أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الاغتيالات السياسية العلنية والسرية التي نفذتها إسرائيل، محمد عبد الكريم يوسف















المزيد.....


الاغتيالات السياسية العلنية والسرية التي نفذتها إسرائيل، محمد عبد الكريم يوسف


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8069 - 2024 / 8 / 14 - 10:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاغتيالات السياسية العلنية والسرية التي نفذتها إسرائيل

على مدى عقود من الزمان، تقوم إسرائيل بممارسات معقدة ومثيرة للجدل تتمثل في الاغتيالات السياسية في الداخل والخارج. وكانت عمليات القتل المستهدفة هذه، التي تتم من خلال عمليات عسكرية علنية وعمليات استخباراتية سرية، عنصرا أساسيا في استراتيجية الأمن الإسرائيلية. وفي حين يزعم المؤيدون أن هذه الإجراءات كانت ضرورية لحماية المواطنين والمصالح الإسرائيلية، أثار المنتقدون مخاوف بشأن قانونية وأخلاقية وفعالية مثل هذه التكتيكات. ومن أشهر الأمثلة على الاغتيالات السياسية التي ترتكبها إسرائيل اغتيال القائد العسكري لحماس محمود المبحوح في دبي عام 2010. وقد ألقت هذه القضية البارزة الضوء على المدى الذي قد تصل إليه إسرائيل للقضاء على أعدائها، حتى في الأراضي الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، فإن اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في عام 2020 هو مثال آخر على الإجراءات السرية التي تتخذها إسرائيل ضد التهديدات المتصورة. ومن خلال دراسة هذه الحالات، فضلا عن حالات أخرى، سوف تتعمق هذه المقالة في الدوافع وراء استخدام إسرائيل للاغتيالات السياسية والآثار المترتبة على المشهد الجيوسياسي الأوسع.

النقاط الرئيسية:
============
1. تاريخ إسرائيل الطويل في الاغتيالات السياسية: من اغتيال القادة الفلسطينيين إلى عمليات القتل المستهدفة لعلماء نوويين إيرانيين، تتمتع إسرائيل بسجل موثق جيدا في استخدام العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية.

2. الآثار الأخلاقية لاستخدام الاغتيال كأداة سياسية: هل استخدام عمليات القتل المستهدفة طريقة مقبولة لتحقيق أهداف الأمن القومي، أم أنها تنتهك القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان؟ إن دراسة هذه الأسئلة أمر بالغ الأهمية لفهم أخلاقيات تصرفات إسرائيل.

3. أمثلة على الاغتيالات السياسية: إن القضاء على زعيم حماس الشيخ أحمد ياسين وقائد حزب الله عماد مغنية ليست سوى أمثلة قليلة على العمليات السرية التي نفذتها إسرائيل. وقد أشاد البعض بهذه عمليات القتل المستهدفة باعتبارها إجراءات ضرورية لحماية المواطنين الإسرائيليين، في حين ينظر إليها آخرون باعتبارها عمليات قتل خارج نطاق القضاء تؤدي إلى استمرار دورة العنف.
4. العواقب المترتبة على الاغتيالات السياسية: في حين يزعم البعض أن عمليات القتل المستهدفة تشكل رادعا فعالا ضد التهديدات الإرهابية، يشير آخرون إلى العواقب المحتملة لمثل هذه الأعمال. لم تؤد اغتيالات العلماء النوويين الإيرانيين إلى تصعيد التوترات في المنطقة فحسب، بل أثارت أيضا المخاوف بشأن احتمال شن هجمات انتقامية على الإسرائيليين.
5. الخاتمة: عند تقييم الفوائد والسلبيات المترتبة على استخدام إسرائيل للاغتيالات السياسية، من الأهمية بمكان أن نأخذ في الاعتبار العواقب الطويلة الأجل لمثل هذه الأعمال. ومن الضروري أن تشارك إسرائيل في عمليات صنع القرار الشفافة والخاضعة للمساءلة لضمان التزام أفعالها بالمعايير القانونية الدولية. ومن خلال التأمل في الماضي والتأمل في المستقبل، تستطيع إسرائيل أن تسعى جاهدة نحو مستقبل أكثر سلاما وأمنا لجميع الأطراف المعنية.

التفاصيل:
========
1. التاريخ الطويل لإسرائيل في الاغتيالات السياسية: من اغتيال القادة الفلسطينيين إلى عمليات القتل المستهدفة لعلماء نوويين إيرانيين، تمتلك إسرائيل سجلا موثقا جيدا في استخدام العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية.
إن استخدام إسرائيل للاغتيالات السياسية كأداة لتحقيق أهدافها السياسية موثق جيدا ويمتد إلى عقود من الصراع في الشرق الأوسط. فمن اغتيال القادة الفلسطينيين البارزين إلى عمليات القتل المستهدفة لعلماء نوويين إيرانيين، استخدمت إسرائيل العنف باستمرار كوسيلة لتعزيز أجندتها. ومن أبرز الأمثلة على استخدام إسرائيل للاغتيالات السياسية اغتيال زعيم منظمة التحرير الفلسطينية خليل الوزير، المعروف أيضا باسم أبو جهاد، في عام 1988. كان أبو جهاد شخصية رئيسية في حركة المقاومة الفلسطينية ولعب دورا هاما في تنظيم الهجمات ضد أهداف إسرائيلية. وكان اغتياله، الذي نفذته قوات الكوماندوز الإسرائيلية في منزله في تونس، بمثابة ضربة قوية للقضية الفلسطينية وأظهر استعداد إسرائيل للقضاء على أعدائها بوسائل عنيفة. وفي السنوات الأخيرة، واصلت إسرائيل سياستها في الاغتيالات المستهدفة، وخاصة اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين. وكانت هذه العمليات السرية، التي يزعم أن وكالة الاستخبارات الإسرائيلية الموساد هي التي نفذتها، تهدف إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني ومنع تطوير الأسلحة النووية. ورغم أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلن رسميا مسؤوليتها عن هذه الاغتيالات، فقد نسبت على نطاق واسع إلى إسرائيل، واعتبرت بمثابة رسالة واضحة من المعارضة الإسرائيلية لطموحات إيران النووية. ولكن استخدام إسرائيل للاغتيالات السياسية لم يقتصر على التهديدات الخارجية. فقد عُرف عن الحكومة الإسرائيلية أيضاً استهدافها للأفراد داخل حدودها والذين يُنظَر إليهم باعتبارهم تهديدا للأمن القومي. ففي عام 1995، اغتيل رئيس الوزراء إسحاق رابين على يد متطرف يهودي عارض عملية السلام مع الفلسطينيين. وأحدث اغتيال رابين موجة من الصدمة في المجتمع الإسرائيلي، وأظهر مخاطر العنف السياسي داخل إسرائيل. وعلى الرغم من الجدل والتداعيات الأخلاقية للاغتيالات السياسية، فقد دافعت إسرائيل عن استخدامها لمثل هذه التكتيكات باعتبارها ضرورية لحماية مواطنيها والحفاظ على أمنها القومي. يزعم المنتقدون أن عمليات القتل المستهدفة تنتهك القانون الدولي وتقوض الجهود الرامية إلى السلام والدبلوماسية، لكن المؤيدين يزعمون أنه في مواجهة التهديدات الوجودية، فإن إسرائيل لديها الحق في اتخاذ إجراءات استباقية لحماية مصالحها. وفي الختام، فإن تاريخ إسرائيل الطويل من الاغتيالات السياسية يعكس تعقيد وتقلب المنطقة التي توجد فيها. وفي حين يرى البعض أن هذه التكتيكات ضرورية للأمن القومي، يدينها آخرون باعتبارها انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي. وبصرف النظر عن موقف المرء من هذه القضية، فمن الواضح أن استخدام إسرائيل للاغتيالات السياسية سيظل موضوعا مثيرا للجدال طالما استمر الصراع في الشرق الأوسط.
2. الآثار الأخلاقية لاستخدام الاغتيال كأداة سياسية: هل استخدام عمليات القتل المستهدفة طريقة مقبولة لتحقيق أهداف الأمن القومي، أم أنها تنتهك القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان؟ إن دراسة هذه الأسئلة أمر بالغ الأهمية لفهم أخلاقيات تصرفات إسرائيل.
إن استخدام عمليات القتل المستهدفة لأغراض سياسية يثير أسئلة أخلاقية ومعنوية مهمة لا يمكن تجاهلها. في حين يزعم البعض أن الاغتيالات أداة ضرورية لتحقيق أهداف الأمن القومي، يزعم آخرون أنها تنتهك القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان. وفي حالة إسرائيل، حيث تم تنفيذ عمليات اغتيال سياسية علنية وسرية، فمن الضروري أن نفحص بشكل نقدي الآثار الأخلاقية لهذه الأعمال. ومن الحجج الرئيسية لصالح استخدام عمليات القتل المستهدفة أنها وسيلة ضرورية للقضاء على التهديدات الوشيكة للأمن القومي. وكثيرا ما يشير أنصار هذا الرأي إلى فعالية عمليات الاغتيال في تعطيل الشبكات الإرهابية ومنع الهجمات المستقبلية. وهم يزعمون أنه في عالم حيث تعمل الجماعات الإرهابية دون مراعاة للحياة البشرية، قد تكون عمليات القتل المستهدفة هي السبيل الوحيد لحماية المدنيين الأبرياء والحفاظ على الاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، يزعم آخرون أن استخدام الاغتيالات كأداة سياسية أمر غير عادل في الأساس ويتعارض مع القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان. إن ممارسة عمليات القتل المستهدفة تتجاوز العمليات القانونية وحقوق الإجراءات القانونية الواجبة، وتحرم الأفراد من الحق في المحاكمة العادلة وفرصة الدفاع عن أنفسهم. وعلاوة على ذلك، فإن الطبيعة خارج نطاق القضاء لعمليات الاغتيال تقوض سيادة القانون وتضع سابقة خطيرة يجب على البلدان الأخرى أن تحذو حذوها. لا يمكن فصل التداعيات الأخلاقية لاستخدام إسرائيل لعمليات القتل المستهدفة عن الواقع.

3. أمثلة على عمليات الاغتيال السياسية: إن القضاء على زعيم حماس الشيخ أحمد ياسين والقائد في حزب الله عماد مغنية ليسا سوى أمثلة قليلة على العمليات السرية التي نفذتها إسرائيل. وقد أشاد البعض بهذه الاغتيالات المستهدفة باعتبارها إجراءات ضرورية لحماية المواطنين الإسرائيليين، في حين ينظر إليها آخرون باعتبارها عمليات قتل خارج نطاق القضاء تؤدي إلى استمرار دورة العنف. إن تاريخ إسرائيل في الاغتيالات السياسية مليء بالأمثلة المثيرة للجدال، حيث أصبحت الخطوط الفاصلة بين الأمن القومي والقتل خارج نطاق القضاء غير واضحة. ومن بين الشخصيات البارزة التي انتهت حياتها بعمليات سرية إسرائيلية زعيم حماس الشيخ أحمد ياسين والقائد في حزب الله عماد مغنية. إن القضاء الناجح على هذين الفردين يشكل دليلا على تصميم إسرائيل على حماية مواطنيها من التهديدات الوشيكة. وكان الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس وزعيمها الروحي، معروفا بأيديولوجيته المتطرفة ودعواته إلى المقاومة العنيفة ضد إسرائيل. ولقد شكل نفوذه داخل الأراضي الفلسطينية تهديدا خطيرا للأمن الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى اغتياله في عام 2004. وفي حين أشاد البعض بوفاته باعتبارها إجراء ضروريا لقمع الإرهاب وحماية المدنيين الإسرائيليين، انتقدها آخرون باعتبارها انتهاكاً للقانون الدولي واستمرارا لدورة العنف في المنطقة. وعلى نحو مماثل، لقي عماد مغنية، القائد في حزب الله والمسؤول عن العديد من الهجمات ضد أهداف إسرائيلية وغربية، حتفه في عملية اغتيال بسيارة مفخخة في دمشق في عام 2008. وكان مقتل مغنية بمثابة ضربة قوية للقدرات العسكرية لحزب الله وانتصارا كبيرا لإسرائيل في صراعها المستمر مع الجماعة اللبنانية المسلحة. ولكن مقتله أثار أيضا تساؤلات حول قانونية وأخلاقيات الاغتيالات المستهدفة، وخاصة عندما يتم تنفيذها في أراض أجنبية. وتسلط هذه الأمثلة من الاغتيالات السياسية الناجحة الضوء على المعضلات الأخلاقية المعقدة التي تواجهها إسرائيل في جهودها لمكافحة الإرهاب وحماية مواطنيها. فمن ناحية، قد يؤدي القضاء على زعماء إرهابيين بارزين إلى تعطيل المنظمات المعادية ومنع الهجمات المستقبلية، مما قد يؤدي إلى إنقاذ أرواح بريئة. ومن ناحية أخرى، يمكن النظر إلى مثل هذه الاغتيالات المستهدفة باعتبارها انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي، مما يعرض العلاقات الدبلوماسية للخطر ويؤجج العداء بين الخصوم. ومن الأهمية بمكان أن ندرك الطبيعة الدقيقة للعمليات السرية التي تنفذها إسرائيل والغموض الأخلاقي المحيط بالاغتيالات السياسية. وفي حين قد تحقق هذه الإجراءات مكاسب تكتيكية قصيرة الأجل، فإنها تحمل أيضاً عواقب طويلة الأجل يجب أن تؤخذ في الاعتبار بعناية. ومع تطور المعايير العالمية للعدالة وحقوق الإنسان، فمن الضروري لإسرائيل أن تتمسك بالشفافية والمساءلة في استراتيجياتها لمكافحة الإرهاب، وضمان أن تكون أفعالها مبنية على المبادئ القانونية والأخلاقية. إن اغتيال الشيخ أحمد ياسين وعماد مغنية بمثابة حكايات تحذيرية عن المخاطر العالية التي تنطوي عليها العمليات السرية التي تنفذها إسرائيل. وبينما تتنقل البلاد عبر المشهد المعقد للصراعات الإقليمية والتهديدات الأمنية، يتعين عليها أن توازن بين ضرورة حماية مواطنيها وضرورة دعم الحقوق والمبادئ الأساسية. إن إسرائيل، من خلال الفحص النقدي لنتائج عمليات القتل المستهدفة في الماضي والتعلم من النجاحات والإخفاقات، تستطيع أن تصقل نهجها في التعامل مع الاغتيالات السياسية وأن تسعى إلى مستقبل أكثر عدلا وسلاما.

