أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية ثورية الكور -أَحَدُهُمْ يَبْكِي دَاخِلِي-















المزيد.....


قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية ثورية الكور -أَحَدُهُمْ يَبْكِي دَاخِلِي-


فاطمة شاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8075 - 2024 / 8 / 20 - 13:50
المحور: الادب والفن
    


قراءة في نص الشاعرة المغربية ثورية الكور :

1/
مدخل :
يقول الشاعر المكسيكي الحائز على جائزة نوبل 1990
OCTAVIO PAZ
أُوكْتَافْيُوبَّتْ:

" بين ماأرى وما أقول؛ بين ماأقول وما أبقيه صامتاً :بين ماأبقيه صامتا ،وماأحلم به :وما أنساه،
ثمّة الشعر"
كل نص يقبل النقد بوصفه لغة داخل لغة..
والنص هو فعل لغوي ينظم النص،
إذا كان قابلا للنقد كمشروع إبداعي،
لكن ليس أي نقد يملك قابلية للنص،
لأن هناك نصوصا فوق النقد؛
ونصوصا لاتحتمل النقد،
بوصفها كائنات لالغوية...

2/
وجهة نظر في النص :
هذا النص يعرض لنماذج نسائية، لكل منهن حكاية...نتعرف من خلال كل واحدة، حسب منطوق النص، على طبيعة تعاملها مع الصورة النمطية للمرأة في بنيتنا الإجتماعية...
هي أربعة أصوات /حكايات /مُعانات وقد أضيفُ صوتا و حكاية لرجل يشكل العتبة الأساسية، ويقدمه العنوان في حالة بكاء...
هل يمكن لهذا النص أن يحقق التحدي لابوصفه نصا شعريا، بل بوصفه قولا سرديا، اتّسم بالبساطة والمباشرية ،خارج مُتون تعتمد اللغة الشعرية الإنزياحية، والصور المجازية والرمزية ، إلى حد التحويل المعقد الذي تلخصه جملة :
/إياك أعني وافهمي ياجارة /

3/
بين النّموذج واللّانموذج :
النص يشمل تصورا للساردة المغربية ثورية الكور، تصور ذو حمولة ثقافية، تتضمن القيم المنتمية إليها بوعيها، يطرح تساؤلا :
أي نموذج تتمثله الكاتبة... ؟
أي نموذج يصلح مثالا يُقتدى... ؟
أهو نموذج المرأة النمطية، التي تمثلها معظم الثقافات بما فيها ثقافتنا المغربية؛ نموذج المرأة التي تؤسس فضاءً أسريا يُرضي الجميع، يتعايش فيه الأفراد وفق منظومة القيم البطريريكية، دون أن تسأل :
هل هذا النموذج نموذج يساير العصر والتاريخ الراهن... ؟
أم أن هناك نموذجا ليس ممثَّلا في النساء اللواتي أدْرجهن النص كتيمة ،تقوم على رؤية تقليدية محافظة، تنظر للمرأة من زاوية أخلاقية نمطية، تجدها شائعة في المجتمع، ترسم معالم المرأة التي يجب أن تكونها أية واحدة... ؟
سؤال موْقفي يحدد مرجعية الكاتبة وموقفها ونظرتها، كمبدعة ،تعكس رؤيتُها صورةً محددة للمرأة، من خلال الكتابة شعرا ونثرا بوصفهما وجهين لحقيقة واحدة :
هل نجحت الكتابة في رسم صورة دقيقة لامرأة ، تبدأ بقمة الهرم وتنتهي إلى أسفل الهرم...؟
من هي التي تحتل القمة ومن التي تسقط أسفله... ؟
هل يمكن أن أجازف بالقول بأن اللاّنموذج هو الذي يؤطر النص...
اللاّنموذج الذي يحمل ضمنه أربعة نساء أربع حكايات ،ولكل مقطع حكاية امرأة... ؟
وكأني بالصوت الداخلي:
"أحدهم يبكي بداخلي" رجل خفي تسْتبطنه الأديبة، كمُوجّه للنص ،وكأن الأربعة مقاطع هي ترمز ضمنيا لأربعة نساء، تحيلنا إلى المتن المقدس،إذ تسترجع الهندسةُ الإبداعية هندسةً دينية، تؤكد على مشروعية الأربعة نساء، وإن استثنى الصوت الداخلي الرجل الذي يبكي،
هل بكاؤه هو صرخة ضد النساء اللواتي ،لايمثلن الصورة الأخلاقية للمجتمع...؟
هل بكاؤه نوع من تقمص الكاتبة لصورة الرجل في مخيالها، يتحسر على أنواع معينة من هؤلاء النسوة...؟لماذا لم تكن داخل الذات الساردة امرأة... ؟
أم أنها استعارت صوت رجل لتتحدث عن هؤلاء النماذج النسائية... ؟
لماذا يبكي...؟
عتبة تثير اندهاشا :
هل الساردة حين تتقمص دور الرجل لم تكن واعيةً بهذه الإزدواجية ، لتمارس رقابة مشددة على عينات من النساء... ؟
بنية النص الخفية تقول مالاتقوله بنية النص الظاهرة، إنه الصوت الباطني صوت الرجل الذي يبكي، ويحكي عن نماذج محددة ...وإن بدا المقطع الثالث يشير إلى نوع من الرجال،
لكنه يقصد المرأة الصامتة والمطيعة الصبورة، كنموذج لامرأة تعاني صمتا يعكس قبول وصمةالخيانة للزوج، وتستمر بعد أن تقتنع بتعويض هذا الرجل بأبنائها، وكأن الزواج يقوم على عملية بيولوجية فقط، وهي إنجاب الأبناءبديلا للزوج ...
هو لاوعي الكتابة يتجلى في وعي النقد،كتأويل قِرائي يمنحني إرادة الفهم، والتركيز على هندسة السرد ابتداءً من أول سطر إلى آخره...

