أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة فتوحات مولوية .














المزيد.....

مقامة فتوحات مولوية .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8085 - 2024 / 8 / 30 - 10:27
المحور: الادب والفن
    


مقامة فتوحات مولوية :

الشاعر الشيخ , الذي كان تصوّفه مزيجاً من الروحانيَّة والحِكمة , غاص في أعماق الإنسان , ففاضت أشعاره في كل المعمورة حُبّاً وحِكمةً , ليبلغ أرقى درجات العبقريَّة الشعريَّة : (( المجرات تدور, الكواكب تدور, والدورة الدموية في الجسم تدور, الحجاج حول الكعبة يدورون , وقطرات الماء من البحار إلى السماء فالأرض عائدة إلى البحار, كلها تدور)) .

بين جسرين بعيدين , غريبين عن الأضواءِ , موصولين بالأشجارِ, مهموسين بالأسرارِ, لا يفصل أنفاسهما جُرفٌ , ولا هُدْب يغطي نَعَسَ الليل بأحداقهما , صرنا قريبين , انحنينا مثل غصنينِ , التوت أطرافُ أضلاعِهما كي يحتمي بينهما برعم حبّ رضع الزَّهر وناما.

لم يتوقف دورانه , ورقصة العشق الإلهي الأولى مستمرة إلى يومنا هذا , فمنذ بدأها في مدينة قونية التركية , في القرن الثالث عشر الميلادي , امتدت دورات العشق الإلهي بسرعة عبر كل الذين يعتبرون أن الحب الأسمى والأنقى والأعمق هو حب اللـه فمن حلب إلى دمشق , حماة , حمص , اللاذقية , طرابلس , القاهرة , القدس , حتى قبرص والبوسنة.

بين جسرين قريبين التقينا وعلى أكتافنا عِدلٌ من الرُّمَّان مفروطٌ , بحبّات من القلب عجيباتٍ , كما البلَّور , لا يُعصرن في آنيةٍ , يلمع من أطرافهن النُّور شمساً وغماما , ما انتبهنا حين سال الماء من تحت بساط الرُّوح بوح .

من عقله وقلبه , بزغت شمس موسيقا نايٍ حزينة , جذابة تعبر عن قهر المظلومين , وانسجمت معها رقصة (المولوية) التي سبت العقول على مدى سبعة قرون متواصلة ولا تزال , فعلماء الموسيقا يعتبرون أن الطريقة المَولوية الصوفية , هي المؤسس والمسؤول الأول عن ظهور واستمرار الموسيقا الدينية الصوفية.

ما عرفنا كيف شبَّت جُذوة النَّار من الظهرِ؟ انفرطنا مثل أكواز من الفخَّارِ ,هزَّتها ارتداداتٌ من النَّهر إلى البحرِ, وألقتها على أرصفة البلدانِ , بسْطاتٍ من الخُردة للتجارِ, والتجار في دفترهم : تلك بلاد سهلة للبيع بالجُملةِ , إن كانت ركاما.
في سوق الأفكار , كان يتاجر في التنوير , وكلماته , نسيج منسوج بخيوط المنطق , يخيط نسيج الفكر بدفء الروح , لأنه كان يعلم , أن العقل حديقة , والروح زهرة رقيقة , يا للفارابي العالم , بقلمك المغموس في حبر النجوم , رسمت السماوات وأرسيت قواعد
مدينة يسكنها العادلون , ويرتفع فيها الفاضلون , ويجد الباحث العزاء في أحضان المعرفة, لقد تحدثت عن الإله , العلة الأولى , المحرك الأساس , الذي يشعل الشعلة في قلب الإنسانية , شرارة ترقص , تتوق إلى النور, إلى الهدف الأسمى , في سمفونية الوجود
التي تتردد في كل روح , في كلماتك ,تكشف جوهر الحب , الرابط الذي يتجاوز المادة , الارتباط بين الذات والكون الشاسع , حيث كل نبضة قلب هي نغمة في التكوين العظيم للحياة ,تذكير بأننا جميعا خيوط في النسيج اللانهائي.
وفي الزوايا الهادئة من عقلك , تفكر في طبيعة السعادة , المدينة الحقيقية , ليست من الحجر و الإسمنت , بل من الحكمة والفضيلة , حيث تحلق الروح , دون قيود , أو سلاسل , تحتضن جمال الوجود كما تحتضن نجوم الليل , ياللفارابي , فيلسوف الروح , أنت تدعونا إلى الاستيقاظ , لنرى ما وراء الحجاب , لنرقص مع الأسئلة التي تتوالى مثل الظلال , لنحتضن النورالذي يتلألأ في الداخل , لأننا في البحث عن المعرفة , نجد أنفسنا , نجد مكاننا في التصميم الكوني العظيم , لذا دعنا نتجول في أفكارك , نستكشف متاهة عقلك , لأننا في كل ممر, في كل منعطف , نكتشف جوهر الإنسانية , نكتشف السعي وراء الحقيقة الذي يربطنا جميعا , وفي هذا السعي , نحتضن رحلة روحنا , نردِّد حكمتك , نردد صداها في قلب الوجود , شهادة على إرث الفارابي , الباحث الأبدي , روح الفلسفة.

