أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - أدلِرْ والقمر














المزيد.....


أدلِرْ والقمر


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 01:24
المحور: الادب والفن
    


في ساحة الرقص المكشوفة على الاشجار والازهار العبقة، تمايلت الاجساد على انغام الموسيقى الصاخبة .
التقت عيناهما الودودتان مع ابتسامة جريئة، اقتربا من بعضهما .. تعارفا .. واندفعا بين الاجساد المتلاطمة مثل الامواج، أرخت الموسيقى اوتارها لتشيع فى المكان لحنا ًهادِئا ًعذباً، التصقا جسداهما وتشابكت ايديهما، ليذوبا مع اللحن الممزوج بالعطر والانوار المتكسرة على الاكسسوارات العارية.
إنسحبا بعيداً عن حلقة الرقص، تبادلا الحديث في ممرات الحديقة واقدامهما ترسم ببطء اثرها على البلاط الملون بندى العشب الاخضرعلى الجانبين، تواعدا أن لايفترقا سوى ساعة واحدة.
توجه كل منهما الى مبنى الفندق الذي ينزل فيه، ستّ بنايات كبيرة تطل على البحر الاسود، متشابهة متوازية تفصل بينها جنائن تجري من تحتها السواقي العذبة. أنه موسم الفرح، آلاف السياح من كل الاجناس، طلبة، موظفون، روس، افارقة، لاتينيون، اسيويون .... تختلط اللغات مع مشاعر المودة والصداقة والعلاقات الانسانية الشفافة، دلفَ الى مطعم الفندق ،عشرات الطاولات الناصعة البياض وكأنها ألبستْ فستان عروس، تنتشر في قاعة تزينها الزخارف الخشبية والديكورات الفسيفسائية الأخـّاذة، جلس الى احدى الطاولات المنتشية بأريج الازهار، امامه تتسابق حوريات المطعم يحملن مالذ من الاطباق في عربات نيكل مزججة انيقة، مع ابتسامات وكلمات رقيقة ينشرن طيبتهن على الموائد المكتظة بألوان القارّات المرسومة على القمصان.
ارتقى المصعد الكهربائي للفندق الذي تسكنه، اشارت لوحة الارقام الضوئية الى الطابق الخامس، توقف المصعد وقال مع نفسه (افتح ياسمسم) فأنفلق الباب بهدوء، السجاد الاحمر يكتم انفاس الاحذية، ممر طويل، ثريات زهرية جانبية ترسل اشعتها الصفراء الباهته بتناسق على الجدران، ابواب صنوبرية اسطفّـت كجند حرس الشرف في قصور الامراء.
قرأ الرقم النحاسي، طرق الباب بسبابته، تردد الصدى كصوت نقار الخشب بين سكون الابواب.
فتحت الباب بوجهٍ باسم، حلقات شعرها الذهبي تطوق بحنان عينيها الزرقاوين، طبع قبلة على خدها المتورّد الناعم، أمسكت بيده وسحبته برفق الى الصالة.
ـ "بريفيت" مرحباً...
قالها بالروسية و بلكنة تعبر عن شرقيته السومرية، فردّوا عليه بالترحاب والتعارف المتبادل.
رفعوا كؤوسهم الاربع، رنين الاقداح إمتزج مع الموسيقى الهادئة لجايكوفسكي المنبعثة من جهاز صغير ثبت على الحائط، طعم الفودكا اللاذع المُستحب نشر دفئه ورعشته في خلايا الأجساد الشبقة.
نداء الطبيعة الساحرة دفعهم الى الحدائق الغنـّاء من جديد، تترنح اضواء مصابيح زهرة اللوتس في مقلتيهما، نقيق الضفادع يلهب المكان، أريج الورود يُسكر الفراشات المتكأة على وريقاتها، اتخذوا من مسطبة خشبية مكاناً لسمرهم، ضيق المكان دفعهما لينسحبا بأتجاه الشاطيء الممتد كجناحي طائرعملاق يحتضن البحر، شهوة الروح الطرية امتزجت مع النسمات العليلة، بياض القمر يشع بين فخذيها متحدياً إنكسارات ظله على الاحجار البازلتية السوداء المتراصة كجدار على طول الشاطيء، الرمال الناعمة تدغدغ جسديهما العاريين، نسيم البحر يحمل صدى تأوهات الشاطيء، على الأمواج الفضية إنزلقا بجسديهما الدبقين الى عمق البحر الدافيء ليغوصا في ذكرياتهما الخالدة .
فَـَـز ّمن نومه غارقاً بعرق جسده على إثر إنقطاع الكهرباء في عزّ الصيف الحارق، إختنق برطوبة الجو الساخن، خرجت زفرة من إعماق روحه على شكل صرخة مكتومة:
ـ أعيدوني إلى الجنة.

* أدلِرْ : مدينة روسية ومصيف تقع على البحر الاسود .
2010 03 18



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء في المزبلة...!
- فراغ في النفق
- صرخةٌ من غزة ...!
- عبـــاس الفــَــوْري
- درب التبـّــانه
- الوهم / عاشقة طيور الحب / قصتان قصيرتان
- زقاق في الحيدرخانه
- الجورنيكا تُكتبُ من جديد ...!
- جرّافـة الموتى ...!
- حَصارُ الأحلام ...!
- وجع السنين ...!
- لقمة عيش ...!!
- الدفان والحرب
- الخبـزُ وعبـدُالله *
- في وداع عباس رَش
- حرق القرآن عمل مُدان !!
- صائد - البازنينو -
- الرسالة السادسة – صراحة شيوعي ، أزمة الحزب الشيوعي العراقي ! ...
- عَطشْ ...!
- وداع في الغربة !


المزيد.....




- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - أدلِرْ والقمر