سِفر الكرسي

عمر قاسم أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 8077 - 2024 / 8 / 22 - 19:01
المحور: كتابات ساخرة
    

ما زالت الشعوب العربية ــ منذ سنوات طويلة ــ تقبع تحت سلطة أنطمتها التي عاثت فسادا وخرابا وتفننت في إذلال شعوبها بالقمع والاعتقال والقتل ، وتُخرس كل الأصوات المطالبة بالحد الأدنى من الديمقراطية والحرية .
الأنظمة العربية تحيط نفسها بحلقات فولاذية من أدواتها القمعية من مختلف الأجهزة الأمنية القادرة على إسكات كل صوت لا يسبح بحمد الحاكم وكرسي الحاكم وعطاياه ومزاياه وانجازاته (( الوهمية )) .
والحاكم العربي قد تجاوز مرحلة طور الاتحاد والانصهار مع الكرسي وحقق مرحلة نهائية من مراحل الاندماج العضوي مع كرسيه وحقق كل أنوع التفاعل العضوي لانتاج ( الكرسي الحاكم ) الذي لا يمكن فصله حتى وإن مات سيتحلل معه ، ليأت حاكم أخر ملتصق عضويا بذات الكرسي الذي خُصص على مقاسه فقط ، وهذا ما جعله يؤمن إيمانا مطلقا بأنه هبة من الله لشعبه وأن الله اختاره من بين الملايين لانقاذ الشعب والانتقال به من طور الحرية والديمقراطية والتعبير والتقدم إلى غياهب التخلف والعبودية والانسياق كالقطيع تحت إمرة الحاكم ( بأمر الله ) . الكرسي الحاكم لا يقبل أي رأي غير ما لقنه لشعبه من هتافات العبودية تصدح بها حناجر المقهورين .
وما يدور في فلك هذه الهتافات من آيات النفاق والدجل والتطبيل والتزمير ، وقد أبدعت أدوات الحاكم باختراع لغات أخرى ما دامت تسبح بحمد الحاكم وتدور في فلكه وفلك الكرسي ، وهو على قناعة تامة بأنه السبب الأول لتحقيق السعادة والرفاهية لشعبه ــ من خلال فريق كامل من أدوات ( الحاكم الكرسي ) له القدرة على قلب الحقائق واخلال الموازين بإظهال كل مظاهر التخلف والبؤس والشقاء والجهل إلى مظاهر من التقدم والسعادة والغنى والحرية والديمقراطية ــ ، وكل هذا بفضل من يتربع على الكرسي واتحد معه عضويا . ولا حاجة أبدا لتذكير الحاكم بالكثير الكثير من القضايا والهموم والمشاكل وكل أسباب التخلف والقهر والفقر والجوع والحرمان والتشرد والمعاناة والألم ، لأن كل ما ذكر وغيره هو من صنيع ( الحاكم الكرسي ) ولأنه من أوجده فهو يعلمه تماما ويتذكره دوما على أنه انجاز وابداع يضاف الى سجله الحافل لخدمة شعبه ، و( الحاكم الكرسي ) يذكر كل ذلك في خطاباته ويبرهن على أنها سبب من اسباب سعادة وتقدم الشعب وعلى الجميع أن يصفق ( للحاكم الكرسي ) طويلا ، ولأن الحاكم هو العالم المبصر المستنير فلا حاجة لتذكيره بحجم المعاناة لأنها صاحبها .
وعلى الجميع إبداء حسن النية والتمسك بحسن السيرة والسلوك والتناغم مع (الحاكم الكرسي ) وتبني رؤيته وتطلعاته وتنفيذ رغباته وآماله نحو غد أكثر سوادا وأكثر تخلفا وأشد فقرا وقهرا ومعاناة ، وما كل الأصوات التي تعارض الحاكم إلا أبواق تثير البغضاء والحسد وتدعوا إلى خراب البلد ...
هذا ما جاء على لسان ( الحاكم الكرسي )، وهذا ما رددته جوقة ( الحاكم الكرسي )، وهذا ما تنفذه أدوات ( الحاكم الكرسي )
عاش الحاكم وعاش الكرسي الذي يجلس عليه الحاكم بأمر الله المختار بعناية الله لتنفيذ إرادة الله .
هذا ما جاء بأقلام بسفر الحاكم وأقلام سِفر الكرسي ... .

#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات