أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - قراءة فاطمة شاوتي فِي نص الشاعر السوري نزيه بريك -لَمْ أَقُلْ -















المزيد.....


قراءة فاطمة شاوتي فِي نص الشاعر السوري نزيه بريك -لَمْ أَقُلْ -


فاطمة شاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8059 - 2024 / 8 / 4 - 12:26
المحور: الادب والفن
    


النص هذا موضوع قراءتي أثارني
وقد نشر في غوغل، الذي اعتمد شاعرا سوريا نشر نصه سنة 2020
على صفحات مجلة رسائل الشعر، فاخترته رغم ما يعتور الأسلوب من ثغرات، لكنها لم تفسد تيمة ولاصور النص المعنون ب :"لم أقل"...
نشرت النص الأصلي كما في المجلة بأسم الشاعرالسوري نزيه بريك :

قراءة لنص الشاعر السوري نزيه بريك :

إنها القراءة التي اختارت المجازفة :

1 تصحيح الأخطاء
2 تشذيب الجمل المطولة وجعلُها مركزةً دون إخْلال بمضمونها..
3 الإحتفاظ بالصور المجازية، وحذفُ الخطاب المباشر لِتبدوَ صورا إبداعيةً ،لاتقريريةً...
تصرفْتُ بناء على ملاحظتي قوةَ النص وجماليةَ الصيغة المعتمدة،
سأركِّز على مكامِن النقْص؛ ولكنها لاتفقد النصَّ قيمتَهُ الإبداعيةَ ،إذا تم التعاطي معها :
1_ الهمزة الواردة بعد قولٍ تُكسَرُ لاتفتحُ (لم أقل إن وليس أن إلا إذا سبقها حرف)...
2_ الخطاب المباشر يرتبط بخطاب سياسيٍّ يتطلبُ التحريضَ وإثارةَ الحماس؛ عكس الخطاب الشعري، يجعلُ خطابا تقريريا خطاباً موسيقياً، بلغة الإيحاءِ والرمزِ والكنايةِ والتوْريةِ، لينجحَ تمريرُ السياسةِ وتطويعُها شعرياً ،فالشاعر ليس خطيبا سياسيا ولا ثوريا، بل يكتب واقعَ السياسة برهافةِ اللغة؛ وتجنيحِ الخيال ،وهو ما يجعلُ نصًّا كهذا يفقد إبداعيتَه وحساسيتَهُ الشعريةَ،إذا ركَّز على التقرير والمباشرة ...
3_التطويل يؤدي إلى السقوط في الشرْح والإطنابِ والتكرارِفيكون نصا دون نفَسٍ شعري، رغم أنه يحمل شاعريته في مفتاحين :
القفلة والعتبة...
لهذا مقترحُ التعديلِ لايعني قتلَ النص، بل يُشبهُ مَنْ يقُصُّ زوائدَ ومن يُشذبُ الفائضَ عن حاجة النص، فالشاعر لايلتزم بالشرح والمرادفات
تلك مهمة القارئ...
الشاعر يقدم شيفرةً والقارئُ يفكِّكُها...
وانطلاقا من قناعة الإختيار، لايمكنني إغفال النقط السلبية مقابل الإنتصار للنقط الإيجابية، والتي ستكون قاعدة أساسية، لتتبعِ النصًِ في حركية جمالية، تقطعُها الجملة الفعلية المُنْتَفَاةُ بأداة( لَمْ أقلْ)
مفتاح كل مقطع
مفتاح كل قول
مفتاح السر..
وماالتعديلُ الذي اقترحتُه سوى مقترح تجْويدِ، لا تنقيصٍ ولاإظهار قوة القارئة، بل هو موقفٌ موضوعي لايقيم محاكمةً للشاعر، من خلال مادته الخام الجيدة، ولامحاكمَ تفتيش تحرق الساحر، لأنه ساحرٌ حوَّل ماهو تقريري لِماهو تخْيِيليٌّ..
إنه اقتراح يبتغي إضافة مُرَكزَةلنص لاأريده إلا أقوى..
دون إخْلال بتِيمَتِه،
ولا بصوره وموقفه وتصوره ...
وتجاوزا لتضخم الأنا الثقافي ،الذي يُقوِّض الذات والذائقةَ وحقلَها الإشعاعي...
أرى أن النقد يشتغل على نحْت منحوتة الشاعر، لِيُقدِّمها في أجمل صورةً هديةً تستحق قارئاً، لقارئ يستحق متعةَ القراءة...
بهذا المدخل سأقدم
النص كما شذبْته :

نزيه بريك /شاعر سوري

أنا لم أقل...
أنا لم أقُلْ..

إنه كلما اتسعتْ عينُ السلطة
ضاقتِْ البسمة...

وأن “الثقافة القومية” بنتُ حرام
و”النشيدَ الوطني” قوادُ الحاكم



لم أقُلْ أبداً...
إن للقاتلِ شجرةَ عائلة
وأن الخرطوشَ لا يسقط بعيداً عن البارودةِ...
وأن الجزمةَ فازت في سباق الممانعة...
وحذاءَ ساندريلا سقط بنيران المقاومة...



لم أقلْ...
إن القوانينَ نفايات عضوية،
تتحلل في جيوب السلطة...
وأنها كُتِبتْ بقلم رصاص
والممحاة تآكلت…
وأن كلامَ المنصة
أصابه الهلع، وتبوَّلَ
في سرواله...



أنا لم أقلْ...
إننا ترعرعنا في الأواني الفارغة
وأن الكأسَ تبحث عن قطرة تبلل ريقها
وأننا نشربُ السرابَ من أحواضِ السلطةِ
وأن مُعجّلَ الوطن بدمعة..
مؤجّلٌ بصرخة…
وأن أسئلةَ الغد تتقلب
في الفراش، مصابة:
بفقدان التوازن
وجفاف الجواب...



لم أقُلْ أبداً ...
إن كراسي المقاهي غادرت الأرصفة
تحت ثرثرة البنادق...
وأن الأرضَ عاقرٌ،
والنهرَ مخّصيٌ...
وأن البحرَ يُتأتئ كلما
سمِعَ إسم البلادِ...



لم أقُلْ أبداً ...
إن الحياةَ مصابةٌ بالإسهال العسكري...
و السماءَ صارت سيئة السمعة،
تتلقى الرشاوى من كل الجهات...
وأن أحلامنا تتعثّر بخيالها...
وعقاربها توقفت عن التحرش بالوقت
– حتى الضائع –
وأننا نبني وجه بيوتنا
إلى الشمال،
لئلا
تفضح وجوهنا
الشمس...



لم أقُلْ...
إن المدرسةَ فاشلةٌ من عصاها حتى الياء ،
وأني تعلمتُ
رسمَ الدوائر من الثقوب في ملابس الفقراء
وتعلمتُ رسمَ الزوايا الحادة من تقاطع
علامات الضرب
على وجه الأحلام...



لم أقُلْ...
إن الحزنَ قاعدةٌ ثابتة، وكل الزوايا حادة المذاق
وأن البكاءَ أسرع من صوتنا
وأننا نشيخ بفيروس الفراغ…
وأن تاريخَ موتي ليس صدفة،
هو يوم مولدي...



لم أقُلْ...
إن هناك من سرق معالمي في ليالي الهزيمة...
وأني لا أعرفُنِي كلما سقط وجهي في المرآة، لولا أمي...
التي تحفظني عن ظهر قلب...
وأننا في الأعياد لا نجد سوى بنات العيون..
لنحرِها أضحية تلجم
سادية الآلهة...



لم أقُلْ...
إن القصيدةَ تُكتبُ على بحر القهرِ
وأنها لم تتعافَ من تفعيلة البكاء..
وأن الشاعرَ الذي ينتظر على رصيف “نوبل”
تواطأ مع سيده...
وأن المسافةَ إلى الحقيقة لا تُجتاز بالأقدام...



لم أقُلْ...
إن الرصاصَ عقيدةٌ…، وأننا
جمعُ تكسير، وجماعات تكفير…
وأن الدميةَ ما زالت تبحث عن طفلها
بين الركام
وأن الهواءَ يعُضُّ، مسعوراً مثل كلاب السُلطة



لم أقُلْ...
إن الأشجارَ الميتة لا تأبه بفلسفة الفصول
وأن الصفصافَ تنكَّر للماء، والماء
يشتُمُ بطن الغيمة…،
وأن الذي في عيون الورود دمعٌ،
وليس ندى...
كما تُشيعُ نشرة الأخبار...
وأن الحدائق استلمت شهادة الوفاة
من طبيب الحزب...



