|
الامريكيون يريدون اتجاها جديدا، ولكن هل سيقوده الديموقراطيون؟
والدن بيللو
الحوار المتمدن-العدد: 1770 - 2006 / 12 / 20 - 09:44
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
الانتخابات الامريكية الاخيرة كانت انتخابات تطهرية. في الوقت الذي كتب عديدون عبر العالم ان الناخبين الامريكيين قوالب من الاسمنت لا روح لها في يد كارل روف، نهض الناخبون الامريكيون من ثباتهم ليوجهوا اسوأ ضربة تلقاها الجمهوريون في الربع الاخير من القرن. المستقلون والوسط لم يصوتوا فقط لاسقاط مرشحي الحزب الجمهوري ولكن ثلث الايفانجيليكان – القاعدة المسيحية الاصولية لبوش – صوتوا لصالح الديموقراطيين.
احد الذين اخذتهم المفاجأة بالمسرة كان كاتب هذه السطور، الذي تنبأ، في اعقاب الانتخابات الرئاسية عام 2004، بأن الجمهوريين سوف يحكمون لربع القرن التالي بسبب آلية القواعد الرهيبة التي كانوا قد بنوها – "عملاق" ثبت نفسه في قاعدة اصولية داخل ما يسمى "الولايات الحمراء".
طريقان
طبعا، العديد ممن هؤلاء الذين انتخبوا الديموقراطيين فعلوا ذلك لانهم لم يعودا يتحملون الفضائح اليومية التي ابتلعت الجمهوريين في الكونجرس. ولكن استطلاعا وراء استطلاع اظهر ان السببين الرئيسين وراء توجه الناخبين كان العراق والشعور القوي بأن بوش ينزلق بامريكا في المسار الخاطئ.
بمرادفات التوجه الوطني، الاختيار في ذهن الناخبين في السابع من نوفمبر كان باطنيا من صنع جوناثان سكيل في كتابه "العالم الذي لا يقهر".
"بالنسبة للامريكيين، الاختيار الفوري هو بين امريكتين، بين مستقبلين للنظام العالمي. في اختيار امريكا الامبراطورية، يجب ان تركز السلطة في يد الرئيس، والشيكات والموازنات المالية عند طرف اخر؛ الحريات المدنية يجب العمل على اضعافها او فقدانها، والانفاق العسكري يزاحم الانفاق الاجتماعي؛ الفجوة بين الغني والفقير سوف تزداد على الارجح؛ الحياة السياسية الانتخابية، للمدى الذي تكون فيه ذات اهمية، سوف تهيمن عليها بشكل متزايد الاموال، خصوصا اموال الكوربوريشن، الذي سوف يبتر نفوذها مصالح الشعب، والاجندة الاجتماعية والاقتصادية والايكولوجية للبلاد والعالم سوف تسقط بشكل متزايد".
في تباين مع هذا المسار الخاص "بامريكا امبراطورية" هناك مسار "امريكا جمهورية" تنذر نفسها لخلق عالم تعاوني، [حيث] التركيز الرهيب للسلطة في الميدان التنفيذي سوف تتحطم؛ سوف توزع السلطة مرة اخرى بين ثلاث فروع، سوف يستعيدون مسئولياتهم في وضع حدود وتوازن احدهما الاخر كما ينص الدستور؛ سوف تبقى الحريات المدنية سليمة لا تمس او تتدعم؛ سوف تخرج الاموال من الحياة السياسية، وسوف يسمع صوت الارادة السياسية للشعب مرة اخرى؛ الحياة السياسية، ومعها سلطة الشعب، سوف تتجدد حيويتها؛ الاجندات الاجتماعية والاقتصادية والايكولوجية للبلاد والعالم سوف تصبح الهم الرئيسي للحكومات".
في السابع من نوفمبر، الناخبون الامريكيون رفضوا بوضوح المسار الامبراطوري.
ولكن لا يستطيع المرء ان يقول بثقة انهم كانوا واضحين جدا حول العلامات الاساسية للمسار البديل الذي اختاروه. انه دور القيادة لتنوير تلك العلامات، والسؤال الكبير في هذه اللحظة هو هل يستطيع الديموقراطيون المبتهجون تقديم زعامة لذلك.
العراق: كل الخيارات سيئة
العراق هي محك الاختبار. كما اشار العديدون، لا يمتلك الديموقراطيون استراتيجية موحدة بشأن العراق. وسبب ذلك هو ان التطورات حول العراق قد تدهورت الى نقطة تجعل المتاح فقط اختيارات سيئة.