4/
تقاطعات المقاطع وتحليل محتواها :

هل استطاعت العتبة المركزية
"أحدهم يبكي بداخلي" أن تحتوي العتبات الأربعة التي انتظمتها المقاطع الأربعة، والتي تفرعت عن العنْونة..؟
في كل مقطع تبدأ الأديبة بمطلع :
"أقول صباح الخير لكل النساء"
أربع مرات...
تميز المقطع الأول بارتباطه بحرف السين (سأقول) :مما يدل على استمرارية القول أو التحية في الزمن الأقصر ،
فلماذا خصت المبدعة المغربية هذا المطلع أو العتبة الأولى بهذه السين، وحذفتها من باقي المقاطع...؟
سؤال سيجيب عنه مضمون المقطع الأول، أثناء تفكيك عناصره وبحث دلالاتها وإحالاتها ...
وسيتولى المقطع الأخير الرابع، الإجابة بعد هذه العملية الإستشرافية و سيقترح النص السؤال :
ماعلاقة العتبة العنوان بالعتبةالأولى المقطعية، بآخر العتبات في رابع مقطع تختتم به الساردة نصها... ؟
ليغدو السؤال مشروعاً حين نسائل النص :
ماعلاقة العتبة بالقفْلة... ؟
ماعلاقة المقطع الأول بالمقطع الرابع؟
هل استطاعت الأدبية ثورية الكور
أن تُوفَّق في تحقيق التطابق أم على العكس تحقّق التنافر... ؟
وهل تضمنت المقاطع الأربعة تبْئيرا سرديا بينها والعنْونة... ؟
يطرح النص أربع عينات من النساء تعكسها المقاطع، من حيث المساحة التي تشغلها بالمقارنة مع باقي المقاطع...

