أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - قَرعُ آلْمَمْسُوحِ ... (قصة)















المزيد.....



قَرعُ آلْمَمْسُوحِ ... (قصة)


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 8073 - 2024 / 8 / 18 - 03:18
المحور: الادب والفن
    


اللقطة الأولى، عند فقيه الحومة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغرفة ضيقة .. رُكن تابع لمقام ما أو ضريح عتيق أو ما شابه يتواجد في زاوية منعزلة في حارة ما من حواري دروب الفقراء .. معتمة إلا من ضوء قنديل صغير علا زجاجَه الكابي السّوادُ والغبارُ .. مفروشة بحصير متآكل تفوح منه رائحة مختلطة باردة عطنة .. قرب مجلس الفقيه مجموعة من هيدورات الخراف فقدتْ لون صوفها الأصلي .. يُسْتَغل وسط الغرفة كمكان للمراجعة وتأديب الصبيان، هكذا خمنت من ألواح خشب مزركشة بخطوط بارزة دقيقة مسندة على الجدران أو معلقة في مشاجب من دسر سميكة، وقضبان زيتون بلا أوراق ملقاة في إحدى الزوايا وآثار صمغ وصلصال وبقايا أقلام قصب منتشرة في الأرجاء ... جوها الآن، وفي ساعة متأخرة من الليل مشوب بالرهبة والتوجس .. دخان بخور يتعالى يتلولب يرتعد بزلزلة يرتعش بها لسانه مرتلا تراتيل مبهمة يهز رأسه يلوح به ذات اليمين ذات الشمال .. دنوتُ وَجِلا مترددا

_نْعَامْ سِيدِي لَفْقِيهْ، هذا ما حصل بالتمام والكمال ...

_عجيب .. هذا أمر عجيب .. لا شك أنهم هم يا ولدي ...

_مَن؟

_اطلب التسليم وديرْ النية...

بقيتُ أمام حركاته الغريبة مندهشا فاغرا فاي لا ألوي على شيء، فبادرني بآهتزازة أخرى مفاجئة من بدنه آلمجلبب حَرَّكه بالكامل بطريقة مباغتة تشبه هجوم ذئب على حَمَل صغير...

_قلت لك اطلب التسليم...

جالسا كنت على ركبتيّ صاغرا أراقب آرتداداته دون أفهم لها معنى...

_التسليم التسليم الله الله افتح يا ولدي الله يفتح عليك...

فهمت هذه المرة المراد، فنقدته بعض الدراهم التي آنتشلها من راحتي غاضبا، زدتُه أخرى، فآرتخت ملامح وجهه وكشر عن أسنان مسوسة وأنياب صفراء ناتئة مشتتة ...

_قُلْ مْسَلْمِينْ مْكَتْفينْ وسيفرج كربك...

_لكن ماذا أصابني يا سيدي؟

_أنتَ مسحور هذا واضح سأكتب لك وصفة من سحر الطبيب في جلب الحبيب تحل سحرك الخائب لا يفلح الساحر حيث أتى بإذن الله وإذن أوليائنا الصالحين وأسيادنا الشرافا وخدامنا الأوفيا .. لكن تلزم النية...

_لكن يا سيدي .. لا حبيب لي أُعاني فراقه كي تجلبه لي...

_لا تقاطع لا تجادل ...

_هَــا أنا يا سيدي...

_ومَنْ مثله في الدنيا حبيب...

قال ينظر إلى ما بين فخذيّ، فأحسست بفضوله الصفيق يخترقني بلا آستئذان، فأسرعت أسلم له أمري قبل أن يفاجئني بما لا طاقة لي به...

_إني رهن إشارتك...

قلت مستسلما، فصرخ بحماس زائد..

_مْسَلْمينْ الله آلجوااااد...

رأسه يرتعد .. يداه تهتزان ترسمان أشكالا بلا معنى في الهواء .. يلوك كلاما غير مفهوم كأنه يمضغ المنطوقات يبلعها يسرط أصواتها .. وقف منتصبا ثابتا واثقا مما يفعل ناولني ورقة لَفها بعناية تضم داخلها وُريقات دقيقة مضغوطة مبرومة مخطوط فيها بماء الزعفران باب محبة جلب مجرب يكتب في ثلاث صفحات طاهرات ما تيسر من كذا وكذا توضع في كل صفحة ثلاث فلفلات سُمر وثلاث فصوص ثوم يانعات وأخرى يابسات وثلاث حُبيبات زريعة الكتان تُحرق واحدة الصبح وواحدة الظهر وواحدة المغرب وهذا هو الطلسم كما ترى عبارة عن حرز صغير أعلقُه في عنقي لحل المعقود وجدول مكتوب بصمغ الأوراد المبارك أخلطه بماء الورد والحناء وزيت سدر النبق أشرب جزءا وأمسح بجزء أدهن به فجيعتي كل صباح على الريق الناشف مدة سبعة أيام متتاليات دون آنقطاع .. ساط في يده مسح على كتفي على رأسي على كل بدني ثم ضرب على كتفي ضربا خفيفا وأمرني بالتسليم للجواد الحاضرين الماكثين الساهرين الغائبين السائرين الغادين الرائحين العابرين المارقين الطائرين الذين يسكنون دواخلنا وخوارجنا وقلوبنا وهياكلنا وأقحاف جماجمنا .. التسليم يا أنتَ يا هُوووهْ .. الخضوع للذين لا نملك حيالهم حولا ولا قوة .. كان يُسلم يُكَتِّفُ يرسم علامات الضرب والطرح والزائد يعقد ما بين يديه يشبكهما فوق رأسه ووراء ظهره كمقيد في الأصفاد يخبط بهما العراء أمامه نافثا رغوة بصاق راحت تنسلت من بين شفتيه الصاخبتيْن دون يأبه بها .. تركته لحاله بعد أن سلب مني مزيدا من النقود داعيا لي بالشفاء المعجل وسَيْلا آخر من الدعوات لم أفهم شيئا من نبراتها المرتعدة .. تذكرتُ وأنا أتابع عرضه ما كان يفعله زوار السادات في المواسم واللمات من طقوس طالما آشمأززت من متابعتها وآنتقدت أصحابها أيما آنتقاد وها أنا ذا أقع برغبتي وإرادتي تحت وقع كماشتيْ هذا المدعي الأفاك .. تبا .. كيف تركتُني أندفع وأنا في كامل صحوي هذا المندفع ؟ مَنْ سخرني مَنْ جعلني هينا إلى هذه الدرجة، مَنْ قض مضجعي وقطع عُرى العقل في عقلي .. أووف .. لا بد أن أقولها لا بد أن أعترف أن تصارح نفسي نفسَها ما باليد حيلة .. لقد أصِبْتُ بحالة عجيبة حار في كشف أسبابها وتفسير أعراضها مَنْ قصدت كي يفك ما ألَّم بي .. تبا .. لم تنفع عقاقير ولا كشوفات ولا إعادة كشوفات رامت تضبط ما حصل لي .. أووهْ .. لا أمل لي .. خرجتُ من عند الفقيه متذمرا كديك رومي ساخط أنظر إلى تحتي الباهت وقد أعدت بالرغم مني البللَ في سروالي من جراء تذكري بلائي الذي حل بي .. آآه .. ما الذي يحصل لي ؟؟؟

أصل الحكاية
ـــــــــــــــــــــ
أصل الحكاية يا سادة يا كرام أني في صباح باكر من أيام الله قصدتُ بيت الراحة كعادتي كل صباح، إلا أني فوجئت بواقعة غير عادية لم تخطر على بالي ولا تصورَ حدوثها عقلي .. لم أجد متاعي في مكانه .. هُلعتُ .. لقد طار أو طيروه ما عدتُ أميز شيئا .. اختفى دون سبب دون مبرر دون إحساس دون دم دون نزيف دون ألم دون يترك أي أثر .. غَبَرَ تلاشى .. راح مني .. يا الله ماذا حصل ؟ماذا وقع ؟ ما هذه السماجة ما هذه المزحة السخيفة ما هذا القرف ؟ إنني ممسوح ممسوخ مسلوخ مشوه مقطوع مبتور .. آآه .. جعلتُ أخبط أصخب أصرخ أزمجر أضرب يدي برأسي ورأسي بالجدار المجاور حتى أغمي عليّ ...

