|
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي رجب الشيخ -أُنْثَى فِي مِحْرَابِ الْعِشْقِ-
فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8065 - 2024 / 8 / 10 - 13:42
المحور:
الادب والفن
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي "رجب الشيخ" "أنثى في محراب العشق"...
أنثى في محراب العشق... هروب من جحيم الأسئلة التافهة... حين تقرأ نصا ،يتحول إلى نص للكتابة؛ وفق ما يتركه من انطباعات داخلك، وبفعل قوة انسيابه فيك، أثناء تعريته بفعل استنطاقك ،أوعُرْيه التلقائي..مهمة تفرض أسئلة حول علاقة القارئة بالشفرات المعطاة في تجليات النص فيلولوجيا، وإستيتيقيا بصوره وانزياحاته، وإحالاته المُبَطّنَة. وعلاقة النص عينِه بذاته من خلال تيمة المعالجة. فهل للقراءة طعم نصوص تخلف أثرا، يدمر النص دون محوه من تعاطي القارئة معه... ؟ القراءة فعل تجلٍّ للنص في مستويات التأويل والتفكيك، تلك العملية التي تجعل النص جزيئات قابلة للفهم واللاّفهم، الكشف والإختفاء، قابلة للكتابة مرات وللمحو كفعل مواز للكتابة والقراءة كنتيجتين متلازمتين ،كل منهما تؤدي للثانية.. بهدف تحقيق الغاية المتوخاة التي يمنحها النص في عمليتي التجلي والتخفي... هي القبض على عتبات متعددة لتِيمَة النص، تجعل نفس النص؛ يستنطقك في مقاربة إستيتيكية، لنص الشاعر رجب الشيخ... "أنثى في محراب العشق" تلك فاتنتي قلب للعنوان يعلن أن القراءة هي الخيانة العظمى إما ان يربح رهان الفوز، وإما أن تهوي به فالقراءة والكتابة فعلان متوازيان متلازمان قد يتقاطعان؛ وفي تقاطعهما يصلان إلى التقارب أوالتباعد، ذلك تحدي القراءة، باعتبارها خيانة داخل /خارج النص تفضّ أسراره، يمنحك أسراره عبر بنيته اللغوية، التي تقتحمك.. في هذا الإطار يقدم نص تجليات هذا الفعل... من خلال مطلعه بكلمة نرجسة ككناية عن الأنا /النرجس بالدلالة الشعرية بواسطة عملية تحويل لمعطى طبيعي "زهرة" إلى معطى إجتماعي من معطًى أوّلي منحته الطبيعة جمالا وعطرا، إلى متخيل حوّله الشاعر ليعكس به كينونة، اتصفت بحب الذات لدرجة الغلو، ذاك نرجس مؤنث بتائه في آخر الكلمة، لكنه يجعل المكان و_المكان محمول عاطفي_يحيل للقلب الذي ملأه الشغف... ينتقل النص أفقيا إلى مفهوم أكثر دلالة في نسقه الأصلي الاجتماعي وهو مفهوم الأرملة ،كإشارة عكسية لاتعني الفقد كما هو معطى مباشر، بل يحولها إلى صورة تعني تفرد الأنثى المعنية في النص بالظفر بقلبه.. فالحب في نظر الشاعر العراقي "رجب الشيخ" هندسة التجلي، والتجلي مقام صوفي اعتمده ليبرز قوة الشغف كضغط نفسي، يحياه داخله بكل قوة الإحساس به وبقوة الاستيطان... عشق يشبه موالا يعزفه عشقا وفق إحداثيات، اعتمدها الشاعر كي يشعر المتلقي بقوة دفقه العاطفي، فاجأه كفعل حب استثنائي يعبر ذاته.. فالعنوان نفسه يقدم لك المعنى وتداعياته، من حيث اعتماد دلالة قدسية على مشاعر انزرعت داخله، وصلت درجة الانصهار، حيث التجلي المستباح كمقام، عرج إليه عبر مدارج قلبه أتاحت