أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - ماجيد صراح - أرزقي كريم، جسد وذاكرة شاهدان على فضاعة الإستعمار














المزيد.....

أرزقي كريم، جسد وذاكرة شاهدان على فضاعة الإستعمار


ماجيد صراح

الحوار المتمدن-العدد: 8058 - 2024 / 8 / 3 - 16:13
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


في صفحات التاريخ الجزائري، يظهر أرزقي كريم كبطل من مجاهدي جيش التحرير الوطني وأحد معطوبي ثورة التحرير الجزائرية. إنه شقيق القائد التاريخي كريم بلقاسم، وصورته المحروقة بالنابالم جابت العالم، شاهدةً على وحشية الاستعمار. نكتب عنه اليوم لنحيي ذكرى من ضحى من أجل حرية الجزائر.

ولد أرزقي كريم أو عمي أرزقي كما يحلو للبعض مناداته، يوم 19 نوفمبر 1934 في قرية تيزرى عيسى بدوار أيت يحيى موسى (دائرة ذراع الميزان) بولاية تيزي وزو. من عائلة ميسورة، خصوصا مع الوضع المزري السائد عند باقي العائلات الجزائرية آنذاك، كان أبوه الحاج الحسين تاجرا كما كان يعمل أيضا حارسا للغابة، لكن ما إن انتقل شقيقه كريم بلقاسم من العمل السياسي إلى التحضير المسلح للثورة سنة 1947 بدأت أوضاع عائلته تتأزم وساءت علاقتها مع السلطات الفرنسية.


مع بداية الثورة سنة 1954 أصبح والده وإخوته مطلوبين من جيش الإستعمار الفرنسي، ليتم اعتقال والده وشقيقه رابح أثناء محاولة الإستعمار الفرنسي القبض على أخيه كريم بلقاسم عام 1955 فهرب إلى فرنسا أين بدأ النشاط في فيديرالية جبهة التحرير الوطني إلى غاية انكشاف أمره ويصبح ملاحقا من قبل الشرطة الفرنسية، كي يلجأ بعد ذلك للفرار مرة أخرى وهذه المرة إلى ألمانيا.

أثناء فترة شبابه، كان محبا للرياضة بصفة عامة والملاكمة بصفة خاصة وقد بدأ سيرته فيها. لكنه تخلى عن الملاكمة بعد ذلك وتفرغ كلية للثورة حيث التحق بالقاعدة الشرقية بالحدود الجزائرية التونسية بمركز التدريب العسكري حول الإمداد بالأسلحة، كي يدخل بعد ذلك وينظم إلى الفيلق 13.

في سنة 1960 تعرض لحروق بالغة بالنابالم و هو يحاول مع مجموعة من المجاهدين تمرير الأسلحة و الإمدادات العسكرية الأخرى والطبية للمجاهدين بالداخل عبر الحدود التونسية مخترقا "خط شال" الذي هو عبارة عن أسلاك شائكة مكهربة و حقل من الألغام مثل التي وضعها وزير الدفاع الفرنسي أندريه موريس على الحدود المغربية الجزائرية من أجل عزل الثوار عن الخارج و منع المساعدات عنها. كي يتم بعد ذلك نقله إلى تونس ثم إلى مصر للعلاج أين مكث في مستشفياتها ستة أشهر. قامت جبهة التحرير الوطني حينها بإرسال صوره وصور مجاهدين آخرين كي تجوب الصحافة العالمية مظهرة بشاعة استخدام الحرق بالنابالم كسلاح حربي.

كان يحكي أن أثناء فترة علاجه في مصر مع مجموعة مجاهدين آخرين، كانت الفنانة وردة الجزائرية تزورهم وتغني لهم للرفع من معنوياتهم.

قضى عمي أرزقي السنوات الأولى من الإستقلال في العلاج، كي يعود بعد ذلك إلى الحياة الطبيعية، ولو بجسد لا يزال شاهدا على الحرب، أين عمل في مختلف مؤسسات إعادة التربية والسجون: تيزي وزو، البرواقية، الحراش، و الجنوب الجزائري. إيصال كلمة المسجونين ظلما إلى السلطات العليا (مساجين الرأي و الربيع الأمازيغي بالبرواغية) وتحسين أوضاع السجون كان من بين أهم انشغالاته، إضافة إلى الدعوة لحماية أرامل الشهداء و أطفالهم، كلما سنحت له الفرصة.