لم أقُلْ...
إن الحياةَ عادةٌ سريةٌ...
وأننا بحاجة لوزارة
تدير شؤون الموت...
وأخرى تعالج مرضى فائض القيمة...
وأن وزارةَ المغتربين انتقلت بمرسوم
إلى زحمة المنفى...



لم أقُلْ...
إني أعرف الوطن من رأس المطرقة،
من عشبِه اليابس،
من انحناءةِ ظهرهِ بالنياشين،
من وجههِ الجاحظ،
من شوارعِ الفقراء الطويلة...
من موتهِ السريري؛
ومن شاهدِ قبرهِ؛



لم أقُلْ…، حتى ما قلّ ودلّ
ومن أنا…؟
فالموتى لا يتكلمون،
ولا يحزنون...
أهي ذاكرتي من تقف وراء هذا الكلام.. ؟
لم أدرِ أن للموتى ذاكرةً،
وأنهم يبتسمون أجمل
من الجالسين
على ضفة الخنجر...

أنا لم أقُلّ...
كان بودي القول أكثر، لكن
الطفل سقط في البئر...

مقاربة فاطمة شاوتي لنص "نزيه بريك" : "لَمْ أَقُلْ"

قراءة تمْسَح عن النص عيوبَ النقدِ :
مُقاربةُ القفلةِ تجعلُني أقدمُها كعتبةٍ جوابًا على الصيغة (لم أقلْ)
و(لم أقلْ أبدا)
من 17( لم أقل) اعتمد الشاعر 3منها أرفقت ب (أبدا.) ..
بين نفْيٍ خفيفٍ ونفْي مُكَثَّفٍ :من 17 نفْيٍ القول تؤكد 3 صيغٍ نفْياً مُثْبتًا
هذه الإزدواجية في النفْيِ لها دلالة، اعتمدتْ منهجَ الدْيَالِكْتِيكِ الذي يقوم على ثلاثة عناصر :
أ_كلُّ نفيٍ إثباتٌ
ب_ كلُّ إثباتٍ نفيٌ
ج_ ونفْيُ النَّفْيِ إثباتٌ
القاعدة تنطلقُ من تقاطعِ النفْي ونفْيِه، ليصلَ إلى نتيجة
إنه صرح بعدم القول تصريحاً، ينِمُّ عن تصريحٍ ضمني بأنه قال كلَّ شيء، أو قالَ مالمْ يقلْهُ الآخرون، أو قال ماقالَهُ الآخرون صمْتًا...
ثنائية التصْريحِ والتضْمين تقوم على موقفين متناقضين أحدهما اعتمدَتْه ثقافتنا :
"قُلْ لمن يدَّعي في العِلم معرفةً...
علمْتَ شيئاً وغابت عنك أشياءُ..."
والآخر مُسْتَقىً من ثقافة مُغايِرةٍ لها سَبْقُها التاريخي :
"أنا لا أعرف شيئا سوى أنِّي أعرف أنِّي لا أعرف شيئا"
سقراط أسس لهذا التزاوجِ بين اللاَّمعرفةِ والمعرفةِ، لِننتهيَ إلى المعرفة انطلاقا من مُساءلةِ مانعرفُه بين الشك واليقين ،هل كلُّ ماعرفناه يقيناً أم ينبغي اعتناقُه كَلَامعرفةٍ وصولاً إلى المعرفة... ؟
إنه المونُولُوغُ الذاتيُّ اِبتكره "سقراط" فيلسوف اليونان ،ليُؤسس معرفةً بالذات كامنةً في الذات، وماعلى الفرد سوى أن يَسْتَبْطِنَ ذاتَه ،ليُوَلِّدَ المعرفةَ الثَّاويَةَ داخله...
فهل هذا ما تمثَّلَتْهُ تِيمَةُ النص.... ؟
سؤال يبدأ بمُقاربة تقْلِبُ القفلةَ عتبةً وتُحوِّل (لمْ أقلْ) المُكَرَّرَةَ في مطْلع النص جواباً يحتملُ اليقينَ والشك...
يحتمل القولَ واللاَّقولَ..
فماالذي قالَهُ؛ وما الذي لمْ يقُلْهُ النص... ؟
قلْبُ الصيغة في علاقة تضادٍّ مُمَوَّهٌ ؛يجعل النص حاملا لإشارات قوية...
قال النص إنه لمْ يقلْ ،
نفْيٌ أوَلِّيٌّ لقضية الكلام أو المشاهدات...
لم يقلْ أي شيء صراحة /لكنه قالَ كل شيء...
لعبة التناقض بين النفي والإثبات في اللغة رسالة قوية....
فماذا قال النص... ؟
الطفل سقط في البئر
هو العتبة والجواب والرسالة...
فمن هو الطفل المتمثَّل في مخيال الشاعر السوري... ؟
الطفل حمولة مكثفة :
1 تناصها الديني مع حكاية يوسف وكثيرا ماتوظف بدلالاتها السياسية ،وبدلالاتها العاطفية لإبراز ظاهرة الوضع المأساوي، لعلاقة غير متكافئة بين يوسف وزليخة، لاعتبارات سياسية وإجتماعية وثقافية ودينية...
وظفها الأدب كثيرا والشعر أكثر ...
2 تاريخية الوضع العربي
من خلال ماعرف بالربيع العربي؛ وملابساته؛ ونتائج ذلك على الخريطة العربية منذ 2011 ولم لا منذ 11 ديسمبر وغزو العراق...
بل منذ الحرب الطاحنة مع إيران لمدة 8 سنوات، كانت الفخ السياسي الاستعماري لاغتيال الطفل العربي، الذي بدأ ينمو ويبحث عن موقع له في خارطة العالم، وهو وضع خططوا له منذ وعد بلفور ومنذ 1917...
لن أخوض في تفاصيل، مفترضٌ أن الشاعر /نزيه بريك قارَبها من منطوق النص...
3 أناوية يقصد الأنا النخبة؛ وبالضبط هزائم اليسار العربي؛ وإسقاط تجربة الوحدة العربية ،ووضع الفرد في مواجهة الواقع بسلبية قاهرة...
