أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - وأَنْبِسُ آمِيييين رُبَّمَا














المزيد.....

وأَنْبِسُ آمِيييين رُبَّمَا


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 8060 - 2024 / 8 / 5 - 22:58
المحور: الادب والفن
    


ظللتُ أخبطها عشواءَ حتى بلغتُ الدوحة الكبيرة (أسكلو أمقرانْ) يحضنني جذعها الرحيب، وحيدا لاهثا مصهدا معرَّقا تحت ظل أغصان بلوطها الغامقة .. آآرْررْ .. كنت أسمع هديل يمام البر (الوَرّام تيماليوينْ) غير المنقطع وشيئا مثل صفير حاد تصدره حناجرُها وهي تهم بالنزول بتلابيب الشجرة بينما لجب جناديب (أرْجيجْ) لا يفتر أبدا عن رجرجته الأزلية، وخشخشات مريبة في كل مكان تتصيد ما تتصيد تحت وقع لظى شمس حارقة .. أسندتُ ظهري على الدوحة تاركا جسمي يهوي بثقله إلى الأسفل حتى لامس الجذور المجعدة البارزة الملتوية .. أثنيتُ رجليّ معا، جلستُ القرفصاءَ شاخص البصر تنبس شفتاي .. آميين آمييين آآآمييين .. الله أكـبر .. صدحَتْ بها حَنجرة فقيه الجامع ممتدة قوية رصينة .. وقفتُ .. تنفستُ بعمق .. التفتُ صوب المنزل المحاط بشجيرات العرعر .. صَمْتٌ مطبق في جميع الجهات .. خطوتُ خطوات إلى حيث ظل الشجرة ينسحب ببطء تاركا المساحة كلها لأوار أبيض ناصع يلهب الأرض الصلبة الملساء القاحلة أمامي .. أسرعتُ .. عَـلَـيَّ أبلغ حـلاءَة الزيتون المُعمر الكثيف المؤدية خمائلها إلى عين الماء مباشرة .. سأسكب الزلال على قنة رأسي أضعه تحت الأنبوبتين يغسلني رشراشهما المنهمر .. أتوضأ أصلي وأقول مع القائلين .. آآآمييين .. داعيا متضرعا أناجي راكعا ساجدا أسألُ ربما ربما ربما ... (العين) (١) فارغ ضُحًى .. لا بهائم في الرحبة تدور أو في الجوار .. لا شبابَ يصخبُ .. لا نساءَ يغسلن الثياب في صهـريجَيْ لَابَرْوَالْ (٢) .. لا رجالَ يدلون الدلاء .. نظرت يمينا يسارا .. حَذِرا توغلتُ في الأخدود العامر حجارةً عبر خميلة ريّـانة نضرة أتشبتُ بأفنان أشجار متدلية ووُريقات داليات (أزِيلي) ودفْلى (أليلي) وعُشيبات (أشْتالْ) أضبط بها توازني المترنح .. لما بلغت القاع المائيَّ المظلَّلَ تجري مياهُه بفتور ساكن قادمة من فوق في اتجاه وادي (مشرع) البلدة، أقعيتُ كجَرْو عجوز وجلا ترقبُ عينايَ شراغيف الضفادع والسلاحف وكبارها منتشرة بين حجارة صُفّاح الوادي (دَڭ إصفاحنْ نوغزرْ) غير مبالية تفتح تغلق مُقلَها الجاحظة بكسل رتيب .. أسرعتُ فيما هممت به مستغلا وفرة المياه أذهِبُ ما آستطعت شعورا بالوخز أحسه هنااااك في ذاك المجال الخاص جدا تنبض عروقه الدقيقة المحتقنة كأشواك حادة لطفيليات حانقة تالفة .. تمنيت أنْ أظل كذلك مدة أطولَ، لكن تناثر الذباب يتطاير طنينه آلأزرق وآلأخضر بالجوار وهاجس المباغتة غير المحتسبة من أحدهم أو من حجر طائش طائر يرسله أرعنُ أو تَبدل مفاجئ لأحوال هذه المخلوقات المخاطية الملتبسة بأرواح لا يُفقهُ كنهها أو مصدرها وما يمكن أنْ تحدثه من خراب في الأرواح والأجسام .. جعلني أجمع تلابيب أطرافي (إيجولالينُو) وأنهض مستنفرا أنظف يدَيَّ أفركهما بالخشاش ودقيق الحصوات والأعشاب العطرية، أخللهما بالتراب اليابس والمبلل أغطسهما في لجج الجدول السارح بفتور أمامي حتى إذِ آطمأنتْ حواسي بتحقيق المراد، قفلتُ عائدا أسرعُ الخببَ إلى الصهريج الصغير أكملُ غسل ما علق براحتي من رواسب غير مرئية وروائح ممكنة معاودا الدلك في تلك المساحة الضيقة من الجدار الإسمنتي التي آسودت خضرتُها الغامقة من كثرة ما كان يحك فيها فتية البلدة (الواشون) أصابعهم يُذهبون عنها أثرَ يخضور الجوز الذي دأبُوا آختلاس قطافه من بستان الجوار (زي تابحيرت نْ سْوادَّا) .. توضأت أو فعلت شيئا مثل ذلك، ثم يَمَّمْتُ شطر بيت الصلاة، وجدتُ أغلبية الحضور في رحابه ما بين جالس يتأمل وقارئ يتلو بصمت بعض الأوراد أو متصفح للآيااات يراجع فواصلها أو ...

