زكية خيرهم
الحوار المتمدن-العدد: 8080 - 2024 / 8 / 25 - 00:13
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في إحدى الزوايا المظلمة من السياسة العالمية، يجلس زعيم كيان وهمي، يحلم بدولة لا توجد إلا في مخيلته ومخططات شبيهة بروايات الديستوبيا. في كل مرة يقرر أن يظهر للعالم، يتحول المشهد إلى مسرحية من نوع "الكوميديا السوداء"، حيث يكون الجمهور غير مرئي، والمسرح مهتزًا، والبطولة هي لنهاية العبثية الحتمية. يجلس الزعيم خلف طاولة ممتلئة بالأوراق التي لا تقرأها أي دولة، يحاول بعزم المقاتل المغوار كتابة بيان قمة سياسية جديدة، بينما يعلم تمامًا أن دخوله القمة سيكون مثل دخول دمية الكرتون إلى مسابقة للمصارعة الحرة. لكن، على الرغم من كل الضجيج، ما زال يردد في نفسه: "ما زال لدي أمل". أما الحقيقة فهي مثل ضوء قوي يكشف عن الحائط الذي يخفي وراءه الطموحات الفارغة؛ زجاج نافذة في قصر من وهم. في كل مؤتمر جديد، تجد زعماء العالم يناقشون قضاياهم المعقدة: الفقر، الاقتصاد، التغير المناخي، بينما يجلس زعيم البوليساريو مثل تلميذ تم نسيانه في زاوية الفصل. كل ما يمكنه فعله هو الإيماء برأسه عندما يتحدث أحدهم عن "حقوق الإنسان"، وكأنه يقول: "نعم، نعم، نتفق تمامًا"، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن حديثه عن حقوق الإنسان يقتصر على الخطابات فقط. ثم يأتي دور الحدث الرئيسي؛ اللحظة التي يقرر فيها "زعيم الوهم" النهوض ليأخذ مكانه على المسرح. ولكن قبل أن يصل إلى الميكروفون، تنقض الحراس عليه مثل مشهد كوميدي بائس، يُعيدونه إلى كرسيه، فتتحول خطبته المزعومة إلى محض سرد سريع بين زملائه المنسيين، وكأن شيئًا لم يكن. وهكذا، تعود الجوقة المعتادة: "أليس هذا هو ذلك الزعيم الذي يتحدث عن دولته التي لم توجد أبدًا؟" يسخر منه الجميع، ولكنه يظل ثابتًا. فكم هو عجيب قدرة الأوهام على الاستمرار رغم كل منطق وواقع.
#زكية_خيرهم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