|
هروب حسينة خطوة على طريق إسقاط النظام
جورج حنا
الحوار المتمدن-العدد: 8061 - 2024 / 8 / 6 - 23:01
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
“هربت” الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنجلاديش، أمس الإثنين، إلى الهند في أعقاب الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد منذ أوائل الشهر الماضي. اقتحم المتظاهرون المقر الرسمي لرئاسة الوزراء في العاصمة دكا، وعجزت قوات الشرطة عن استكمال قمع المحتجين الذي مارسته منذ بداية التظاهرات، وفي مشهد مهيب استقل متظاهرون تمثال والد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن، ونحتوا رأسه بفأس. وأعلن الجيش أنه سيشكل حكومة مؤقتة، ودعا قائد الجيش الطلاب الذين بدأوا الاحتجاجات، إلى مساعدة الجيش للحفاظ على السلام.
بدأت المظاهرات في بنجلاديش، باحتجاجات طلابية، قادتها حركة “طلاب ضد التمييز” للمطالبة بإصلاحات في نظام التوظيف بالقطاع العام وفقُا لآليات الجدارة والاستحقاق، بدلاً من النظام المعمول به بالتوظيف بناءً على نظام الحصص، الذي يراه الطلاب منحازًا إلى أبناء أنصار رئيسة الوزراء والطبقة الحاكمة.
“بن علي هرب”، منذ نحو 13 عامًا تواردت الأنباء عن هروب الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، على وقع احتجاجات شعبية. وعلى درب بن علي سارت أمس، رئيسة وزراء بنجلاديش، الشيخة حسينة، بهروبها إلى الهند. واجهت السلطات البنغالية الاحتجاجات بالقمع الوحشي، سواءً كان ذلك بالقتل المباشر للمحتجين أو بالاعتقالات والتعذيب. أما حسينة فقد إنتشت بالحد الأقصى من الغطرسة والاستخفاف بمطالب المحتجين، وعلقت حسينة أنها لا ترى سببًا للمظاهرات، إنهم يضيعيون وقتهم. كعادة رؤوس الأنظمة التي قد تبدو قوية ومتماسكة متسلحة بأدوات القمع من الجيش والشرطة، وسيطرتها على وسائل الإعلام، ولكنها في الحقيقة على درجة عالية من الهشاشة أمام إصرار المحتجين وتراكم خبراتهم النضالية في مواجهة هذه الأنظمة، هذا مايخبرنا به بشكل واضح هروب الشيخة حسينة ومن سبقها من رؤوس الأنظمة الطفيلية الحاكمة.
منذ نحو 13 عامًا كانت الأنباء الواردة عن هروب الرئيس التونسي بن علي، تبدو للكثيرين بمثابة انتصار نهائي وحاسم على السلطة، نحو طريق التغيير والعدالة. وهو ما كان يعتقده الكثير في سياق الثورة المصرية التي اندلعت في يناير 2011، بغض النظر عن الأيديولوجيات الإصلاحية التي تتماهى مع هذه الرؤية، أو خطاب الاشتراكيون الثوريين حول ضرورة عدم التوقف عند مرحلة إسقاط رأس النظام فقط.
نشاهد اليوم هنا في مصر، تفاعلات مع هروب الشيخة حسينة، بنظرة مختلفة، لدى الكثيرين اليوم خبرات مؤكدة لا ريب فيها، إن إسقاط رأس النظام ليس كافيًا، وإن بدا ذلك انتصارًا وخلاصًا من كابوس جاسم على الأنفاس، إلا أن السلطة ستقع في يد وجه آخر لنفس النظام. لم تذهب إذٍا نضالات ثورة يناير وما سبقها هباءً، فمسألة الاستيلاء على السلطة ومن يحكم باتت اليوم في مرمى البصر، بل إن هذا الخبرات الثورية ليست بمنأى عن المحتجين البنغاليين. في حوار لأحد المحتجين مع شبكة CNN، عقب هروب حسينه، يُعلق بأن حسينة رحلت، لكن الطريق إلى العدالة لايزال طويلاً.
تحكم حسينة، بنجلاديش منذ نحو 15 عامًا بقبضة حديدية وبسياسات صندوق النقد الدولي من التقشف والإفقار للأغلبية، حيث لم تجني ثمرة النمو الاقتصادي الذي شهدته السنوات الأولى لحكم حسينة، إلا المقربين من السلطة، و بتكريس نظام المحاباة الطبقي الذي يميز أبناء الطبقة الحاكمة ويعطيهم أولوية بحصصٍ في الوظائف العامة. لا شك أن إزاحة هذا الكابوس المرعب، هو انتصار مهم وإن كان جزئيًا، لكنه يفتح بابًا للأمل أنه يمكن إزاحة الديكتاتور القابع على رأس السلطة وإن بدا أنه لا يمكن ذلك، هذا ما تدفع به الطبقات الحاكمة، اليأس من التغيير، لكن البنغاليين قالوا أنه يمكن فعل ذلك.
في ظل تأييد شعبي ومظاهرات تطالب بالديمقراطية عام 1996، وصلت حسينة إلى السلطة بالتحالف مع أحزاب سياسية في بنجلاديش، إبان حكم الجنرال حسين محمد إرشاد، وفي عام 2001 خسرت حسينة في الانتخابات أمام منافستها، خالدة ضياء، وعبر صراع مكتوم على السلطة شهدت بنجلاديش خلال سنوات تفشي عمليات القتل خارج إطار القانون وحالات الإختفاء القسري وعمليات تفجير للحافلات، إلى أن وصلت الشيخة حسينة مرة أخرى إلى السلطة في عام 2009، من خلال انتخابات أشرفت عليها حكومة تيسير أعمال. أحكمت حسينة قبضتها على الحكم منذ ذلك الحين بالقمع، ووصفت المعارضين بالإرهابيين الذين يجب قمعهم بيد من حديد، ووثقت المنظمات الحقوقية مئات من عمليات القتل خارج إطار القانون، وحالات الإخفاء القسري، من قِبل أجهزة الأمن، ومن خلال المساعدات الخارجية دشنت حسينة، مشروعات عملاقة وجسورًا أبرزها جسر “بادما” الذي بلغت تكلفة إنشائه نحو 2.9 مليار دولار. لكن القمع الرهيب لسنوات والمشروعات العملاقة في ظل الإفقار والمحاباة، لم تسهم في إرساء قواعد نظام حكم حسينة، المستبد، بل كانت سببًا في حلحلته وإسقاط رأس النظام.
#جورج_حنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هروب حسينة خطوة على طريق إسقاط النظام
المزيد.....
-
-جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال
...
-
مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش
...
-
ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف
...
-
ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
-
حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر
...
-
البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
-
-أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك
...
-
ملكة و-زير رجال-!
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|