روسيا - أزمة كورسك العملياتية – يجب العمل على معالجة الأخطاء فوراً

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8068 - 2024 / 8 / 13 - 00:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*



يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد

10 أغسطس 2024

في اليوم الثالث لغزو القوات الأوكرانية لمقاطعة كورسك، أصبح السؤال عن كيفية حدوث ذلك يطرحه الآن كل من يحلل سير وآفاق الحرب بجدية، محاولًا تحديد مهام روسيا المستقبلية في هذه الحرب، وليس اللعب على الأحاسيس الرخيصة.
إن العمل على تصحيح الأخطاء في الجيش يتم فوراً في أعقاب المعارك، وهذا لا يمكن تأجيله. لأن الأخطاء، إذا لم يتم منعها على الفور، سوف تتكرر في المعركة القادمة.

ما الذي يلفت الانتباه في قصة اختراق الجبهة بالقرب من كورسك؟

1. مشكلة الاحتياطيات

تم إعداد العملية الأوكرانية بأكملها من قبل الناتو بعد تحليل شامل لاحتياطيات القوات الروسية. هذه المشكلة موجودة لدينا منذ فترة طويلة ولم يتم حلها بشكل كامل. وتبين أن الوسائل التي تم بها حل المشكلة لم تكن كافية، واستمر الوضع على حاله. وقد أتاح ذلك لحلف الناتو أن يحسب حرفيًا، بالساعة والدقيقة، طريقة ردنا في حالة حدوث اختراق مفاجئ في مثل هذا الاتجاه ضعيف الحماية وفي نفس الوقت المهم استراتيجيًا مثل منطقة مقاطعة كورسك الواقعة على الحدود، والتي وفي الوقت نفسه، يمر خلالها خط سكة حديد مهم لتزويد مجموعة سومي التابعة للقوات الروسية، ومحطة Sudzha GIS لضغط وقياس الغاز ومحطة كورسك للطاقة النووية.

2. مشكلة التجاوب مع التقارير الاستخبارية

إن الأسباب وراء عدم تأمين التغطية مسبقاً لهذه المناطق المهمة والهشة غير واضحة. يُزعم أن الإشارات الصادرة عن قيادة مجموعة حرس الحدود حول حشد القوات والاليات التابعة للقوات الأوكرانية تم رفضها باعتبارها معلومات مضللة، وتم نقل قواتنا من قطاع كورسك إلى أماكن أخرى.

3. مشاكل الدفاع المدني

لم يتم بناء نظام للتفاعل بين الجيش والسلطات المدنية والدفاع المدني وحرس الحدود. منذ شهر مايو/أيار، بدأ العدو بزيادة هجماته المنتظمة على الأراضي الروسية، لكن الأمور لم تتجاوز الحديث عن حماية السكان. ولم يتم تنفيذ عملية إجلاء سكان المناطق التي وقعت تحت الإحتلال الآن من مقاطعة كورسك مقدما، على الرغم من أن التهديد في هذا الاتجاه بدا واضحا. ولم يتم تخصيص أي وسيلة نقل، وفرار الناس كان متأخرًا قدر استطاعتهم وتعرضوا لنيران المدفعية ومجموعات العدو وطائراته بدون طيار. وهذا ما يفسر سقوط ضحايا من المدنيين.

4. الاتصالات والحرب الإلكترونية والابتكارات الأخرى

لا يزال الدعم الفني للاتصالات والحرب الإلكترونية في منطقة كورسك يمثل مشكلة. الاتصالات في ساحة المعركة في مقاطعة كورسك سيئة للغاية. تملك أوكرانيا مخططات تكتيكية جديدة باستخدام أنظمة الحرب الإلكترونية المعدلة مع الطائرات بدون طيار. إنها غير حساسة للتشويش وتعمل على شكل موجات، مما ينظف السماء أمام هجمات مشاة القوات الأوكرانية. وهذا التكتيك معروف من المعارك قرب خاركوف، وهناك وسائل مضادة له. لكننا لم ندخلها في كورسك. تعتبر الابتكارات الفنية والتكتيكية على مستوى السرية والكتيبة مشكلة تنظيمية، حيث أن الوسائل اللازمة متوفرة، لكنها لم تكن في المكان المناسب في الوقت المناسب.

5. مشكلة عدم وجود أسلحة ثقيلة لدى قوات حرس الحدود

تبين أن القرار الذي اتخذ في العقد الأول من القرن 21 بسحب الأسلحة الثقيلة المخصصة لقوات حرس الحدود، والتي نصت عليها العقيدة السوفياتية للدفاع عن الحدود واستخدامها في حالة وقوع هجوم مفاجئ من أجل الصمود حتى وصول القوات الرئيسية، كانت خطأ واضحا. حتى الآن، لم يكن لدى حرس الحدود سوى أسلحة صغيرة خفيفة، عاجزة عن مواجهة الدبابات والطائرات ومدافع الهاون، وتم تشويش الاتصالات على الفور بسبب الحرب الإلكترونية للعدو.