_ واقِـيلَا غيرْ شَكْ أنِيقِّيمَنْ .. مرحبا ..
( يبدو أنك آخر الوافدين مرحبا بك )

قال مقدم الرْمَا (٣) (مُوحَنْدْ أُوسيمُوحنْدْ) .. ولما آحْتَبَيْتُ مُسْنِدا ظهري بآحتشام على الجدار الخلفي، بادرني ...

_ والتحية ؟؟

قلتُ ..

_ السلام عليكم ...

ضحك..

_عْليكْ السلامْ .. إيوا طُورا زَالْ سَنْتْ نَـالركاعي .. ( والآن صل ركعتين تحية للمسجد)

وقفتُ مترددا، فبيَّنَ ...

_ هانتشني آشْ نْعَايَنْ .. غيرْ زالْ كُونْ هاني ... ( لا تتردد سننتظرك ريث تنهي صلاتك اطمئن )

فقلتُ ..

_ واخَّــا .. ( نااااعَمْ)

وبدأت أصلي بتؤدة مرتبكة خجلا من الأعين التي ربما ترقبني _ هكذا خمنت آلأمر _ ولم تك المناسبة سانحة لخلوة أناجي فيها وأسأل وأقول أمييييين أعيدها بهدوء أكررها ربما ربماااا ...

☆إضاءات :
١_العين : عين الماء طبيعية تنبع من بين أصلاب المرو والحجارة

٢_لابَرْوَالْ : صهريج اسمنتي مخصص لتجميع المياه لاستغلالها في السقي والتنظيف وما شابه، غالبا الكلمة منطوق محلي للفظة الفرنسية réservoir المرتبطة بالماء l´eau
(réservoir d eau)

٣_الرْمَا : من الرماية، تطلق على مجموعة تمارس القنص والرماية لها طقوسها وأعرافها الخاصة وقوانين يلتزم بها المنتمون إليها، و(مقدم الرما) هو شيخهم وزعيمهم الذي تقدمه المجموعة لتحمل مسؤوليات شتى تخص الحياة المشتركة أثناء ممارسة الرماية وقبلها وبعدها ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كَانَتْ حَنُونَةً مُشْفِقَةً شَمْسُ آلْوَدَاعِ
- غَنَّتْ فَاطِمَة
- اِقْرَأْ
- حَتَّى تَلَاشَتْ هُنَالِكَ فِي أُفُقٍ بِلَا أُفق
- اَلنَّجْمْ الْأَزْرَقُ
- وَآخْتَفُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَبَدًا
- لَقَدْ آخْتَرَقَ تِلْكَ آلْبَرَارِي أبِي
- سُكَّانُ بَلْدَتِنَا آلطَّيِّبُونَ
- كَباز خرافةٍ معْقوف القامةِ والمنقار
- أرَانِي أَغْرَقُ في زُلالٍ مِنْ خَيالٍ سَسَّغْ أمَانْ نْتْمَ ...
- يا أيّها آلطّفلُ آلجَميلُ آلعَالِقُ
- سُعَار (4)
- سُعَار (3)
- سُعَار (2)
- سُعُار (1)
- من تغريبة غضبان الموغربان
- أَهْلُ آلْمَكَانِ
- The Big Boss
- اُوووووو ... هْ ... اُووووووو ...
- صَرْخَةُ آلْجُبِّ


المزيد.....




- سيارة توم كروز في فيلم -أعمال محفوفة بالمخاطر- قد تباع بـ1.4 ...
- اقتصادي يضع عدة تحديات للعراقيين الراغبين بالسكن في الاقليم: ...
- منهجية الاستبداد في تخريب التعليم الشرعي وتدمير الكليات الشر ...
- مهرجان لوكارنو يكرم شاه روخ خان لمساهمته -في إعادة تعريف الس ...
- كيف تتباين الروايات الغربية والإيرانية حول طريقة اغتيال هنية ...
- بصمات روسية مضيئة
- العاصمة الروسية تتحضر لمهرجان -يوم الرياضي في موسكو-
- فنان مصري يتصدر التريند بعد امتلاكه سيارة سعرها تخطى الـ100 ...
- منتزه فورونتسوفو يشهد العرض الأول للمسرحية الموسيقية -كنوز ا ...
- الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية


المزيد.....

- ديوان قصَائدُ لَهُنَّ / ياسر يونس
- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية / كاظم حسن سعيد
- البحث عن الوطن - سيرة حياة عبدالجواد سيد / عبدالجواد سيد
- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - وأَنْبِسُ آمِيييين رُبَّمَا