"وقال الرجل لامرأته لما رأى ليلة القدر يا فلانة الله قد أراني ليلة القدر ونذرتُ إنْ رأيتُها أدعو ثلاث دعوات مستجابات فأنا أشاورك فماذا أقول فقالت المرأة قل اللهم كَبِّرْ لي أيْري فقال ذلك فصار ذَكَرُهُ مثل ظرف القرع حتى صار ذلك الرجل لا يستطيع القيام به..." (١)

خرجتُ من البيت يا سادة يا كرام مذهولا مرعوبا مما أصابني.وكنت قد عزمت على الذهاب إلى الطبيب إلا أن أمورا حدثت زادت وضعيتي تفاقما وتأزما ... أولا، كان صاحب البيت الذي أقطنه، يطلب بإلحاح مقرف أجرة كراء أربعة أشهر لم أدفعها، وكان قبلا قد هددني بإبلاغ المحكمة إن أنا تأخرت أكثر من اللازم.باءت محاولاتي بالمداهنة والمناورة والتسويف المعهودة كلها بالفشل.جعل يصرخ يتوعدني يأمرني بترك المحل مُخليا مسؤوليته بما يمكن أن يترتب عن موقفي آتجاهه مُشهدا عليّ حشدا غفيرا ممّن لا شغل لهم تجمعوا هكذا يراقبون الموقف يتفرجون. علا الضجيج.تزايد صراخ صاحب البيت وعناده وعزمه على تحقيق ما برأسه .. تبا ..

_عطيني فْلوسي ... (قال)

_ مْنين؟ (أجبت)

_من جيبيك..

_ما عندي جيب؟

_الله يخليك لا تصدع ليا راسي أرى ليا رزقي ...

_ماعنديش اليوم

_زيد معايا المخزن يَفْرقْ بيناتنا...(٢)

وذهبتُ معه إلى غايته،وجعل يفرّق بيننا المخزن .. كان القاضي يصرخ يضرب بمطرقة الخشب أمامه.كان المدعي يزعق يحرك رأسه بالنفي.كان المحامي يذرع بالبنود والأرقام يجأر.كنتُ مرخيا رأسي أفكر في مصيبتي أكثر مما أفكر في محفلهم اللاغب .. وفي لحظة، وبعد سين وجيم وشنو سَمْ مُّوكْ آشْ سَمْ بَّاكْ عَمْرَكْ دْخَلْتي الحبْسْ، سألني صاحب مطرقة الخشب ...

_عنديك شي ضمان؟

رفعتُ رأسي إلى سقف شاهق مزركش بخطوط معوجة دختُ وأنا أحاول عبثا قراءتها .. الضامن الله .. قلت دون مواربة ..

_تْعَاوَطْ مزيان تْكَّادْ استقمْ...

_واخَّـا...

_عندك باش تْخَلّصْ؟

_علَيّ أن أجد عملا آخر يعينني...

_فاشْ خَدَّامْ؟

_هْنَا وَهْنَـا

_كيفاش هنا وهنا؟

_فْ كولشي...

_واش عندك عمل قار؟

_كل يوم ورزقه...

_واش مْوَالَفْ كتاكول الناس؟(٣)

_موالف كياكلوني...

_آش هادْ الهدرة للي كتقول؟؟(٤)

_شي للي كاين نْعَامْ سِيدي...(٥)

_واش كتفللّى؟(٦)

_حاشا سِيدي

_واش عندك شي راس؟

_عندي ..؟؟.. هههه ..

قلتُ ناكسا رأسي أحرص أن لا يخرج البلل من بين .. تبا .. لم أك أتابع ما يُقال حولي.كانوا يسألون يكتبون يدونون وأنا ساه يلغو لساني بكلمات لم أسمع منها شيئا لكن لاحظتُهم كلهم ورائي في القاعة يضحكون والذين أمامي مغتاظون يزمجرون بغضب حانق، وآخرون واقفون جالسون لا يأبهون؛ وفي لحظة لم أعرف كيف سقطتْ على رأسي قُرِعَتْ المطرقة على سنداني فخررت مغشيا، ولما أفقت وجدتني في حجرة مضغوطة النفس تستفزني أشباح مشلوحة تَخرُج من حيث لا أدري ترنو إلى فسيلتي المُغيبة تُخرِج لسانها هازئة ثم تنصرف.قضيت أسبوعا بالتمام والكمال في رحاب ضيقة رحبت بي لم أحفل فيها بعبء كراء ولا هم أكل أو مشرب أو مبيت.لكن المَسْح الذي أصابني آستمر يشغلني يقلق بالي خائفا مما يمكن أن يقع في غفلة أخرى من غفلاتي. بعد أيام السجن، رفض رب العمل رجوعي إلى العمل بحجة الحبس الذي كنت فيه والقضية التي لازلت متابعا بسببها وكثرة الشكايات من رفقائي وغير رفقائي التي جعلت تلاحقني والديون المتراكمة على عاتقي دون ضمان أو سداد و .. لم يبق لي مال، وحتى حوائجي القليلة آضطررت لبيعها كيفما آتفق بَلِّي جابْ الله كي أقلل من عدد مُطاردي .. لم أكن أقَمِّر الله شاهد لم أكن أسكر أو أدخن أو أفعل المنكرات أو أرمي ما بجيبي في العراء .. لكن هي القرينة الكحلاء التابعة والسعد الأسود يا لطيف .. فليكن للِّي ليها ليها .. بالزعط .. لقد تحول نهاري تسكعا في الطرقات، وليلي تملقا وإدمانا للحانات بما أملك من دريهمات يجود بها جلساء الكونطوار في غفلة عن وعن .. بَخْ .. فقدتُ كل شيء الآن .. عملي كرائي كرامتي ههه مُسختُ مسخا دُفنت بالحياة، ولم أنبس ببنة شفة.لقد سكنتني القناعة والوضاعة والرضى بالذي كتب عليّ وسطر في اللوح المحفوظ منذ أقدم الأزل .. كذا أكون كذا أعيش اللهم لا آعتراض ثم من الأفضل للإنسان كي يسلم من وجع الرأس أنْ يرتق فمه أن لا يفتحه أن يخيطه من أسفل لأعلى ومن أعلى لأسفل أن لا ينبس حتى لنفسه بالنجوى أن ينقطع نَفَسَه في نَفَسه أن يكتفيَ بالشهيق والزفير يتلو بعضه بعضا دون مماحكة أو محاولة آستفسار وفهم ما يجري هنا أو هناك.إن مَثلَ الإنسان في دُناه _ كنت أقول في خاطري _ كَمَثَلِ عهدة في عنق المستخلفين فينا.علينا أن نُقَبِّلَ الأعتاب نركع للمكتاب نرضى بمطارق الخشب مهامز النحاس تخنس رقابنا مْسَلْمِينْ مْكتفينْ لكم يا مَنْ ترزقوننا بمخلفات بقاياكم اللهم لا آعتراض.إنهم في كل مكان يتابعون يراقبون يعاينون.لقد لاحظتُ ذلك مليا في العمل أيام العمل في المحكمة في السجن في ردهات الطرقات المترعة بالفراغ حيث آنتشر الوبال وحَلَّ بالناس الموبوئين مثلي وباءٌ أشنعُ وأفظعُ يقتلهم أحياء يموتون في كل طريق لا يبالون، وخرج الكثير منهم فارين بخوائهم إلى الصحاري وبيد الفيافي وما وراء البحار حيث القبور تنتج المزيد من الشوك والحسك والسدر والنبق والضنك المضني آلاطيف ...