الاستراتيجية الحالية لبوش هي تقوية الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة عسكريا، ولم يجد ذلك.
الاتيان بمزيد من القوات مؤقتا لدعم استقرار الاوضاع، ثم المغادرة – وهي خطة تم تبنيها اصلا لبعض الوقت بواسطة جون كيري – لن تصلح حيث ان الحرب الاهلية قد تطورت الى النقطة التي لن يحدث عندها حتى ولو مع قوات بمليون عسكري اي اختلاف.
تقسيم العراق الى ثلاث كيانات – الوسط السني والجنوب الشيعي والشمال الكردي – ببساطة سوف يكون تمهيدا لصراع اعظم مقيدا وحاجزا مزيد من القوات الامريكية.
الانسحاب الى القواعد او الى الصحراء لتفادي الخسائر ببساطة سوف يثير سؤالا: لماذا نحتفظ بقوات هناك على الاطلاق؟
اشراك ايران وتركيا وسوريا للمساعدة في خلق حل دبلوماسي – الحل الذي يتوقع البعض ان "جماعة دراسة العراق" المكونة من الحزبين والتي يترأسها جيمس بيكر ولي هاميلتون ان تقترحه – لن يصلح العمل به لأنه لا تستطيع تسوية مفروضة من الخارج ان تواجه وزن الديناميكيات الداخلية الدموية المعارضة للصراع الطائفي الذي تجاوز نقطة اللا عودة.
بوش، طبعا، يبقى على رأس اللاعبين عندما يصل الامرالى السياسة في العراق، وليس من المرجح ان ذلك الرجل الغبي العنيد ان يتوقف عن اعتقاده انه منتصر، والذي اعاد النص عليه كهدف له في نفس المؤتمر الصحفي الذي اعلن فيه استقالة رامسفيلد. رجال الاستراتيجية الجمهوريون الاكثر ميكيافيللية مثل كارل روف من المحتمل انه سوف يرغبون في توريط الديموقراطيين في استراتيجية خروج ثنائية الحزبين طويلة الامد تكلف مزيد من ارواح العراقيين والامريكيين لدرجة انه بحلول الانتخابات الرئاسية في 2008، الورطة في العراق سوف تصبح ورطتهم ايضا مثل الجمهوريين.
وكما الان، يمتلك الديموقراطيون الرصيد المعنوي لتأييد البلد لهم، ولديهم الفرصة ليس فقط لايقاف احجار الزاوية في السياسة الخارجية ولكن لافتتاح طريقا لعلاقة جديدة بين الولايات المتحدة والعالم لو امسكوا بأول درب الخروج من العراق الاقل طولا – هذا المقترن بالنائب جون مارثا، الذي هو واحد، ربما من بين الديموقراطيين الاساسيين، من الذين يعرفون الحقائق العسكرية على الارض: انسحاب فوري. ومع كل مشاعرهم البكر التي لم تنتظم بعد حول اروح الامريكيين الضائعة، "مسئوليتنا تجاه العراقيين"، او رؤية الناس لهم كأناس "تقطع وتهرب"، العديد من هؤلاء الذين صوتوا لصالح الديموقراطيين قد يكون لديهم بعض الصعوبة في القبول بحقيقة ان الانسحاب الفوري هو الحل الاقل تكلفة من كل الاختيارات. ولكن من ثم هذا ما يأتي القادة من اجله: صياغة حقيقة مرة عندما تتطلب اللحظة ذلك.
ليس من المرجح ان يحتضن معظم السياسيين الديموقراطيين انسحابا فوريا من بنات افكارهم. دون اي ضغط مستمر ولا يكل، السياق المرجح الذي سوف يتنكبونه هو الوصول الى خطة في مساومة مع بوش، وهو ما يعني اجزاء معزولة من خطة لا تنجح.
العسكريون الامريكيون: هل سوف يدخلون في اضراب؟
قد يكون احد مصادر الضغط هم العسكريون. من المعروف جيدا ان القيادات العسكرية العليا في حالة قصوى من السخط على القيادة المدنية لأنهم يشعرون ان العراق تدمر مصداقية العسكرية الامريكية. عندما اعلن الميجور جنرال وليام كولدويل، كبير المتحدثين بلسا الجيش الامريكي في العراق، في 19 اكتوبر ان نتائج استراتيجية البنتاجون بتركيز القوات في بغداد لمساعدة الجيش العراقي في احتواء منافذ العنف كانت "محبطة ومؤسفة"، فقد دق المسمار الاخير في نعش الفرص الاخيرة لحظوظ الجمهوريين الانتخابية. وعلى الغالب الارجح، لم تكذب القيادات المدنية كلماته.
