أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هل للكون بداية ونهاية ؟














المزيد.....

هل للكون بداية ونهاية ؟


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8059 - 2024 / 8 / 4 - 19:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ركيولوجيا العدم
العقل المحاصر"
٥ - هل للكون بداية ؟

الفكرة القائلة بخلق الكون من العدم، هي فكرة قديمة، عالجها الفكر الإسلامي كإشكالية شائكة تتعلق بقدم وحدوث العالم كما في فلسفة الكندي وفكر مدارس الكلاميين كالأشاعرة والمعتزلة. إن أهم مشكلة كانت تقض مضجع كل مفكري الإسلام هي قضية التوفيق بين الدين والفلسفة، وبالذات مشكلة القدم والحدوث للعالم. فالفلاسفة قالوا بقدم العالم انطلاقا من قدم المادة والصورة والحركة والزمان، بينما دافع المتكلمون عن فكرة حدوث العالم ومادته وصورته وحركته وزمانه. لذا فإن أية محاولة للتوفيق بين الاتجاه الفلسفي والكلامي والديني كانت تصطدم بهذا التناقض بين خلق العالم وأزلية أو قدم العالم .. والكندي رغم كونه فيلسوفا إلا أنه ساند فكرة حدوث العالم وخلقه من العدم. وما زال حتى اليوم من يدافع عن هذه الفكرة الدينية كما هو الحال مع أغلب مثقفي العالم العربي والإسلامي. الدكتور صالح الرقب، والدكتور محمود الشوبكي في كتاب (دراسات في التصوف والفلسفة الإسلامية) حيث يؤكدان: " ببطلان القول بقدم العالم لأنّ قدمه يمنع عدمه، وقد ثبت أنّه سيعدم، فإنّ القول بحدوث العالم هو الحق الذي يقول به العقل الصريح ". ونجد اليوم العديد من مثل هذه التصريحات السفسطائية والتي لا تستند إلى أية براهين علمية في العديد من المواقع الإسلامية والتي تهدف إلى تخريب عقول الشباب والشابات الذين يفتقدون للحس النقدي والموضوعية الفكرية والذين يشككون في قانون بقاء المادة وإستحالة فنائها. والكثير منهم يستند إلى بعض الأسماء الأوروبية أو الأمريكية كحجج لا تفند، فنجد إسم إدوارد كِسّل Edward Luther Kessel المتوفي سنة ١٩٩٧، البيولوجي الأمريكي وهو يدافع بدوره عن فكرة الخلق وفناء العالم حيث يقول: " وهكذا أثبتت البحوث العلمية "دون قصد" أن لهذا الكون بداية، فأثبتت تلقائيًا وجود الإله، لأن كل شيء ذي بداية لا يمكن أن يبتدئ بذاته، ولا بد أن يحتاج إلى الخالق، والاكتشاف العلمي حول سعة الكون - أو توسعه المستمر- يدل من جانب آخر على أن هذا الكون يتوسع بشكل مذهل وبسرعة لا تتصور، ولا بد أن هذا التوسع كان ابتداء من بداية حرّكتها قوة معينة وحسب نظام معين، وأن هذا التوسع لا بد أن يصل إلى مداه النهائي، ثم يعود الكون مرة أخرى للتقلص بعد انعدام القوة الدافعة لهذا التوسع، وعندئذ سيؤدي إلى ارتباط الأجرام السماوية وتجمعها في نقطة المركز. إن كونًا هذا شأنه في التمدد والتوسع، ثم مآله إلى الانكماش والتقلص لا بد أن تكون قدرة الخالق هي التي كانت وراء البداء، وإلى الله المنتهى." والعديد منهم يفسرون نظرية البق بانق أو الإنفجار الكبير تفسيرا لاهوتيا ويرون أنها تتفق مع المعطيات الدينية ولا تتعارض مع الكوزمولوجيا القرآنية ولا التوراتية.
أما إبن رشد فإنه أتخذ موقفا وسطا، أي أن العالم ليس قديماً على الحقيقة وليس محدثاً على الحقيقة، بل هو قديم ومحدث في الوقت نفسه، قديم بمعنى صدوره الدائم والأبدي عن الله، ومحدث بمعنى افتقاره إلى علة موجدة له تقع خارجه. بمعنى أن العالم قديم ولكنه مخلوق من قِبل علة أولية وهي الله. وذلك رغم القوانين العلمية في "عالَم المادة" حيث أنَّ "النشوء" و"الزوال" في عالَم الطبيعة ليسا سوى "التحوُّل".. تَحَوُّل المادة من صورة إلى صورة، فـ "الشيء" إذا نشأ فإنَّه لا ينشأ من "لا شيء"، وإذا زال فإنَّه لا يزول بوصفه "مادة"، وإنَّما بوصفه صورة من صورها، فالماء يمكن أن يتحول إلى ثلج أو بخار، كما يمكن أن نحوله إلى مكوناته الكيميائيه، بأن نفصل الأوكسجين عن الهيدروجين .. إلخ. فالمادة لا تفنى ولا تندثر وإنما يمكن أن تتحول من صورة إلى أخرى، والطاقة الحرارية والكهرباء والموجات الصوتية والكهرومغناطيسية كلها من صور المادة الممكنة.
وإذا رجعنا وتفحصنا العديد من الآيات القرآنية المتعلقة بخلق الكون، وهو العمل الذي قام به الباحث جواد البشيتي في دراسة قيمة وموثقة بعنوان " في القرآن لا وجود لفكرة الخلق من العدم "، يستنتج بأنه ليس هناك أي شيء أو أي دليل على فكرة الخلق من العدم: "وبَعْدَ قراءة متأنِّية ومختلفة لـ (الآيات الكوزمولوجية أو الكونية) في القرآن، أستطيع القول إنَّ خَلْقَ الله لـ "الكون" لَمْ يَكُنْ "خَلْقاً للمادة من العَدَم"، مهما حاوَل "المؤوِّلون العلميون المعاصِرون"، المتأثِّرون بنظرية "الانفجار الكبير" Big Bang وغيرها من النظريات الكوزمولوجيَّة الحديثة، إظْهار وتصوير "الخَلْق القرآني للكون" على أنَّه خَلْقٌ للمادة Matter من العدم Nothingness".
ويقول الباحث البشيتي في مقال آخر بعنوان "العدم".. تلك الفكرة الغبيَّة! : فالله كان، ولم يكن من وجودٍ لأيِّ شيء؛ ثمَّ (ولسببٍ مُتاهَفِت منطقياً) خَلَق "كل شيء" من "لاشيء". وفي "الخَلْق القرآني" لـ "الكون"، والذي يُعَرَّف قرآنياً على أنَّه "السماوات والأرض وما بينهما"، لا نرى "خَلْقاً من العدم"؛ فـ "السماوت والأرض" كانتا موجودتين منذ الأزل؛ لكنَّهما كانتا "رَتْقاً"، أيْ ملتصقتان، فـ "فَتَقَهما"، أيْ فصلهما، كما في الآية "أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ".. وهذا إنَّما يعني أنَّ "الخَلْق الإلهي (بأيَّامه الستَّة)" لم يتعدَّ "فِعْل الفَتْق". قَبْل خَلْق "السماوات والأرض وما بينهما في سِتَّة أيَّام، كانت "السماوات والأرض" موجودتين على هيئة شيئين ملتصقين، وكان الله، وكان عرشه على الماء؛ فمع الله كان "عرشه"، وكان "ماء"، عليه "عرش الخالق". حتى "الأمر (الإلهي) كُنْ" يؤكِّد، ولا ينفي، "اللاعدم"؛ فـ "الأمر"، منطقياً، لا يكون إلاَّ بوجود "آمِرٍ" و"مأمور"؛ فإذا كان "الآمِر" هو الله، فَمَنْ يكون "المأمور" إذا ؟

