طارق حربي
الحوار المتمدن-العدد: 8077 - 2024 / 8 / 22 - 14:06
المحور:
الادب والفن
فيلم Her (هي) إنتاج سنة 2013، بطولة خواكين فينيكس و تأليف وإخراج سبايك جونز
هذا فيلمٌ مُلهِمٌ لا يمكن لمن يفرغ من مشاهدته، إلّا أن يُعيدَ التفكير ألف مرة في نفسه وعالمه المحيط به! التفكير بعزلة الإنسان ومواجهة أقداره من جهة، والتطور المتسارع، وربما المنفلت بعد حين للذكاء الاصطناعي، وتأثيره على حياة الإنسان وعواطفه من جهة ثانية.
فيلم قَدَري يتداخل فيه الدراما والرومانسية والخيال العلمي، يحكي قصة رجل يدعى ثيودور تومبلي، كئيب وانطوائي ووحيد من مدينة لوس أنجلوس، يعيش فترة ما بعد انفصاله عن حبيبة طفولته وزوجته، أي في مرحلة توقيع أوراق طلاقه منها! ويفكر في نفسه والعالم. يعمل ثيودور في مكتب لمساعدة من لا يستطيع أن يدبج رسائله! ويمضي وقته في ألعاب الفيديو الكمومية (Quantum game theory) كمكمل واعٍ لانزياحات الشريط البصري، وإيصال فكرة إدراج الإنسان في مسارات الروبوتات محاكاة وتكاملا، إلى أن يجد أمثل طريقة في مواجهة العزلة في عالم جاحد!
يقع ثيودور في حب نظام تشغيل متطور أسماه سامانثا، الصوت الأنثوي الذي يأتي إليه من وراء الآفاق الإلكترونية، حبٌ عصريٌ مُسلٍّ لا يمكن إلّا أن تساوره الشكوك في نجاحه، وحوار متصل حول الحياة والغيرة والفراق والحلول في روح الآلة التي لم تعد صمّاء، وتشكيل كيان إنساني مستقبلي، يحاكي أفكار مذهب (ما بعد الإنسانية)، التي يبشر بها مفكرون غربيون منذ ثمانينيات القرن الماضي، وآيتهم في ذلك تطوير الحواسيب وتقنية النانو الجزيئي! إلى أن يُصبح ذكاء إنسان المستقبل أعظم بمليون مرة من ذكاء الإنسان الحالي!
إذا عُدَّ هذا الفيلمُ فيلمَ خيال علمي، فهو لا يخلو من فلسفة تتراوح بين الحكمة في متعاليها الإنساني، وسخريتها من الأقدار الإنسانية! بما في ذلك ابتسامة البطل الحائرة الكئيبة في سيره الوئيد وحيدا في شوارع المدينة. وإذا كان من مصنفات الخيال العلمي فهو أيقونة في اللمسة الإنسانية الحنون، التي لن يفلتَ لاحقا من جمالها في السينما الأمريكية، كلُّ مُخرجٍ ساعٍ مثل سبايك جونز، وممثل بارع مثل خواكين فينيكس ، في طريق صناعة شريط بصري مُلهم وأخّاذ.
Norway 22/8/2024
#طارق_حربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