4. ردة الفعل الناتجة عن الاغتيالات السياسية: في حين يزعم البعض أن عمليات القتل المستهدفة تشكل رادعا فعالا ضد التهديدات الإرهابية، يشير آخرون إلى الردود الفعل المحتملة لمثل هذه الأعمال. لم تؤد عمليات اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين إلى تصعيد التوترات في المنطقة فحسب، بل وأثارت أيضا المخاوف بشأن إمكانية شن هجمات انتقامية على الإسرائيليين في الدوائر الاسرائيلية والغربية.

لطالما كانت الاغتيالات السياسية تكتيكا مثيرا للجدل تستخدمه الحكومات في جهودها للقضاء على التهديدات أو الأعداء المفترضين. وفي حين يزعم البعض أن عمليات القتل المستهدفة تشكل رادعاً فعالاً ضد التهديدات الإرهابية، لا يمكن تجاهل الردود الفعل المحتملة لمثل هذه الأعمال. ومن الممكن أن نرى أحد الأمثلة الرئيسية لهذه الردود الفعل في اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين. لم تؤد عمليات القتل هذه إلى تصعيد التوترات في المنطقة المضطربة بالفعل فحسب، بل وأثارت أيضاً المخاوف بشأن إمكانية شن هجمات انتقامية على الإسرائيليين. إن إسرائيل، من خلال الانخراط في مثل هذه الاغتيالات المستهدفة، تخاطر بإثارة المزيد من العنف وعدم الاستقرار في المنطقة. إن اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين لم يسفر عن خسارة الخبرة القيمة فحسب، بل عمل أيضا على تقويض الجهود الدبلوماسية الرامية إلى معالجة القضية النووية من خلال الوسائل السلمية. وبدلا من تعزيز تهدئة التوترات، لم تعمل هذه الاغتيالات إلا على تعزيز دورة الانتقام والعنف. وعلاوة على ذلك، فإن استخدام الاغتيالات السياسية كوسيلة للتعامل مع المشاعر المعادية للغرب، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوترات بين إيران وإسرائيل.

