أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ما هي منزلة المرأة في الإسلام؟















المزيد.....

ما هي منزلة المرأة في الإسلام؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8064 - 2024 / 8 / 9 - 18:19
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


فُطيش: الإسلام أَعزَّ المرأة وكَرَّمَها ورفعها إلى مكانة غير مسبوقة بين نساء الأمم والأديان كافة، منذ ظهوره قبل نحو 1500 سنة وصولاً إلى اليوم الحاضر. على سبيل المثال لا الحصر، الإسلام قد حرر المرأة من سبي شهوات وأطماع الرجل في الجاهلية وأعطاها الشخصية الاعتبارية المستقلة، التي بواسطتها تستطيع أن تقبل أو ترفض الزواج، أن تمتلك وتتصرف في ثروتها الشخصية دون وصاية من أحد، فضلاً عن التمتع بحقوق الإرث مثلها مثل الذكور.

عُطيس: قد أفهم من كلامك أن الإسلام كان سباقاً ومتفرداً من نوعه في مساواته بين المرأة والرجل. غير أن كلامك لا يزال موغل في التعميم، ومن ثم الغموض والمراوغة. الذي سيضطرني إلى ملاحقتك بسؤال أكثر تفصيلاً وتحديداً، لعلنا نلتقي على أرضية مشتركة ما: في حالتي الزواج والثروة المُستشهد بهما أعلاه، هل ساوى الإسلام حقاً وفعلاً بين المرأة والرجل؟ بصيغة أخرى، هل المرأة في عقد الزواج شريك مُتعاقد مُكافئ ومُساوي للرجل من كل النواحي، أم هناك ميل في بعضها لصالح طرف دون الآخر. وفي المواريث، هل نصيب المرأة مساوي حقاً وفعلاً لنصيب الذكر دون أي زيادة أو نقصان لصالح طرف دون الآخر؟

فُطيش: إذا لم أُخطئ الفهم، أَظنك تقصد المساواة بالمغزى السائد والمعمول به في أعراف ودساتير ما تُسمى الدول الديمقراطية المعاصرة ومن يسير على نهجها شرقاً وغرباً. إذا كان، دعني أؤكد لك أن هذه مساواة ظالمة وجائرة بحق كلا المرأة والرجل معاً، وأن من حسن حظنا نحن المسلمين أن ديننا لا يُقرها وشريعتنا ترفضها. وحتى لا تتهمني بالتعميم والغموض ثانيةً، دعني أوضح لك أكثر في نقاط محددة. (1) يجب أن تعلم أن هناك فرق جوهري بين الآلهة من جهة والبشر في المقابل؛ الآلهة أزليون خالدون، بينما البشر زائلون محدودون. بالتالي، الشرائع المُستمدة من مصادر إلهية تكون بالضرورة أجمع وأشمل، وأكثر ديمومة وخلوداً؛ بينما تلك التي يضعها البشر أنفسهم تكون مثلهم وتعكس جوهرهم الناقص المحدود. (2) في الحقيقة، الله لا يساوي بين البشر بمغزى المساواة البشرية الناقصة التي تقصدها؛ بل الله قد خَلَق البشر واصطفي وفَضَّل بعضهم فوق بعض درجات؛ الله يَعْدل- لا يُساوي- بين البشر. ولما كانت المساواة التي تقصدها هي من صنع بشر هم بطبيعتهم ناقصين ومحدودين، تكون مساواتهم المزعومة هي بالضرورة ناقصة ومحدودة مثلهم ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تُقيم عدلاً بين الناس بالمغزى الذي ستجده في متن الشرائع المُستمدة حصراً من مصادر إلهية. إذا كانت المرأة في الأصل والنشأة غير مساوية للرجل في الخلق، عندئذٍ تكون المساواة البشرية المزعومة معادلاً موضوعياً للظلم نفسه وعينه. يا رجل، كيف تُحَمِّل المرأة ما لا طاقة لها به جسمانياً ووجدانياً بحجة أن في ذلك مساواة لها بالرجل؟! أليس في ذلك قسوة غير مبررة على المرأة؟!

