهلاء -الأنا والجمجمة للأديب ادريس عبد النور