أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مصطفى الشاذلي - هجمات الفاشية في بريطانيا















المزيد.....

هجمات الفاشية في بريطانيا


مصطفى الشاذلي

الحوار المتمدن-العدد: 8063 - 2024 / 8 / 8 - 09:19
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


على مدار الأسبوعين الماضيين، شهدت بريطانيا – أو بشكل أكثر دِقَّة، إنجلترا وأيرلندا الشمالية – موجة من الهجمات العنيفة التي نظمها الفاشيون، التي استهدفت طالبي اللجوء والمجتمعات المسلمة الأقلية وأفراد الطبقة العاملة من ذوي البشرة الملونة عمومًا. كانت الصور مروعة، حيث هاجمت العصابات الفاشية الأقليات بعنف ودمرت متاجر اللاجئين وأُحرِقت الفنادق التي خصِّصتها الحكومة المحافظة السابقة لإيواء طالبي اللجوء كجزء من مُخطَّط ترحيلها الفاشل إلى رواندا.

هذه الموجة الحالية من العنف الفاشي مدفوعة في الأساس بالمعلومات المضللة التي انتشرت حول مقتل ثلاث أطفال على يد بريطاني من ويلز في بلدة ساوثبورت الساحلية شمال غرب البلاد. لقد استغل الفاشيون منذ مدة طويلة، مثل زعيم «رابطة الدفاع الإنجليزية» ستيفن ياكسلي لينون (المعروف أيضًا باسم تومي روبنسون) -الذي أعاد إحياءه معارضو حركة التضامن مع فلسطين والمدعومين من المنظمات الصهيونية – وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة حول هُوِيَّة مرتكب هجوم ساوثبورت تزعم أنه طالب لجوء مسلم. في حين يمكن فهم عمليات القتل في ساوثبورت على أنها الشرارة لهذه الموجة الحالية من العنف؛ فإن حملات التضليل التي نظَّمها أمثال لينون – الذي أعاده الملياردير الأبيض العنصري إيلون ماسك إلى تويتر مؤخرًا – استهدفت المسلمين بشكل خاص، سواء فيما يتعلق بالاضطرابات الأخيرة في ليدز بين مجتمع الروما والشرطة أو حادثة وحشية الشرطة ضد المسلمين في مطار مانشستر.

أزمة بنيوية
مع أنّ حملات التضليل كانت عاملًا مهمًا في عودة ظهور عنف اليمين المتطرِّف المُنظّم، إلّا أنها ليست السبب الوحيد. ففي الوقت التي سعت فيه الحكومات البريطانية المتعاقبة لتصوير البلاد كملاذ متعدِّد الثقافات متحرر من أعباءها الاستعمارية، كان اليمين المتطرِّف حاضرًا دائمًا، مع تقليد طويل للمنظمات المتجذِّرة في استغلال نواقص الرأسمالية النيوليبرالية، بما في ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- اتحاد الفاشيين البريطاني والجبهة الوطنية والحزب الوطني البريطاني ورابطة الدفاع الإنجليزية وحزب استقلال المملكة المتحدة وبريطانيا أولًا والإصلاح في المملكة المتحدة.

بعد أربعة عقود من الهجوم النيوليبرالي لمارجريت تاتشر، تلتها أربعة عشر عامًا من التقشف المحافظ، تجد بريطانيا نفسها اقتصادًا منخفض الأجور ومنخفض الإنتاجية مع إيرادات ضريبية ضعيفة ونفور وطني من الاقتراض. لقد أضعف القطاع الخاص الدولة وأدى إلى تدمير العقد الاجتماعي الذي وُضع بعد الحرب العالمية الثانية، والذي ضمنت فيه الطبقة العاملة التي قاتلت وماتت في الخنادق ضد ألمانيا النازية والمحور لأنفسها حماية اجتماعية وخدمات غير مسبوقة؛ قد دُمِّر بالكامل.

إن بريطانيا أمة عجوز حيث لا شيء يعمل وحيث يكافح الشباب من الطبقة العاملة لتأمين السكن وحيث يتم تجاهل الفقر. بريطانيا بلد به الهجرة هي الطريقة الوحيدة الموثوقة لملء فجوات سوق العمل وتحقيق بعض النمو في أرقام الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. وبينما يبدو المستقبل قاتمًا لغالبية المواطنين البريطانيين، فإن البرجوازية أصبحت ثرية بشكل كبير، فتتصدر بريطانيا قائمة التفاوت العالمي في الدخل، بعد الولايات المتحدة فقط.

وبدلًا من الاعتراف بفشل اقتصاد التقشف في تحقيق تطلعات الطبقة العاملة في الحراك الاجتماعي، شوهت البرجوازية والنخب السياسية في البلاد – المحافظة والعمالية – صورة المهاجرين كالمتسببين في عجز البلاد عن تقديم الخدمات للطبقة العاملة البيضاء، على مدى أكثر من عقدين. وقد أدى هذا الخطاب، الذي ازدادت عدائيته وتأصل مع خطاب “الحرب على الإرهاب”، إلى تسييد اللغط حول “الاندماج الثقافي” للمسلمين وحق اللجوء للنازحين بسبب الحرب أو المجاعة أو الاضطهاد، لا سيما في أعقاب الانتفاضات العربية عام 2011 والاضطرابات في أماكن أخرى.

