|
الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعو الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو گتريس الى التحرك لإيجاد حل لنزاع الصحراء الغربية .
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8064 - 2024 / 8 / 9 - 13:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لأول مرة في تاريخها ، ولم يسبق في تاريخها ان دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الأمين العام للأمم المتحدة ، للتحرك لعلاج نزاع الصحراء الغربية الذي قارب سبعة وأربعين سنة من عمره ، وكأنه نزاع مستعصي عن الحل ، وفرضت " الطبيعة " ديمومته الى ان يرث الله الأرض وما عليها . ان الوضع القانوني وليس السياسي للنزاع واضح ، لكن يبدو ان المشرفين الرئيسيين عليه ، يخدمون اجندات أخرى ، تبدو في نظرهم اهم بكثير من نزاع الصحراء . فلأول مر في تاريخ العلاقات بين الأمين العام وبين الجمعية العامة ، تتحرك هذه وتدعو الأمين العام للتحرك قصد إيجاد حل للنزاع ، دون ان تفرض حلا معيناً ، وتركها إيجاد حل من الحلول للأمين العام وحده . الملاحظ ان الدعوة هذه ليست بالأمر الجبري ، لكنها متروكة لاختيارات الأمين العام للأمم المتحدة ، يتولاها بما يجب فعله واقتراحه ، وليست بالأمر الموجه والمرفق بالجبر ، ولو كانت المشروعية الدولية واضحة المعالم ، لكنها تفتقر وتفتقد لسلطة الضبط التي لمجلس الامن كسلاح رادع كما شاهدنا في العراق . بعد تذكير الجمعية العامة للأمم المتحدة ، الأمين العام بمهامه ، واعظمها علاج نزاع الصحراء الغربية ، لأول مرة يستجيب الأمين العام مع رسالة الجمعية العامة ، لكنه لم يرتقي في خطابه حتى الى التذكير بالمشروعية الدولية ، وعوض ان يضع المشكل امامه ، فضل التهرب باستعمال العبارات الرنانة كالتعبير عن " قلقه " ، أي ان الأمين العام قلق ، دون معرفة درجة القلق ، وكالدعوة لجميع اطراف النزاع ، للدخول في مفاوضات لإيجاد حل " سياسي " ، وليس قانوني . وطبعا وكما جرت عليه رسائل سابقة للأمين العام ، يجب ان يحصل اللقاء " دون شروط مسبقة " . وهنا لنطرح السؤال . هل أصبحت المشروعية الدولية مستغنى عليها ، ودعوة الأطراف الى تجاوز هذه المشروعية ، بإيجاد طرق أخرى غير المشروعية ، لحل النزاع الذي دام اكثر من سبعة وأربعين سنة . ويبدو من خلال قراءة تصريح او رسالة الأمين العام ، ان النزاع سيستمر لسنين طالما ان المتحكم فيه ليس الأمين العام للأمم المتحدة ، ولا المشروعية الدولية منذ القرار 1514 سنة 1960 ، ولا قرارات مجلس الامن منذ سنة 1975 .. لان دعوة الأمين العام بالمفاوضات " السياسية " ، وليس بالمفاوضات القانونية ، هي دعوة لتجاوز المشروعية الدولية ، ومنها قرارات مجلس الامن المبهمة والغير الواضحة ك " .. إيجاد حل سياسي مقبول وموافق عليه من قبل الجميع .. يؤدي الى الاستفتاء " ، من دون الزام وضبط .. فقول الأمين العام للأمم المتحدة " بالمفاوضات السياسية " ، ومن " دون شروط مسبقة " ، هو قول ودعوة مبطنة ، لتجاوز حتى قرارات مجلس الامن الغامضة ، وتتضمن تفسيرات عديدة ومتعددة ، لان كل طرف يعتقد ان القرار في مصلحته ، لكن من خلال الدراسة المعمقة والتحليل الدقيق ، فالقرار لا يخدم أحدا من اطراف النزاع ، بقدر ما يخدم دول مجلس الامن أصحاب الفيتو ، التي تستعمل نزاع الصحراء الغربية للابتزاز وللتركيع ، طالما ان ديمومة الصراع يخدم الأهداف الاستراتيجية للإمبريالية ، ويخدم