اللقطة الثانية، في الخارج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَتْ شفتاي آثار زبد الخمرة.أناول الكأس للنادل يملأه يعيده إليّ ثانية وثالثة..الدنيا جمراء حمراء في عيني. نجوم تلمع تبرق تختفي.جوفي يابس يستغيث.رأسي يفور يتصدع يتجمَّر. فيضان جحيم يتمرمر في قنتي لا أستطيع إيقاف موجه الهادر.أغمض عينيَّ.أتلاشى هناك،في لا مكان أغيب ولا أجدني.الناس ينتفخون كبالونات هواء يطيرون في السماء.يصطدمون بالسقف الحادر يسقطون يتهاوون مترنحين. أضحك مِلْءَ نواجدي.أضحك أقهقه. صعَّدْتُ نظرة إلى الجريدة.لا أقرأ حرفا. رميتها جانبا.خرجت قاصدا بنت حينا الجميلة.قلت لها السلام يا فلانة،قالت لي عليك السلام يَـا ... وفي عجالة المخمورين،لم أتركها تتمم تحيتهاعالجتها قائلا...

_هل أدخل عزيزتي؟

_هل لديك فلوس؟

_نعم؟؟

_نحن لا نقنع بالقليل

_ماذا؟

_لقد رفعنا الأسعار

_حتى أنتم؟

_ما لنا نحن ألا نملأ عينيك؟

_لا .. لكن....

_حتى نحن نريد أن نعيش ونأكل طرف الخبز مثل بقية الخلق...

تذكرت مَسْحِي وشيئيَ التالف مني،فقلت لها بأسى وأسف..الله يسهل...

_علاه حنا كنسعاو على بباك يا والد...

وأشبعتني سيلا من الشتائم لا قبل لي بها.أردت الرد،أردت المقاومة،فرمقتُهما في أقصى الزقاق يداعبان زرواطتيْهما يرمقاني بعينين لا تعجبان.فرجعت إلى حالي أبحث عن مأوى آخر لقضاء ما تبقى من الليل..

"وكانت زوجته إذا أراد أن يجامعها تهرب منه من موضع إلى موضع فقال لها الرجل كيف العمل فهذا أمنيتك لأجل شهوتك فقالت له أنا ما أشتهي أن يبقى بهذا الطول فرفع الرجل رأسه إلى السماء وقال اللهم انقذني من هذاالأمر وخلصْني منه فصار الرجل ممسوحا ليس له ذكر"..

بيانٌ حقيقة ما يَحْدُثُ فِي آلحُلْم
ـ_________________________
وقالت لي حبيبتي التي لم أرها أبدا، أنتَ جميل، وكنتُ خجلا .. العالم بائس والإنسان بعبارة البائسين شحاذ أو قملة أو في أحسن الظروف فسوة .. رأيت ( حَضي ) المزغوب (٧) بلا زغب، بلا رأس بلا قرْن، معفرا في الحضيض .. رأيتُني بلا بخت أسعى بلا جدوى بين أرجل الراجلين والباركين .. رأيت أسناني وأضراسي تتحرك من مكانها، رأيت لساني ينسلُّ مارقا حنقا، وعضوي الأجدب سيجارة ملفوفة يدخنها رجل ثخين مثخم يشحج كبغل يخنخن كخنزير يبصق كلاما ملونا في محبة الممسوسين من بني البشر .. الفاقة القفر الفقر الفقراء التفقير المفقرون الزلط إلى ما قَتْلَش كَايشَيَّبْ (٨) .. أحسُّ زلزالا في فوهة فمي المطبق .. زلزال منعش لذيذ .. الأسنان تُقتلع من مواضعها. تصيبها الهشاشة والركاكة تطير رمادا. أتحسس لثتي .. أجد رأس عنزة .. ملتاعا أردت أستفيق، فألفيت نفسي في قبو معتم كسجني الكالح .. صرخت .. آآآ .. فإذا بصوت العنزة يملأ ثغاؤه المكان .. مَاااااعْ .. وما هي إلا لحظات حتى هجم عَلَيّ قطيع كامل من الماعز والتيوس القرناء والقرعاء .. يُعارهم وهبيبهم صَخَّ أذنيّ .. حاولتُ جاهدا الفرار والنجاة بجلدي، فسقطت في هاوية سحيقة عاريا كما ولدوني، لكن هذه المرة، في صورة بني آدم ممسوح الذكر .. صحتُ .. علا صوتي بالنحيب .. متاعي رزقي أريدهُ أريدُني .. لكن، أفعى هائلة بَدَتْ لي فاتحة خطمَها تريد حتفي، ولم أشعر إلا وحيوان صغير في حجم نمس صغير يخرج من مكان ما في مقعدتي يهاجم الأفعى .. أمام هذا المأزق، حملت عصا كانت بجانبي أهدد المتربص الفاتك، فغدَتْ بقوة قادر مَدْفَعا رشاشا صغيرا لا علاقة له بما كنا نلعب به في عاشوراء أو سِيدْ الميلُودْ فاتْ مَنَّا يَسَّارَا (٩) ، دون تفكير أطلقت النار هيَ وفين جاتْ (١٠)، وأصبت الحيوان الذي كان يدافع عني مما جعل الرقطاء تتجرأ تقترب أكثر تروم آبتلاعي .. حاولتُ الهرب، لكن أشلائي وما تبقى لي من قوة وإرادة وعزيمتي في الخلاص أحسستها دُقتْ في الأرض بمسامير عملاقة ودُسر لا تُرى .. الحيوان الصغير يتعذب يتلوى ينتفض يرتعش معفَّرا في دمه والأفعى تزحف تزحف .. أغمضت عيني .. شعرت بغيبوبة .. سقطتُ مغشيا مدة لم أفق بعدها إلا وأنا غارق في أحضان آمرأة لا أعرفها في حسن وبهاء جاريات الحكايا القديمة .. طفقَتْ دون مقدمات تتحسس مكان مَسخي فلا تجد غيره ذاك الملولب المدلَّى المنفلت من بين ثناياي .. وَرَّني وحشكْ آلغابة (١١) .. غنت ضاحكة .. ولم أسأل من أين أتيتِ ولم تسأل كيف لك هذا، وكان بيني وبينها ما يكون بين الرجل والنساء ولما أصْبَحَ الله بالصباح إذا بكلب أخثم عظيم الخلقة في حجم بغلة جدي التي كان يركب عليها للسوق يهجم عليّ يأخذني بين أضلعه يعصرني .. قواي كلت تقهقرت .. غُصْتُ في عالم أسود غريب .. رأيت الكلب يجذع متاعي يجعله بين أنيابه يهرب لاهثا .. أردت أن أتبعه، لكن عزمي وهنَ تركني أخرُّ لا أعزم على شيء .. وجدت نفسي في كوخ خرب أترنح خائفا مهموما .. مندلق اللسان، أشرب من زجاجة بجانبي .. عاينت المكان .. نظرت مليا هنا هناك .. تثاءبَ كسلي آستسلمت للنوم كَرة أخرى .. وما بين تلابيب رُؤايَ كنت أسمع كلاما حول الحشر والنشر الصراط الميزان الحوض الجنة الزبانية النار وبيس القرار حول الحور وبطون أوراك العذارى ذوات الثغر الشفيف والعجز الرجيف .. أرى صبيانا كالملائكة سارحين بأجنحة صغار مثنى ثلاث ورباع ينشدون نعمة كالشمس لما طلعت ثبت الإشراق في كل مكان .. كانوا عرايا يجنون القطاف يحفرون حفرا يبتسمون .. قال أحدهم يخاطبني ...