عُطيس: صديقي العزيز، أراك قد نجوت من الغموض لا لشيء سوى لكي تغرق في التناقض. هؤلاء الذين تصفهم بشراً ناقصين ومحدودين نحن جميعاً نعرفهم حق المعرفة ببساطة لأننا جميعاً، رجال ونساء، من نفس طينتهم وخلقتهم، ناقصين ومحدودين. في المقابل، من تقصد بهؤلاء الآلهة الذين تزعم أنهم يُشرعون كما يُشَرِّع البشر، لكن شريعتهم عكس البشرية خالدة وعادلة؟! نحن نملك كل الوسائل الممكنة للتحقق من بشريتنا ونقصاننا ومحدوديتنا في كل شيء، بما في ذلك مُثلنا وقيمنا العليا مثل المساواة والعدالة. أخبرني بالله عليك كيف نتحقق من وجود دنيا هؤلاء الآلهة الذين تدعوهم، حتى نتحقق من صدقية الشرائع المنسوبة إليهم؟! هل من وسيلة ممكنة وقابلة للتحقق على الإطلاق؟ قد تجيب "الأنبياء والوحي"؛ أرد عليك أن الأنبياء أيضاً بشر مثلنا، من نفس طينتنا وخلقتنا، ومن ثم ناقصون ومحدودون مثلنا كما أقررت نفسك؛ والوحي كله تعبير عن ووصف لأغراض ومقاصد بشرية خالصة بكل نواقصها ومحدوديتها. وأزيدك أن الأنبياء والرسل ورجال الدين وكل من يدعون صلة بقوى عليا ليسوا بدعة الإسلام أو غيره من الأديان، بل نشأتهم من نشأة البشرية ذاتها ولا يزالون وسيظلون موجودون بيننا ما بقي البشر على قيد الحياة.

فُطيش: اسمح لي من فضلك. أنت الذي تناقض نفسك هنا. كيف تقول إن الأديان قديمة قدم البشرية ذاتها، بل وستظل باقية ما بقي البشر على قيد الحياة، وفي الوقت ذاته تنكر حقيقة وجودها الفعلي بين الناس والشرائع المستمدة منها لتنظيم أوجه حياتهم؟

عُطيس: أنا لست بكافر بالأديان. بل هي موجودة ومؤثرة في حياة البشر، البشر كافة وليس أمة منهم بعينها. لكن وجود الأديان ذو طبيعة مختلفة عن وجودنا نحن البشر وسائر مفردات الكون الذي نعيش فيه. وجود الدين يكون في الاعتبار، في المخيلة، في نظرتنا وتفسيرنا لأنفسنا ومفردات عالمنا الذي نحيا فيه. الأديان لا تملك وجوداً مادياً مستقلاً لكي نتحقق منه لكن وجودها معنوي، غير محسوس، ومع ذلك يشكل جزء أصيل من نظرتنا لأنفسنا ولعالمنا؛ وجود الدين نابع من وجودنا الناقص والمحدود ذاته. الدين هو مسعى البشرية المعنوي لسد نقصها وتعويض محدوديتها وعجزها ومداواة آلامها وتهوين معاناتها؛ هو بحثنا الذي لم ولن ينقطع عن الكمال والخلود والمواساة في عالم زائل، ناقص ومحدود وقاسٍ بطبيعته. هذا الوجود الاعتباري غير قابل ولا متاح للتحقق منه مثلما يمكن التحقق من أنفسنا وسائر مفردات كوننا. وبناء عليه، يمكن القول إن التحجج بما لا يمكن التحقق منه نصرة لقضية قابلة للتحقق منها لا يعدو إلا أن يكون مغالطة مناقضة لطبائع الأشياء.

حتى لا يمتد بنا النقاش إلى حدود تَشُق على طاقة تحملنا، دعني ألخص لك وجهة نظري على أساس ما قد بدأت به أنت ذاتك حديثنا هذا ولا أظنك ستتنكر له الآن. على أساس من حجة دينية غير قابلة للتحقق منها تنص على أن المرأة قد خُلقت من ضلع من الرجل، اكتسبت المرأة مكانتها الإنسانية من جنس الرجل ذاته، ومن ثم أُسْكِنت في منزلة ثانوية وتابعة وخاضعة ومأمورة للذكر، بحكم كونه أصل نشأتها. من هذا المنطلق، قد تباهيت وتفاخرت أنت ذاتك في بداية حديثنا بكون الإسلام قد كَرَّم المرأة وأعطاها حقوقاً غير مسبوقة في الجاهلية حين أعطاها نصف ثروة الرجل ونصف استقلاليته الذاتية. إذا كان، أنا أسألك، نصف الثروة ونصف الاستقلال الذاتي الذي جاد به الإسلام على المرأة أفضل من اللاشيء الذي كانت عليه في الجاهلية، ألا تكون الثروة والاستقلالية الذاتية الكاملة للمرأة مثل الرجل أفضل من نصفهما فقط؟!