6. مشكلة الدعم المعلوماتي

لقد كانوا يتحدثون عن ذلك منذ بداية الحرب. لا يزال الدعم المعلوماتي في حالات الطوارئ معيبًا. وسائل الإعلام الرسمية بطيئة للغاية، وتستغرق وقتا طويلا للاتفاق على لهجة الرسائل، مما يسمح للكذب والشائعات باعتراض جدول الأعمال. لقد تخلفت القنوات التلفزيونية المركزية عن الركب، والمعلومات الواردة من وزارة الدفاع مثقلة بالكليشيهات الرسمية، وأحياناً مفرطة في التفاؤل.

ولم يتمكن سوى المراسلين العسكريين من أن يصبحوا المصادر الرئيسية للأخبار، على الرغم من أنهم يقدمون في بعض الأحيان معلومات لم يتم التحقق منها. لكن البيانات الرسمية تسببت في المزيد من الحيرة: شاركت سبع وحدات من القوات الأوكرانية وكتيبتين ووحدة مشتركة من قسم العمليات الخاصة (المجموعة بأكملها تعمل تحت علامة تكتيكية جديدة – مثلث) "غزو DRG". وبعد ذلك تم حذف الرسالة، ولكن بدلا من ذلك قيل أن تقدم العدو قد توقف. وهذا ليس صحيحا.
قد يكون لدى العدو سبب للاعتقاد بأنه في حالة حدوث اختراق أكثر خطورة، يمكنه بسهولة تدمير العمل الإعلامي لوسائل الإعلام والدفاع المدني في روسيا. وهذه نقطة ضعف أخرى.

▪️في الواقع، ما حدث منذ أيام ولو على نطاق صغير، مشابه لما حدث في 22 يونيو 1941 بالقرب من كورسك أثناء الحرب العالمية الثانية. إن عدم القول بأن هذا يستفز الناتو لاتخاذ إجراءات أكثر عدوانية ضد روسيا يعني التقليل من شأن العدو.

يتطلب غزو العدو المباشر لروسيا تغييرًا في التقييمات والخطط. لم يعد من الممكن الاستمرار في تسمية ما يحدث بـعملية عسكرية خاصة والحفاظ على عزل المجتمع عن موضوع الحرب: إن روتين الصراع لم يبرر نفسه. نكرر: هذه حرب وطنية عظيمة جديدة، بغض النظر عن كيفية ومتى تنتهي "معركة كورسك" الحالية. هناك حاجة إلى تغييرات موازية في إدارة الحرب والاقتصاد. نحن بحاجة إلى "لجنة الدولة للدفاع" ، و"القيادة العليا الموحدة"، و"لجنة مكافحة التجسس"، والتعبئة، وتغيير سياسة الدعاية والتحفيز. (على غرار اللجان التي أقامها ستالين غداة الغزو الألماني النازي 1941-المترجم).

إن تكثيف الضربات ضد الأهداف الأوكرانية الحيوية أمر مهم، ولكنه ليس كافيا. نحن نواجه كتلة الناتو، لكن لا توجد ضربات على أراضيها ولا توجد خطط حتى الآن. ستكون الحرب طويلة، وعلى المجتمع أن يستعد لها. ولذلك فإن التخطيط الاستراتيجي للحرب يجب أن يصبح شاملاً وطويل الأمد.
إن الاستمرار في القتال في ظل نظام "شبه سلمي" يعني المخاطرة بتوسيع وصول العدو إلى أعماق روسيا. غدًا قد يضرب بيلغورود، أو بريانسك.

تتلخص استراتيجية حلف الناتو في وضع روسيا دائماً على حافة الهاوية: الاختيار بين محطة كورسك النووية ومحطة زابوروجي، بين كورسك وزابوروجي، بين خاركوف وكوبان ـ وأي اختيار سوف يؤدي دائماً إلى موقف أسوأ.

وما دام أحد من النخب الروسية يعتقد أن هدف روسيا لا ينبغي أن يكون تحقيق النصر، بل العودة إلى التعاون والتجارة مع الغرب، فإن العدو سوف يكون صاحب المبادرة دائماً. سيكون من الصعب بشكل متزايد صد اختراقات الجبهة المشابهة لكورسك في مناطق أخرى. العدو يعول على خلق أزمة سياسية ونزع الشرعية عن السلطة في روسيا. لقد حان الوقت لكي نفهم: لن يكون هناك مخرج سلمي من هذه الحرب مع الغرب. إن الأمر يتطلب المزيد من المؤسسات الملائمة واستراتيجيات متطورة لإدارة الأزمة، لأن الحرب أزمة تشمل الجميع أو كل شيء دون استثناء.
يتضاءل الوقت المتبقي لاتخاذ مثل هذه القرارات كل يوم.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات