فريدون سامان بين رموز الشعر ورصانة اللغة

يوسف شواني
شاعر ومترجم
(Yousif Shwany)

الحوار المتمدن-العدد: 8058 - 2024 / 8 / 3 - 20:45
المحور: الادب والفن
    

من الشعراء الكرد البارزين في الساحة الادبية الكردية المعاصرة الشاعر فريدون سامان الذي يكتب الشعر بروحه قبل أبجديته و بوجدانه و قلبه قبل عقله اذ يخوض الشعر بمدارات متنوعة وطبقات متصاعدة وادركت ذلك تماما حينما ترجمت له بعض نصوصه الشعرية إلى العربية لإيماني المطلق بترسخ الشاعرية في عمق كلماته وامتلاكه ابجدية شعرية منفردة تظهر فيها نزواته وبصماته بوضوح و اعتقد بان بصمة الشاعر وحدها تميزه عن غيره و تضفي عليه التفرد في مساره الادبي وتخلق له صور شعرية مبتكرة تدغدغ ذاكرة القارىء وتثير فضوله لنبش المزيد من كنزه المدفون و تمسح البقع عن ملامحه المخفية إلى أن يكتشف بنفسه ما وراء كلماته ..
التقيته لاول مرة في مطار أربيل الدولي حينما سافرنا معا إلى البصرة لحضور مهرجان المربد الشعري عام 2016 ثم توالت لقاءاتنا في أربيل وسليمانية وكركوك لحضور المؤتمرات والمهرجانات الادبية و اللغوية على حد سواء والجدير بالذكر انه ومن حرصه الوطني والقومي قد اتخذ مؤخرا مسارا جديدا في مسيرته الادبية واتجه نحو خدمة اللغة الكردية من خلال اصدار وادارة مجلة فصلية بديعة بعنوان ( زمان و زار ) اي اللغة واللهجة وتضم العديد من المواضيع المهمة التي تعنى باللغة الكردية يشاركه كتّاب متخصصون في مجال اللغة وتسعى إلى توحيد اللغة الكردية المعروفة بتعدد لهجاتها والحفاظ على كينونتها واستدامتها وتعزيز قوتها وسموها ..
لست ناقدا ادبيا لأكشف النقاب عن شفرة رموز كتاباته واحلل بلاغاته ومجازاته في مختبر اللغة لكنني متذوق للشعر كوني شاعر اكتب باللغتين الكردية والعربية واستطيع تمييز الشعر الحقيقي عن غيره من أول نظرة ، اذ يتميز نصوص الشاعر فريدون سامان بالتكثيف والتشعب احيانا وثراء صورها واستعاراتها و يحتاج إلى قارىء ذكي ليفكك خيوطه و يمسك بخصلة خيال يرتكز عليها لبيان ما تؤول اليها القصيدة في النهاية لذلك فان تجربة الشاعر لها خصوصية واستطاع ان يثبت أقدامه كأحد ابرز الشعراء المعاصرين و ينطق بأجمل ايات الشعر فنصوصه تقدم قيمة ادبية عالية من خلال قدرته على التعبير عن مشاعر إنسانية عميقة بطريقة إبداعية مؤثرة كما يملك روحا وطنية تجعله سباقا في خوض النصوص الغارقة بالدموع برموز و دلالات مستحدثة حينما يقول :

‎ألا تخبريني
‎أي جدول
‎أي نهر
‎أوصلك الى هذه الفيافي القاحلة
‎كي تهيمين على وجهك في ارض ( عرعر ) الجرداء تلك
‎من أجل عشق شباب ( كويستان )
‎ذوي العيون النرجسية
‎وكسنابل القمح
‎تملئين نهديك حليبا
‎لأجل ارواء عطش أسراب القطا
‎المتخلفة في بيادر الأشواك والأدغال
‎في هذه الليلة المتأخرة حتى الفجر
‎جدلية أية ملحمة افتراق تجدلين
‎ألا تعرفين متى تشرق الشمس هنا
وكيف تغرب ؟!

وأين ينهمر المطر
وأي مرج ونبع يصيبهما الجفاف عطشا
ولن يدرك احد أسرار موت قبج ( كويستان )
كذلك لن تعرف مجاميع السنونو لماذا تموت

وهل الاسماك
تنتحر
على كل سواحل الغربة
لبحار الحسرة تلك
هنا في هذه الفيافي العرعرية
من يصغي لدموع الندى
وتنهدات أغاني الرمال الخضراء
من في هذا الموقد
يسكب دمعة لحسرات النيران
وتضرعات ذلك السيف الجريح

من بأمكانه
اجتياز جيش الرماح والحراب والخناجر
وعبور تخوم المخيمات
عدا شواهد الرمال تلك
من يقيم الصلاة الجماعية ( للموت )
أمام دروع المحن
ويتسلق قامة الاشباح
في ذلك الوادي الضيق

نشر العديد من الكتب الادبية واللغوية المميزة وترجمت بعضها إلى العربية ، اول كتاب صدر له يعود إلى عام 1991 بعنوان القصائد المتمردة ومن اصداراته ايضا امتلىء عشقا منك / أربيل 2009 و مدائح العشق /2021 و التجربة بين الإخفاق والإبداع / 2021 والعديد من الاصدارات الأخرى..
يقول الشاعر في مدائح العشق :

 ينحني السؤال امامك
يرجم الجواب
إثم يتمرد في أسفار الله المقدسة...

***
من يبحث عن سراب في النهاية
يموت من العطش.

 * * *
أنت غمامة مطر
وأنا مخاض الرعد
انت البحر
وأنا جنون الأمواج
أنت الجبل
وأنا إنحدار القمة
أنت النار
وأنا حفنة من تراب
أنت الألم
وأنا أنين التوجع
أنت المدينة
وأنا الإغتراب
أنت المحطة
وأنا اللاوصول...
***
ايهوة انت؟!
تركتني لوحدي
و انا مصلوب بعشقك...
***
انى للسياط
تنقلب على جلادها ؟!

لا يزال الشاعر في طور نثر الجمال والحب في ارض كوردستان العظيمة ويلتقط بمنقار الشعر فتات الالهام ويجوب ارجائها محلقا على بساط الضوء ليرسم لوحات الامل على جدران وارصفة الحياة بابجدية الخيال ..

#يوسف_شواني (هاشتاغ)       Yousif_Shwany#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات