الذاتية والحقيقة / بقلم ميشيل فوكو ت: من الفرنسية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8068 - 2024 / 8 / 13 - 00:33
المحور: الادب والفن
    

اختيار وإعداد شعوب الجبوري - ت: من الفرنسية أكد الجبوري

"كيف تم تشكيل نوع من حكومة البشر حيث لا يُطلب منهم مجرد الطاعة، بل إظهارها، وتوضيح ماهيتها؟" (ميشيل فوكو).

النص؛
(…).
(…)
مع العنوان العام "الذاتية والحقيقة"، فإن الهدف هو بدء التحقيق في الطرق الراسخة لمعرفة الذات وتاريخ الفرد: كيف تم تأسيس الذات، في أوقات مختلفة وفي سياقات مؤسسية مختلفة، كما كانت؟ هل كان موضوع المعرفة ممكنًا أو مرغوبًا فيه أو حتى لا غنى عنه؟ كيف يتم تنظيم الخبرة التي يمكن للمرء أن يكتسبها من نفسه والمعرفة التي تتشكل منها من خلال مخططات معينة؟ كيف تم تعريف هذه المخططات أو تقييمها أو النصح بها أو فرضها؟ ومن الواضح أنه لا اللجوء إلى تجربة أصلية ولا دراسة النظريات الفلسفية للنفس أو الأهواء أو الجسد يمكن أن يكون بمثابة المحور الرئيسي في مثل هذا البحث.

إن الخيط المشترك الذي يبدو أكثر فائدة لإجراء هذا التحقيق يتكون مما يمكن أن نسميه "التقنيات الذاتية"، أي من خلال الإجراءات، الموجودة بلا شك في أي حضارة، والتي يتم اقتراحها أو وصفها للأفراد لتحديد هويتهم. يحافظ عليها أو يحولها اعتمادًا على عدد معين من الأغراض، وكل هذا بفضل علاقات ضبط النفس على الذات أو معرفة الفرد لذاته. باختصار، يتعلق الأمر بوضع ضرورة "معرفة الذات"، التي تبدو مميزة جدًا لحضارتنا، في السؤال الأوسع الذي يخدم كسياق أكثر أو أقل وضوحًا: ما الذي يجب أن يصنعه المرء من نفسه، ما العمل الذي يجب القيام به؟ كيف "يحكم" نفسه عند ممارسة أفعال يكون فيها هو نفسه هدف الأفعال المذكورة، والمجال الذي تطبق فيه، والأداة التي لجأت إليها، والفاعل الذي يتصرف؟

يمكن اعتبار رجل الدولة الأثيني القديم لأفلاطون والجنرال في الحرب البيلوبونيسية نقطة انطلاق: تظهر مسألة "الرعاية الذاتية" - في فعل التكرار والإعداد - في هذا النص باعتبارها الإطار العام الذي تأخذ فيه ضرورة معرفة الذات على أهميته. وبالتالي فإن سلسلة الدراسات التي يمكن إجراؤها من تلك اللحظة فصاعدًا يمكن أن تشكل تاريخًا من "الرعاية الذاتية"، والتي تُفهم على أنها تجربة، وأيضًا كتقنية تعمل على تطوير هذه التجربة وتحويلها. تم العثور على مشروع بهذه الخصائص عند تقاطع موضوعين تمت مناقشتهما سابقًا: تاريخ الذاتية وتحليل أشكال "الحكومة”.

بعد تناولنا تاريخ الذاتية من خلال دراسة الانقسامات التي تحدث في المجتمع باسم الجنون والمرض والجريمة وتأثيراتها على تكوين الذات المعقولة والطبيعية؛ لقد قمنا بذلك أيضًا عندما حاولنا تحديد طرق تجسيد الموضوع في المعرفة مثل تلك التي تتعلق باللغة والعمل والحياة.

فيما يتعلق بدراسة "الحكومة"، فقد استجاب هذا لهدف مزدوج: إجراء النقد اللازم للمفاهيم الحالية لـ "السلطة" (التي يُنظر إليها بشكل مربك إلى حد ما على أنها نظام وحدوي، منظم حول مركز يقع في نفس المركز). الزمن أصله، وذلك بسبب ديناميكياته الداخلية يميل دائمًا إلى التوسع)؛ بل على العكس من ذلك، تحليلها كمجال للعلاقات الاستراتيجية بين الأفراد أو الجماعات - العلاقات التي يكون فيها سلوك الآخر أو الآخرين على المحك، والتي تتكرر، اعتمادًا على الحالة، وفقًا للإطار المؤسسي الذي يعيشون فيه. ويتطورون، وفقا للفئات الاجتماعية أو وفقا للأوقات، إجراءات وتقنيات متنوعة.

الدراسات المنشورة بالفعل عن السجن والضوابط، والدورات المخصصة لعقل الدولة و"فن الحكم"، المجلد قيد الإعداد، بالتعاون مع أ. فارج، على الرسائل المغلقة، بالختم الملكي، التي تطالب بـ سجن أو نفي شخص ما (رسائل مختومة) في القرن الثامن عشر: تشكل عناصر هذا التحليل لـ "الحكومة”.

إن تاريخ "الرعاية" و"تقنيات" الذات سيكون بالتالي وسيلة لتنفيذ تاريخ الذاتية: ولكن ليس من خلال التقسيمات بين المجرمين المجانين وغير المجانين، المرضى وغير المرضى وغير المجرمين، ليس من خلال دستور مجالات الموضوعية العلمية التي تنشئ الذات التي تعيش وتتكلم وتعمل، ولكن من خلال تموضع وتحولات ثقافتنا «العلاقات مع الذات"، بإطارها الفني وتأثيراتها. من المعرفة.

وبهذه الطريقة يمكننا أن نستعيد، في جانب آخر، مسألة "الحكومة": إدارة الذات من خلال التعبير عن العلاقات مع شخص آخر (آخرون) (كما نجدها في علم التربية، في النصائح السلوكية، في الاتجاه الروحي، في وصف نماذج الحياة، وما إلى ذلك).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 8/13/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات