أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الواحد والعشرون)















المزيد.....

جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الواحد والعشرون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8080 - 2024 / 8 / 25 - 00:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لكن السلوك المنفتح نفسه يجب أن يقبل الاسترشاد بهذا المعيار. هذا يعني بالنسبة إلى هايدجر أنه يجب على السلوك أن يقبل الهبة المسبقة لهذا المعبار الموجه لكل استحصار. وهذا أمر متأصل في فاتحية السلوك. يمكن تأسيس الاستدلال المقنع على النحو التالي: "لكن إذا كان فقط من خلال فاتحية السلوك تصبح المطابقة (الحقيقة) للعبارة ممكنة، فإن ما يجعل المطابقة ممكنة له حق أكثر أصالة في اعتباره جوهر الحقيقة. وهكذا يسقط الإسناد التقليدي والحصري للحقيقة إلى الحكم (العبارة)، الذي يعتبر مكانها الأساسي الوحيد. إنها تقع أولا على مستوى انفتاح الوجود هنا باعتباره الوجود-في-العالم. الآن، بما أن الحقيقة الحملية تم هجرانها للتو، يجب أن نخطو خطوة اسفل النظام الحملي من خلال التوجه نحو النظام الأنطيقي (الكينوني) في صحبة هايدجر. لندرك أن الأنطيقي يعني الموجود بما هو موجود، كما هو، في حين أن المستوى الأنطولوجي، أي ما يجعل الوجود يكون كما هو، سوف ينضم إلى انفتاح الوجود-في-العالم كما هو.
وهو في بحث دائم عن أساس الإمكان الجوهري لفاتحية السلوك، يتساءل هايدجر: من أين يستمد التلفظ الاستحضاري تعليمة توجيهه نحو الشيء وتطابقه وفق قانون المطابقة؟ لماذا تعد هذه المطابقة شريكا في تحديد ماهية الحقيقة؟ كيف يمكن أن تتحقق الهبة المسبقة لمعيار؟ وكيف يتم إنتاج الأمر بالمطابقة؟ هذا ما لن يحدث إلا إذا جعلنا هذا التبرع المسبق أحرارا عند المنفتح بالنسبة إلى ما يظهر فيه وما سيربط كل استحضار. التحرر من إكراه المعيار لا يكون ممكنا إلا إذا كنا أحرارا تجاه ما هو ظاهر من داخل المنفتح. تحيل هذه الطريقة في التمتع بالحرية إلى الماهية التي أسيء فهمها حتى الآن للحرية التي سنعمل على التطرق لها في الجزء الثاني.
إن فاتحية السلوك، التي تجعل التوافق ممكنا، ترتكز على الحرية. وبأخذ هذا المرتكز كشرط أساسي، يمكننا القول أن ماهية الحقيقة هي الحرية. لكن هذا التأكيد على ماهية المطابقة ألا يحل "بداهة" محل أخرى؟ لا يمكن أن يتم الفعل إلا من خلال حرية الشخص الذي يفعل. هذا هو الحال أيضا مع فعل التلفظ بالاستحضار، ومرة ​​أخرى مع السلوك أو رفض "حقيقة". ورغم ذلك، هذه الأطروحة لا تعني أنه من أجل استكمال العبارة، من أجل توصيلها أو استيعابها، يجب أن نتصرف دون إكراه، لكنها تقول: الحرية هي ماهية الحقيقة ذاتها.
ونعني هنا بـ "الماهية" أساس الإمكان الجوهري لما هو مقبول مباشرة وبشكل عام كمعروف.. إلا أننا لا نفكر بواسطة مفهوم الحرية في الحقيقة، ناهيك عن ماهيتها. وبما أن أساس إمكان المطابقة صار معروفا، فهل يجب أن نستنتج أنه تم التوصل إلى ماهية الحقيقة؟ ظاهريا، لا. في البحث عن هذه الماهية، يحق لنا أن نتناول البعد الثاني من النهج الهيدجري من خلال تسليط الضوء على الحقيقة الأنطيقية.
قلنا سابقا إن ما هو ظاهر، بالمعنى الدقيق للكلمة، ما هو موجود، اختبره الفكر الغربي في وقت مبكر على أنه "ما هو حاضر" وسماه منذ ذلك الحين لفترة طويلة ب"الموجود". بهذا التأكيد، ندد هايدجر بالمشكلة التي واجهت تقليديا نظريات المعرفة: مشكلة “الجسر” الذي يربط الذات بالموضوع، النفسي بالجسدي، الوعي بالواقعي. ينطلق النهج الهايدجري برمته من الموجود إلى الوجود أو من الكينوني إلى الأونطولوجي. في القول بأن التلفظ هو تبيان الشيء نفسه دعم للأطروحة الديكارتية عن الذاتية. ما هي، بالفعل، "الذات" في التقليد الفلسفي، وريث ديكارت؟ إنها تتميز بـ "الوعي" الذي، وهو مرتبط بـ "الأشياء"، يستطيع تشكيل "التمثلات". إذن للزوج ذات-موضوع كشرط للمعقولية زوج استعاري داخل-خارج: «خارج»، هناك أشياء وعالم، بمعنى آخر أشياء؛ "داخل" هو المأوى الراسخ، ملجأ الباطنية، حرمة الوعي. هذا التعارض المزدوج ذات-موضوع، داخل-خارج، يتوقف هو الٱخر على تعارض أكثر أصالة إنغلاق-انفتاح: إذا كان ال«خارج» ممتدا بلا تحفظ، فإن ال«داخل» انغلاق على ذاته، "تغليف" في النطاق الداخلي. يكفي أن يتطاير هذا النطاق الداخلي شظايا حتى يتم في نفس الوقت تقويض إحكام مثل هذين الزوجين المتعارضين بالمفارقة التاريخانية.