دولة إسرائيل .. فهل لا يزال ترديد المشروعية الدولية ، والأمين العام للأمم المتحدة ، يدعو الى " المفاوضات السياسية " .. مع العلم ان القول بالمفاوضات السياسية ، هي دعوة الى استعداد اطراف النزاع للتنازل عن بعض المكتسبات ، والاّ ما معنى التفاوض والدخول في مفاوضات ، من دون تنازل اطراف النزاع عن البعض مما تقره حقوقهم " المشروعة " ، وهي هنا الدعوة للتخلي عن المشروعية الدولية ، والدعوة لتفويض مجلس الامن بفرض حل من الحلول ، الذي لا يؤثر عن طبيعة الأطراف المتصارعة ، خاصة النظام التائه والمزاجي البوليسي ، المهدد بسقوط الدولة التائهة المزاجية البوليسية ، اذا فرطت في جزئها من الصحراء .. رغم ان ثلث الأراضي العازلة لا تخضع للأمم المتحدة ، وغير متحكم فيها من احد اطراف النزاع ، ورغم ان الگويرة تستعمرها موريتانية ضمن حصتها من اتفاقية مدريد الثلاثية . ورغم خروجها من وادي الذهب ، فهي لم تفرط في الگويرة . والنظام المخزني رغم دخوله قوة الى وادي الذهب ، ضلت الگويرة عصية عن فهمه للصراع الذي لم تعد تنفع معه ما يسمى ب " المشروعية الدولية " .. ان قراءة الأمين العام " أنطونيو گتريس " ، بعد دعوته من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وبالضبط من قبل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، لتحريك ملف الصحراء الذي طاله الغبار ، هي قراءة جافة ليست متبصرة ، بدليل التكرار في تسويق العبارات ، واستعمال نفس اللغة والخطاب " .. القلق ، قلق الامين العام .. مفاوضات سياسية ... من دون شروط .. الخ " . بل حول ماذا سيتفاوض المتفاوضون ، النظام المزاجي التائه البوليسي ، وجبهة البوليساريو ؟ .. وهل الوضع القانوني يسمح بالمفاوضات السياسية ، التي تعني التنازل ، أي تنازل اطراف الصراع عن مكتسباتهما التي رفعوا راياتها منذ سنة 1975 .. اذن . كيف يتصور الأمين العام للأمم المتحدة السيد " أنطونيو گتريس " ، المفاوضات التي يدعو اليها اطراف النزاع ، وهم يختلفون على كل شيء ، ولا يتفقون على أي شيء .. بل ما يفرقهم كل شيء ، وما يجمعهم لا شيء .. ان دعوة الأمين العام للمفاوضات السياسية ، التي تطعن في المشروعية الدولية ، هو دعوة لمضيعة الوقت ، واطالة الصراع طالما انه يمكّن الأقوياء من ابتزاز الصغار .. الملاحظ ان الأمين العام للأمم المتحدة ، الذي يدعو الى المفاوضات السياسية ، لم يوضح من هي الأطراف المشمولة بهذه المفاوضات . واذا اكتفينا بالنظام المزاجي التائه البوليسي وبجبهة البوليساريو ، فما دور كل من موريتانية و نظام الجيش بالجزائر في هذه المفاوضات ، خاصة وانهم صرحوا اكثر من مرة الالف بانها لا تعنيهم .. فقراءة ورقة الأمين العام للأمم المتحدة ، اغفلت النظامين الموريتاني والجزائري ، طالما لم تذكرهم بالاسم ، وهما كدعاة لحل الاستفتاء وتقرير المصير ، ليسوا بالمحايدين ، ومن ثم فدعوتم ان حصلت باسم الأمين العام ، الذي قد يكون نسي ذكرهما ، حول ماذا سيتفاوضون ، والجزائر وموريتانية تعترفان بالجمهورية العربية الصحراوية ، رغم ان المشروعية الدولية التي يبدو انها في طريق التجاوز ، لا تتحدث عن الدولة الصحراوية ، وتتحدث فقط على حل الاستفتاء وتقرير المصير .. ولو كان حقا ان للمشروعية الدولية من ثقل قانوني وحتى سياسي ، ورغم اختلاف فهم قواعد هذه المشروعية ، فان الأمم المتحدة ، وبالضبط مجلس الامن وحده ، من يملك سلطة حل نزاع الصحراء الغربية ، خاصة عندما تكون المشروعية