|
الديمقراطية هي الحل 2
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 1772 - 2006 / 12 / 22 - 11:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أمريكا والمشهد العربي . ـ2ـ كما أوضحنا في الجزء الأول فإن المنطقة جرى فيها تحولات ديمقراطية عميقة , وإن مجمل هذه التحولات قد أحدثت القطيعة كما قلنا على الأقل نظريا داخل هذه البنى قطيعة عدم وجود أرضية لإعادة قيام الديكتاتورية في تلك البلدان . في نقاش سريع قبل عامين بالتمام مع الأخ الدكتور منصف المرزوقي عضو اللجنة العربية لحقوق الإنسان والمفكر السياسي التونسي المعروف . قلت له أليس من الخطأ أن نعمم دوما في حديثنا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي باعتباره ناشطا في المجال العربي عموما وكتاباته تتناول هذا المجال وفيها هذا الحس التعميمي الذي نجده لدى غالبية الكتاب القوميين ولدينا في سورية الصديق د برهان غليون نموذجا آخر؟ فأنا كمواطن سوري أرى ما تم من تحولات في تونس بالنسبة لي أحلم أن يحدث مثلها في سورية . لهذا يجب الابتعاد عن هذا التعميم . وكما كتب الناشط السوري عمار قربي مقالا أعجبني بعد زيارته الأخيرة للمغرب وحضوره مؤتمرا لحقوق الإنسان هناك عنوانه : متى تصبح سورية مثل المغرب ؟ في المغرب تمت تحولات ليست قليلة وتحدث الكثيرون عنها ولكن ما يهمنا هنا هو أن القاعدة الأهم في المسألة الديمقراطية هي : حرية الرأي وتشكيل الأحزاب والتظاهر قد ترسخت نسبيا بخروج المواطن المغربي بشكل عادي لأي نشاط سياسي . والنقطة الأهم الأخرى هي قيام الملك بالاعتذار من ضحايا الديكتاتورية السياسية التي كانت في عهد والده الراحل , وتأسيس لجنة تعويضات مادية ورمزية مما يحدث قطيعة أخلاقية وقيمية مع المرحلة السابقة ستتكرس في دلالاتها سلوكا مدنيا وحضاريا في أذهان البشر . وتبقى في هذا الأمر موضوعة تداول السلطة هذه الموضوعة تتعلمها الشعوب والأحزاب بالتدريج وليس دفعة واحدة يتم الانتقال لهذه الحالة خصوصا أن التحول جرى بإرادة سلطة كانت حتى فترة قريبة ديكتاتورية . يحتاج المجتمع في هذه الحالة إلى فرصة وزمن وهذا طبيعي جدا . فاللوحة في المغرب تسير بهذا الاتجاه دون عودة . حتى لو أراد جلالة الملك المغربي العودة لنظام والده فهو لن يستطيع بعد الآن . ومن جهة أخرى إن التحولات السلمية بإرادة السلطة القائمة نحو تداول السلطة سيمر بمراحل تبعا لكثير من العوامل ومن أهمها طبيعة القوى المتواجدة على الأرض , وقبولها أو عدمه باللعبة الديمقراطية . وتصارعها المتداخل مع شتى الظروف وفي كل بلد على حدا . وهذه يمكن لها أن تتعرض لهزة عنيفة كما حدث في الجزائر حيث تداخل العامل الدولي المتعارض ــ الفرنسي / الأمريكي ــ مع مصالح طبقة العسكر والمتنفذين الذين قادوا انقلابا على المؤسسة الانتخابية الوليدة بحجة أنها أحضرت الإسلاميين إلى السلطة . وهذا المثال مع المثال العراقي يستخدمان الآن كبعبع من أجل إجهاض أي تحول سلمي في المجتمع ! وماهو السبب بالتأكيد هو إرادة السلطة التي لا تريد التسليم بروح العصر وحدوده التاريخية والقيمية . وهذا لم يحدث مثلا في المغرب واليمن وتونس ومصر وغيرها من البلدان الأخرى في العالم التي تم فيها الانتقال السلس نحو الديمقراطية . لأن إرادة السلطة السياسية تحديدا يكون لها الأولوية مرة أخرى لا بل مرات نؤكد على مقولة بسيطة طالما رددناها في اللقاءات والمؤتمرات والمقالات وهي : أن سلطة كأي سلطة قمعية سورية نموذجا حكمت الشعب السوري على مدار أربعة عقود فهي قادرة على نقل المجتمع نحو الديمقراطية إن تملكت إرادة التغيير . وأية حجة أخرى من قبيل المسألة الوطنية أو القومية أو تخلف لمجتمع أو وجود قوى التطرف كل هذا عقبات ربما تكون موجودة ولكنها ليست عائقا في وجه التغيير الديمقراطي فيما لو أرادت أية سلطة القيام بهذا التغيير السلمي ــ تغييرا من