5/
ملاحظات حول مساحة كل مقطع بالمقارنة مع المقاطع الموالية :

لكل مقطع حيّز مكاني يختلف عن كل حيز، يعني أن كل أربعة مقاطع تقابلها أربع أمكنة، ولكل مقطع حيّز مكاني يتكون من 9 سطور في الأول، و10سطور في الثاني، و14 سطرا في الثالث، و22 سطرا في الرابع...
هذا التفاوت يطرح تساؤلا :
ما السبب في اتساع المساحة كلما نزلنا من أعلى الهرم إلى أسفله... ؟
المساحة تضيق كلما صعدنا من الأسفل إلى الأعلى...
للمساحة دلالة تؤكد أهمية مقطع على حساب مقطع، أقصر مقطع وأطوله؛ يحيل إلى تموْقف نظري من كل عينة حسب كل مقطع،
فكيف احتل المقطع الأول مكانا أقصر من آخر مقطع... ؟
هل لأن العينة النسائية الأولى، أهم إجتماعيا في الهرم الإنساني، وهو ما يفسر لماذا انحازت الكاتبة إلى العينة الأولى /المقطع الأول،
بينما العينة الأخيرة /المقطع الأخير
احتلت أكبر مساحة، لأنها حسب الأديبة تستحق إهتماما خاصا ،لما تمثله في النسق الإجتماعي من قيمة دنيا في تصور المجتمع، بوصفها الفئة المهملة، تُسرق حقوقها وتُستلب كرامتها؛ في سياقات تاريخية متعددة، رغم أن هذا الصنف من النساء ينتمي إلى أقدم مهنة في التاريخ...
صدفة كنت أتابع قناة هندية bollyood، شاهدت شريطاً سينمائيا، يعالج قضية هذه العينة المدرجة في المقطع الأخير، وهو gangubai kathiawadi ،لكنه فيلم يعرض من وجهة نظر متقدمة، تنظر إلى هذه الفئة نظرة حقوقية تحررية، بهدف دمجها في البنية الإجتماعية للهند، وهو دور تنويري يحارب العنف ضد النساء، اللواتي يمْتَهنَّ حرفة بيع الجسد، ويناضلن ضد الإقصاء القانوني والسياسي في معظم المجتمعات، وضد حرمان أولادهن وبناتهن من حقوقهم الإنسانية المشروعة، وهو تمييز ضدهن، عكسته الساردة في آخر النص،لكن بنظرة غير واضحة ، تُهمّش هذه الفئة ...

6/
العلاقة بين العنْونة كعتبة واللاّزمة كعتبة فرعية :

علاقة العنونة كعتبة بكل لازمة التي استهلّت بها المقاطع المُكوِّنة للنص، يعني علاقة :
"أحدهم يبكي بداخلي"
بلازمة :
"سأقول صباح الخير لكل النساء "
فمامعنى أن يدل العنوان على صيغة مُذكَّرَة، بينما النص ذو حمولة نسائية، كخطاب موجّه بالدرجة الأولى، إلى النساء...؟
ماذا تقصد بهذه الصيغة...؟
أهوَ تغييب للذات ،أم هو غياب رجل ما قد يكون له تاريخ في ذاكرتها... ؟
هل هو لا أحد تقمصته لاشعوريا، يكون مجهولا أم أنها هي من تتحدث، متقمصة شخصية ذاك الأحد... ؟
وأخيرا قد يكون اللّا أحد، مجرد عملية متخيّلة لرجل، يمارس وصايته بطريقة غير مباشرة، واحتمال أن يكون صوت الشعر، كتبته نثرا لتفرغ معاناتها من الداخل...
فهل يبكي الشعر أم هي من تبكي ...؟
ثنائية الغياب والحضور أي حضور السرد كبديل للشعر، وهي ترغب في كتابة الغائب بالحاضر....
فشخصنت الإبداع وتقمصته...
أسئلة لاتعني أنها أجوبة نهائية،
أو أنها تخريجات نقدية مطلقة...

