|
الأخوة الثلاثة-حكاية من صربيا
ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 8061 - 2024 / 8 / 6 - 00:13
المحور:
الادب والفن
حكايات عالمية الإخوة الثلاثة حكاية من صربيا ترجمة ماجد الحيدر
(من يسأل القليل ينل الكثير)
يحكى إن ثلاثة أخوة كانوا يعيشون معا، ولا يملكون في هذا العالم الفسيح غير شجرة كمثرى يتناوبون على حراستها، فيبقى أحدهم في البيت فيما يذهب الآخران إلى عملهما اليومي. ذات يوم صدر الأمر الى ملاك من السماء بالنزول لرؤية الإخوة وكيف يعيشون، ويزودهم بوسائل عيش أفضل إذا احتاجوا إليها. وبمجرد أن نزل الملاك إلى الأرض اتخذ شكل متسول وجاء إلى الأخ الذي كان يحرس الشجرة وتوسل إليه كي يعطيه حبة كمثرى، فقطف الرجل إحدى الكمثرات التي تخصه وأعطاها للملاك وقال: - هاك واحدة من كمثراتي. لكنني لا أستطيع أن أعطيك شيئًا مما يعود لأخويّ. فشكره الملاك ومضى. في اليوم التالي بقي الأخ الثاني في المنزل ليحرس الشجرة. فجاء اليه الملاك وطلب حبة كمثرى. فقطف له هو الأخر إحدى الكمثرات التي تخصه، وأعطاها للملاك، وقال: - هاك واحدة من كمثراتي. لكنني لا أستطيع أن أعطيك شيئًا مما يعود لأخويّ. فشكره الملاك وغادر. وعندما وصل دور الأخ الثالث ليحرس الشجرة، جاء إليه الملاك أيضًا وطلب حبة كمثرى، ففعل مثلما فعل أخواه واقتطف له إحدى كمثراته وأعطاها له وقال: - هاك واحدة من كمثراتي. لكنني لا أستطيع أن أعطيك شيئًا مما يعود لأخويّ. في اليوم الرابع اتخذ الملاك هيئة راهب وجاء في الصباح الباكر فوجد الإخوة في المنزل وقال لهم: - تعالوا معي وسأقدم لكم عملا أفضل لتقوموا به. تبع الإخوة الملاك دون أي تردد. وعندما وصلوا إلى جدول سريع عريض، قرروا أن يستريحوا هناك، وقال الملاك للأخ الأكبر: - مالذي تريد الحصول عليه؟ - أحب أن يتحول هذا الماء إلى نبيذ وأن يكون ملكًا لي وحدي. رسم الملاك علامة الصليب بعصاه، وإذا بالنبيذ يجري في الجدول بدلاً من الماء، وإذا برجال يصنعون البراميل الخشبية ويُسكبون الخمر فيها، وإذا بناس يعملون، ونشأت قرية في المكان. ترك الملاك الأخ الأكبر هناك وقال له: - لديك الآن ما تتمناه، ابق هنا وعش حياتك. ثم أخذ الملاك الأخوين الأصغر وذهب بهما إلى مسافة أبعد. وسرعان ما وصلوا إلى حقل كان يتغذى فيه عدد هائل من الحمام. وهنا سأل الملاك الأخ الثاني: - مالذي تريد الحصول عليه؟ فأجاب: - أود أن تتحول كل هذه الحمامات إلى خراف وأن تكون ملكًا خالصا لي. رسم الملاك علامة الصليب بعصاه فوق الحقل، وفي لحظة واحدة تحول كل الحمام الى خراف. وانتصب مصنع للألبان، حيث يحلب بعضهن النعاج، وبعضهن الآخر يقسن اللبن ويجمعن القشدة ويصنعن الجبن ويذبن الدهون. وكان هناك أيضا مسلخ يزنون فيه اللحوم ويجهزونها وتتدفق فيه النقود. كان الناس مشغولين في كل مكان، ونشأت قرية على الفور. عندها قال الملاك للأخ الثاني - ها قد نلت ما تمنيت. ثم ذهب الملاك مع الأخ الأصغر، وبينما هما يسيران في أحدى الحقول سأله الملاك عما يريد الحصول عليه فأجاب: - ليت السماء تعطيني زوجة تقية مطيعة بكل معنى الكلمة. أنا لا أطلب أي شيء آخر. قال الملاك: - آه، من الصعب جدًا العثور على امرأة كهذه. ليس في العالم كله سوى ثلاث نساء بهذه الصفات، اثنتان منهن متزوجتان بالفعل والثالثة لا تزال عذراء؛ لكن هناك بالفعل اثنان من الخاطبين لها. ثم انطلقا من جديد، ووصلا بعد مسيرة طويلة الى مدينة يحكمها ملك لدية ابنة مطيعة بارّة حقًا. ثم توجها على الفور إلى الملك ليطلبا يد ابنته. وهناك وجدا أن ملكين قد وصلا قبلهما وطلبا يد الأميرة ووضعا تفاحهما على المائدة. فوضعا هما أيضًا تفاحهما على المائدة بجانب التفاحات الأخرى، فلما رآهم الملك قال للحاضرين: - ماذا عسانا نفعل؟ أول الخاطبين ملكان، أما هذان فمجرد متسولين بالمقارنة بهم. فقال له الملاك: - سأقول لك ماذا تفعل. دع الأميرة تأخذ ثلاثة فروع من الكرم وتزرعها في الحديقة وتسمي كل واحد على اسم خطيب من خاطبيها وتنظر اليها في الصباح، ومن وجدت عنبا على غصنه عليها أن تقبله زوجا لها. وافقوا جميعا على هذا الاقتراح وزرعت الأميرة ثلاثة أغصان من الكرم في الحديقة، وسمت كل منها باسم خاطب من خاطبيها. وفي الصباح رأوا عنبا على كرمة الشاب الفقير، فلم يجد الملك بدا من إعطاء ابنته للأخ الأصغر، وأقتادهما على الفور إلى الكنيسة وزوجهما. وبعد المراسيم المعتادة أقتاد الملاك العريسين إلى الغابة وتركهما هناك، وعاشا في تلك الغابة لعام كامل. عندما انتهى العام، أُمِر الملاك بالنزول مرة أخرى كي يرى كيف يعيش الإخوة ويساعدهم إذا احتاجوا عونا. أتخذ الملاك حال نزوله إلى الأرض شكل المتسول من جديد وذهب إلى الأخ الأكبر حيث النبيذ الذي يتدفق في الجدول وسأله كأسًا منه؛ لكن الرجل نهره ودفعه بعيدًا قائلا: - إذا أعطيت كأس نبيذ لكل من طلبه فلن يتبقى لي شيء. فلما سمع الملاك هذا رسم علامة الصليب بعصاه فتحول النبيذ ماء كما في السابق، ثم قال للأخ الأكبر: - إن الثروة لا تلاءمك. عد إلى المنزل واحرس شجرة الكمثرى مرة أخرى. ثم ذهب الملاك إلى الأخ الثاني الذي غطت أغنامه الحقل وطلب منه قطعة جبن، فدفعه بعيدًا قائلاً: - إذا أعطيت قطعة من الجبن لكل من يطلبها فلن يتبقى لي شيء. وعندما سمع الملاك هذا رسم علامة الصليب بعصاه فتحولت الخراف حماما مرة أخرى؛ وقال له: - أن الثروة لا تلاءمك. عد إلى المنزل واحرس شجرة الكمثرى من جديد. أخيرًا ذهب الملاك إلى الأخ الأصغر ليرى كيف تسير أموره فوجده يعيش مع زوجته في كوخ فقير في الغابة. سألهما الملاك أن يسمحا له بالمبيت عندهما لليلة واحدة فوافقا على الفور ورحبا به من أعماق قلبيهما وتوسلا إليه كي يعذرهما لأنهما لا يستطيعان ضيافته كما يتمنيان بسبب فقرهما المدقع، فقال لهما الملاك: - لا تحملا همّا. سأكتفي بالموجود. ماذا يفعلان؟ لم يكن لديهما دقيقا ليصنعا منه الخبز، غير أنهما اعتادا على طحن لحاء الأشجار وصنع الخبز منه. عجنت المرأة للضيف شيئا من ذلك الخبز ووضعته تحت غطاء خزفي كي ينضج. وبينما كان الخبز ينضج أخذا يسليان الزائر بالحديث. وعندما قاما ليريا ما إذا كان الخبز قد استوى وجدا تحت الغطاء خبزًا ناعما مخبوزًا بشكل ممتاز -لا يمكن للمرء أن يرغب في أفضل منه- حتى إنه انتفخ تحت الغطاء؛ فلما رآه الرجل وزوجته رفعا أيديهما إلى السماء وقالا: - تقبل شكرنا يا رب! الآن يمكننا ترفيه زائرنا. ثم وضعا الخبز امام الملاك ومعه وعاء مصنوع من يقطينة مجوفة سكبا فيه بعض الماء. لكن الماء تحول الى نبيذ حالما بدأوا بشربه، وعندها رسم الملاك بعصاه علامة الصليب على الكوخ، فإذا بقصر أميري فخم ينتصب مكانه. ثم بارك الملاك الرجل وامرأته وغادرهما، وعاشا سعيدين هانئين الى آخر العمر.
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكايات عالمية-البنت الصغيرة الحكيمة-البرتغال
-
حكايات عالمية-الاسكافي-إيطاليا
-
حكايات عالمية-سيد الموت-الهند
-
هو
-
حكايات عالمية-الارنب الذكي
-
حكايات عالمية-يومَ تَمزق قوسُ قزح
-
حكايات عالمية-الولد الذي لم يكن يشبع من الجبن-هولندا
-
حكايات عالمية-ابريق الشاي العجيب-اليابان
-
ثلاث قصص لجاسم عطا
-
تختبيش-حكاية من الفولكلور الكردي
-
الفقير الماكر والغني الأحمق -حكاية من الفولكلور الكردي
-
حكاية من الفولكلور الكردي-أنا أعرف ولكن تعال أفهم أحمد آغا
-
عادة الطيران التي لا أملها
-
مدينة العقلاء الأربعة-قصة قصيرة جداً
-
ويصلي القيصر وحيدا
-
حياة وموت بكر صوباشي-مسرحية تاريخية
-
الضيافة العجيبة-حكاية من الفولكلور الكر=ي
-
حكايات من الفولكلور الكردي - الجنازة
-
أسئلة لا تنتظر جواباً-شعر
-
الى أمي
المزيد.....
-
مصر.. ماذا كتب بجواز سفر أم كلثوم؟ ومقتنيات قد لا تعلمها لـ-
...
-
أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21
...
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|