هو ذا الطفل الذي سقط في البئر!
يوسف رمز يحمل كل معاني الحيل والمؤامرات، من داخل بيئته ومحيطه...
يوسف دلالة سياسية وإجتماعية تترجم النكوص العربي...
و تترجم الفشل التاريخي لأمة لم يوحِّدْها الدين ولا اللغة ولا الدم ولا التاريخ، و ماتزال الطائفية /كصنيعة إستعمارية بكل المسميات في المشرق كما المغرب، تنخره من الداخل.
وقد تشكلت بالأمازيغ وبالأكراد والبِشْمَرْكَة والدُّروزِ وجميع التسميات، بهدف التقسيم الجغرافي /الهوِّياتي المبرمج في مخطط الأمبريالية، تحت يافطات الدَّمَقْرَطَة والأسماء المثيرة، للإنتباه والدَّعْشَشَة كتيار معارض لطموحات لاتسمح لها بخط حدودها بنفسها،
بل بوصاية وتحت حراسة من المركز الغربي...
وقد ناقش المُنظِّر الإقتصادي المصري للعالم الثالث "سمير أمين" ظاهرة المركز في علاقته بالمحيط نقاشا فكريا مُهِما...
هو ذا الطفل المنتكِصُ والمنْكوسُ تاريخيا وذاتيا...
زادته انقساماته السياسية مع نفسه، تفتيتَ الخارطة وتمزيقَ هُوِّيتَه، وما نتائج الصراعات الساخنة سوى مرآة تعكس صورة واضحة، للطفل العجوز كما سمى التاريخ سابقا تركيا،
(بالرجل المريض) ...
هو ذا الطفل سقط في بئر الهزائم "وأُكِل يوم أُكِل الثور الأبيض "
لا وحدة مغاربية ، بل فشل مشروع الإتحاد المغاربي، صراع حدود ؛وصراع سلطة؛ وحرب أهلية؛ وخضوع لأجندات عدة مستعمرين...
لا وحدة إتحاد مجلس التعاون الخليجي، جوابه في العدوان على اليمن من دول النفط الإمارات والسعودية...
فتمّ إيقاع قطَر في فخ الكيْل بمكيالين، خاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية...
ولن أتحدث عن الجولان وسيناء وأطماع اللوبي الصهيو أمريكو غربي...
ركزت على إرهاصات المشروع كما حاول النص تقديمه بلغة دراما الحكْي والسرد....
الطفل / هو نحن
سقط / هي سقط
البئر/ هو الآخر /
هو المستعمر/
فهل للطفل نجاة من هذا الطوق المحكم...؟
خريطة النص تنطق بما لم تصرح به من خلال لعبة الفعل لم أقل /
لكنني قلت....
"القوانين نفايات
تتحلل
والممحاة تآكلت
والكلام تبول في سرواله" تشريح للوضع الداخلي، وفضح لمقولة القومية
وأن المواطنة مفهومٌ أُفْرِغ من معناه، وظهربديلاً له مفهومُ القِوادة والخنوع والجاسوسية والخيانة..
غطت الرسالة المقطع الأول فهل صدَّقتُم أن ماقالهُ إدانةٌ للواقع...؟
ويقول النص إنه أدان المقاومة بصريح العبارة، لأنها استكانت وقبلت بتطبيع مع الصمت، مشيرا للخذلان بين الأمة الواحدة والشعب الواحد، لما اكتنف الواقعَ العام والسوري خاصة، من تمزُّق بين جبهات تدَّعِي المقاومة ولكنها تصل نهايتها إلى سقوط الوطن...
فهل مازال يراهن وضعٌ مجزأٌ إلى كونْتُونَات على وحدة المقاومة.. ؟
وضع يمكن تعميمه من ليبيا إلى اليمن، فسوريا ولبنان، وفلسطين والعراق، وضع مقرف ومؤلم فعلا...
كانت رسالة سياسة داخلية تُسائل الرهان على أية جهة لتحرير الوطن من قبضة من..؟
هل نحرره من قبضة الخارج أم من قبضة الداخل... ؟ أم نحرره من كمّاشة الداخل والخارج معا... ؟
في المقطع هذا يأسٌ سياسي ظاهر أوضحته صورة التبوُّل في السروال، كنهاية ساخرة موجعة مقرفة لكنها الحقيقة المُرة...
والنقلة للمقطع الموالي مرتبطا بدلالة (أبدا) إمعانٌ في الصدمة ،وتأكيدٌ على الفراغ السياسي ؛بمدلول الأواني الفارغة /والسراب
وصولا إلى نتيجة حتمية تتمثل في أن الغد أفق مظلم عبر عنها :
"أسئلة الغد تتقلب في الفراش مصابة بفقدان التوازن وجفاف الجواب"
جواب قطعي حول واقع الأزمة دون استشراف المستقبل...
رؤية سوداوية لكنها استقرأت واقعا أكثر بؤسا على مستوياته السياسية والإجتماعية، وانعكاساتهما الشخصية،وماظاهرة الهجرة والإنتحار واللجوء سوى محاولات يائسة، في غياب قرار سياسي يبعث الأمل ويتجاوز التشرذم، الذي عطل دواليب الحياة لاالسياسة، فالسياسة لها ثعالبها ومكرها....