ربما لم يمر الجيش الامريكي في العراق بعد بحالات ملموسة من التمرد، ولكن تدهور المعنويات لديها واضح في حوادث قتل المدنيين المتصاعدة، وحوادث الاغتصاب واساءة معاملة المساجين يقدم بسببها اعداد متزايدة من جنود المارينز الى المحاكمات ومنهم من حكم عليه بالسجن. وليس على غرار ما كان يحدث اثناء حرب فيتنام، الجيش الامريكي ليس جيشا نظاميا. ولكن حتى القيادة العليا تعرف انه حتى العسكريين المحترفين لديهم حدودهم وانه عند نقطة ما سوف يعترض النفر من الجنود على ارسالهم الى حرب لا نهاية لها ولا غاية من وراءها. لا احد يريد الموت من اجل خطأ. لا احد يريد ان يصبح في اخر كفن بلاستيكي يرسل من العراق. كان هذا حديث مارتا، من محاربي فيتنام القدامى المزين بالنياشين والذي كان صقرا من الصقور في معظم القضايا العسكرية الاخرى، الى زملائه في الحزب الديموقراطي.
رغم ذلك، تمرد عسكري بحكم الامر الواقع مثل ذلك الذي اجتاح الجيش الامريكي في السنين الاخيرة من حرب فيتنام ليس مرجحا. ما يحتمل حدوثه هو ان يتنازع الديموقراطيين والجمهوريين حول خطة "خروج مشرف"، والقيادة العسكرية العليا سوف تضع وحدات الجيش الامريكي بشكل ثابت في محل دفاع بحكم الامر الواقع من اجل تخفيض معدل الخسائر، وتاركة للقوات الامنية العراقية المرتزقة امر الدفاع عن نفسها. ربما حتى تصدر الاوامر للقوات ان تتحوصل في قواعد، مع دوريات حراسة من آن لاخر متزايدة ليس هدفها ضمان الامن ولكن ببساطة لاظهار العلم. وذلك سوف يكون المعادل العسكري للدخول في اضراب عن العمل.
تحديات امام الحركة المناهضة للحرب
وهكذا جاء الحديث الى الحركة المناهضة للحرب.
يجب تهنئة الحركة على دورها في الكفاح الهائل لتحويل موجة مد الرأي العام الامريكي حول العراق: سيندي شيهان ومعسكرها الدائم امام المقر الصيفي لبوش في كراوفورد بتكساس، والتحركات الاخرى العديدة من الاحتجاجات والعصيان المدني التي اشترك فيها العديد والعديد من الاخرين، التجمعات الاحتجاجية الكبيرة والمظاهرات الواسعة – كل ذلك صنع شيئا مختلفا، صنع اختلافا كبيرا.
ولكن الحركة لا يمكنها حتى ان تفكر في الاسترخاء ولو لثانية واحدة. اللحظة حاسمة. الان – فترة ما بعد الانتخابات الفورية – هو وقت رفع الرايات والشعارات. الوقت هو وقت تصعيد الحركة المعادية للحرب في الولايات المتحدة لجهودها – اخراج مظاهرات وراءها مظاهرات – لتنفيذ الانسحاب الفوري. اختيار الناخبين خلق قوة دفع يمكن ترجمتها في حركة الشارع التي يمكنها بدورها ان تترجم في ضغط قوي على الديموقراطيين حتى لا يوافقوا على استراتيجية الخروج على مدى زمني طويل. لا تستطيع الحركة تحمل اهدار قوة الدفع هذه، لان ثمن التراجع وترك الديموقراطيين يلتقون مع هذه الاستراتيجية سوف يكون معناه مزيد من الموتى العراقيين والامريكيين، والتضحية بهم من اجل حرب لا معنى لها دون اي افق لنهايتها على مرمى البصر.
والدن بيللو استاذ اجتماع في جامعة الفلبين والمدير التنفيذي لمعهد فوكاس على جنوب العالم ومقره بانكوك.
ZNet - كفاية زي نت العربية
#والدن_بيللو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|