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبث بين الدين والفن
- بداية الخلق
- بين التأمل والتجربة
- بين الإحتمال واليقين
- ساعة إينشتاين
- حريق الظل الطويل
- عن الأخلاق واللاهوت
- الغرامشية اليمينية
- الثقافة ضد الدكتاتورية
- الثورة المضادة في فرنسا
- الخطر الفاشي في فرنسا
- القشور
- لعبة الروليت الماكرونية
- الفلسفة الأولى
- ثقوب الوعي
- عن الميتافيزيقا
- الإنفصام
- عن كون ولا كون الكائن
- نكبة الحرف المجنون
- ماهية العدم


المزيد.....




- حريق كبير في مستودع وقود في روستوف بعد هجوم بطائرة مسيرة أوك ...
- الصواعق تزداد في فصل الصيف بموسكو بسبب الاحتباس الحراري
- علماء يكشفون دور نوع من البرق في نشأة الحياة على الأرض
- هل يمكن أن يكون السعال المزمن حالة وراثية؟
- مزيد من الدول تدعو مواطنيها لتجنب السفر إلى لبنان
- ماسك يعلن نجاح ثاني زراعة شريحة إلكترونية في دماغ بشري
- أسير أوكراني: تم سوقي إلى الجبهة دون التحقق من وثائقي الشخصي ...
- -زيارة فاشلة-.. الأردن في محاولة أخيرة لمنع إيران من الرد عل ...
- إسرائيليون يريدون أحفاداً من السائل المنوي لأبنائهم القتلى
- خبير عسكري: المقاومة لديها الأفضلية في القتال من مسافة الصفر ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هل للكون بداية ونهاية ؟