7/
علاقة اللاّزمة المطلع بلازمة آخر النص :
يضع النص في أوله؛
"سأقول صباح الخير لكل النساء "
وتنهي المقطع بلازمة :
"أخبر الله "
السؤال ثبات اللازمة المتكررة 4مرات، بينما اللازمة الثانية اعتبرتُها جوابا وقفلة عابرة، حيث تختلف من المقطع الأول إلى المقطع الأخير :
"وأخبر الله بأني ممتنة لعطاياه"
"تخبر الله أنها مذنبة" علما أنها اعترفت بجهلها لهذا السلوك...
كطفلة يُفترض أنها ليست ملزمة بالإعتراف، لأنها لم تصل بعد سن الرشد، لتدرك الأخطاء التي سيعاقب القانون عليها،
فلماذا تتحمل الطفلة ذنبا لاتعرف أصلا أنه فعل قبيح، إلا إذا افترضتُ أن ثقل الموروث الديني، يلعب دورا خطيرا في ذهنية الأطفال عبر عمليات التعلم المتعددة...
"تخبر الله أنها بخير"
الخير يتمظهر من كونها تتمتع بنعمة الأمومة، التي تجعلها تنام بين أطفالها دون الشعور بأي فعل لايرضي الله..
"تخبر الله أنها تحمل قبرها على كتفها
وتمشي مختبئة بين الناس"
وهذا شعور بفعل لاأخلاقي، يستلزم شعورا مطابقا، وهو استحقاق الموت إما من طرف القدر أو من طرف البشر...

8/
تفكيك المقاطع حسب تواترها في البناء السردي...

1 تحليل المقطع الأول أو الحكاية الأولى :
في هذا المقطع تفتتح الكاتبة المغربية بتأكيد وُثوقي، ضد موت نوع معين من النساء، وردت في آخر النص، بكونها محظوظة لأنها حصّنت حياتها، وجعلتها مستقرة، من حيث أنها امرأة أنجبت أطفالها، تشهد على ذلك ندوب الولادة:
"أقف أمام مرآتي
لأرى ندوب الولادة"
وتنتهي حكاية هذه المرأة بحمد الله على نعمه، وبالنظر إلى الحياة نظرة ربيعية مخضرة...
هكذا تنتهي حياة هؤلاء النساء نهاية سعيدة...
تنتصر الكاتبة لفئة المتزوجات، اللواتي يوافق وجودهن نظرة المجتمع ونظامه، باختيار مأْسَسة العلاقة مع زوج، تكون ثمارَ علاقتهما أبناءُ صالحون...
هكذا ينتهي المقطع بترسيخ صورة المرأة المتزوجة، وإقصاء النساء الأخريات ،كنموذج الأمهات العازبات، اللواتي فُرضت عليهن الأمومة خارج المؤسسة، لظروف معينة إما اختيارا أو قسرا ،العزوبية شأن خاص لاعام،
ويلغي النص في مقطعه هذا الذي يحتفي بالمتزوجات، دون إهتمام بالعلاقات بين الرجال والنساء، في إطار مايسمى (العلاقات الرضائية)، من أجل أن يُلغي التشريع الوطني وصمة الفساد عنهن، مادامت كطرف تتميز بالرشد والمسؤولية والحرية، دون إغفال الطرف الثاني، الذي يجب أن يتحمل المسؤولية أيضا وهو الرجل...

2 تحليل المقطع الثاني أو الحكاية الثانية :
بنفس اللاّزمتين والشعور بالندم، تتحدث الأديبة عن نوع آخر من النساء، وهن الطفلات اللواتي غُرّر بهن، "تلك الفتاة الصغيرة"
تبكي /تغني /تصرخ /ترقص /
لكنها تلعن اليوم الذي عرفت فيه ذاك الرجل "
الذي غرّربها وتركها عرضة للألسن تلوك سمعتها، تتحمل وحدها المسؤولية أمام الله والناس والقانون، بينما يفلت الرجل من فعلته الإجرامية..
هو رصد واقع النساء /الصغيرات اللواتي يُترَكن عرضة للضياع، في غياب آليات وقائية قبل وقوعها في هذه المصيدة ، وآليات لحمايتهن بعد هذه الجريمة، وفي غياب مؤسسات تأهيلهن، ليتجاوزن صدمة التشرد والإقصاء المقصود من طرف الجميع...

