أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - السطو الاعظم















المزيد.....

السطو الاعظم


عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 8074 - 2024 / 8 / 19 - 14:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الســــطو الأعظـم "
الفساد المالي والإداري في العراق وتداعياته الكارثية
في قلب المشهد العراقي تختلط الثروات الطبيعية مع معاناة المواطنين ويتجلى الفساد المالي والإداري كواحدة من أكبر المعضلات التي تواجه البلاد. ان الفساد الذي تحول إلى منظومة مترابطة ومعقدة لا يقتصر على سرقة الأموال فحسب بل يمتد إلى تدمير النسيج الاجتماعي والاقتصادي للعراق . يوصف هذا الفساد بأنه "السطو الأعظم" ليس فقط بسبب حجمه الهائل بل لأنّه نجح في اختراق كافة جوانب الحياة العراقية من المؤسسات الحكومية إلى القطاع الخاص مما جعل منه عائقاً رئيسياً أمام تحقيق اي تنمية واستقرار.
يرتبط الفساد في العراق ارتباطًا وثيقًا بمنظومة الحكم القائمة التي جاء بها المحتل الامريكي ورعاها المحتل الايراني والتي تستند على المحاصصة الطائفية والتوافقية بين أطراف العملية السياسية. هذا النظام السياسي الذي بُني على توزيع المناصب وتشًيكل السلطة بناءً على الانتماءات الطائفية والعرقية أوجدت بيئة خصبة لنمو الفساد وانتشاره.
كل كتلة سياسية تعمل على حماية مصالحها وضمان بقاء أعضائها في مواقع القوة على حساب القانون والنزاهة. هذه الديناميكية تجعل من الصعب محاسبة المسؤولين الفاسدين حيث تُغلق الملفات ويتم التغطية على الجرائم للحفاظ على التوازن السياسي بين الأطراف المختلفة.
ان هذا النظام التوافقي تحول في الواقع إلى أحد أعمدة الفساد. فكل طرف سياسي يدافع عن "سراقه" ويحميهم من المحاسبة مما يخلق حلقة مفرغة من الفساد المستمر.
منذ عام 2003، شهد العراق عملية "السطو الأعظم" التي تشير إلى فقدان حوالي ترليون دولار من ميزانية الدولة نتيجة للفساد المستشري. هذا المبلغ الهائل لم يختفِ فحسب، بل تفرق بين عدة أشكال من الفساد، تشمل السرقة المباشرة والنهب المنظم والتبذير العشوائي إلى جانب الإنفاق الحكومي غير المجدي.
هذه السرقات التي تمت عبر صفقات مشبوهة و عقود وهمية وعمولات هائلة في المشاريع الحكومية. ويعلم الشعب العراقي ان شخصيات نافذة متورطة وفاعلة في تحويل الأموال العامة إلى حسابات شخصية سواء داخل العراق أو خارجه.
أما التبذير هو الوجه الآخر للفساد في العراق. حيث تُنفق مليارات الدولارات على مشاريع غير ضرورية أو غير مدروسة في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية للإدارة العامة وغالبًا ما تكون نتيجة ضغط سياسي أو علاقات شخصية. فالكثير من هذه المشاريع إما تتعطل بعد فترة وجيزة من انطلاقها أو تُنفذ بجودة متدنية مما يساهم في هدر المزيد من الموارد.
ويـُعد الإنفاق الحكومي غير المجدي مشكلة أخرى تتسبب في استنزاف ميزانية البلد. فعلى سبيل المثال يتم تخصيص أموال طائلة لدعم هيئات ومؤسسات غير فعالة .
إن الهدر المستمر لهذه الأموال له تأثير مدمر على الاقتصاد العراقي و تفاقم البطالة و تدهور البنية التحتية التي تعرضت لتخريب متعمد بعد ان دمرت القوات الامريكية معظمها اثناء الحصار وغزو البلاد ان تراجع الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والكهرباء هي نتائج مباشرة لهذا الفساد.
في السياق العام، تُعرف السرقات الكبرى بمصطلحات مثل " استباحة المال العام " أو "السطو الأعظم" او صفقة القرن وهي مصطلحات تصف السرقات الهائلة التي تلتهم ثروات البلاد. لكن حينما يتم تسليط الضوء على سرقة مبالغ صغيرة نسبيًا وتوصيفها بـ"صفقة القرن"، فإن ذلك محاولة متعمدة من قبل المتنفذين في السلطة للتغطية على السرقات الأكبر، والتي تمثل "السطو الأعظم" على خيرات الشعب العراقي.
فان آلية الخداع والتضخيم تهدف إلى إبعاد الأنظار عن فساد أعمق وأوسع نطاقًا. فعندما يُثار النقاش حول سرقة محددة، يتوقف الحديث عن السرقات التي تشمل مليارات الدولارات التي اُخذت من خزينة الدولة على مر السنين عبر عقود غير مشروعة و صفقات مشبوهة .
تعتبر التغطية على السرقات الكبرى ليست مجرد مسألة إعلامية، بل هي جزء من استراتيجية سياسية متكاملة. المتنفذون في الحكم يدركون أن كشف سرقاتهم الكبرى يمكن أن يهدد مواقعهم في السلطة. لذا يلجأون إلى توريط شخصيات أقل نفوذًا في قضايا فساد صغيرة نسبيًا لتشتيت الانتباه عن السرقات الأهم.
السطو الأعظم: الحقيقة المغيبة
ان السرقات الكبرى التي تُعد "السطو الأعظم" لا تزال تمثل الجريمة الحقيقية ضد الشعب العراقي. هذه السرقات تمثل عقودًا من النهب المنظم الذي أضعف المؤسسات التي تخدم المجتمع ، وجعل العراق من بين أكثر الدول فسادًا في العالم.
لذا اصبح من الضروري أن يكون هناك وعي شعبي وإعلامي أعمق، بحيث لا يتم خداع الناس بسهولة. الفساد في العراق ليس مجرد سلسلة من السرقات الصغيرة، بل هو منظومة متكاملة تتطلب مواجهة حقيقية وشاملة من قبل جميع القوى الوطنية والمجتمعية، لاستعادة البلاد من قبضة الفاسدين.
في العراق يرتبط الفساد بشكل وثيق بالأحزاب والمجموعات السياسية التي عمدت حصر السلطة والمال والقوة في يدها من خلال ميليشيات مسلحة وهو ما يضيف بُعدًا خطيرًا ومعقدًا للمشهد.
ان الميليشيات المسلحة المرتبطة بهذه الأحزاب لا تتوانى عن استخدام العنف لترهيب وإسكات كل من يجرؤ على تحدي الفساد من صحفيين وناشطين، وحتى المسؤولون الذين يحاولون محاربة الفساد يتعرضون للتهديد المستمر . هذا التحالف بين الفساد والمليشيات في العديد من الحالات تحول الى تهديدات واغتيالات، حيث قُتل العديد من الناشطين والصحفيين الذين عملوا على فضح الفساد. علاوة على ذلك فان هذا التحالف يعمق الانقسامات الطائفية والعرقية
نتيجة لهذا النظام أصبح الفساد ليس فقط معضلة من معضلات الأزمة العراقية بل جزءًا أساسيًا وجوهريا من بنية النظام وعمليته السياسية التي وضعها المحتل للاجهاز على مقدرات وخيرات العراق . وهو ما يضع العراق أمام تحدٍ كبير في مساعيه للتخلص من هذا الإرث الثقيل، فأن أي محاولة للإصلاح تصطدم بمصالح متجذرة وأطراف مستفيدة من الوضع القائم. فان لم يتم تفكيك هذا النظام القائم على المحاصصة والتوافقية فإن الفساد سيظل عقبة رئيسية أمام أي تقدم حقيقي في العراق.



#عبدالله_سلمان (هاشتاغ)       Abdallah_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقترح الامريكي لانهاء العدوان على غزة لماذا الان ؟
- تعريف كتاب العلمانية منهج فكري ام عقيدة دينية (رؤية تحليلية ...
- تحت وطأة التحديات فشل استراتيجية الردع في الشرق الأوسط
- تجاوزات الاعلام الغربي ، استخفاف واستغفال مواطنيهم
- اشكالية الانسان في الاعلان العالمي لحقوق الانسان
- للانتصار وثبة وفرح
- مسرحية التبادل تمثيل امريكي هابط
- بلينكن واكاذيب امريكا المتجولة
- قراءة في المشروع الامريكي – البريطاني في تكوين شرق اوسط جديد ...
- محمد شياع السوداني وبناء عالم افتراضي
- مهرجان البصرة الرياضي والهوية الوطنية العراقية
- كم انت طيب يا صديقي
- التوافقية في العراق مشروع استعماري
- فوضى المفاهيم لدى السياسي العراقي
- اضاءة في مسار الثورة العراقية التمثيل السياسي بين العام والخ ...
- عصيان المدني من أجل انهاء المعاناة وليفهم العالم قضيتنا
- إتفاق سجنار خطوة لتقسيم العراق
- الانتخابات العامة ومقومات نجاحها
- رؤية نقدية في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية عام 73 الجزء ...
- رؤية نقدية في الجبهة الوطنية والقومية التقدمية عام 73 الجزء ...


المزيد.....




- استلت مسدسها وأطلقت صوبهم.. مشهد صادم لسائقة سيارة تجادلت مع ...
- حرائق تشب في هضبة الجولان بعد وابل صواريخ من لبنان
- ارتفاع حصيلة قتلى انقلاب حافلة ركاب وسط إيران إلى 35 (فيديو) ...
- -بلومبيرغ-: بعض حلفاء كييف لا يفون بوعودهم من الأسلحة
- رسميا.. هاريس في مواجهة ترامب نحو كرسي الرئاسة
- هجوم أوكراني بالمسيّرات على موسكو وبوتين يتعهد بـ-عقاب المعت ...
- المؤتمر الوطني الديمقراطي.. دعم من أوباما وخطاب -السيد الثان ...
- من اعتدى على الآخر؟.. واقعة -سب وضرب- بين النجم محمد فؤاد وط ...
- -تعليق ناري- من ميشيل أوباما ضد ترامب وأسلوب تفاعل الجمهور ي ...
- الكشف عن أوضح صورة لمنفذ محاولة اغتيال ترامب بين الحشود قبل ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - السطو الاعظم