كذلك، ما حجتك إذا ما ثُبت قياساً على حجج موضوعية قابلة للتحقق منها أن المرأة إنسان كامل الإنسانية مثل الرجل ولم تُخلق من الرجل، لا من ضلعه ولا من أي شيء آخر منه. بل المرأة- كما نرى بأم أعيننا يومياً وكما أثبتت علوم الطب والجينات بالحجج القاطعة القابلة للتحقق منها- مساوية للرجل بالتمام والكمال في عملية الخلق. هذا التساوي في الإنسانية يعني تساوي الجنسين، رغم اختلافهما الظاهر، في كل احتياجاتهما من أجل البقاء ومن ضمنها إشباع غرائزهما الطبيعية المختلفة. على سبيل المثال، إن اختلاف الجنس بين الرجل والمرأة لا يلغي إطلاقاً حاجتهما، ومن ثم حقوقهما، المتساوية إلى الإشباع الجنسي، رغم تحقق ذلك بطرق عكسية مؤكدة.

وفيما يتعلق بما قد أثرته من لغط فكري حول ما تسميه العدل الإلهي الذي يعجز البشر عن تحقيقه، أود تذكيرك بمثال واحد يبين لك الفرق بين المساواة والعدل بموازيننا نحن البشر الناقصة والمحدودة دائماً وأبداً. في دنيا الرياضة، تقر تشريعاتنا البشرية بحق المرأة المساوي للرجل في ممارسة والتمتع بألعاب القوى. وهذا لا يعني أبداً وضع المرأة في منافسة ظالمة ضد الرجل الأقوى منها بطبيعته. المساواة بين الجنسين تكون في الحق لا في الممارسة، بمعنى أن المرأة تتمتع بنفس الحق والحق ذاته الذي يتمتع به الرجل، وليس على مبدأ للذكر مثل حظ الأنثيين. ولا تعني هذه المساواة أن المرأة سوف تنافس الرجل فوق حلبة المصارعة أو الملاكمة، لأن في ذلك ظلم بَيَن للمرأة بالنظر إلى الفروق بين طبيعة الجنسين. بل تتمتع المرأة بنفس الحق الذي يتمتع به الرجل، لكنها تمارس هذا الحق ضد امرأة مثلها، وليس ضد رجل هو بطبيعته أقوى منها. أكثر من ذلك، يقتضي العدل عدم إغفال حتى الفروق الفردية بين النساء أنفسهن، الذي يقتضي تصنيفهن أنفسهن إلى فئات على أساس الوزن، مثل فوق 50 كجم وفوق 100 كجم وأكثر. حتى وسط النساء أنفسهن، لا يُسمح لوزن أن ينافس آخر أثقل منه وليس من نفس فئته.

فُطيش: أنت عرضت نقاط كثيرة منها ما أتفق معه وكثير ما أختلف معه. ولم تفسح لي المجال للرد.

عُطيس: معك كل الحق. التمس منك العذر وأعدك في المرة المقبلة أن أترك لك وحدك المجال كاملاً إذا شئت حتى تعرض وجهة نظرك بكل أريحية وتدحض ما تظنه يستحق الدحض.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولة لفهم الدولة
- مفهوم الدولة ما بين الإرادة والقوة
- حُلُم الدولة العربية المُجهض
- أصحاب الجلالة والسيادة والسمو
- عبادة المقاومة - حدود حق الدفاع عن النفس
- تفكيك السلطوية العربية-2
- تفكيك السلطوية العربية
- اللهُ في النفسِ الفردية والجَمْعِية
- جمهورية الجيش وحركة كفاية في يناير 25
- شرعية الحكم والأمر الواقع
- من خواص العقل العربي المعاصر- حماس عينة
- اللهُ في السياسة
- هيا بنا نَكْذب
- حقيقة الأجهزة السيادية في الدولة الوطنية
- لماذا نَظْلمُ النساء؟
- لَعَلَّنَا نفهم الخير والشر
- لا الشمسُ تَجري...ولا الليلُ يُسابق النهار
- الخير والشر، بين المطلق والنسبي
- نظرية العقد الاجتماعي 2
- نظرية العقد الاجتماعي


المزيد.....




- علميا.. موضة الرموش الصناعية تمثل خطرا صحيا كبيرا على النساء ...
- مرشحة تنسحب من مسابقة ملكة جمال جنوب إفريقيا بسبب أصولها
- رجال الدين والشرطة يعتدون على المتظاهرات في النجف
- دراسة: 8 دقائق على -تيك توك- قد يكون لها -عواقب سلبية فورية- ...
- لافضل اغاني واناشيد الاطفال .. استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- انسحاب مرشحة لمسابقة ملكة جمال جنوب أفريقيا بعد اتهام أمها ب ...
- بالصور| متظاهرون يحتجون في ساحة التحرير ببغداد على تعديل الق ...
- استطلاع -مُفزع- عن اغتصاب الأسرى الفلسطينيين داخل السجون
- لولو الشطورة رجعت من تاني.. تردد قناة وناسة الفضائيه 2024 لم ...
- النضال النسوي يحقق انتصارًا.. تشريعات جديدة للعنف الجنسي بال ...


المزيد.....

- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - ما هي منزلة المرأة في الإسلام؟