_لمَ يشبه هذا المعتوه النعمة بالشمس؟

ولأني قلت "ما نعرف" أجاب آخر...

_لأن الشمس تُسَوي ما لا يسويه أحد أفهمتَ يا ...

وقال كلمة نابية تهينيي .. لم أبال سألت ..

_لكن، أنتم ما تفعلون هنا في مثل هذا المكان الخالي ؟

_نحن نلعب

_لِمَ تحفرون ما تحفرون ؟

_ألا ترى ألا تبصر ألا تفهم يا...

ضحكوا كلهم ضحكت معهم، وفي لحظة، التحق مَن كان في العَنان بمَن كان في الحُفر دخلوا جميعا وسط حتفهم الوشيك ودلقوا على أنفسهم التراب .. صرخت...

_ويحكم، ماذا تفعلون اخرجوا من هنا...

_اتركنا وشأننا إننا نرتع نلعب يا صاحب القرع ...

_إنكم ستموتون تقتلون أنفسكم...

_إنها لعبتنا الأبدية المفضلة من بين كل لعب الأزل..

_ويحكم كيف تلعبون ؟؟

_إنها الغميضة القط والفأر يا صاحب القرع أم تراك نسيت ؟

_ماذا أنسى ماذا أتذكر ماذا تقولون ..؟؟..

لم يجيبوا .. غطسوا في لمح البصر في ضحكهم المتصاعد وفي أتربتهم التي غطتهم وآختفوا كأنهم لم يكونوا أبدا...

أهبُّ من نومي ملتاعا غارقا في عرقي وخيبتي التي ظلت رابضة فوق بدني كجاثوم نَحْس بغيض .. لم يتغير شيء .. مجرد شمس تشرق مرة أخرى فوق رؤوس غادين رائحين .. قصدت المقهى .. غسلت وجهي .. تنفست الصعداء وبدأتْ عيناي تتسكعان كعادتهما تُتابعان أشياء تحدث دائما وأخرى تحدث لماما وأخرى لا تحدث بالمرة .. بقايا حافلة مهترئة لافيرايْ جامدة فارغة إلا من مسافرَيْن يتبادلان الكلمات النابية يتخاصمان على مقعد للجلوس .. يمرق أحد المعتوهين راكضا ممسكا مِقودا وهميا بين يديه زاما شفتيه .. فْفْفُووو .. يلقي بها في الهواء صارخا .. حَيَّدْ بَلاكْ لَحْديدْ دايَزْ .. يمر تاجر يتجول بحمارته .. ينحني الناس أمامه آحتراما .. يستعيذ بالله .. يلوك كلاما .. يجتر شتائم يلعن الحمير والعباد .. يقف بباب المقهى .. يضع يديه على أذنيه ويبدأ بالصياح ...

_أيها الناس أيها الأحباب ها أنا في دربكم أطلب ضيف الله فما أنتم فاعلون ...

_مرحبا بضيف الله...

ردد بعض الأطفال ساخرين وتمتم الرواد ما تمتموا غير مبالين...

_آصباح آربَّاح تعالوا هنا كلكم ادخلوا هنا في حفرة العالم السوداء (أشارَ إلى مؤخرة حمارته) .. سُوبيغْ نوفا (١٢) استنشقوا عبيرها البعري تلذذوا بأصولكم التي تنكرونها .. نحن هنا هذا عالمنا أيها الغفاة الهائمون تمعنوا في حقيقتنا التي عبثا نراود نقاتل الزمن للهروب منها تفحصوا أشياءكم لا تشكروني إذا لاحظتم ما لاحظت قبلكم اشكروا أولياءكم ومستخلفيكم وأمراءكم وكلاب نفاياتكم ...

بينما كان الرواد يغرقون في قهقهاتهم مبرزين أسنان منتفضة مسوسة من جراء إدمان الحشيش والكيف، خطوت خطوات متثاقلة آتجاهه .. شرحت له حالتي، فقال لي ...

_النية يا وليدي دير النية ونعس مع الحمارة مع الحية مع مَنْ ما بغيتْ لا تخف .. هاك هاذ الجدول اشرب ماءه، إنه خليط من كلام أسيادنا وحليب حمارتي لا تخش شيئا فما عسى سيقع لك أكثر مما وقع اشرب سترى ما لم تره من قبل لا تنس النية كولشي في النية...

أخذت وصفته .. أضفتها إلى وصفة فقيه حومتنا وجعلت أطبق التعليمات كما قيلت لي بحذافيرها، وبدأت أنتظر ...

بيان بما يجري في خاطر الراوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كدَابَّة منهكَة رابض ظل في حانة عجفاء تطوقها روائح عطنة .. الكأس يدور .. الليل يدور .. الرأس يدور .. بداية النهاية .. نهاية البداية .. عالم من صخب مَسِّ هوس آلجنون .. ارتجاجات في كل مكان .. الرأس يغدو بخارا .. مَمْشَى النهار مسير الليل .. كوابيس في كل شبر من مسام .. وجهه ينفث الدخان .. الرأس عصارة خشخاش يدور كمروحة معلقة ببلادة في سقف واطئ تشلح الرطوبة محياه دون يُبْدي أو يعيد .. صورته الآن في المرآة تحيط به أعقاب سجائر ملفوفة محروقة .. هامة الدابة تبرك في الوسط تتوسط مرمدة تُقْصَلُ في أحشائها أعمار من لا عُمْرَ له .. كل شيء كان يدخن .. منخره فمه أذناه عيناه .. النار يزند وهجها في الرأس الذي يزداد لهيبه آضطراما .. قد أمسى مصير البقايا محتوما آلآن .. إنه مُزْدَرَدٌ لا محالة .. مُدَلَّى من جِمالاتٍ صُفر حمر ينتحب صراخها في الهواء .. مقلتان جاحظتان تحدجان خواء من هباء ويباب وتراب .. تزدحم الديدان ينتشر الذباب .. تغضب شموس لا تطفو في سمائها نجومُ .. كل السبل واضحة كمحجة يهماء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا مَنْ ولدته أمه في خرقة ذات حظ عظيم ... إن الذين يَرْوُون حكاية العالم هم في العادة مَنْ لا يحتسون حيواتهم كما يحتسيها الآخرون ... وكان قوم يمثلون حالة الهائمين على أنفسهم بحُداة بلا بعير يسوقون خيباتهم وراءهم أو قدامهم كما تَسُوق الأبعارَ قوائمُ خنافيس بِيتيلزْ اِيسْكَاغَابي في الفيافي والفلوات الخاليات .. ولحشاشة النفس آحتراق، رمس تعفوه الأعاصير تذروه الريح بلا هداية .. وكان قوم يضربون مثلا لتيههم بالنذير العريان، وأصله أن النذير الجادُّ المُغَوِّثُ يَتَعَرى ينسلخ من ثوبه يمسكه بيديه يلوح به ليلمع للرائين حتى تسبق رؤية الثوب سماع صوته الملهوف .. وإن مَثَلَ هذِي الدمن إذْ تلوكهم أظلافُها تخلق فيهم عُراة يصيحون بنذيرهم لا يسمعهم أحد يحترق الصوت فيهم يشمرون يلوحون بأثوابهم يحترق الشتات تضطرم الكتاتينُ والفلواتُ والرواح والغداة يحترق السَّراةُ يستغيثون يستنجدون بعُراة آخرين تناسل العري فيهم يتوسلون بآلهة بكماء بمردة أباليس تحترق غباوَتُهم لا أحد يبالي لا أحد يصغي لا أحد يهتم تأكلهم جِمالاتُ
نيران سُود يمسون رمادا يذوب كصهارة النحاس لا أحد يسمع لا أحد يرد .. مَثَلُ هذا الصلف كمَثَل مهازل لا تخاف لا تستحي .. يشرب التالفون العكر من الأمواه يأكلون الطحالب ينقنقون كضفادع المجاري في ليالي الشتاء المديدة .. العين تكذب لا ترى غير هبائها والسديمَ، الأذن تكذب لا تسمع إلا طنين الخواء، الرأس غريب الوجه واليد واللسان .. هائمون في هيام كاذب في يهماء زائغة في ظلمات من بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب من فوقه زبانية قوامون يأمرون بالمنكر ينهون عن المعروف قدروا الخليقة حق قدرها فهم كجائحات الجِيَح رابضون .. درن الجسم .. تَلَجُّنُ الجماجم خماج الأوباء في أسواق النخاسة .. خلا لهم الجو فليبيضوا وليصفروا وليبولوا على أعقابهم لِتسلمْ لهم الهامات راكعة .. لتكن مشيئتهم .. ففي القلب نار ترفض أن تخمد إلا إذا أتت عليهم جميعا فلتدم لهم القوارع والقوارح وكل عام وهم في السعير ... والمسح كان قديما، ومازال .. فالبشر غدا قطيعا لا يُعرف أوله وآخره .. تكثر الوضاعة .. تذاع المذلة .. ضعنا عن أنفسنا تلفنا في فلوات ساخت أوهام الرغبات فيها .. كثرت العتبات .. كثر البغض في السحن .. على الهامش، ترانا مثخنين بأقدارنا نموت نحتضر نفقد ما تبقى لنا مِن ومِن ... نُمْسَحُ من على البسيطة نتلاشى نندثر برضانا في الشوارع في الساحات .. في المدن السوداء ينتشر دبيب أمَّات أربع وأربعين، كور الزنابير، وٍجار الضباع، كِناسُ الوحيش الأنيسِ، يثغو الأنام يخور يشخر يسكر يتناسل يتكاثر في الويلات في زمن من إفاخة يضْرِطُ يفسو يُدْعَوْن بالإشلاء والسأسأة يسمعون يطيعون يرقبون يرتقبون .. كدَابَّة منهكَة رابض ظل يفكر صديقنا الممسوح في أحشاء حانة عجفاء تطوقها روائح بلهاء ...