3 تحليل المقطع الثالث أو الحكاية الثالثة :
تصر الساردة على تقديم صورة مغايرة عن امرأة تتلبسها الغيرة، وتزعزع ثقتها في العلاقة الزوجية، وتزرع الشكوك مساميرها في قلبها، انطلاقا من عودته ليلا، وبقايا امرأة يحملها جسده أو قميصه ، إشارات لفظية أوْردتها الكاتبة، لتؤكد ظاهرة الخيانة داخل مؤسسة الزواج،
"تبحث عن بقايا عطر على قميصه لامرأة أخرى"
"تنام على دمعة عالقة في حلقها"
"تحضن أبناءها"
في هذا المقطع المشْهدي حكاية امرأة تبتلع لسانها وهي تغرق في الصحون، يعوضها خسران زوجها، وجود بديل هم الأبناء، لهذا تقدم صورة المرأة المغلوبة على أمرها، تخضع لسلطة الرجل /الزوج محافظة على مفهوم العائلة ظاهريا، مخافة التطليق والتشرد ،خاصة بالنسبة للمرأة التي لاتملك موردا ماليا، يسدد نفقاتها الأسرية، تضطر إلى التطبيع مع وضعية الصمت، عوض النضال من أجل كرامتها وإنسانيتها لأنها لاتملك إستقلالية مادية...
المقطع رسم لهذه العينة مسارا مغلقا ،دون البحث عن أسلوب تحررهن، وحماية أبنائهن...
هكذا ينتهي إلى موقف مُهادن بدعوى قبول الأمر الواقع، لأن الدولة لاتضمن حماية قانونية ولا إجتماعية أو إقتصادية لهذه الفئة المتضررة...