لا يتخلف عن أي مناسبة وطنية ثورية من أجل التذكير بتضحيات الشهداء و المجاهدين من أجل الحرية، العيش الكريم، العزة والإفتخار بالوطن، الوقوف على التذكير والنداء إلى تجسيد نصب تذكارية ثورية على أرض المعارك الثورية أين إستشهد رفقاء دربه من المجاهدين كمعركة 6 جانفي 1959 في "بوڨرفان" والتي إستمرت لأيام وسقط فيها أكثر من 384 شهيد، هذا حسبه من أجل أن تدرك الأجيال التي لم تعش الثورة عظمتها، و تاريخ البلاد وكيف أن كل شبر من أرض الجزائر سقي بدماء الشهداء، ولا يكف عن الوعظ لإيلاء العناية اللازمة بمقابر الشهداء والمعالم التاريخية، وإعطاء أهمية للمؤسسات المتحفية التاريخية كبيت العائلة كريم الذي تم تحويله إلى متحف، بيوت القادة الثوريين والبيوت التي إنعقدت فيه المؤتمرات والإجتماعات المهمة التي غيرت مجرى تاريخ الجزائر.


كان يشدد في كل تدخلاته الصحفية وفي الكلمات التي يلقيها في المناسبات التاريخية على ضرورة الحفاظ على التراث التاريخي والثقافي وتبليغه للأجيال الصاعدة وأن حماية رموز الثورة من تحريف وتزوير التاريخ مهمة الجميع، لكن بالأخص المثقفين وكبار أساتذة التاريخ.


عاش عمي أرزقي في شقة بسيطة في مدينة ذراع بن خدة، وعاش قريبا من الشعب خصوصا الشباب الذين كثيرا ما كان يحثهم على التمسك بحب الوطن و الانتماء إليه مهما ساءت الأمور. فكان يعتقد أن السبيل لكسب الفرد لاحترام المجتمع وبناء مستقبل زاهر للبلد يقوم بالعلم والسعي وراء العمل الشريف، والرياضة.


أما شهاداته عن الثورة فقد إختصرها فقط فيما عاشه من أحداث وما سرده له كبار المجاهدين من وقائع. فقد كان يؤمن أن ذكر الأحداث الثورية بتفاصيلها الدقيقة و الصحيحة أمانة لا يجب التلاعب بها فالمجد والشرف يعود لأبطالها فقط. إبتعد عن العمل السياسي و لم يساند أي حزب ولم يدلي بأي تصريح سياسي. وبل كان رافضا لأي تفرقة بين أفراد الشعب الوحد، وخطاباته في المناسبات الثورية تنادي بأن قوة الوطن في شعبه والسياسي المحنك هو من يحتمي بشعبه للنهوض به إلى الرقي بعيدا عن الشعبوية السلبية.


توفي أرزقي كريم عن عمر يناهز 88 عاماً في 25 أكتوبر 2022 بالمستشفى الجامعي محمد نذير بتيزي وزو بعد تعرضه لجلطة دماغية. رحل حاملاً معه الكثير من أسرار الثورة، وترك لنا إرثاً من التضحية والشجاعة ليبقى في ذاكرة الأمة إلى الأبد.


ردوان كريم / ماجيد صرّاح



#ماجيد_صراح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاتح حساني : لا يوجد إنجاز يمكن أن يقوم به إنسان يعادل إنقاذ ...
- الربيع الأمازيغي: 40 عاما من ربيع لا تذبل زهوره
- تيزي وزو: -عين النسا- لفتح العيون على العنف ضد المرأة
- لماذا تهافت الألاف من الطلبة الجزائريين على المركز الثقافي ا ...
- هل الإنتخاب أو عدمه في التشريعيات المقبلة سبيل للتغيير بالجز ...
- كمال داود و الأخرون...
- ماذا بعد تامالت؟
- الجزائر: عن العنف و خطاب الكراهية
- الجزائر: ثلاث سنوات سجنا بسبب منشورات على فايسبوك
- لا لعقوبة الإعدام بالجزائر


المزيد.....




- إغلاق المخابز يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ومقتل وإصابة أل ...
- هل يهدد التعاون العسكري التركي مع سوريا أمن إسرائيل؟
- مسؤول إسرائيلي: مصر توسع أرصفة الموانئ ومدارج المطارات بسينا ...
- وزارة الطاقة السورية: انقطاع الكهرباء عن كافة أنحاء سوريا
- زاخاروفا تذكر كيشيناو بواجبات الدبلوماسيين الروس في كيشيناو ...
- إعلام: الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات صارمة على السفن التي ...
- الولايات المتحدة.. والدة زعيم عصابة خطيرة تنفجر غضبا على الص ...
- وفاة مدير سابق في شركة -بلومبرغ- وأفراد من أسرته الثرية في ج ...
- لافروف يبحث آفاق التسوية الأوكرانية مع وانغ يي
- البيت الأبيض: ترامب يشارك شخصيا في عملية حل النزاع الأوكراني ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - ماجيد صراح - أرزقي كريم، جسد وذاكرة شاهدان على فضاعة الإستعمار