خاص بآلممسوح
ـــــــــــــــــــــــــــ
هكذا يا سادة يا كرام، بقيت أجتر أيامي ألوم نفسي أسكب عذابي في كؤوس خمارات معتمة بعد أن فشلت وصفات العشابين والفقهاء، وبعد أن أكد لي كثيرون ممّن أسررت لهم بمصابي أن المسألة تحتاج إلى معجزة وأن مثل هذا النشاز يخرج عن نطاق ما يمكن أن يحتمله التطبيب وغير التطبيب وأن علَيّ أن أتجلد أصبر أصطبر أمضي قدما فيما أنا فيه من حياة دون أوليَ الأمر كبير آهتمام فالقضية يمكن الاستئناس بها إنْ نحن عودنا أنفسنا على التعايش وتبعاتها .. هكذا يقولون كلما رأوني مستنفَرا لا تطيقني نفسي .. هي مسألة ألفة لما هو كائن لا غير .. ما يلزم هو الاستئناس والنسيان .. لكن، كيف؟ والرجولة ما معناها بغير وجوده في مكانه المألوف بعمله المرتقب بالطريقة إياها .. لقد آهتريت قبل الأوان أنا الذي فاض نسله من بين أنامله لِعقود ألقيتُ بالمترقبين المتحفزين للوثوب باللاهثين المتلهفين لِما سيأتي بالمنتصرين بالمنهزمين بالمترددين المتأخرين بالمتقدمين بجميع السُّلالات في بالوعات أوْدَتْ بهم صُدفي التائهة المهيضة الجناح نطفا تموت أنساغا تبور بالرغم منها مختنقة غريقة مُغَرّقة تصرخ الخلايا في الأبدان تسيح الأنسجة سوائل لزجة مع سوائل البول مع ما تُكور أرجل الخنافيس البلهاء .. هرقنا ما سيقبل مِنْ أزمان مِنْ أقدار بلا أعمار مِنْ ... في ميازيب ميكا وحُفر مراحيض دعكنا آحتمالات كان يمكن أن تكون في أثواب لنا تستر ما تبقى من عوراتنا .. قالت لي إحداهن بعد أن قلتُ لها ببجاحة وقد كنت أتابعها كظلها .. هَوْلُكِ شيء هائل كالفجيعة .. قالت .. لا قِبَلَ لك بي أيها الذئب العجوز فآنصرفْ قبل تنفضحَ عُراك .. قلت .. أشتهيكِ .. قالت كُلْني إذن ماذا تنتظر أيها آلخرف .. فقالتْ بجاحتي بصلافة .. السبع لا يأكل الجيف .. وسخِرَتْ من وهني الملعونة كأنها خبرت ما بي .. إيوَى سبع تبارك الله .. فآنتكستُ شربتُ عرقي سكبتُ حنقي في الإدمان المفلس وكؤوس المواخير .. حالتي تتدهور من يوم لآخر تطوقني زعانفها الشمطاء أتكوم أركن في قعر القارورات بأنواعها ناكسا رأسي في لفافات برصاء أمضغ غيضيَ المفقوص أجتر ترنحي من شارع لشارع من قبو لبراكة لسطح من درب لزقاق لمقهى لحان كانوا يلعبون لعب الفقر والقفر وعيشة الضنك الورق الضاما التيرسي الخيل والبارود الزائف، لا أحد يمسك الحظ يوما أو يغرف من شقاء الآخرين جرعة تنجي البقية والباقي من ضراوة المعيش الذي يلتهم الأرواح قبل الأبدان .. لا رجاء إلا في مزيد من الغرق فيما تبقى من ذكريات لاندوشينْ وجَرَب المجاعة أيام البون بوصفير بوكليب الأكحل الخارج من عفن المستنقعات التي لا ترحم .. ترينكلا ميسا انفخ ضاما روندا دْمَاصْ آخَاي الكارطا عَاوَدْ اللعب جانكا صيك إيتوبْ على المكتوب سلام على العالمين (١٣) .. أبْصقُ مخاطي متذمرا في المجامع والحشود في الأزقة والأقبية ودهاليز المحطات المنسية ومسالك الليل المهملة .. عندما أقبلُ على قضاء حاجتي كبقية خلق الله أرى ما أرى في مكانه لا يزال كرأس حنش مشوه التقاسيم غارق في حفرة بلا قرار .. أجمع شتاته المدلّى قبل تنفلتَ الأمور من قبضتي .. أضبط عروة الحزام خشية يزدادَ تماديه في إثبات ذاته الممسوخة .. أفرُّ بآنحساري من جبروته الأعرج .. أشرب مزيدا من الألوان الغامقة المتخثرة في قيعان القوارير .. تنحسر الأحلام مع الكأس الأولى تتوالى حسرات الجرعات يتناسل الجراد و القمل والباعوض والقراد وقرف السهاد ووجيب هلوسات مخبولين هاربين من تخشب خبزهم اليومي تحرقه شموس متراكمة .. لواحة للبشر لا تبقي لا تذر .. يقرأها فقيه الدرب غاضبا عندما يثير حفيظته ما لا يعجبه .. تبا .. لقد أكل مالي ولم تُجْدِ حروزه فتيلا معي .. سأسترد رزقي سأطلب منه الكف عن آبتزاز أصحاب الحاجات .. أووف .. سمعته مرارا يتشدق بالعفة والصلاح والوقار والابتعاد عن معاقرة سبل الشيطان من أجل حلال سيأتي قريبا بعد حين من الأزمان ستشرق بدور اللـآلئ في سموات المعوزين القابعين في حضيض الأسفلين .. فالصبر الصبر .. ما يفتأ ينصح يردد من أجل حياة عليا في أبد من جِنان لا تنتهي نعائمه إلا لتخلق من جديد فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كل شيء سيكون رهن الإشارة ما عليك إلا أن تومئ بيديك أو تهز طرفك أو تصمت فقط فسريرتك عَلَنٌ ورغباتك أوامر وجمجماتك فصاحة لا يبلغ سبلها البلغاء والنقص هناك تمام، والعَيُّ قوة، والخلل آنتعاظ لا تشوبه شائبة فشمروا على سواعد الصبر والمثابرة .. تبا .. إنها رجولتي كاملة هي ما كنت أحلم بآستردادها .. لا شيء غير رجولتي .. تمنيت لو بقيت عمري طفلا صغيرا بفتيلة مدلاة لا تكبر لا يكبر لا يكبران أبدا .. أتخيلني متُّ طرت عُصَيْفيرا صغيرا بآلاف أوراق توت تطوق أجنحته يهيم بها بلا رقيب بلا حسيب في الجنة التي يحكون عنها .. كنت أتلذذ بالوهم هربا من الفجيعة .. كنت أستمني خيبتي منسلخا من سخرية الخديعة .. كنت أنهار ذاويا مزبدا مبرقا أذرع تجاعيد السنين بلا فائدة .. أوووف .. لقد آنتهيت ...

