فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8083 - 2024 / 8 / 28 - 13:01
المحور:
الادب والفن
إطلالةٌ على نصّ "معادلات في الحب" للشاعر الفلسطيني فريد غانم/
بقلم: فاطمة شاوتي (المغرب)
________________
ليس كلامي فيما يلي مقالة تحليليّة أو نقديّة شاملة، وإنّما إطلالة سريعة، أو تعقيب سريع على نصّ للأديب فريد غانم تحت عنوان
"معادلات في الحبّ". فيما يلي النصّ، وبعدها تعليقي المقتضب:
النصّ:
معادلاتٌ في الحُبٍّ
بقلم: فريد غانم
.
(المعادلةُ الأولى)
في ذلك الصّباح، كتبَ على السَّبُّورة السّوداء، بقلم الطَّباشيرِ الأبيض:
حين يصطدِمُ السّالبُ بالمُوجَب، تكفهِرُّ.
وحين يلتَقى سالبانِ، تصحُو.
وحين يلتقي المُوجَبُ بالموجَبِ، تُضيءُ إلى أنْ يتقاتلا على رأسِ السَّطرِ.
ثمَّ كتبَ، في ذيلِ السَّبُّورة، بقلمٍ مائيٍّ:
وحينَ تبتسمينَ، تمَّحي جميعُ المعادلات.
(المعادلةُ الثّانيةُ)
شعرُها حبالُ مطرٍ أَسوَدَ.
عيناها شكلُ الرّبيع الآتي.
يداها صَيْفٌ واسعٌ يفيضُ تينًا مُكتنزًا بالعسَلِ والحليب والشَّهوةِ السّرمديّة.
وفي الخريفِ، حينَ يفرُّ الأرضيُّ من بين الأصابعِ وتسقُطُ شفاهُ الشَّجر، وحينَ تبحثُ الغيومُ عن أشلائِها، حينئذٍ تغمُرُني برداءٍ من الذّهبِ الصَّلبِ.
(المعادلةُ الثَّالثةُ)
يتواسَطُ الزّئبقُ والكبريتُ بين الفرديِّ والكلّيّ، بين ساعةِ الحائطِ والفَيْضِ، بينَ المكانِ والكرامةِ، وبينِ الجهْلِ السّعيدِ وشقاوةِ المعرفة.
لكنَّكَ، أيّتُها العُصفورةُ الّتي خلعَت ثوْبَ الجاذبيّةِ الشّائكَ وطارَتْ، ما زلتِ تجمعينَ كلَّ العناصر واحتمالاتِها العشوائيّة، هنا، داخلَ قفصِيَ الصَّدريّ.
(المعادلةُ الرّابعة)
مرّتْ بيَ اليوْمَ حبّةُ أوكسجين، ألقتْ تحيَّةً حافيَةً وغابت.
ومرّتْ بي حبّةُ هيدروجين، لم تقلْ شيئًا، وغابَت.
وعندَ المساء التقَيْنا، فامتلأَ النَّهرُ بالماء.
مقاربة النص :
في المعادلة الأولى، يستمدُّ الحُبُّ معناه الرياضي خارج حساب التّفاضلات. ففي الحُبّ تنتفي معادلة الانتصار والهزيمة أو الأولوية.
في المعادلة الثانية، وصف وجداني لذاتيّة الشاعر من خلال حلولِه في الآخر.
في المعادلة الثالثة، قراءة فيزيائية تضفي على علاقة الأنا والنت، فضاء كيميائيًا تتحوَّل فيه الأشياء الملموسة والغير ملموسة، إلى نوع من الراحة النفسية، في ظل ثنائيّة شعرية تخرق المُنمَّط في القول الوجداني، لأنها تصير إسطقسات انكسيمانس* الذي آمن بوحدة العناصر الأربعة ،كأصل للوجود في الفلسفة اليونانية بصيغة مغايرة ،(الماء والتراب والنّار والهواء) لتعود إليك تنمحي حدودها في حدودك ،وينتهي وجودها في وجودك.
المعادلة الرابعة، مطريّة رائعة تحول فيها التَّحليل الفيزيائي الكيميائي،
إلى تجربة وجدانية جوّانية بشاعرية، شكّل تقاطعاتها الماء في وعي وذاكرة العشق.
هامش:
*إنكسيماس هو فيلسوف يوناني اعتقدَ أنَّ أصل الكون أربعة عناصر، هي الماء والتراب والهواء والنار، سمّاها اسطقسات، باجتماعها ينشأ الوجود، وبافتراقها يحدث العدم.
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