أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المناعي - ملامح الحركة الشعبوية في تونس















المزيد.....

ملامح الحركة الشعبوية في تونس


محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 8085 - 2024 / 8 / 30 - 20:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحولت الشعبوية في الفترة الأخيرة إلى شاغل عالمي ومحور اهتمام الشعوب والنخب والباحثين بعد تغلغلها السريع في الحياة السياسية الراهنة، على الرغم من قدم الظاهرة، في تونس نعيش على وقع الشعبوية بملامح تشترك فيها مع باقي الشعبويات، وتتميز عنها بخصوصيات محلية لها علاقة بطبيعة المجتمع والنظام السياسي القائم.
لم تكن الشعبوية في تونس وليدة انتخابات 2019 ولا مسار 25 جويلية 2021، فقد عرفت تونس عبر تاريخها حضورا للخطاب الشعبوي ضمن الخطاب الرسمي منذ الاستقلال، غير أنه لم يتجاوز مجرد خطاب للتعبئة والتأثير إلى آلية للحكم.
تدعم المد الشعبوي بعد 14 جانفي 2011 على مستويات متفاوتة الأهمية أقصاها ما نعيشه اليوم، المستوى الأدنى هو توظيف الخطاب الشعبوي للتعبئة الانتخابية وهو ما ترجمته وعود أحزاب سياسية مثل حركة النهضة (وعدت بتحقيق 400 ألف موطن شغل) أو أحد الأحزاب الذي رفع شعار (توا) لإقناع الناخب بإمكانية التغيير الآني والسريع لأوضاعه، وشملت يسارا بعض شعارات اليسار الاحتجاجي التي تمحورت حول "إسقاط النظام".
في مستويات أهم تشكلت مجموعات تجمع بين الآلة المالية الانتخابية والخطاب الشعبوي، وجسدتها تجربة قلب تونس وعيش تونسي والاتحاد الوطني الحر. أما في قمة هذه الأصناف، فقد تشكلت حركات شعبوية بأكملها لا تقوم إلا على هذا الأساس شكلا ومضمونا وخطابا، ولعل أبرز التجارب هي تجربة العريضة الشعبية خلال انتخابات 2011، والتي حققت المرتبة الثالثة في عدد النواب ب26 نائباً بالمجلس الوطني التأسيسي وتجربة ائتلاف الكرامة سنة 2019، وفي الانتخابات نفسها تجربة الرئيس الحالي قيس سعيد.
وبالعودة إلى ملامح الحركات الشعبوية في العالم، وفي تونس نتبين أنها تقوم على النقاط التالية :
أولا: تقوم فكرة الشعبوية في العالم، وفي تونس على إعلاء مكانة الشعب كجسم موحد لا يحتمل التنوع والاختلاف والتناقضات، له مشاغل موحدة وأهداف موحدة كما له أعداء موحدون ومخلّص واحد والحركة الشعبوية في كل ذلك تبدوهي الناطقة الوحيدة باسم هذا الشعب ولا يكون خلاصه إلا على يدها وهي فكرة مغرية للجماهير تشعرها بالأمان ضمن مجموعة متماسكة، وتزرع فيها مزيجا من الأمل / الوهم بالخلاص الجماعي وهي في مجتمعنا أقرب للمزاج الشعبي وللموروث العقائدي.
ثانيا: الحركة الشعبوية ليست أيديولوجيا، ولا تمتلك مشروعا فكريا ولا سياسيا، ولا تقدم برنامجا اقتصاديا فالحملة الانتخابية الرئاسية لقيس سعيد سميت حملة تفسيرية، ولم تقدم أي وعود ولا برنامج، ولا يجمع بين أنصارها أي رابط موضوعي، فالحركة الشعبوية عموما، وفي تونس أيضا هي آلية للتعبئة وللوصول إلى السلطة تقوم على إعلاء مكانة الشعار بدل البرنامج، والرمز الضامن والمخلص بدل التعددية والتنافس، وتضفي قداسة على المخلّص/الرمز..
ثالثا: الحركة الشعبوية عابرة للأيديولوجيات فبشعاراتها تستقطب من اليمين، ومن اليسار على حد سواء، بالرغم من نزعتها إما المحافظة (المثال التونسي وشعبويات أقصى اليمين الأوروبي)، أو احتجاجية بشعارات أقرب لليسار، في تونس دعم جزء من اليسار، ومن أقصى اليمين معا شعارات السلطة الحالية.
رابعا: يتجمع الناس حول الخطاب أو الفكرة الشعبوية في شكل ثلاث حلقات : حلقة ضيقة من المؤمنين، وعادة ما يكون عددهم محدوداً حول الرمز، وحلقة ثانية من المستفيدين (مسؤولون سياسيون، نواب...) وجمهور نهم لخطاب الإثارة يمثل الحلقة الثالثة ، مع ممارسة السلطة تضيق حلقة المؤمنين أمام اصطدام الشعار بالواقع وبالفشل في إدارة الشأن العام وتتوسع حلقة المستفيدين التي تمثل ذراعا انتخابية قوية ممثلة في نواب العمادات والمعتمديات والتنسيقيات المختلفة في كامل جهات الجمهورية وجمهور سهل التوجيه.

خامسا: تتغذى الحركة الشعبوية من زيادة إثارة الجماهير عبر تصويرهم في صورة الضحية لعدو ما (مناوئين، لوبيات، عصابات، أطراف أجنبية، أطراف مشبوهة، هؤلاء) وهو الخصم الذي يبقي صورة المخلّص في كامل توهجها، بل حتى في غياب خصم تصنع لها خصما من داخلها (الخونة، الذين لم يكونوا في مستوى الثقة) ويتم اعتماد خطاب مبسّط سهل الهضم والتقبل بل هو صدى لأحلام الجماهير.
سادسا: تقوم الحركات الشعبوية على فكرة التواصل المباشر للمحافظة على أحادية الخطاب الموجه للجماهير وهو ما لا تتيحه وسائل الإعلام التقليدية التي تميل إلى التعدد لذلك تكون الشعبوية في عداء مع الإعلام التقليدي ومع كل هيكل وسيط بين الرمز والجمهور؛ ومن هنا يشمل العداء الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والنخب، وكل الهياكل المنظمة التي لها خطابها، والتي يمكن أن تمثل حاجزا أمام الخطاب العمودي الموجه للشعب لذلك تعتمد على التواصل المباشر والشبكات الاجتماعية التي تخلق عبرها رأيا عاما مستهلكا للخطاب وللشعارات.
سابعا: تصطدم الشعارات الشعبوية بالواقع وبتعذر تحويل شعاراتها إلى إنجازات، وتقف أمام صعوبة مواصلة ترويج خطابها، لذلك فإن مآلات الشعبويات إما الاضمحلال والتلاشي وهو ما حدث للعريضة الشعبية وباقي المجموعات الشعبوية في تونس بمجرد ابتعادها عن السلطة (البرلمان) وهي كذلك سهلة الانصهار في تيارات أخرى لغياب تماسك أيديولوجي أو بنية تنظيمية صلبة، أو تصطدم بالفشل الاقتصادي والاجتماعي، وتتحول إلى حكم فردي (في حالة وصول الشعبوية للحكم على غرار التجربة التونسية الحالية) فيتحول فيه الرمز تدريجيا إلى محور الحياة السياسية، ويُفْرَض الخطاب الأحادي والتضييق على الحريات لتجنب كل معارضة أو نقد، وفي حالات محدودة تتحول الحركات الشعبوية إلى حركات عنيفة تحاول فرض واقع ما بالقوة داخل المجال الاجتماعي والسياسي وهو ما ينطبق على الحركات العنصرية والقومية المتطرفة.
لئن اعتبرت الشعبوية في توصيفها المبسط كردة فعل على أزمة الديمقراطية التمثيلية ومؤسساتها التقليدية، فإن انتشارها هو جزء من عالم بصدد التحول والبحث عن بدائل لأزمة نظام نيوليبيرالي بلغت أقصاها، ووضعت آليات إدارتها للشأن السياسي والاقتصادي والقيمي موضع تساؤل وبحث عن بديل لم تتبلور ملامحه بعد، وفي تونس استفادت الشعبوية من منظومة اجتماعية وسياسية هشة وحاضنة شعبية لم تتمثل بعد قيم المواطنة وانتقال ديمقراطي متعثر وفشل النخب السياسية والاجتماعية في تحويل الثورة من الشعار إلى المنجز السياسي الديمقراطي والاقتصادي الاجتماعي.



#محمد_المناعي (هاشتاغ)       Manai_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من عوامل تجاهل التونسيين للانتخابات المحلية
- الفلسفة والنقاب
- تونس: هل كانت عملية 25 جويلية فعلا مطلبا شعبيا ؟
- ثغرة من ثغرات الحداثة التي تسرب منها التطرف والفوضى :
- المبادئ الكونية لحقوق الإنسان : العراقيل والبديهيات
- جدل صناديق الزكاة في تونس: الزكاة بين الدولة المدنية والتراث ...
- قول في محاكاة أسلوب النص القرآني
- شعب الايغور : ضحية الجغرافيا والارهاب والحرب الاقتصادية الصي ...
- قراءة في نتائج الانتخابات التشريعية التونسية : عوامل النجاح ...
- الحاجة والوهم ، قراءة في نتائج الانتخابات الرئاسية التونسية
- الحركات الشعبوية في تونس وليدة فراغ سياسي - اجتماعي فأي بديل ...
- الظروف التي ساهمت في نشأة الحركة النقابية في تونس
- قول في التعددية النقابية في تونس
- الاتحاد العام التونسي للشغل : نجاح الاضراب العام ودروس أخرى
- مؤسسات القطاع العام في تونس بين حمى التفويت وإمكانات التصدي
- ملف المساواة في تونس بين أنصار الحرية وأنصار الشريعة
- تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس: بين التردد ومطب ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل :الحاكم و المعارض والرقم الصعب ف ...
- الأزمة في تونس وفشل حكومة الوحدة الوطنية المزعومة
- من أجل حوار اجتماعي يتجاوز التفاوض حول الزيادة في الأجور


المزيد.....




- مهندس طيران يكشف تجربة تشغيل طائرة -كونكورد- الأسرع من الصوت ...
- -انفجارات مستمرة-.. كاميرا CNN ترصد حرائق في سماء بيروت بعد ...
- غارة إسرائيلية على مسجد في غزة تقتل 19 فلسطينياً وتصعيد القص ...
- تونس: الملايين ينتخبون رئيسا للبلاد وسط حالة القمع السياسي و ...
- إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة لسكان شمال قطاع غزة
- 51 عاما على -العبور- إلى النصر!
- خبير عسكري: قاعدة رامات ديفيد هدف ذهبي
- عائلة من غزة تسترجع ذكريات عام من الفقد والنزوح
- 30 قصة حزينة عصية على النسيان من حرب إبادة غزة
- عشرات الغارات على الضاحية الجنوبية وحزب الله يستهدف حيفا وال ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد المناعي - ملامح الحركة الشعبوية في تونس