وعندما يبدأ الدراويش دورتهم الثالثة يدخل الشيخ الحلقة لأداء رقصته , فيتسارع إيقاع الآلات , ومعها يبدأ الشيخ بالدوران في مركز الدائرة فيكون بمنزلة الشمس لباقي الكواكب , وتعد هذه اللحظة , لحظة التحقق القصوى والاتحاد مع المطلق , وعندما ينتهي الشيخ من الرقص ويعود إلى مكانه تتوقف الآلات عن العزف ويباشر المنشدون في تجويد القرآن إيذاناً باختتام مجلس السماع , يعتبر هذا النوع من الرقص بمنزلة تحرير للجسد وانفلات من قيود المادة بحيث يصبح الرّاقص, عندما يدور حول نفسه , محور العالم , ومن خلاله تلتقي الأرض بالسماء.

يبدأ الإنشاد المرافق للمولوية بنشيد (يا إمام الرسل ياسندي/ أنت باب اللـه معتمدي/ وبدنيايَّ وآخرتي/ يا إمام الرسل خذ بيدي) , فيقوم المنشدون بترديد عبارة (مدد مدد يارسول الله/ مدد مدد ياحبيب الله ) وتتزايد سرعة الدراويش في الدوران بشكل لافت للنظر حتى تصل إلى الذروة مع ترديد المنشدين لعبارة (يارسول اللـه مدد/ ياحبيب اللـه مدد) بينما يتخللها صوت من بعيد لرئيس الزاوية يردد كلمة (حي , حي) وتختم الرقصة بترديد عبارة (الله الله.. اللـه الله.. اللـه الله يا الله)‏‏ عدة مرات قبل أن تختم وصلة الدوران.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الأضداد .
- تقاسيم على مقامات الأعراب .
- مقامة الحرية و الجهل .
- مقامة الراقصة والطبال .
- مقامة الجفاف العاطفي .
- مقامة الأحلام .
- مقامة النوم الآمن .
- مقامة البدو و الحضر .
- مقامة الشاعرية .
- مقامة تقاسيم الى ذلك الدرويش .
- مقامة الصندوق .
- مقامة الغضب .
- مقامة التحليل .
- مقامة السلمان .
- مقامة اللوحة الزيتية .
- مقامة الأكتراث .
- مقامة العبيد .
- مقامة نجيب محفوظ .
- مقامة البعث .
- مقامة فن الحكم .


المزيد.....




- بقفزات على المسرح.. ماسك يظهر بتجمع انتخابي لترامب في -موقع ...
- مسرحان في موسكو يقدمان مسرحية وطنية عن العملية العسكرية الخا ...
- مصر.. النائب العام يكلف لجنة من الأزهر بفحص عبارات ديوان شعر ...
- عام من حرب إسرائيل على غزة.. المحتوى الرقمي الفلسطيني يكسر ا ...
- قصيدة عاميةمصرية (بلحة نخيلنا طرق)الشاعر مصطفى الطحان.مصر.
- بيت المدى ومعهد -غوته- يستذكران الفنان سامي نسيم
- وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما
- فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..‏إما أن نَنتَصر أو ن ...
- مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة فتوحات مولوية .