ومع نمو الجمهور الذي يتكون في الغالب من الطبقة العاملة البيضاء لهذه الخطابات، ازداد أيضًا التأثير المبالغ فيه لليمين المتطرف الهامشي. وكذلك، ازدادت حاجة حزب المحافظين الذي تسيد المشهد السياسي إلى استمالة قاعدة متطرفة وكارهة للأجانب، التي أصبحت معادية بشكل متزايد لسمات التنوع والهجرة الواسعة. وأدّت هذه الحاجة في النهاية إلى مقامرة حكومة ديفيد كاميرون المحافظة بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مواجهة تزايد شعبية حزب استقلال المملكة المتحدة بقيادة نايجل فاراج، متعهدًا “بإعادة السيطرة على حدود بريطانيا” وإنهاء “الهجرة غير المسيطر عليها”. وفي حين كان هذا يشير ظاهريًا إلى حق المواطنين الأوروبيين في السفر والعمل بحرية عبر الاتحاد، عدّ الكثير من قاعدة اليمين أن هذا يعني ترحيل ورفض الهجرة من الدول ذات الأغلبية المسلمة والعالم “النامي” الأوسع.

كانت المعضلة المستمرة للحكومات المحافظة بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي حاجتها إلى تشديد ضوابط الهجرة وأن تتبنى خطاب عدائي متزايد.. كل ذلك بينما تعتمد بريطانيا على تدفقات المهاجرين للحفاظ على نمو الاقتصاد بأي مُعدِّل ملموس. أدَّى التنافر في هذا الموقف في نهاية المطاف إلى الفشل في وقف القوارب المهاجرة التي تعبر القناة الإنجليزية، التي تفاقمت بسبب عدم توفر الطرق القانونية للسفر ومخطط رواندا، حيث ستُرفض جميع طلبات اللجوء، وسيتم إيواء المتقدمين بشكل غير محدد في الفنادق بتكلفة حكومية باهظة. أدى عدم قدرة الحكومة المحافظة على كبح جماح الهجرة في النهاية إلى دفع قاعدتها المتطرِّفة للنظر في خيارات أخرى، بما في ذلك حزب الإصلاح الذي أعاد تشكيله نايجل فاراج؛ ما أدى إلى تقسيم الأصوات اليمينية في انتخابات صيف 2024 ومساعدة حزب العمال بقيادة كير ستارمر على تحقيق فوز ساحق تاريخي.

رد الفعل
كان رد فعل ستارمر على العنف الفاشي نموذجيًا لخلفيَّته كمدعٍ عام، وبالتحديد تجربته في قيادة الاستجابة لأعمال الشغب في لندن عام 2011: دعم كامل للشرطة وزيادة في قدرة خدمات الادعاء وأوامر بالسعي للحصول على أحكام قاسية وتوجيه المحاكم لتسريع المحاكمات وإصدار الأحكام. وقد سعت حكومته إلى التقليل من شأن العنف بوصفه إجرامًا يمينيًا وليس حركة سياسية فاشية تسعى إلى ترويع الأقليات ومواجهة الدولة وجوديًا.

ومع ذلك، بدا أن استجابة الشرطة الفورية لهذه الموجة من العنف اليميني المتطرف كانت غير كافية. تشكو قوات الشرطة البريطانية من نقص في الموارد بعد أكثر من عقد من التخفيضات، وقد افتقرت إلى العدوانية اللازمة، بقصد أو دون قصد، لمنع إحراق الفنادق التي تأوي المهاجرين أو الاعتداءات على الأشخاص ذوي البشرة الملونة. بدلًا من ذلك، سعت المجتمعات المسلمة والجبهات اليسارية المناهضة للفاشية إلى التعبئة لمواجهة هذه العصابات وردع الهجمات. ليس من المستغرب أن وسائل الإعلام اليمينية والتيار السائد قد سعت فعلًا إلى شيطنة هذه المجموعات باعتبارها الجانب الآخر من نفس العملة، لدرجة اعتماد المصطلحات الفاشية مثل “الشرطة ذات الطبقتين”.

هذه الموجة الأخيرة من العنف اليميني في بريطانيا هي ربما المواجهة الأكثر جدية مع الفاشية التي شهدتها البلاد منذ ظهور اتحاد الفاشيين البريطاني والجبهة الوطنية في ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي على التوالي. و مع أنّ أن الحركة الفاشية في البلاد تظل هامشية من حيث الحجم الإجمالي وربما حتى الشعبية، فإن تأثيرها على السياسة السائدة مفرطًا، ما دفع الرأي العام والسياسة الوطنية إلى اليمين أكثر. وإذا لم تُهزَم الرأسماليات النيوليبرالية في الشارع وتفكيكها في الخفاء، فإن ترنح الرأسماليات النيوليبرالية في بريطانيا، بل وفي الواقع الرأسماليات النيوليبرالية في الشمال العالمي، نحو الفاشية سيزداد اقترابًا أكثر من أي وقت مضى.



#مصطفى_الشاذلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هجمات الفاشية في بريطانيا


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مصطفى الشاذلي - هجمات الفاشية في بريطانيا