وفي الحلم
ـــــــــــــــــ
أدُورُ أدُوخُ تلف بي زوبعتي.يدوخ العالم من حولي..الأشلاء الدِنَانُ الكؤوس الفارغة والعامرة الضباب الأضواء الخافتة والساطعة.تدور حدقتا عيني تتلف نفسي تهرب مني دواخلي.أسأل الناس.لا يجيبون. أشداق تنفتح ينبعث منها دود أصفر كالخفقان.يقهقهون. يبرزون أنيابا حادة آكتنفت منابتها الفجوات والحفر.يملؤون خياشمهم بروائح مطارح متفسخة.يرفعون الشفاه العليا إلى أعلى كما يفعل هبيب عتاريس الجبال حين تهيج.كل شيء يسير في آتجاه معاكس،منقلبة الدنيا على ظهرها كسلحفاة أعياها عتو الأعمار فهي لا تجد سبيلا للانقراض غيرالمضي في مزيد من التخبط غير المجدي..آش هاذ البرازيط.. تقول مُعلمتي تعنف الطفل الذي كنته، وكنت أضحك..الأطفال والمجانين متشابهون.الحقيقة تُعرف من أفواههم المزمومة..والشعراء؟؟الشعراء كاذبون.. تقول معلمتي..أفتح عينيّ على مزيد من الشموس لا تجدي نفعا.أرى الظلام.صرير أبواب تُفتح ثم تغلق.أنهض.تمشي بي خطاي في عراء.صوت كعب نساء يتعالى يدنو يقترب يختفي.بيوت تحترق. يختلط العويل بالزغاريد.أعدو آتجاه مكان الصدى.ربما كان حفلا أو مهرجانا أو فرحا أو..عراكا بالحجارة بالأيدي أو تراشقا بالقبل.وكان الليل أسودَ فارغا إلاَّمن جِمالات صفر تضطرم.وكان أخرسَ إلا من صراخهم اللاغب يعلو.وقفت أرنو إلى محفلهم لا أعرف رأسي من رجلي. حاولت الرجوع من حيث أتيت،لكن الحشود آنتبهت لحركاتي المترددة فأمت جهتي...

_ها هو قد أتى أخيرا بعد طول آنتظار...
شرعوا يصرخون...

_إنه العريس عريسنا ها هو البعل المنتظر...

ناورت.راوغت.حاولت التنصل من قبضتهم،لكنهم طوقوني...

_ها العريس جا آمرحبا بللي جابو...

رجلاي جاءت بي.حلمي الشقي هذا. مسخي..والزمن البغيض..قيدوني قرب نارهم الملتهبة.أزاحوا عني ما بقي لي من ثياب تستر ما كان ذات يوم عورتي. صرت عاريا كأول لحظة جئت فيها إلى هاته الدنيا. ولما رأوا ممحاتي مسخي ومماتي هللوا جميعهم..هي الإشارة العلامة..نعم إنه هو عريسنا المرتقب.. وقال أحدهم بصوته الآمر الناهي..والآن ليبدإ الحفل حفلنا الذي طالما آنتظرناه.. ثم أخذوا يطوفون حولي.يرقصون. يلوكون كلاما مفهوما وغير مفهوم. اختلطت الأصوات والقهقهات والصرخات تعال الضجيج والصداع.يكرعون الخمور. يهرقون ألوانها الكابية على جسدي. يقبلونني.يضعون حول عنقي أكاليل غار وأفنان رياحين.ينثرون الزهور والدراهم والحلويات والعطور.يحرقون البخور. يدقون الطنابير والبنادير.يلعبون بالكلاب والهررة وحيوانات صغيرة وكبيرة لا أعرف صنفها.يضحكون.بقوا على حالتهم طيلة الليل،ولما أوشك الفجر أن ينبلج، أتى أحدهم بطبق كبير مزين مزركش محمولا على ظهر بغلة أو ما شابه.اجتمع الجمع حولي.كونوا دائرة كبيرة.فتح صاحب الدابة الطبق.تطلعت العيون لرؤية ما بداخله..فإذا هو حبل مشنقة.. خفت.ارتعدت مفاصلي.مسكت بعنقي أتحسسه..ماذا تريدون مني..طفقت أصرخ في وجههم..كانوا يضحكون.. اتركوني ماذا فعلت لكم..كانوا يزغردون.. لماذا تريدون قتلي ما هذه المسخرة ابتعدوا عني..حاولت فك قيدي..لم أستطع.سقطت مغشيا مسلما أمري للمقادير،ولما ععاد اليّ وعيي،وجدت نفسي مكفنا مستلقيا على ظهري في لوح يهتز من حين لآخر كأنه محمول على سطح حبيبات ماء تتهادى.يعلو يهبط لَوحي يميل يمينا يسارا.بدأت أصرخ لكن لا أحد من الحاملين آلتفت.لم يكونوا يسمعون.يهرعون فقط يجمجمون ما لا أفهم من كلام..نعم، تذكرت..سحنهم أعرفها..إنهم أصحاب الحفل..الحبل..حبل؟؟حبل مشنقة داخل صندوق..تبا..إنهم هم أنفسهم يحملون ما بدا نعشا غُطِّسَ فيه بدني.لقد فعلوها بي لقد قتلوني..إني ميت الآن لا محالة.. وقبل أن أتأكد من وجيب قلبي ومن شهيق يتلوه زفير ومن شعيراتٍ كانت جعداء برأسي ومن ومن..لمحتُه بقرنيه المعقوفين وحراشفه الشبيهة بقشر السمك النتن وذيله الأفعواني يطير بلا جناح فوق نعشي وعيناه كما في الحكايات حمراوان ترسلان الشرر تغمزاني بمكر ضاحك.تذكرتُ صلواتي الخائبة ودعواتي القديمة في الليالي المُحْمِقات..ماذا سأفعل الآن وأنا على شفير الهاوية.سأزَفُّ إلى ما لا تحمد عقباه من مزاريق وعصي وهراوات وسواطير وسلاسل وأغلال..شرعتُ أبكي على حالي والمارد في العنان ضاحكا لا يبالي.اقترب مني.جلس أمام رأسي وبدأ يحدثني...

_مالك يا صديقي تبدو ساهما؟

_وكيف لا أفعل وأنا أرى ما أرى...