5. الخاتمة: عند تقييم الفوائد والسلبيات المترتبة على استخدام إسرائيل للاغتيالات السياسية، من الأهمية بمكان أن نأخذ في الاعتبار العواقب الطويلة الأجل لمثل هذه الأعمال. ومن الضروري أن تنخرط إسرائيل في عمليات صنع القرار الشفافة والخاضعة للمساءلة لضمان التزام أفعالها بالمعايير القانونية الدولية. ومن خلال التأمل في الماضي والتأمل في المستقبل، تستطيع إسرائيل أن تسعى جاهدة نحو مستقبل أكثر سلاما وأمنا لجميع الأطراف المعنية.

وعند النظر في استخدام إسرائيل للاغتيالات السياسية، من الضروري تقييم كل من الفوائد والسلبيات. وفي حين قد تحقق هذه الإجراءات أهدافاً قصيرة الأجل مثل القضاء على التهديدات المباشرة وتعطيل الشبكات الإرهابية، فلا بد من تقييم العواقب الطويلة الأجل بعناية. ومن الأهمية بمكان أن تنخرط إسرائيل في عمليات صنع القرار الشفافة والخاضعة للمساءلة عند تنفيذ الاغتيالات السياسية. ومن خلال القيام بذلك، تستطيع إسرائيل ضمان أن أفعالها ليست فعالة فحسب، بل وأيضا مبررة أخلاقيا. والالتزام بمبادئ القانون الدولي أمر ضروري للحفاظ على شرعية هذه العمليات ومنع مزاعم جرائم الحرب. إن التأمل في الأمثلة السابقة للاغتيالات السياسية من شأنه أن يلقي الضوء على المخاطر والفوائد المحتملة لمثل هذه الأعمال. على سبيل المثال، أدى اغتيال زعيم حماس الشيخ أحمد ياسين في عام 2004 إلى إشعال فتيل هجمات انتقامية وتصعيد التوترات في المنطقة. ومن ناحية أخرى، لم يقد اغتيال عنصر حزب الله البارز عماد مغنية في عام 2008 إلى تعطيل عمليات المنظمة وإضعاف قدراتها ولكنه عزز ضرورة تعزيز قدرات الحزب ضد إسرائيل. وبالنظر إلى المستقبل، يتعين على إسرائيل أن تنظر في العواقب الطويلة الأجل لاستخدامها للاغتيالات السياسية. ومن خلال اتباع نهج استباقي لتحليل العواقب المحتملة لهذه الأعمال، يمكن لإسرائيل أن تسعى جاهدة نحو مستقبل أكثر سلاما وأمنا لجميع الأطراف المعنية. ومن الأهمية بمكان أن تعطي إسرائيل الأولوية للحلول الدبلوماسية وأن تسعى إلى معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بدلا من الاعتماد فقط على القوة العسكرية. وعلاوة على ذلك، يتعين على إسرائيل أن تعمل على بناء الثقة والتعاون مع الدول الأخرى في المجتمع الدولي. ومن خلال تعزيز العلاقات الإيجابية مع الحلفاء الرئيسيين والانخراط في حوار بناء مع الخصوم، يمكن لإسرائيل أن تبحر في التحديات الجيوسياسية المعقدة بطريقة أكثر استدامة وأن تنسحب من الأراضي المحتلة وأن تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني وتكف عن إعتداءاتها. إن التعاون والشفافية يشكلان مفتاحا لتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة. وفي نهاية المطاف، لا ينبغي لنا أن نتخذ قرار استخدام الاغتيالات السياسية باستخفاف. ومن الضروري أن تدرس إسرائيل بعناية الآثار الأخلاقية والقانونية والاستراتيجية لمثل هذه الأعمال قبل المضي قدما رغم أننا على يقين بأنها تعرف هذه الآثار ولكتها تتجاهلها جملة وتفصيلا. . ومن خلال القيام بذلك، تستطيع إسرائيل أن تفي بالتزاماتها الأخلاقية والقانونية في حين تعالج التهديدات الأمنية بفعالية. وفي الختام، من خلال التفكير في الماضي والتأمل في المستقبل، تستطيع إسرائيل أن تسعى جاهدة نحو مستقبل أكثر سلاما وأمنا لجميع الأطراف المعنية. وتشكل عمليات صنع القرار الشفافة والمسؤولة أمرا أساسيا لضمان التزام الاغتيالات السياسية بالمعايير القانونية الدولية. ومن خلال إعطاء الأولوية للدبلوماسية، وبناء الثقة مع المجتمع الدولي، وتحليل العواقب المحتملة لأفعالها، تستطيع إسرائيل أن تبحر في التحديات الجيوسياسية المعقدة بطريقة مسؤولة ومستدامة. كان تاريخ إسرائيل من الاغتيالات السياسية، سواء العلنية أو الخفية، موضوعا مثيرا للجدل ومثيرا للجدال. وفي حين يزعم البعض أن هذه الأعمال مبررة باسم الأمن القومي والدفاع عن النفس، يدينها آخرون باعتبارها انتهاكات للقانون الدولي وحقوق الإنسان. وبصرف النظر عن موقف المرء، فمن غير الممكن أن ننكر أن إسرائيل استخدمت عمليات القتل المستهدفة كأداة لتحقيق أهدافها السياسية. فمن اغتيال محمود المبحوح إلى مقتل ياسر عرفات، شكلت هذه الحوادث تاريخ البلاد والمشهد الجيوسياسي الأوسع في الشرق الأوسط. ومن الأهمية بمكان أن يراقب المجتمع الدولي عن كثب أفعال إسرائيل ويحاسبها عليها، من أجل ضمان عدم استخدام الاغتيالات السياسية كوسيلة لإسكات المعارضة وإدامة العنف. ومن خلال الشفافية والمساءلة والالتزام بالقانون الدولي فقط يمكننا أن نسعى إلى عالم أكثر عدالة وسلاما.