نفس الصورة تغطي النص تقدم صورة معبرة بدقة، يعيشها العالم العربي الآن
"الحياة مصابة بالإسهال العسكري"
سخرية سوداء تنتقل إلى الأعلى لجهات اعتنقت إسم السماء هوية حزبية ،كشف الواقع خدعتها باسم الدين تواري سوأة الحاكم العربي...
إشارة قوية للأحزاب الدينية كيف ساهمت في تدهور الواقع، كانت إنتهازية دينية تبرر أفعال السياسي،
لأن السياسي تابع ديني/ والفقيه تابع سياسي/
توأمة مغلوطة ترسم أيديولوجيا، يذهب ضحيتَها الناسُ الذين يبحثون عن لقمة العيش...
مسار ينتهي عند أزمة التعليم ومآلاته، على أنه كان رهانا لقوة الدول صار طاحونة لأحلام الجميع لايُعوَّل عليه...
وتنتهي دراما النص بصور بليغة :
"الحزن قاعدة ثابتة"
شيخوخة تعني العقم بمعانيه المكتظة، في وعيه المشروخ، وكأنه يرسم تاريخا ينتهي عند الولادة...
يأس قاتل نتاج لهذه الوضعية،
وكأن الواقع لم يحاول أن يرسم الحياة لكل طفل ،إنه رسم شهادة وفاة منذ الميلاد...
وتستمر اللغة القاتمة في رسم شخصية المواطن المهزوم والمأزوم، مشيرا بذكاء إلى فعل (سقط) فعل نستعمله للدلالة على معناه مسقط الرأس
إنه السقوط يراه لكنه مع ذلك لاتنساه الأرض التي سقط فيها...
والأم هنا دلالة ذات وجهين : أمه وأمه الأرض، والأم هما معا يحفظان صورته و هويته...
تقابل منيع لأنه يحدثنا عن ذاكرة الوطن وإن نسيته ذاكرته...
أو نسي نفسه نتيجة إحباطات متتالية...
تتضاعف في مواعيدها الأتراح ومزارع الأحزان وأشجار البكاء، وفواكه الدم في أرض تعيش الدمار الشامل....
إنها القصيدة البكاء/
القصيدة المقاومة بالدموع /
ولاشيء غير شعر البكاء عبر عنه ببلاغة :
"القصيدة تكتب على بحر القهر
وأنها لم تتَعافَ من تفعيلة البكاء"
خاصة في ارتهان الثقافة لكفة حاكم، إشارة للإرتزاق والبراغماتية الثقافية، من أجل الجوائز خاصة من دول الخليج.... الشارقة والبوكر لأن الجوائز والجري وراءها يعكس تبعية المثقف كسلطة ثقافية لسلطة سياسية...
والتاريخ يقدم سارتر كأحد المفكرين رفضوا جائزة نوبل
وآخرها الفيلسوف الألماني هابرماس يرفض قبول جائزة الشيخ زايد للكتاب بسبب واقع الإمارات القمعي وغير الديمقراطي...
فهل يرفع المثقف العربي هذا التحدي لتجسيد موقفه ضد الذين يدمرون شعوبهم بالقنابل؛ ويهنئونهم بالسنابل
من أية جهة كانت.... ؟
هل يستطيع المثقف العربي أن يحمل شعار الإلتزام بقضايا مصيرية خارج براغماتية النجومية... ؟
إنه الواقع يرسمه أزيز الرصاص والإنفجارات ،تنقش أوشامها عليه الصراعات الدينية بتطرفها وتسلطها...
كما ترسم السياسة بهيمنة الحزب الواحد في إطار دكتاتورية خانقة لأنفاس الشعب...
ويصل الألم منتهاه حين يرسم لوحة واقع ضد الحياة والحرية...
وأن الموت صار يوميات المواطن العربي، في أرضه يموت جوعا وعطالة وقهرا، وقتلا وتهجيرا متبادلا بين الشرق والغرب، وفق سياسة منظمة اللاجئين ؛وشؤون الهجرة؛ وضغط الدول المستقبِلة لهؤلاء المنفيين رغما عنهم...
يصل اغترابه حد تصوره ميّتا يعلن وفاته في ذاته دون حاجة إلى إشعار محلي أو طائفي، ولا دولي إقليمي أو عالمي....
قمة المعاناة
أن يعرف وطنا من أوله إلى آخره...
قمة المأساة
أن يلتقط أنفاسه من دموع الفقراء وطوابير الجوع...
قمة الموت أنه يقول إنه ميِّت...
وتنتهي الغصة بإيقاف الكلام كنشرة نعي عامة تخبرنا بموت الجميع...
إنه الطفل /الوطن
الطفل /نزيه بريك
الطفل /سوريا
ماأروعك وأنت تموت في قصيدة، أبعثُها رسالة حيٍّ كي يكتب الياسمينُ قصيدة العودة إلى الوطن /وعودة الوطن إلى وعيه فيقول :
انتهت مأساة اللاجئين والمنفيين والمختطفين والمعتقلين...
كان بودك القول أكثر لكنك قلت أكثر...
وسينهض الطفل من البئر ليرسم أقواس نصر أيها الشاعر!
نص بمستوى حزنه كان زخم لغته وقوة صوره، رغم تلك المآخذ التي لم يكن النص دون حجم كاتبه...
فشكرااا لأنك أدخلتني بؤرة ألم عشت متعتها ومحنتها معك أيها النص...



#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءتي في نص غادة سعيد
- قراءتي في نص غادة سعيد -عَلَى حَافَّةِ اللَّذَّةِ-
- قراءة أحمد إسماعيل في شذرة ل فاطمة شاوتي
- قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل في نص فاطمة شاوتي - تَكَلَمْ لِأَ ...
- قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل في نص -حَانَةُ الصَّرَاصِيرٍ ل فا ...
- سجال تفاعلي بين الخطاب الشعري والخطاب النقدي في نص فاطمة شاو ...
- قراءة الأستاذ حسن بوسلام في نص فاطمة شاوتي -عُدْوَانٌ ثُلَاث ...
- قراءة الأستاذ أحمد إسماعيل فِي نص فاطمة شاوتي -آيَةُ الْكُرْ ...
- قراءة الأستاذ زياد قنطار في مقطع من نص-نُوسْتَالْجْيَا الْعَ ...
- قراءة الأستاذ محمد لبيب في نص فاطمة شاوتي -عُبُورٌ فِي الدَّ ...
- قراءة أحمد إسماعيل لنص فاطمة شاوتي -كَاسْتِينْغْ الْمَدِينَة ...
- قراءة سِجالية لغادة سعيد في نص فاطمة شاوتي -لِلْمَرْأَةِ رَأ ...
- قرآءة رجب الشيخ في نص -عرسُ الرّمادِ- لفاطمة شاوتي
- قرآءة الأستاذ حسن بوسلام في نص - حكمةُ لِي وَيْنْ لِيَانْغْ- ...
- قراءة أحمد إسماعيل لنص -ذَاكِرَةٌ لِلْبَيْعِ- ل فاطمة شاوتي
- قراءة انطباعية في نص فاطمة شاوتي -سَقَطَ سَهْواً قَلْبِي-ل k ...
- قراءة نقدية للأستاذ عزيز قويدر في نص فاطمة شاوتي-سهر الليالي ...
- قراءة الأستاذ حسن بوسلام في نص فاطمة شاوتي -ضجيجُ الطّباشيرِ ...
- قراءة نقدية..
- قَلَقُ الْوَقْتِ...