_هاه إنها أمور عادية تقع كل يوم.. أخالكم معشر البشر قد ألفتموها في دناكم...

_هي جنازة جنازتي..أليس كذلك؟؟

_لا تهتم..كلنا فان الموت واجب يا صاحبي...

_أنت الذي تقول ذلك...

_نعم..ما تظنني..إنني مخلوق مثلكم...

_لكن سحنتك تدل أنك أنت هو...

_شيطان..نعم بلحمه وشحمه..ماذا تريد.. كان عليّ أن أفعلها ولو مرة واحدة في عمر الإنسان أتجلى له كما تتجلى لي رغباتكم المنفرة أراها فأشفق لحالكم.. كان لزاما لك ولي مثل هذا الموعد لتتكافأ فرصنا في اللقاء كي لا أعاتب أو ألام بأشياء تفعلونها وتنسب لي ظلما وبهتانا ...

_لكنك مارق لعين...

_دع عنك حكاياتك التي أتيت بها من دنياك وآصغ إلي جيدا...

_ماذا تريد مني أنت الآخر ألا يكفيك موتي المستعجل هذا...

_أوووف من طريقة تفكيركم معشر البشر طالما طلبتموها الموت وعندما تحل بأبوابكم تقلبون لها ظهور المجن يا لكم من أناس ناكرين للجميل متقلبين مترددين غيرمتحمسين لأي شيء غريبي الأطوار لكم حنين دائما لتظلوا صغارا في رؤوسكم لا يمكنكم أن تنضجوا أبدا...

_دعني وشأني دع موتي يتكلف بما تبقى لي..

_أرجوك صديقي لا تبخل عليّ بهذا الطلب الأخير ...

_ماذا تريد؟

_هو طلب صغير لن يلزمك مشقة أو عناء..أريدك فقط أن تكون رسولي إلى عالمهم هناك...

_طريقنا ليست واحدة

_ههه..ماذا؟؟..لا تقل لي بعد كل ما حدث أنك لا زلت تطمع في جنتهم؟؟

_ماذا فعلت؟

_أولَمْ يدرسوك في مدارس الدنيا أن من قتل نفسا بغير حق مأواه جهنم؟

_قتل نفس؟عن ماذا تتحدث؟أي نفس قتلت؟

_لا داعي للتجاهل لا داعي للتواضع هذه ليست خصيصتك على كل حال..

_ماذا تعني؟

_لا تنكر فأنا هنا لا أحقق معك فهذا آخر شغل يمكن أن أشغل بالي به...

_لم أفهم شيئا بعد...

_ستفهم كل شيء بعد قليل عندما ترى طريقة دفنك..

_ماذا؟

_إنهم لن يدخلوك من الباب الرئيس..لن تقام لك طقوس دناكم المعمول بها عادة في جنائزكم العادية...

_لماذا؟

_أوووه..من تجاهلك السخيف الممل..

_هــاااا...

_ألا تدري يا صديقي أنك قتلت نفسك...

_قتلت نفسي أنا؟؟مَنْ قال ذلك..؟؟..

_هو كذلك...

_لكن هم من فعلوا ما فعلوا هم شنقوني.

_لا تنكر لقد رأيت كل شيء وإني أهنئك على شجاعتك لقد كنت رائعا حتى النهاية...

_لكن لم أفعلها...

_أرجوك لا تصدع لي رأسي بلَغْوِكَ الذي لا يجدي فأنا هنا لست أحقق معك كما قلت لك وإنما قصدتك لترد لي بعضا من حسن صنيعي لكنك يبدو لستَ من الذين يعترفون بالجميل لقد خذلتني يا هذا كان عليك أن تبقى وفيا لما كنت عليه حتى نهاية النهاية لكن خانتك آدميتك وتركتني وراءك ظهريا..كلكم سواء سلالة لا يُرجى منها أي شيء مثلك مثل آبائك الأولين..شكرا لك رغم كل شيء...

_لكن...

_إنك قاسح الرأس لا تعرف مصلحتك .. هيا..سأتركك الآن لمصيرك الجديد...

_لكن..أرجوك قل لي...

_أوووف ماذا تريد؟

_كم لعنة تلزم الإنسان كي يصبح مثلك...

_مثلي؟؟تعني..شيطانا؟؟

_.........صمت..........

_...هـاهــاهــــا...

_...صمت...

لم يجبني الملعون،وطفق يضحك كقرد يضرب رجليه في الهواء يركل ما يركل تهكما وسخرية...
في هذا الوقت،كانت المزعومة جنازتي تصل المقبرة من طريق خلفية عبر مزبلة تُحرق فيها نفايات الأغنياء ليل نهار.لقد صدق اللعين،إنهم يعاملون موتي بآزدراء بعد كل ما فعلوه..رموا ما بدا مثل جثتي في حفرة ضيقة لا تسع حتى جسمي لمّا كنت طفلا صغيرا.وبينما هم يحاولون تغطيتي بالركام،فوجئوا بشيء كالهول ينبت من خلالي في مكاني الممسوح يمزق الكفن ينتصب عاليا كراية أو كسهم فيه نار.بقيت أتابع ما أرى مذهولا. استشاط غضبهم.علت سحناتهم سمات القلق.جعلوا يستعيذون يحوقلون يرتلون أشياء لم أسمع مثلها من قبل.وبينما هم كذلك إذا بالشيء الهول يخاطبني...

_قم..هذه ليست حفرتك..انج بجلدك..

_لكني متيبس متخشب لا أستطيع حراكا...

_هذا وهْم في رأسك قلت لك قم إنك حي...

_حي؟؟وحالتي وكل ما وقع ويقع ما معنى كل هذا..؟؟..

_هيا اسرع لا لغو الآن اسرع اهرب إنهم يهمون برجمك...

_رجمي ماذا فعلت لِمَ كل هذا الحنق؟

_تحركْ اقفزْ اتبعني ابرح المكان...

وقبل أن يفعلوا ما عزموا عليه،طرت من الحفرة المزعومة نفضت الركام حاملا رزقي بيدي.هربت أعدو عاريا عبر المسالك والأزقة والدروب الضيقة والحشد يتبعني..اقبضوا على الهارب من قبره..كانوا يصيحون..أعيدوه إلى حتفه لا تدعوه يفر..قدماي تضربان الأرض بقوة وعزم وثبات.كنت أركض بسرعة دون أن ألتفت إلى ما يقولون أو يفعلون.

(فلما رأته زوجته قالت له ليس لي بك حاجة حيث صرتَ بلا ذكر فقال لها هذا كله من شؤم رأيك كان لي عند الله ثلاث دعوات أنال بها خيري الدنيا والآخرة فذهبت دعوتان وبقيت دعوة واحدة فقالت ادع الله على ما كنت عليه أولا فدعا ربه فعاد كما كان)وقالت له آمرأته نحتفل بالمناسبة،وكانت ليلة لا كالليالي أقيم عرس فيها للزوجين الجديدين حضره جميع أهل البلدة ضحكوا غنوا وآنتشوا...وفي ذاك العام،تقول الروايات كثر الخصب وكثر الولدان حتى إن أعدادهم كانت تفوق كل تصور...

بيان للراوي حول مصير الممسوح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول الذين شاهدوه آخر مرة إنه كان يكثر آرتياد مجاري المدينة أين يظل طيلة النهار وساعات كثيرة من الليل يقضيها في النظر والتحديق في النجوم، وأنه كان يسهو كثيرا،وأن حركاته وتصرفاته تغيرت آتجاه الآخرين حتى غدت شاذة لا يستسيغها أهل الدرب،بل إنه كان يتعرض للناس في الأسواق يخاطبهم بلغة لا يفهمونها مما دفعهم إلى التبليغ به إلى السلطات المعنية بدعوى ممارسة طقوس غريبة وتعنيف المارة من عابري السبيل..ومذ أودع السجن آخر مرة لم يشاهد الناس له أثرا،وحتى الشيوخ والمقدمين والمخبرون ومساعدو الأمن لم يعرفوا أين يمكن أنْ يكون..وتقول الروايات إنه شوهد مرة يطوف بالمزابل والقبور ومحطات الكيران والتران وأحياء القصدير ودواوير ميكا يحمل عصا كبيرة وقد أرسل لحية آلتصقت بالأرض،وأنه لوحظ يرفع عقيرته بغناء غريب لم يفهمه أحد.. هذا وإن الرأي السائد في الدرب الذي كان يقطن فيه،أنه ربما يكون قد آختطف من طرف جنية من جنيات الليل في إحدى الدور الخالية،ومنهم من يذهب إلى كونهم عاينوا طيفه بل رأوه مباشرة بلحمه وعظمه يطوف بين النجوم في السماء...كل هذه وغيرهاروايات تتضارب حول مصير الممسوح الذي غدا آختفاؤه لغزا شغل بال الناس مدة طويلة،إلا أن الأمر الأكيد،بعد آختفائه، والذي أجمع على صحته الكثيرون في الدرب وفي الجوار،هو كثرة القرع عند الأهالي إذ أخذت السهول والنجود والبطاح المجاورة تنتج هذا النوع من الخضر في أتربتها القرعاء القاحلة وأشجارها القفراء بكثرة فاقت التصور وبشكل أثار عجب الناس وآستغرابهم،فربطوا الظاهرة بالممسوح،وعقدوا له يوما خاصا لا يُطبخ فيه غير القرع،ومع الأيام سُمي الدرب "درب القرع"وسُمي هذا القرع قرعَ الممسوح....

تمت

☆إشارات :
١_من ليلة ٥٩٦ الجزء الرابع من (ألف ليلة وليلة)
٢_المخزن هنا تعني الشرطة
٣_تأكل حقوق الناس
٤_الهدرة : اللغو الكلام الفارغ بلا فائدة
٥_الواقع والحقيقة يا سيدي
٦_واش كتفللّى؟ : أتسخر مني
٧_المزغوب : باللسان الدارج المغربي تعني (النكد المنحوس)
٨_الزلطْ إلى ما قَتْلَش كَايشَيَّبْ : الفقر إذا لم يقتل صاحبه يشيب ناصيته من شدة الهموم
٩_سِيدْ الميلُود فات منا يسارا : أهزوجة شعبية يتغنى بها أطفال الجهة الشرقية من المغرب آحتفاء بذكرى المولد النبوي،
ومنها :أسيد الميلود فات منا يسَّارا
عندو دربوڭا وطبيلة مهتوكة
١٠_هي وفينْ جاتْ : اعتباطا بشكل فوضوي دون تركيز أو تصويب
١١_لازمة أغنية شعبية مغربية بإيماءات اروتيكية مضمنة تؤديها المغنية الشعبية (الحمداوية) جاء فيها:
مولاي ادريس الحبيبْ
لي زارو مايخيبْ
لي حك عليه مادار مزيا
آه هاه، وا رامي .. كلها وكيتو
آه هاه، وا الغادي .. كلها وكيتو
وريني وحشك يا الغابة

ها آهاه هاه آهاه

هاك دراعي توسدو
تكايس تكايس لا تهرسو
ولا هرستيه راه الجبار حدايا
آه هاه، وا رامي .. كلها وكيتو
آه هاه، وا الغادي .. كلها وكيتو
وريني وحشك يا الغابة

ها آهاه هاه آهاه

گالو لي مسافرة معاه
وا گالولي مسافرة معاه
وانا ماشي معاه
بنات الحومة تعجبو فيه وفيا
آه هاه، وا رامي .. كلها وكيتو
آه هاه، وا الغادي .. كلها وكيتو
وريني وحشك يا الغابة

ها آهاه هاه آهاه
ها آهاه هاه آهاه
١٢_سُوبيغْ نوفا : Supernova نجم متفجر ...
١٣_ترينكلا ميسا : صفة من صفات لعب ورق الكارطا عند المغاربة وأشهرها ما يطلقون عليه ب (الروندا) وهي عبارة
عن مجموعة من الأدوار يتم فيها توزيع ثلاثة أوراق على اللاعبين المتبارين، مع وضع أربعة أوراق مكشوفة على طاولة اللعب، والتباري يكون عادة حول الحصول على أكبر عدد من الأوراق الموجودة على طاولة اللعب ...
_انفخ ضاما : لعبة شعبية تشبه الشطرنج لكنها دونه في التعقيد
_روندا دْمَاصْ آخَاي الكارطا عَاوَدْ اللعب:تقال عندما يعتري جولة ما من جولات اللعب خلل يفسد وتيرة سير اللعبة بطريقة طبيعية وعادلة، فتعاد الأمور الى نصابها كما كانت قبل وقوع الخلل ...
_جانكا صيكْ : كحول حادة تستعمل لإشعال الحريق يستعملها بعض المدمنين
_إيتوبْ على المكتوب : ما أحلا ما تجري به الأقدار

_خطوري عبدالله
_كُتِبَتِ القصة أيام الخميس الجمعة السبت صيف 14 و 15 و 16 يوليوز 1988 وجدة، وأعيد تنقيحها وتذييلها بالإشارات والشروح صيف يوليوز غشت تموز آب ٢٠٢٣ بتازا وطنجة ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأَنْبِسُ آمِيييين رُبَّمَا
- كَانَتْ حَنُونَةً مُشْفِقَةً شَمْسُ آلْوَدَاعِ
- غَنَّتْ فَاطِمَة
- اِقْرَأْ
- حَتَّى تَلَاشَتْ هُنَالِكَ فِي أُفُقٍ بِلَا أُفق
- اَلنَّجْمْ الْأَزْرَقُ
- وَآخْتَفُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَبَدًا
- لَقَدْ آخْتَرَقَ تِلْكَ آلْبَرَارِي أبِي
- سُكَّانُ بَلْدَتِنَا آلطَّيِّبُونَ
- كَباز خرافةٍ معْقوف القامةِ والمنقار
- أرَانِي أَغْرَقُ في زُلالٍ مِنْ خَيالٍ سَسَّغْ أمَانْ نْتْمَ ...
- يا أيّها آلطّفلُ آلجَميلُ آلعَالِقُ
- سُعَار (4)
- سُعَار (3)
- سُعَار (2)
- سُعُار (1)
- من تغريبة غضبان الموغربان
- أَهْلُ آلْمَكَانِ
- The Big Boss
- اُوووووو ... هْ ... اُووووووو ...


المزيد.....




- فرنسا.. ذاكرة مصورة للكفاح الفلسطيني في مكتبة تولوز السينمائ ...
- تقرير عبري: وضع كريات شمونة أشبه بفيلم حربي ولم يبق فيها إلا ...
- جائزتان للفيلم الفلسطيني -ما بعد- في ختام مهرجان لوكارنو الس ...
- تردد قناة كراميش 2024 الأحدث لمتابعة أفضل أغاني الأطفال وأفل ...
- -عماد 4-.. فيلم من انتاج المقاومة اللبنانية يقلق الإعلام الع ...
- رابط مباشر.. نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية ونتائج الدور الثا ...
- عالم الترفية والثقافة.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجديد ...
- تابع أقوى أفلام الكرتون مع تردد قناة CN نتورك بالعربية على ا ...
- وفاة الممثل العراقي حمودي الحارثي الشهير بـ-عبوسي-
- افضل قنوات الأطفال.. تردد قناة سبيستون الجديد 2024 محتوى مم ...


المزيد.....

- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - قَرعُ آلْمَمْسُوحِ ... (قصة)