أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الحسن زهور - الاصطفاء الإلاهي














المزيد.....

الاصطفاء الإلاهي


الحسن زهور
كاتب

(Zaheur Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 8064 - 2024 / 8 / 9 - 22:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الاصطفاء الإلاهي.

" شعب الله المختار، ابناء الله، خير أمة أخرجت للناس، البورغواطيون..".

في التاريخ الانساني تحاول كل أمة حاملة لدين ما، وتعتقد بأنها مكلفة بنشره، أن تحيط نفسها بهالة دينية قدسية تبرر بها أولا ذاتها كأمة مصطفاة وتبرر بها ثانيا غزوها للشعوب الأخرى باعتبارها أمة مصطفاة من الله دون سائر الأمم الأخرى لتقودها (وأغلب الأمم قامت بهذا، منها من فشلت في ذلك ومنها من نجحت...)......
هذا الاصطفاء الإلاهي عرفته الكثير من الشعوب والديانات تبرر بها فرادة جنسها أو دينها مما يعطيها دفعة نفسية ودينية وايديولوحية تبرر بها غزوها للأمم الأخرى.
في الديانة اليهودية وهي أقدم الديانات السماوية التي نعرفها، يومن اليهود بأن يهوه او الله اصطفى الشعب الاسرائيلي كشعبه المختار من دون سائر الشعوب الأخرى، لذلك ستجد في التوراة الكثير من الآيات التي تبرر غزو بني اسرائيل للشعوب الأخرى ما دام الله بجانبهم كشعبه المختار الذي سيحس بتفوقه على سائر الشعوب الأخرى، وسيكون هذا تبريرا لتكوين دوله (الدولة بمفهوم ابن خلدون) في الشام او فلسطين ألف سنة قبل الميلاد، ولذلك يكون هذا الاصطفاء مقرونا بمنحهم الأرض المقدسة من طرف الله كما ورد في سفر التكوين، الاصحاح 17: 8 "واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك، كل ارض كنعان ملكا ابديا. واكون الههم"، وكما ورد في القرءان مخاطبا بني اسرائيل على لسان نبيهم موسى"يا قوم ادخلوا إلى الأرض المقدسة التي كتبها الله لكم" سورة المائدة، 21.
وهذا الايمان بكون اليهود شعب المختار هو ما أعطاهم هذه الطاقة الدينية و الروحانية التي ساعدتهم على اجتياز الكثير من المحن والمذابح التي عاشوها في ما يسمونه بالشتات.
بالنسبة للمسيحيين فهم عوضوا الاصطفاء الإلاهي الجماعي بالاصطفاء الفردي الذي يجعل الأمة المومنة بهذا الفرد المصطفى اي السيد المسيح بالأمة المصطفاة، فالسيد المسيح هو كلمة الله المتجسد الذي سيخلص كل أتباعه والذين يعتبرون انفسهم ابناء الله اي المومنون باسمه "أنظروا أية محبة أعطانا الأب، حتى تدعى أبناء الله", القديس يوحنا في رسالته الأولى.
بالنسبة للمسلمين فهم بدورهم يصفون أنفسهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس، أي أنها أمة مصطفاة من الله من دون سائر الأمم الاخرى، وهذا ما يجعل الكثير من الجماعات الإسلامية المتطرفة لا ترى في الآخر المختلف عنها إلا ضالا او حيوانا كالأنعام وما ما يترتب عن ذلك من نتائج، والخطأ هنا عند أغلبية هؤلاء الذين يرون في الأمة الإسلامية بأنها أحسن الامم والأمة المصطفاة من الله دون سائر الأمم، هو انهم يقرأون الآية "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" حسب هواهم الديني او السياسي، أي انهم يقرأون نصف الآية بدون ربطها ببقيتها، ف"خير أمة" مرتبطة بالأخلاق وليس بشيء آخر، فإذا التزم الفرد أو الجماعة بالأخلاق فسيكون ميزة له، سواء أكان مسلما أو غير مسلم، فالمقياس هو الالتزام بالأخلاق.
بالنسبة للأمازيغ فقد عرفوا بدورهم هذا الاصطفاء الإلاهي، فإذا كان اليهود "شعب الله المختار", والمسيحيون "أبناء الله"، والمسلمون "خير أمة"، فإن الأمازيغ المعتنقين للديانة البورغواطية (التي جاء بها نبيهم صالح بن طريف) وصفوا بدورهم أنفسهم بأنهم الأصفياء/ البورغواطرون اي "ئبرغودن", اي المصطفون من طرف الله.
أقام البورغواطيون دولتهم في منطقة تامسنا بالمغرب (744ه إلى 1058) المطلة على المحيط الأطلسي، وجاورت دولة الأدارسة، وكانت لهم سفارات إلى الدولة الأموية بالأندلس (ذكرها المؤرخ البكري) ، ودامت دولتهم أكثر من 300 سنة إلى أن قضى عليها المرابطون، وحاولوا استرجاع دولتهم مع بداية الإمبراطورية الموحدية التي قضت عليهم نهائيا.
و كلمة بورغواطة كلمة أمازيغية "ئبرغوطن/ئبرغودن" محرفة شيئا ما عن أصلها الأمازيغي وهذا عاد في الكلمات المأخوذة من اللغات الأخرى. وأصل هذه الكلمة كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين، معتمدين على اللغة الأمازيغية، منهم الباحثان جامع وارژمان و الحسين جهادي.. أنها مركبة من " أبر/ abr" أي الكبير، العظيم...، ومن "أرغود/arɣud" اي بارك، المبارك, البركة.. لتكون معنى كلمة " بورغواطة، بورغوادة" هي "ئبرغودن" أي "أفضل المباركين" بمعنى الأمة المباركة والمصطفاة من طرف الله؛ وبذلك يصف البورغواطيون أنفسهم بأنهم أصفياء الله، وهي تقريبا نفس فكرة "شعب الله المختار" اليهودية، و" أبناء الله" المسيحية، و"خير أمة أخرجت للناس" الإسلامية، مع بعض الاختلافات المرتبطة بكل دين...
لذلك فكل شعب يحمل ديانة (سيتحول إلى أمة) يحاول تسويق نفسه بأنه أفضل الشعوب معتمدا في ذلك على الاصطفاء الإلاهي، ليستغل ويوظف هذا الاعتقاد الديني المبني على الانتقاء والاصطفاء في التوسع والهيمنة والكسب...



#الحسن_زهور (هاشتاغ)       Zaheur_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أساطير شعوب البحر المتوسط: حكاية - الامير قاتل ابيه - الاماز ...
- -لمعروف- في الثقافة الأمازيغية بالمغرب
- الحضارة الامازيغية من خلال الاساطير اليونانية: أسطورة هرقل
- إلهة الحب والجمال الأمازيغية في أسطورة -حمو ؤنامير-
- الأمازيغية لغة دولة بورغواطة المنسية في المغرب.
- -سيدي حماد أموسى- الامازيغي و-أوليس- اليوناني: عملية التثاقف ...
- دراسات في الادب الحكائي الامازيغي: الحلقة الرابعة
- دراسات في الأدب الحكائي الأمازيغي (الحلقة الثالثة)- 1 -
- دراسات في الأدب الحكائي الأمازيغي. (الحلقة الثانية)
- دراسات في الأدب الحكائي الأمازيغي. (الحلقة الأولى)
- الإلهام الشعري عند كل من العرب و الامازيغ
- العروبة و الأمازيغية و الإسلام
- التيارات الاسلامية و العنف
- الناقد السوري الكبير -خلدون الشمعة- يبهر المثقفين المغاربة
- عودة المغرب الى هويته الافريقية
- جبهة البوليزاريو و القوات المسلحة الثورية الكولومبية: سلام ا ...
- المفكر المغربي بن سالم حميش ينتقد التبعية للمشارقة ليعود الى ...
- غزة بعد العدوان: بين صوت العقل و تهييج العواطف.
- غزة بعد العدوان: صوت العقل و تهييج العواطف.
- نحو مفهوم جديد للأدب المغربي الحديث


المزيد.....




- فيديو صورته سيدة من شرفة منزلها يُظهر تحطم طائرة الركاب البر ...
- الولايات المتحدة تخصص حزمة جديدة من الأسلحة لأوكرانيا بقيمة ...
- هروب -الأموال الساخنة- من مصر.. كيف يؤثر عليها؟
- -بمن فيهم الإسرائيليون-.. بايدن -لن يسمح للمتطرفين- بإخراج م ...
- إسرائيل تستهدف مسؤولا في حماس بلبنان و2 من مقاتلي حزب الله
- ليبيا.. ارتفاع حصيلة اشتباكات تاجوراء إلى 9 قتلى وإصابة 16 آ ...
- المغرب.. تجريد نائب من عضويته في البرلمان (صورة)
- معركة كورسك.. لأهداف عسكرية أم سياسية؟
- الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن اغتيال قيادي في -حماس- بضربة ...
- هل يُسهم مؤتمر الاتحاد الأفريقي للحوار السوداني في توافق سيا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الحسن زهور - الاصطفاء الإلاهي