المزيد.....




- الـ (المدى).. رعاية استثنائية للثقافة العراقية
- مقتبسا كلمات الفنانة فيروز.. ماكرون يحيي الذكرى الرابعة لانف ...
- كيف أرخ الشعر لحقبة الجاهلية ووقائعها وحركة المجتمع فيها؟
- -لا شيء أسود بالكامل-.. رواية الموت والحرب والاختبارات الفني ...
- متاحف قطر تفتتح معرض -الفكر الأولمبي: قيَمٌ وقمَم-
- بعد غياب 6 سنوات.. كاظم الساهر يشعل مسرح قرطاج
- ما مستقبل العلاقة بين الغرب الإمبريالي والثقافة الدينية؟
- “لينك فعال” نتيجة الثانوية العامة قسمي العلمي والأدبي 2024 ف ...
- نادي الترجمة في اتحاد الأدباء يخرج بتوصيات لتفعيل نشاطه
- درنة بين البحر والسدين.. حكايا ذاكرة مبللة لمدينة رماها الما ...


المزيد.....

- ديوان قصَائدُ لَهُنَّ / ياسر يونس
- مشاريع الرجل الضرير مجموعة قصصية / كاظم حسن سعيد
- البحث عن الوطن - سيرة حياة عبدالجواد سيد / عبدالجواد سيد
- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة شاوتي - قراءة فاطمة شاوتي فِي نص الشاعر السوري نزيه بريك -لَمْ أَقُلْ -