فوق ــ كما يتم استخدام هذا المفهوم . من حق الإسلاميين في مصر مثلا أن يقولوا في برنامجهم الانتخابي الإسلام هو الحل ــ طالما الأمر يتم في إطار الدعاوي السلمية الملتزمة بالديمقراطية وحقوق الإنسان . ومن حقنا أن نطرح برنامجا ليبراليا حقيقيا . ولكن المعضلة عندنا في سورية أن هذه المرحلة المصرية لازالت بالنسبة لنا كسوريين مجرد حلم . لو نظرنا الآن للتجربة اليمينة التي نرها من زاوية ربما لايراها المعارض اليمني ونحن لا نخطأه ــ وربما من حقه ألا يراها لأن الديمقراطية ليست أو لم تعد منة من أية سلطة كانت ــ ومع ذلك فإنني ثمنت كمواطن سوري خطوات الرئيس اليمني علي عبدالله الصالح في هذه النقلة الديمقراطية للدولة والمجتمع اليمني . والصورة التي تمت فيها الانتخابات الرئاسية اليمنية الأخيرة صورة تبشر بتقدم مهم للانتقال السلمي في المجتمعات العربية الفقير منها والغني . وفي المجتمعات الخليجية لا نعتقد أنها مشكلة ماعدا البحرين ـ والذي تم إلى الآن ليس قليل ولكنه غير كاف أبدا ــ أما في السعودية . نجد أن ما يعيق العملية الديمقراطية بشكل أساس الآن هو موازين القوى داخل العائلة الملكية . ولكن السعودية على صعيد البنى الاقتصادية والثقافية ــ بات لدينا نخب كثيرة تؤمن بالديمقراطية قولا وفعلا سواء داخل العائلة الملكية أو في المجتمع السعودي ــ حتى والمدنية قطعت شوطا ليس قليل في اتجاه قيام مجتمع مدني حقيقي . وفي التجربة العربية : إن النظم التي كان يطلق عليها النظم القومية هي التي أوصلت مجتمعاتها إلى الحضيض الوطني وهي الوحيدة التي لازالت بقاياها تمنع التغيير الديمقراطي وتقاومه بشتى السبل وليس آخرها ابتداع مفهوم الديمقراطية العربية والإسلامية والخصوصية الثقافية ! باعتبارها غيرت الموجة الأيديولوجية الآن لتتلاقى مع المزاج الشعبي المتخلف الذي ربته بيديها الآثمتين . لأنها كما فعل صدام ترتكب جريمة العصر بحق شعوبها في إصرارها على جريمتها في مصادرة المجتمع الذي تحكمه . عندنا في سورية كما كان في العراق القاعدة الأقلاوية للنظام هي التي تحتكر بتواجدها المزمن قرار منع التغيير الديمقراطي . وعندما نتحدث عن القاعدة الأقلاوية فإننا نتحدث كعلاقات سياسية واقتصادية أنبنت على مدار أربعة عقود وانجدلت بصراع دموي 1980 . رغم ذلك يبقى الحل في سورية لكي تخرج من هذا المستنقع هو : الديمقراطية . بلا توريات واستعارات خصوصا التي تخيف المجتمع من التيارات الدينية وغير ذلك من مبررات وأسباب منها أيضا أن الديمقراطية هي مطلب غربي وتدخل في الشأن الداخلي والسيادة ليسمحوا لنا ببساطة أن نقول : عندما تريدون تصبح سلطة الملالي في طهران تتدخل في الكثير من الأمور وهنالك احتجاج سوري على الصلاحيات الممنوحة للسفير الإيراني في دمشق .لأن هذا التدخل يراعي تثبيت سلطة فاسدة فهو ليس تدخل وإنما نتاج تحالف أما الغرب عندما يطالب بمعتقلي الرأي فهذا تدخل في الشأن الداخلي ! يتبع ...
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية هي الحل
-
المواطنة وحقوق الإنسان في سورية
-
المحكمة الدولية الفرصة الأخيرة
-
على أعداء أمريكا أن يجهزوا أنفسهم لا نسحابها من العراق
-
من عبور الطوائف إلى عبور الوطن
-
سياسة الاختلاف وثقافة الجموع
-
الألمان سرقوا الحمار
-
جبهة الخلاص وإعلان دمشق والمعارضة الكردية
-
السيد نصر الله يرسل ندائه الأخير
-
رأي في المقاومة العراقية
-
العراق 4
-
العراق 3
-
الشارع اللبناني بين الحرية الفردية وعنف الخطاب
-
العراق 2
-
العراق 1
-
الدور الإيراني 2 هواجس التغيير السلمي الديمقراطي في سورية
-
الدور الإيراني 1 هواجس التغيير السلمي الديمقراطي في سورية
-
النص القابض على عنق الوطن 2-2
-
النص القابض على عنق الوطن (1-2
-
اللاعقلانية حضور القول غياب الفعل الخطاب المقاوم نموذجا
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|