كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8073 - 2024 / 8 / 18 - 00:52
المحور:
الادب والفن
المراة الحنطية البدينة قالت في التحقيق (لست وحدي , فتاتاي معي ايضا ).
قالت ذلك وهي ترتعد , متلفعة بعباءة سوداء تستر شعرها بحجاب اسود يغطي اعلى جبهتها وصورته وهو ينزف بغزارة واخرى وهو يلفظ اخر انفاسه ماثلة امامها .
كان اخر فراش بينهما قبل عشرين عاما انها الان في الخامسة والخمسين , لم تنس تلك الليلة فقد استبسلت وهي تئن تحت قبضة يديه القاسيتين .
لم تنل منها فجاة صفعات الشيخوخة ولم تصرعها في غفلة منها , فمنذ اول خصلة بيضاء قلعتها من حرير شعرها الكثيف احست بغرابية اللحظة .
طلب منها جارهم الخباز الشاب الحيوي الفي دولار للتنفيذ ومن كل واحدة من بنتيها الف دولار على ان تكون له وحده بعد الحادثة .
المراة البدينة افقدتها السنون جمال رشاقتها وشيئا فشيئا بدات اكف الشيخوخة تغزل لها صور مشوهة مستنسخة منها .
وقفت معه في الازمات وهي يكبرها بعشر سنوات , آزرته ايام خسائره الفادحة ( لكل ازمة زوال .. سيعوضك الله ) , منعته من الانجراف لهاوية الياس فاستقام مرات بعد تعثر واهتزاز .
في العشرين سنة الاخيرة هي امراة للزاد والغسيل , سلعة كاسدة , خرقة مهملة , انهزام فاجع قاومت الاعتراف به طويلا .
وراته لسنوات شخير وجثة شبه هامدة , يدير تجارته حتى الظهر ويعاود عصرا حتى الغروب ... ركعات وبعض طعام فنوم عميق .
وحدها حين يتكثف الظلام وتختفي من تبث اليهن وحدها تعاني من جحيم روحها .
حين قصدت الخباز اول مرة لشراء الرغيف اهتزت في اعماقها سورات مشاعر غامضة وجارفة لم تكن بمزاج يسمح لها بالتبرير او التفسير , حيويته وعيناها الشهلاوان وابتسامته الثاقبة حركت حجرية روحها .
انهما الان في مطعم يحوك لها الحكايا التي تهز اعماقها التي قربت من التكلس , وشيئا فشيئا رات نفسها تعود لايام العشرين حين كانت تحفة لا تقاوم وجمالا يغري جيوشا بالهزيمة .
- ( الحاج دخل البيت فاسرع )
ـ هل المبلغ جاهز
- نعم
وتلفن لكبرى بناتها فطمأنته ( فور تنفيذك , الالف دولار بيدك ) , واتصل باختها الاصغر فتلقى نفس الجواب .
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