أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - قبل البداية














المزيد.....

قبل البداية


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8073 - 2024 / 8 / 18 - 00:51
المحور: الادب والفن
    


استدارتْ الدكتورة إيمان نحو اللوح لتكتب عبارة :
ماذا قبل البداية؟.
تداركتْ بمنديل كان في يدها دمعتين سقطتا من عينيها. التفتتْ ببطء نحو الطلبة كمحاولة للخروج من حالة عدم التوازن التي شعرت بها قبل دخولها القاعة..
سألتهم بصوتٍ متحشرجٍ عن اسم الفيلسوف الذي من المقرر مناقشة أفكاره اليوم. لم تنتظر الإجابة، بل استدارتْ ثانية لتكتبَ تحت العبارة الأولى :
إيمانويل كانت.
ثم وضعت خطين تحت الاسم.
طاقة الحزن التي تملكتها استحوذتْ على ملامحها بشكل جعل الطلبة يتهامسون.
أغمضتْ عينيها ورفعت رأسها نحو السّقف لتسترجع ما حدث مساء البارحة مع زوجها أستاذ الرّياضيات وهو يحدثها بكل هدوء بأمر الانفصال!.
كان مهذبًا وهو يخبرها برغبته في بدء حياة جديدة مع امرأة تحولتْ عواطفه نحوها راجيًا لها السعادة مع رجل غيره!.
نظراته وهو يحدثها حفرت خندقًا حول قلبها:
لم أعد قادرًا، الأمر أكبر من طاقتي!.
بهذه الكلمات أنهى حديثه ليتجه إلى مكتبه تاركًا إياها تحاول استيعاب اللحظة التي قصمت ظهر الزمن.
بدت حجته سخيفة وهو يخبرها أن ردود أفعالها المتروية هي من شجعه على البوح بمكنونات نفسه،
ليست نهاية العالم انفصال اثنين فدائمًا في مكان ما ثمة بداية!.
سمعت صوتًا من آخر القاعة يسألها :
- عن أية بداية تقصدين دكتورة؟!. فكل شيء له بداية .. الليل له بداية .. البحر له بداية .. الحب له بداية .. الإنسان له بداية!.
لم تحاول وقف الهمهمة التي سرتْ بين الطلاب، أجابته :
- بداية هذا العالم، العلة الأولى.
تذكرتْ زوجها ليلة البارحة حينما أمسك يدها، بدا لطيفًا كعادته. أخبرها أنها إنسانة مميزة، لكن للقلب قوانين لا تخضع للمنطق، لهذا فضل الصّراحة لأنها أقصر الطّرق للوصول لأية نقطة.
استمعتْ إليه لتجد نفسها وسط دائرة مغلقة تشابكتْ نهايتها مع البداية.
لم ترَ الطالب المتحدث، فقط أومأتْ برأسها علامة الموافقة حين سمعته يقول:
- البداية كانت انفجارًا كونيًا عظيمًا، الحياة كانت إحدى نتائجه.
تذكرتْ حديث زوجها وهو يجيب عن سؤالها لماذا الآن اختار الانفصال، وليس قبل عام أو شهر أو ربما بعد أسبوع ؟. شعرت كأنه يتحدث في محاضرة حينما ردّ :
- في الزمن، لا فرق بين لحظة وأخرى، نحن من قسمناه لنلقي على عاتقه ما نفعل!.
حركتْ خاتم الزواج في إصبعها وتذكرت ردَّ زوجها حين سألته عن المرأة الأخرى :
- كم من الوقت مضى على علاقتكَ بها؟.
أجاب بعد فترة صمت حاول خلالها التّملص من الرّد :
- البداية قبل عامين.
- ماذا قبل البداية؟!.
- هناك أسئلة من العبث طرحها لأنها لن تنتهي ولن تكون مجدية، ستكون مضيعة للوقت ولن تغير من النّتائج شيئًا.
صوت ناعم من طالبة تجلس في الصّف الأمامي تقول :
- الخيال لايقف عند حد، لا يمكننا تجاهل سؤال آخر يطرحه العقل وهو ماذا قبل البداية ؟.
صوت طالب جاء من طرف اليمين ليكمل حديث زميلته حينما قال :
- بهذا وصف إيمانويل كانت العقل. إنه لا نهائي .. دائم البحث عن عوالم جديدة في داخلها عوالم أخرى، لا يرضى بالسكون، متيقن أنّ كل بداية تسبقها بداية!.
خرجتْ الدكتور من القاعة مسرعة، لم تستطع هذه المرة وقف شلال الدموع المنهمرة من عينيها حينما تذكرتْ آخر كلمة له بصوت واثق :
- ليس مهمًا معرفة كيف كانت البدايات، النّهايات ما يجب التّوقف عندها!.
تحتَ عراء كلماته،استسلمت للنهاية ••



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة ورق
- برنامج أرواق ثقافية
- كبرتُ .. حقًا كبرتُ
- زوجة لساعة من نهار
- ركن في ساعة
- رسالة قلب عاطل عن الحياة
- حلم أخضر .. حلم أزرق
- جيل الطيبين
- بين أبي وأمي
- إيلينا
- أنا وبلي
- السحب التي أمطرت ألمًا
- النخلة العاشقة
- الجدار
- خاصرة الورد
- أمي وذلك العشيق .. تبصر وإبصار بقلم الناقد إسماعيل إبراهيم ع ...
- هواجس
- يوم آخر .. يوم أخير
- هلوسات ندى
- معطف الغياب


المزيد.....




- الفنان المصري الشهير خالد الصاوي: أنا حي.. (فيديو)
- فرنسا.. ذاكرة مصورة للكفاح الفلسطيني في مكتبة تولوز السينمائ ...
- تقرير عبري: وضع كريات شمونة أشبه بفيلم حربي ولم يبق فيها إلا ...
- جائزتان للفيلم الفلسطيني -ما بعد- في ختام مهرجان لوكارنو الس ...
- تردد قناة كراميش 2024 الأحدث لمتابعة أفضل أغاني الأطفال وأفل ...
- -عماد 4-.. فيلم من انتاج المقاومة اللبنانية يقلق الإعلام الع ...
- رابط مباشر.. نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية ونتائج الدور الثا ...
- عالم الترفية والثقافة.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجديد ...
- تابع أقوى أفلام الكرتون مع تردد قناة CN نتورك بالعربية على ا ...
- وفاة الممثل العراقي حمودي الحارثي الشهير بـ-عبوسي-


المزيد.....

- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - قبل البداية