وفق تداعيات النص اللغوية، إمكانية التغير الذاتي أوالتولد الذاتي من أنا إلى أنا آخر يقابله يمحوه ليثبته، يصيران أنا واحدا، وكأن متصوفا يصرح : " نحن روحان حللنا بدنا" و من أقصى درجات العشق أن تذوب ذات في ذات، تنمحي حدودهما الظاهرة ،ولايبقى سوى حقيقة سماها العشق /الشغف، تكشف قوة الشعور تجاه امرأة هي ما عناها نصه... مستشهدا على تلك القوة المنفجرة بمقطعه الذي أشار إلى الانفجار : " ينفجر المكان نارا ودخانا " " تشتعل ألسنة الفصول" دلالة على شحنة مشتعلة، تخلف دخانا ،ولا دخان دون نار... بعد الاشتعال وما يتتالى من حريق والتهاب ولهفة واجتياح للشوق، ينتهي النص في مقاطعه الأخيرة إلى تساؤلات : لماذا تدوير حياة ؟هل يعني حياته؟ هل حياة مشاعره منفصلة عن روتين اليومي؟ متوقعا سرقة عينها بفعل السرقة : "ليأتي سارق الساعات" "كفن طفل" هل هو خوف النهايات الحتمية؟ صاغها بهذا التعبير كحامل لغوي مكثف الدلالة... هل يعني نهاية طبيعية تتم تلقائيا، عندما تنتهي عملية الفوران ومدتها؟ مستعملا الكفن /الطفل فهل يحيلنا إلى أن الحب /طفل قد يهيّئ موته؟ أسئلة مشروعة تختتم بنهاية وصفها النص بحلم عابر للجسدِ... فهل يعني نهاية الحلم /الطفل بنهاية الجسد /الطفل ولا يبقى سوى الدخان معبرا عن ذلك بعبارات : " لم يبق منه غير بضع فتات" يلملم وشتات وتتغير فيهتز المكان.. كلها في السياق ذاته تطرح : هل انتهى الحلم؟ هل توقع ذلك بناء على تلميحات ما؟ هل التجربة مجرد ذاكرة حَيَّنَهَا ظرف طارئ؟ أم هو توجس خَبَرَتْهُ ذات تشظت بتجارب حب لم تستمر؟ أم هو قلق الحب دون ممارسته؟ نهاية للقارئ حق إكمال حلقتها المفقودة، لأنه يترك للمتلقي مفتاح الشغف، الذي رصده نص الشاعر العراقي رجب الشيخ.. انتهى إلى خلاصة: أنه بوح بعمق جرح يقتات على حلم، يسيل داخل قلب الشاعر أو عاشه واقعا، ليملك حق استمراره لغويا بهذا النص، لكن النص يعكس حبا، يحيا بإحداثيات الغربة بفعل إكراهات ذاتية وربما موضوعية، يدركها النص كانعكاس لذات كاتبه... وحده الشاعر من خلال اللغة المعتمدة، يفهم لماذا يواجه الحب صعوبات تجعله كمعصية أوخطيئة، يتعذر التصريح بها في مجتمع يرى الحب منكرا ومعصية ،متناسيا أنها المعصية اللذيذة التي يعيش الإنسان فرادتها وتوقها بسرية تامة، هروبا من جحيم الأسئلة التافهة... هو شعور يخلف دمارا شاملا، لكنه الدمار الذي يبني شخصية حب حقيقي، تفرض الأعراف والأخلاق إبقاءه طي الكتمان في أقل تقدير، إن لم يفرض عليه النسيان... كان النص بعاطفته وتجربته الخاصة، وشبكته اللغوية وسياقه الوجداني، واستعاراته وثيقة إعتراف يسجلها تاريخ الشاعر الخاص شعريا، هو من يفصح عن مضمون رسائلها.. نص يوضح نوعية علاقتنا بالآخر الكامن فينا، النص الاعتراف الشخصي، رهين بكاتبه يفكك شيفرته وإحداثياته، لكنه يعلن صراحة أن للحب مكانا لايلتزم بأمكنتنا المرئية ،إنه مكان يكشفه الشاعر.. تلك قوة النص ونقاط احتراقه بأن للحب لغة أقوى نعجب بها، تسكننا لكنها تستعصي إلا على كاتبها...
النص للشاعر رجب الشيخ
(أنثى بمحراب العشق) فوق خد نرجسة ، يسيل شغفُ المكان... ( مرايا) تتعانق أرملة الورد بشهيق قبل الندى... أعشقها وفق هندسة التجلي وفق إحداثيات العشق أنثر كؤوس معينها على شفة محراب المواويل أوزع أنفاسي على الأطراف. بين تقاسيم نهرٍ وسطر نخيلات...وبضع حبات رملٍ كصفائح تناثرت .. . ينفجر المكان ناراً ودخاناً تشتعل السنة الفصول .... حياة تدور ...تدور ليأتي سارق الساعات في جيبه ألف قضية كفن طفل يحمل حلمه قبل أن يتجمد لم يبق منه غير بضع فتات من حلم يقتات ..يلملم شتات الضياع تتغير كل الكلمات ...فيهتز المكان أجسادا تغير جلدها ....
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -كَانََ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -إِحْدَا
...
-
قراءة. فاطمة شاوتي في نص الشاعرة السورية fawzia Ozdmir
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة السورية مريم مصطفى الأحمد -ا
...
-
إنطباعات قِرائية في نص الشاعرة السورية fawzia ozdmir
-
قراءة فاطمة شاوتي فِي نص الشاعر السوري نزيه بريك -لَمْ أَقُل
...
-
قراءتي في نص غادة سعيد
-
قراءتي في نص غادة سعيد -عَلَى حَافَّةِ اللَّذَّةِ-
-
قراءة أحمد إسماعيل في شذرة ل فاطمة شاوتي
-
قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل في نص فاطمة شاوتي - تَكَلَمْ لِأَ
...
-
قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل في نص -حَانَةُ الصَّرَاصِيرٍ ل فا
...
-
سجال تفاعلي بين الخطاب الشعري والخطاب النقدي في نص فاطمة شاو
...
-
قراءة الأستاذ حسن بوسلام في نص فاطمة شاوتي -عُدْوَانٌ ثُلَاث
...
-
قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل فِي نص فاطمة شاوتي -آيَةُ الْكُرْ
...
-
قراءة الأستاذ زياد قنطار في مقطع من نص-نُوسْتَالْجْيَا الْعَ
...
-
قراءة الأستاذ محمد لبيب في نص فاطمة شاوتي -عُبُورٌ فِي الدَّ
...
-
قراءة أحمد إسماعيل لنص فاطمة شاوتي -كَاسْتِينْغْ الْمَدِينَة
...
-
قراءة سِجالية لغادة سعيد في نص فاطمة شاوتي -لِلْمَرْأَةِ رَأ
...
-
قرآءة رجب الشيخ في نص -عرسُ الرّمادِ- لفاطمة شاوتي
-
قرآءة الأستاذ حسن بوسلام في نص - حكمةُ لِي وَيْنْ لِيَانْغْ-
...
المزيد.....
-
-فلسطين.. شعب لا يريد الموت-.. كتاب جديد لآلان غريش
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 177 مترجمة للعربية معارك نارية وال
...
-
الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية و
...
-
جمال سليمان من دمشق: المصلحة الوطنية السورية فوق كل اعتبار (
...
-
جمال سليمان يوجه رسالة بعد عودته لدمشق عن جعل سوريا بلدا عظي
...
-
إبراهيم اليازجي.. الشخصية التي مثّلت اللغة في شكلها الإبداعي
...
-
-ملحمة المطاريد- .. ثلاثية روائية عن خمسمائة عام من ريف مصر
-
تشيلي تروي قصة أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات خارج العالم العربي
...
-
حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في ت
...
-
بعد غياب 13 عاما.. وصول جمال سليمان إلى سوريا (فيديو)
المزيد.....
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
المزيد.....
|