لكن هذا ما يحدث عندما يتم طرح "الوعي" باعتباره لا يشكل إلاىشيئا واحدا مع انفتاحه الخاص على العالم: منفصلا عن أي استعارة انغلاقية، يصبح من الاعلى إلى الأسفل ظهورا أو انفصالا عن الذات، قدرة على أن يكون خارج الذات، تعاليا. سوف ندرك بالطبع، في هذا الانفجار لـ "الشيء الذي يفكر" الديكارتي، ما أسماه هوسرل بمصطلح القصدية. تتمثل القصدية الفينومينولوجية أساسا، بالنسبة إلى هوسرل، في تحديد الفكر والوجود. فالوعي لا يعتبر الفكر صفة أساسية للشيء الذي يفكر. وعندما ينكر هوسرل أنه يمكن القول بأن الوعي يوجد أولا ويتجه نحوةموضوعه في ما بعد، فإنه يؤكد في الواقع أن وجود الوعي ذاته يكمن في الفكر الذي ليس له شرط أونطولوجي. الفكر نفسه هو الأنطولوجيا. الوجود لم يعد وجودا لتلك الركيزة، بل وجودا للوعي ذاته. لكن عند هايدجر تنتقل تبادلية الوجود من الوعي باعتباره ارتباطا مقاصديا بالأنا المتعالي وبالموضوع كمستهدف إلى الوجود كانتماء متبادل للدازاين ولانكشاف الوجود.
في هذه النقطة، يقدم هايدجر نفسه كمتابع مخلص للفينومينولوجيا الهوسرلية. هذا هو المعنى الكامل لنصوص في"الوجود والزمان" يسخر فيها كاتبها من التصور المعتبر مكانيا بشكل تقليدي عن للمعرفة التي تفهم كحركة خروج من "ملجإ" الوعي، ثم عودة الذات "محملة بغنيمتها" إلى كل استعارات "التغليف": لا يخرج الدازاين من نطاقه الداخلي، الذي سيتم تغليفه فيه، ولكن نمطه الأساسي في الوجود هو ما يجد نفسه دائما بالفعل في الخارج. يتعلق الأمر بتوضيح نمط وجود المعرفة، من خلال تحليل ظاهرة الحقيقة التي هي قلبها. لا تتضح الحقيقة بشكل ظاهر إلا في فعل المعرفة، عندما يقال عن هذه الأخيرة أنها صحيحة. إنما في هذه الظاهرة المحددة لمعرفه صحيحة،(لعبارة معطاة على أنها صحيحة) قام هايدجر بتوضيح علاقة المطابقة. وقد رأينا للتو أن هايدجر يدين العلاقة ذات-موضوع. التلفظ، بالنسبة إليه، لا يعني التمثيل بطريقة نفسية، ولا إعادة إنتاج صور سبقت مشاهدتها.
بالنسبة إلى هايدجر، التلفظ يعني أن تكون قريبا من الشيء الموجود. هو الموجود ذاته المشار إليه في العبارة. إن العلاقة الأنطولوجية للتلفظ بما هو هي إظهار الموجود. التلفظ هو وجود الشيء ذاته. ما يأتي لأن يقال هو أن الوجود المعبر بالنسبة إلى الشيء المعبر عنه هو إظهار للموجود، إنه يكشف غن الكائن الذي يرتبط به. "ظهور المعرفة لا يقوم على تطابق المعرفة مع الموضوع، لكنه يقوم على الوجود- الكاشف للموجود ذاته، بل على الوجود- المكشوف" الخاص به. يتأكد هذا الأخير بكون الشيء المعبر عنه، أي الموجود ذاته يظهر نفسه كما هو نفسه.
التأكيد يعني: إظهار الموجود في هويته. التأكيد يتم إنجازه على أساس ظهور الوجود. ولكن هذا لا يكون ممكنا إلا بقدر ما تكون هذه المعرفة التي تتلفط وتتأكد هي نفسها، من حيث معناها الأونطولوجي، الوجود-الكاشف للموجود الواقعي. عندما نقول إن العبارة صحيحة، فإننا نعني أنها تكشف عن الموجود في ذاته. إنها تعبر، تظهر، "تجعل مرئيا" الموجود افي وجوده المكشوف.
يجب أن يُفهم الوجود الحقيقي (wahrsein)، الحقيقة الأنطيقية (الكينونية) للعبارة على أنها "وجود-كاشف". الحقيقة الأنطيقية أو الوجود-الحقيقي كوجود كاشف، ليست ممكنة إلا على أساس الوجود-في-العالم. اعترف هايدجر بهذه الظاهرة كتشكيل أساسي للدازاين. إنها أساس الظاهرة الأصلية للحقيقة التي من المناسب الآن سبر أغوارها من خلال تقديم بلورة البعد الثالث للنهج الهيدجري نحو الحقيقة الجوهرية حقا، وهي: الحقيقة الأنطولوجية.
(يتبع)
المرجع: RUBENS BÉLIDOR
A propos de la problématique de l Être: L ESSENCE DE LA VÉRITÉ ET DE LA LIBERTÉ
HUMAINE CHEZ HEIDEGGER