الدولية المتناقضة الفهم والتفسير ، تتحدث عن الاستفتاء وتقرير المصير ، لكن رغم ذلك يجب حصول قبول وموافقة اطرف النزاع للحل المقترح . أي ربط أي حل بتحقيق شرطي الموافقة والقبول .. و عند صعوبة تحقيق شرط الموافقة وشرط القبول ، فمجلس الامن ، لو كان يريد حل المشكل المعلق منذ سبعة وأربعين سنة ، لاستخدم سلاح الحل الذي هو تنزيل الفصل السابع من الميثاق الاممي .. وما دام اللجوء الى استعمال هذا الفصل متعذرا في حالة نزاع الصحراء الغربية ، تكون المشروعية الدولية قد احتضرت ، فانتهت ، وأصبحت من الاطلال المغنى بها .. لكن رغم انتهاء وشلل المشروعية الدولية ، ورغم عدم حصول الشرطين المعلقين لحصول حل ، شرط الموافقة وشرط القبول ، فان كثبان الصحراء المتحركة ، ستبقى خاضعة للحرب التي تدور منذ 13 نونبر 2020 ، بعد دخول جيش النظام المزاجي التائه لمعبر الگرگرات .. فمن دون تطور الحرب ، ومن دون الأسلحة النوعية ، تكون المشروعية الدولية قد احتضرت بالكامل بمؤامرات الكبار ، ويكون استعمال البند السابع من الميثاق الاممي من سبع مستحيلات .. والمستفيد من الوضع ، الاستعمار المبتز للشعوب ، والامبريالية والصهيونية ... النظام المخزني لن يقدم تنازلات ، وجبهة البوليساريو لن تحيد عن خيار الاستفتاء وتقرير المصير ، ويبقى الوضع انْ لم تغيره الحرب ، مرشحا للبقاء لأكثر من سبعة وأربعين سنة قادمة ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
5 غشت 1979 ذكرى انسحاب موريتانية من - وادي الذهب - ، وذكرى ا
...
-
ماذا يخطط لصراع الصحراء الغربية
-
أراك في عيون الغد المعلق
-
الغاية من الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء
-
الموساد الإسرائيلي
-
أي نظام سياسي صالح للمغرب ؟
-
هل حقا ان فرنسا ايدت الحكم الذاتي بالصحراء الغربية ؟
-
الأوراق الملعبة
-
هل ممكن انتظار حرب بين النظام المخزني المزاجي البوليسي المغر
...
-
بلادي صحروك جففوك
-
آخر خلفاء بني أمية .. أنت .. ميتا ..
-
حين يقلد النظام الجزائري النظام المغربي
-
هل صحيح ان النظام البوليسي المغربي ، يشترط على نظام العسكر ب
...
-
ظهور الاميرة سلمى بناني مع الأمير الحسن
-
القضاء الإيطالي يصفع وجه المدعو فؤاد الهمة ، ويصفع وجه المدع
...
-
ديمقراطية الدولة المخزنية
-
من له مصلحة في اشعال الحرب بين نظام المخزن المغربي ، ونظام ا
...
-
الموقف الاسباني الألماني من الوضع القانوني للصحراء الغربية
-
مجزرة مليلية الدموية 24 يونيو 2022
-
الانتخابات الرئاسية في الجزائر
المزيد.....
-
الخارجية الأمريكية توافق على بيع صواريخ -ستينغر- بقيمة 825 م
...
-
إعلام غربي: أوديسا قد تصبح أرضا روسية وأمريكا لن تمانع
-
رئيس مجلس النواب الأردني: العبث بأمن الوطن يعد جريمة وخيانة
...
-
هيئة بحرية بريطانية تبلع عن تعرض إحدى السفن لحادث اقتراب مشب
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن إحباط محاولة لتهريب أسلحة من مصر إلى إ
...
-
المتحدث باسم الخارجية القطرية يؤكد أهمية العلاقات مع روسيا و
...
-
ترامب: لا يعجبنا تأثير الصين على إدارة قناة بنما
-
وزير الداخلية السوري يستقبل رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي
-
الرئيس السوري يزور الدوحة ويجري مباحثات مع الشيخ تميم بن حمد
...
-
إسرائيل تقلص قوات الاحتياط بالجبهات و100 ألف يوقعون عرائض لو
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|