4 تحليل المقطع الرابع أو الحكاية الرابعة :
تنتهي النماذج الثلاثة إلى نموذج شكّل خاتمة المسار، إنها المرأة اللاّنموذج ،بين اللاّزمة صباح الخير واللاّزمة التي تلقي التحية على الله، تنتهي هذه الصورة بالمرأة إلى نتيجة مدمرة، فهي ليست المرأة النموذج، إنها التي تسكن القاع الإجتماعي، هي المرأة التي تتشكل هيأتها وفق معايير جمالية ذكورية ،تصب إهتمامها على مظهرها الخارجي، وقد عبرت عنه تعبيرا جميلا في الجملة الآتية :
"التي نسيت وجهها في المرآة" تعبير يؤكد علاقة النوع اللاّنموذج بهوَس المرآة، كي تتأكد من شكلها الذي يجب أن يضع في اعتباره رضى الرجل /الزبون، وهي هنا تجعل نفسها موضوعا للإستهلاك، تعمل على تقديمه بأحسن صورة، كي تكون النتائج مقبولة...
إنها امرأة الليل التي تضطرها مهنة احتراف بيع الجسد إلى تسويق واستعراض يعتمد الإكتمال الجسدي ،
يثبت ذلك مثل مغربي :
"زَوَّقْ بَاشْ تْسَوَّقْ" دون بحثنا عن دوافع وأسباب، اختيار هؤلاء النساء لهذا العمل المهين والحاطّ بالكرامة، قمة المعاناة أن تصل المرأة إلى بيع جسدها من أجل ضمان لقمة العيش، متكبدة مختلف أشكال التزييف
والفوتوشوب والبوتوكس وتغيير وجهها آلاف المرات، لتصير المرأة القناع، كي تحظى بتسويق يليق بأي رجل ،دون أن يشترط ذلك نوعية رجل معين، إنها البضاعة التي يجب أن ترضي ذوق المستهلك،
"نصفها يضحك
والآخر يبكي"
امرأة تحترق على سرير الرغبة دون معرفة :
هل تملك هذه العينة من النساء الحق في اللذة، أم عليهن فقط واجب متعة الرجل، بوصفها موضوعا لفعل جنسي مؤجّر... ؟
بين الإشتعال والإنطفاء،يُنهي الموقف حسب سياق المقطع حقها في متعة الحياة، لأنها تحمل جثتها مغتالة حية وميتة ،مغتالة بنفيها الواقعي ،مغتالة رمزيا بنفيها الإنساني هي مجرد جسد لارأس له، جسد مفعول به لافاعل... جسد رهن اللذة من منظور الرجل دون مراعاة مشاعرها، تنتزع منها إنسانيتها ،وكل مايحقق حقها في الوجود...
هي موجودة لغيرها لالذاتها...
إنها الكائن الميت نهارا؛ الحي ليلا؛
أو الكائن الذي تتبادل مشاعره الموت والحياة...
فمتى يستطيع هذا الكائن أن ينتزع الحق في الحياة، كإنسان كامل لاكجسد مخصي، يعيش لينتشي الآخر ويموت هو...؟
الجسد المصلوبِ على عمود الرغبة، محكوم بقوانين السوق والإشهار والتشهير، يجعلها ميتة في نظر الجميع...
من يقتلها...؟
من يحكم عليها بالإعدام والإضطرار إلى حمل قبرها، لتختبئ من أعين المجتمع...؟
والقتل هنا برمزية القبر المحمول على كتفها، ولاحق للجسدِ المستهلك من طرف الجميع، أن يحمله أحد من المجتمع، وحدها تحمله، وهو تعبير عن أقسى عزلة في الحياة والموت...
إنها اللذة المسروقة /وكأن الدعارة خارج مؤسسة الزواج، غير مشرعنة إلا للرجل تذهب ضحيتها معظم ممتهنات المهنة...
وكأن الدّعارة قدر المرأة يشذُّ عنها الرجل، واللغة نفسها تُلبِس المرأة هذه التهمة، فنقول مومسا وليست مومسة كي نجنب مُقْتنص اللذة /الرجل تهْمة الدعارة، اللغة نفسها تشير إلى المرأة دون الرجل كأنها تمارس الدعارة مع نفسها لامع رجل...
فأية عدالة تلك التي تصنف أحد طرفي العلاقة الممنوعة داعرة، ويفلت من شراكها الدّاعر... ؟
"تحمل قبرها على كتفها"
تمشي مختبئة بين الناس "
والرجل يمشي مرفوع الرأس لأنه يختبر فحولته في هذا الكائن، الذي يحمل موته الفعلي والرمزي...
إنها المرأة اللاّنموذج التي لاتشرف أي امرأة ،
فهل يعتبر هذا الموقف موقفا مدافعا عن حق النساء في اللذة كما الرجل، داخل وخارج المأْسَسة دون أحكامِ قيمةٍ، تطال المرأة دون الرجل... ؟
فأيّ نموذج يليق بامرأة مثلنا من اللواتي يكتبن معاناة النساء... ؟
أليس الحكم بالموت عليهن هو قتل للإنساني فينا.... ؟
أليس حكما قاسيا على هذه العينة... ؟
هكذا انتهى النص بقفلة تسجل صرخة النساء، في عالم يمتهن اضطهاد النساء ،ويطالب بإبادتهن من منطلق أنهن ينتهكن الحياة...
هو نص الجرعة الزائدة يُعرّي المسكوت عنه، واللاّمفكر فيه إبداعا؛ عالج منطقة محظورة لايجوز التعاطي معها، لأنها ستفضح واقعا لامرأة من خلال امرأة، تحمل داخلها صوت رجل يبكي.. فعن أي بكاء يمكن أن يعترف به هذا الأحد...؟
وكأن لسان المرأة استعارته من رجل كي تعكس لنا معاناة النساء، وتخبرنا أن المرأة غائبة كصوت ضد السكوت والحجْر ...
فهل معنى ذلك أن النص يشير إلى صمت النساء في ظل واقع، يكتم أصواتهن ويقطع ألسنتهن... ؟
شكرا على نص قال كل مالم تستطع قوله السياسة...

أحدهم يبكي بداخلي

_1
أما أنا فبخير هذه الساعة
سأقول صباح الخير لكل النساء
لقد نجوت من الحياة
أقف أمام مرآتي الصغيرة
لأرى آثار ندوب الولادة على بطني
وأخبر الله بأني
ممتنة لعطاياه التي تكبر فوق صدري كل صباح
وتزهر وجنتاي وتفوح رائحة الرضا من فستاني
وأرى الحياة بفصول ربيعية
2_
أقول صباح الخير لكل النساء
لتلك الفتاة الصغيرة
وهي تدفن حلمها على وجه الشط
تبكي تغني تصرخ ترقص
تلعن اليوم الذي عرفت فيه ذاك الرجل
الذي زرع نبتة الحب في أحشائها
وتركها تختبئ عن أعين جارات أمها
وهي تصفع بالألسنة
تخبر الله أنها مذنبة في حق نفسها
وأنها لم تكن تعرف شيئا
3_
أقول صباح الخير لكل النساء
لتلك المرأة التي تتلصص
وترقب زوجها كل ليلة
ليعود متأخرا
تشم رائحته
وتبحث عن بقايا
عطر أحمر شفاه على قميصه
لامرأة أخرى
تبتلع لسانها
تعض بحسرة على شفتيها
وهي تغسل الصحون
تنام على دمعة عالقة في حلقها
تحضن أبناءها
وتخبر الله أنها بخير
4_
أقول صباح الخير لكل النساء
لتلك المرأة التي نسيت
وجهها في المرآة
وهي تشكله على مقاسات أعين الرجال
تغير هيأتها كل مساء
حتى لا يتعرف عليها الزائرون
تختبئ عن العيون
عالقة في المنتصف
نصفها يبكي
والآخر يضحك
تحترق على ناصية الطريق
فوق أسرة للرغبة
طعمها الندم
كل المارة لديهم مايكفي
من الظن السيئ بها
تحضن أنوثتها بين لحظات عابرة
تتمنى أن تنجو بحمالة صدرها
من محطات العالقين في قطار وجع الرغبة
وهي تشتعل لتنطفئ
في عيون الحياة
وتخبر الله بأنها تحمل قبرها على كتفها
وتمشي مختبئة بين الناس.

ثورية الكور/المغرب



#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية - فدوى الزياني -
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -مَمْ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزّاني -جَا ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة التونسية مروى بديدة -يَارُوم ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر التونسي صابر محمد
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة التونسية سماح البوسفي -إِعْت ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر المصري -عصام نصر الله -
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المصرية أمينة عبدالله -أَكْر ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر المصري -رَجُلٌ أَرْبَعِينِي-
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي رجب الشيخ -أُنْثَى فِ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -كَانََ ...
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -إِحْدَا ...
- قراءة. فاطمة شاوتي في نص الشاعرة السورية fawzia Ozdmir
- قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة السورية مريم مصطفى الأحمد -ا ...
- إنطباعات قِرائية في نص الشاعرة السورية fawzia ozdmir
- قراءة فاطمة شاوتي فِي نص الشاعر السوري نزيه بريك -لَمْ أَقُل ...
- قراءتي في نص غادة سعيد
- قراءتي في نص غادة سعيد -عَلَى حَافَّةِ اللَّذَّةِ-
- قراءة أحمد إسماعيل في شذرة ل فاطمة شاوتي
- قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل في نص فاطمة شاوتي - تَكَلَمْ لِأَ ...


المزيد.....




- ثنائي مبدع يُترجم الموسيقى للصم: لافينيا ودينيس يفتحان أبواب ...
- نهاية مريبة لممثلة أفلام إباحية شهيرة (فيديو+ صور)
- في ذكرى زواجهما الثاني.. طلاق جينيفر لوبيز من بن أفليك
- بوابة الوظائف الحكومية.. نتيجة وظيفة معلم مساعد لمادة اللغة ...
- الفيلم الهندي -حياة الماعز- يثير جدلا على مواقع التواصل بسبب ...
- رداً على إغلاق مراكز إسلامية في ألمانيا.. إيران تغلق آخر معه ...
- فيديو للفنان المصري محمد فؤاد في مشاجرة حادة بأحد المستشفيات ...
- نقابة الأطباء المصريين تعلق على فيديو مشاجرة الفنان محمد فؤا ...
- -دعونا نعطي الناس ما يريدون-.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم ...
- تنسيق المرحلة الثانية 2024 …. والكليات والمعاهد المتاحة لطل ...


المزيد.....

- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية ثورية الكور -أَحَدُهُمْ يَبْكِي دَاخِلِي-