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- عزيز غالي يعتلي الواجهة الإعلامية وسط زوبعة من الجدل - أحمد ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الانتخابات الرئاسية في أمريكا: هل ستكون كامالا هاريس بديلا ع ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- رحلة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الصحافيون الثلاثة المفرج عنهم يطالبون بـ”إطلاق سراح جميع معت ...
- المغاربة المناصرون لفلسطين غاضبون من صمت المخزن عن إغتيال هن ...
- حماس ترحب بهدنة وفق رؤية بايدن وأبو مازن في رحلة إلى روسيا ل ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- مكناس: عاملات وعمال سيكوميك بين مطرقة التسريح التعسفي والمتا ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- على هامش اعتقال مصالح الأمن ل-خولة الفايد- و-ولد الشينوية- - ...
- برشيد: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر منبهة ...


المزيد.....




- حصدت 16 مليون إعجاب.. جاستن بيبر وزوجته يستقبلان مولودهما ال ...
- بعد محادثات جنيف حول السودان.. البرهان: -سنقاتل 100 عام-.. و ...
- ماسك يعلق على محاولة سلطات ولاية كاليفورنيا سلب طفلة من عائل ...
- الجيش الإسرائيلي: أمامنا أسبوع حاسم في ظل المحادثات بالقاهرة ...
- بسبب تبريرها للإرهاب.. مالي توقف بث قناة LCI التلفزيونية الف ...
- منظمة أطباء بلا حدود تُنقذ 191 مهاجرًا في عرض البحر الأبيض ا ...
- -واشنطن بوست-: خيبة أمل أوكرانية من فشل هدف هجوم كورسك واستم ...
- الولايات المتحدة ترسل الأوكرانيين إلى حتفهم لقلة الأمريكيين ...
- زاخاروفا تسخر من -اختراع- بايدن وإدارته 800 ألف وظيفة
- القوات الجوية الروسية تدمر ثلاث قواعد للمسلحين في سوريا


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء الواحد والعشرون)