المراجع:
======
"Rise and Kill First: The Secret History of Israel s Targeted Assassinations" by Ronen Bergman
Bergman, Ronen. Rise and Kill First: The Secret History of Israel s Targeted Assassinations. Random House, 2018.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحديات التي واجهتها النساء الفيلسوفات ، محمد عبد الكريم يو ...
- مدخل إلى التفاوض وحل النزاعات، محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب على المحاكاة الافتراضية في تكنولوجيا خطوط أنابيب الب ...
- الموساد والاغتيالات السياسية ، محمد عبد الكريم يوسف
- بيروت عاصمة الاغتيالات السياسية،
- اللحوم المطبوعة مميزاتها وعيوبها ، محمد عبد الكريم يوسف
- عقوبة الإعدام في دائرة الضوء
- المحرمات في الشرق الأوسط: الله والجنس والسياسة
- عبثية الحياة على الأرض وفي السماء ، محمد عبد الكريم يوسف
- العمل التطوعي يتسم بالمرونة، محمد عبد الكريم يوسف
- استخدام التقييم اللامبالي قد يسبب الكثير من الضرر.
- الافتقار إلى المهارات المطلوبة في التدريب الافتراضي، محمد عب ...
- استخدام الوقت في التدريب الافتراضي
- تاريخ الاغتيالات السياسية التي نفذتها إسرائيل ضد الفلسطينيين ...
- أهمية الإمام علي بن أبي طالب في الإسلام
- تاريخ الاغتيالات السياسية
- الاغتيالات أدوات رخيصة لحل المشاكل بين الدول والمنظمات
- مبادئ العمل التطوعي وأشكاله
- العلاقات العامة ودورها في السياسة، محمد عبد الكريم يوسف
- العمل التطوعي وخصائصه ، محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....




- متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يسدّون أحد أكثر الطرق السريعة از ...
- بوتين يهنئ القيادة الباكستانية بعيد الاستقلال
- لمشاركتهم باحتجاجات السويداء.. حزب البعث يطرد 100 عضو
- موجة جفاف شديدة تضرب رومانيا وتتلف المحاصيل الزراعية وخسارة ...
- جنوب ووسط أوروبا يشتعل نيرانا.. حريق كبير في متنزه غابات في ...
- بعد أعمال الشغب العنصرية.. شباب في بريطانيا يريدون التغيير
- مجموعة أسرى أوكرانيين تبدي رغبتها في القتال ضد نظام كييف
- رئيس الوزراء الياباني يعتزم التنحي عن منصبه
- تقديرات أمريكية جديدة.. هل سترد إيران على اغتيال هنية؟
- -حلّ فعّال- للحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام


المزيد.....

- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الاغتيالات السياسية العلنية والسرية التي نفذتها إسرائيل، محمد عبد الكريم يوسف