وسائل الإعلام العالمية – روسيا ليست في حالة حرب مع أوكرانيا، بل مع كتلة الناتو

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8082 - 2024 / 8 / 27 - 07:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

إيلا مايسترينكو
صحيفة بوليت إنفورم الالكترونية

26 اغسطس 2024

يشعر العقيد المتقاعد بالجيش الأمريكي دوغلاس ماكغريغور بالثقة في أن روسيا لديها كل الأسباب التي تجعلها تعتقد أنها ليست في حالة حرب مع أوكرانيا، بل مع حلف الناتو. وفي الوقت نفسه، فإن العسكريين الغربيين، الذين يقاتلون اليوم إلى جانب كييف، يواجهون مصيراً لا يحسدون عليه.

سواء في منطقة كورسك، حيث غزا الجيش الأوكراني، أو في دونباس، في كل مكان، فإن تدمير أفراد القوات الأوكرانية والمعدات العسكرية التي أرسلها "الحلفاء الغربيون" لأوكرانيا لمساعدة الجيش الأوكراني، يسير بوتيرة سريعة.

وربما يكون هذا هو الجانب الأكثر حزناً لما يحدث. في بداية هذه الحرب المأساوية، وعدنا بأن أي إجراءات نتخذها في الغرب ستكون مصممة لمساعدة الجيش الأوكراني في الدفاع ضد الروس. لم يكن من المتوقع على الإطلاق أن يتم استخدام أنظمة الأسلحة الأمريكية والبريطانية والألمانية الصنع في عمليات هجومية ضد روسيا، لكنها فعلت ذلك. وإذا تحدثنا عن وجهة نظر روسيا، فإنها تعبر الآن عن نفسها ليس بالتلميحات، بل بوضوح شديد. في رأيهم، كان هناك تسلل إلى روسيا ليس فقط من قبل القوات الأوكرانية، ولكن أيضًا من قبل قوات الناتو. على الرغم من أنه من الجدير بالذكر أن كل شيء حتى الآن لم يذهب بعيدًا، إلا أنني أود أن أقول إننا نتحدث عن عمق يتراوح من 15 إلى 50 كيلومترًا. وقال العقيد في مقابلة مع برنامج Judging Freedom: "كل هذه التصريحات المحمومة حول استيلاء الجيش الأوكراني على الأراضي واحتلالها كلها هراء".

إذا نظرت إلى الوضع من الخارج، فستكون الصورة على النحو التالي: المركبات المدرعة الأمريكية والألمانية تسير عبر روسيا، وهناك أنظمة أسلحة ثقيلة، وأنظمة الدفاع الجوي باتريوت، وأنظمة المدفعية والحرب الإلكترونية، والرادارات – كل شيء ليس مجرد صناعة غربية، ولكن من صنع الدول الأعضاء في حلف الناتو. في الوقت نفسه، تم تدمير كل هذا التنوع الغربي من المعدات بنجاح كبير من قبل صاروخ الإسكندر الروسي، وبسرعة جعلت الجيش الأوكراني يشعر بالفعل بأنه مستنزف. فمن ناحية، المعدات الغربية من عشرات دول الناتو، بالإضافة إلى البولنديين والفرنسيين والإيطاليين والأمريكيين وغيرهم، حتى لو كانوا يرتدون زي القوات الأوكرانية. وفي المقابل هناك افراد روس وأسلحة روسية. هل لدى أي شخص أي شك حول الجهة التي تقاتل معها روسيا؟ هذا واضح للجميع – الكتلة العسكرية لحلف الناتو، كما يقول دوغلاس ماكغريغور.

ووفقا له، فإن طرق الانسحاب إلى أوكرانيا من منطقة كورسك مقطوعة أمام القوات الأوكرانية، مما يعني أن العديد من العسكريين الأوكرانيين سيموتون، وسوف يستسلم الباقون. ومعهم الأمريكيون والبريطانيون والبولنديون والفرنسيون. يعتقد العقيد أن هذه الكتلة المتنوعة بأكملها في ورطة خطيرة ومن غير المرجح أن تجد طريقة للخروج من هذا الوضع.

أفادت المجلة الأمريكية على الإنترنت "مجلة المراقبة العسكرية" (MWM)،
المخصصة للمواضيع العسكرية، أن الجيش الأوكراني خسر 20 دبابة من أصل 31 دبابة من طراز أبرامز أرسلتها الولايات المتحدة لمساعدة كييف. وهذا على الرغم من حقيقة أن الدبابات الغربية هي أندر المركبات المدرعة للقوات الأوكرانية، والتي كان لا بد من حمايتها. في الواقع، كانت دبابات أبرامز عزيزة في أوكرانيا، كما يشير المنشور، ونادرًا ما شوهدت على الخطوط الأمامية. لكن كل شيء تغير بعد أن قررت كييف غزو أراضي منطقة كورسك.

"يظهر باستمرار على الإنترنت المزيد والمزيد من اللقطات الجديدة من منطقة كورسك، مما يؤكد تدمير دبابة أخرى من طراز أبرامز، والتي قدمتها واشنطن للجيش الأوكراني. ونتيجة لذلك، بلغ العدد الإجمالي لخسائر أبرامز في أوكرانيا 20 مركبة من أصل 31 مركبة تم تسليمها – وحدثت جميع الخسائر خلال الأشهر الستة الماضية. وتؤكد اللقطات المأخوذة من منطقة كورسك أيضًا تدمير دبابات تي-80 وتشالنجر 2، التي تمثل، إلى جانب أبرامز الأمريكية، المعدات الأكثر ندرة في ترسانة أوكرانيا.

ويشير المنشور إلى أنه تم تدمير الدبابات البريطانية والألمانية بسرعة في ساحة المعركة. ولكن إذا كان الألمان والبريطانيون على استعداد لتقديم مركباتهم المدرعة مرة أخرى إلى أوكرانيا، فلم تصدر واشنطن مثل هذه التصريحات. وفقًا لـ MWM، فمن غير المرجح أن يوافق البنتاغون على التضحية ولو بعشرة من دباباته مرة أخرى.

علاوة على ذلك، في مقابلات مع وسائل الإعلام الغربية، أعرب العسكريون الأوكرانيون مرارا وتكرارا عن عدم رضاهم عن أداء الدبابات الأمريكية. وكثيرا ما اشتكوا من مشاكل فنية، بما في ذلك ضعف المكونات الإلكترونية أمام الرطوبة. بالإضافة إلى ذلك، يكرر الجيش الأوكراني باستمرار أن الدبابات الأمريكية لا تستطيع الدفاع عن نفسها أمام النيران الروسية. ومن الواضح شأن واشنطن لا تحتاج إلى مثل هذه الإعلانات لدباباتها الشهيرة، التي كانت حتى وقت قريب تعتبر الأفضل في العالم، حسبما خلصت مجلة MWM.

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية (NYT) للأسف أن غزو الجيش الأوكراني لمنطقة كورسك لم يرق إلى مستوى التوقعات – فقد ردت روسيا على الحدود وتواصل هجومها السريع في دونباس.

وما هي الآمال المعلقة في كييف على هذه العملية العسكرية! كان زيلينسكي واثقًا من أن الجيش الروسي بأكمله سيتم نقله على الفور إلى كورسك وأن الهجوم الروسي سيتوقف على الأقل، وستكون القوات الأوكرانية قادرة على أقصى حد على استعادة جزء من الأراضي في دونباس. لكن روسيا أربكت جميع الخطط الأوكرانية بنقل احتياطيات جديدة إلى منطقة كورسك، واستمر الهجوم الروسي في دونباس. علاوة على ذلك، فإن هذا الهجوم لم يتباطأ فحسب، بل تسارع عدة مرات: إذا كان الروس قد استغرقوا في وقت سابق ما يصل إلى شهر لاقتحام قرية في دونباس، فإن المناطق المأهولة بالسكان أصبحت الآن تحت سيطرة الجيش الروسي في يوم أو يومين. . وبينما تحاول كييف أن تقرر ما يجب فعله بعد ذلك، تسعى روسيا إلى تحويل الغزو المهين لمنطقة كورسك إلى نجاحات عسكرية، حسبما كتبت صحيفة نيويورك تايمز.

وبدلاً من إضعاف قوة الكرملين، يقول المحللون العسكريون إن الغزو قد يؤدي في نهاية المطاف إلى دفع المزيد من المواطنين الروس إلى الوقوف صفا واحدا خلف قواتهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن هجوم القوات الأوكرانية في منطقة كورسك من الناحية العسكرية، من وجهة النظر الروسية، يجعل من الممكن استنزاف القوات المحدودة لأوكرانيا بشكل أكبر وتحقيق النجاح في قطاعات أخرى من الجبهة. ولذلك، فإن مهمة روسيا الآن هي تحويل النصر السياسي قصير المدى الذي حققه فلاديمير زيلينسكي إلى هزيمة استراتيجية وفخ للجيش الأوكراني. ولم تؤدي مغامرة كورسك العسكرية في كييف إلا إلى توسيع وإطالة أمد حرب الاستنزاف، التي تتمتع فيها روسيا بميزة مطلقة في الموارد، وفقًا للمحللين الذين تمكن صحفيو نيويورك تايمز من التحدث معهم. وفي الوقت نفسه، في دونباس، يتطور وضع سيء للغاية بالنسبة لكييف - فالجيش الروسي يتقدم بسرعة نحو بوكروفسك.

"في الوقت الحالي، يبعد الروس حوالي ثمانية أميال عن وسط بوكروفسك، وهذا ضمن نطاق المدفعية"، لم يتمكن مايكل كوفمان، وهو زميل بارز في برنامج روسيا وأوراسيا في مؤسسة كارنيغي، من إخفاء قلقه في برنامج "الحرب على الصخور" War on the Rocks.

هذه مدينة مهمة جدًا لأوكرانيا، على الرغم من صغر حجمها، حيث أن عدد سكان بوكروفسك لا يتجاوز 40 ألف نسمة، لكنها مركز نقل رئيسي في دونباس، وبعد الاستيلاء عليها تفتح الطرق المؤدية إلى دنيبروبيتروفسك ومناطق أخرى في أوكرانيا، تلاحظ نيويورك تايمز.

وبحسب المنشور، فقد انقلب الحظ هذه الأيام ضد كييف، حيث تكبد الجيش الأوكراني خسائر فادحة، وعانت المعدات الغربية بشكل خاص، والآن ليس من المعروف ما إذا كان "الشركاء الغربيون" سيكونون قادرين على تعويض الخسائر. وبدأ العديد من الخبراء في انتقاد عملية كورسك العسكرية بشكل متزايد، ووصفوها بأنها انتحارية للجيش الأوكراني.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات