أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - هل تشكل الانقلابات العسكرية في إفريقيا أداة لتحرّر شعوبها؟ (ج 3/2 )















المزيد.....

هل تشكل الانقلابات العسكرية في إفريقيا أداة لتحرّر شعوبها؟ (ج 3/2 )


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8058 - 2024 / 8 / 3 - 13:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعرضنا في الجزء الأول من هذا المقال كيف أن "تحالف دول الساحل" تشكل أساسا لدواعي دفاعية، نتيجة موقف منظمة "إيكواس" العدائي خاصة إثر انقلاب النيجر، حيث لم تكتف هذه المنظمة بالتهديدات بل نفذت ما اتخدته من قرارات استهدفت دولة النيجر التي تم فرض الحضر عليها على جميع الأصعدة، وخاصة الحصار الاقتصادي الذي حرمها من مواصلة تسويق نفطها عبر موانئ دولة بينين المجاورة، إذ ليس لدى النيجر ولا بوركينا فاسو ولا مالي منافذ على البحر. فقيام هذا التحالف الدفاعي يهدف أساساً إلى معالجة مخاوف أمنية مشتركة لدى هذه الدول.
لكن الأمور تطورت عندما شرعت "إيكواس" في إعداد العدّة لتدخل عسكري في النيجر تعيد بموجبه الرئيس محمد بازوم الى الحكم، وهو الذي وصله عبر انتخابات "ديمقراطية جدا"، نددت بها جميع المنظمات الحقوقية في المنطقة وفي العالم ولم تباركها سوى فرنسا التي منحتها شهادة في الشفافية وحسن التنظيم. وهو ما ساهم في تقوية الشعور المعادي لفرنسا بين أوساط الشعب في النيجر، حتى أصبحت المطالبة برحيل فرنسا المطلب الأساسي لجميع الحراكات الشعبية التي عرفتها البلاد خلال الأشهر الأخيرة لحكم بازوم، وقد واجهتها أجهزته بالقمع والاضطهاد.
فوفّرت هذه الأحداث مناسبة جديدة اكتشف فيها شعوب غرب إفريقيا الطبيعة الحقيقية لمثل هذه المنظمات التي بعثتها القوى الامبريالية التقليدية لإحكام سيطرتها على بلدان القارة. فما هي منظمة إيكواس وما هي الأدوار التي تقوم بها في بلدان غرب إفريقيا؟
منظمة ايكواس
"المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا" وتُعرف اختصارا بـ"سيدياو" CEDEAO ‏ بالفرنسية أو إيكواس ECOWAS‏بالانكليزية هي مُنظمة سياسية واتحاد اقتصادي إقليمي يتكون من خمسة عشر دولة تقع في منطقة غرب افريقيا. تضُم المجموعة 15 دولة عُضو هي ليبيريا، ومالي، والسنغال، وسيراليوني، وبينين، وبوركينا فاسو، وغانا، وساحل العاج، والنيجر، ونيجيريا، وطوغو، والرأس الأخضر، وغمبيا، وغينيا، وغينيا بيساو.
تُغطي هذه البُلدان مُجتمعة مساحة 5.114.162 كيلومتر مربع فيما يُقدّر عدد سكانها بأكثر من 349 مليون نسمة حسب إحصائيات سنة 2015. تأُسست المنظمة في 25 ماي 1975 بموجب اتفاقية لاغوس، ويقع مقرها في أبوجا عاصمة نيجيريا. أما اللغات الرسمية المعتمدة فهي الفرنسية (8 دول) والانجليزية (5 دول) والبرتغالية (دولتان). ولها مفوضية مقرها أبوجا، وبرلمان ومحكمة عدل خاصة و«بنك إيكواس للاستثمار والتنمية».
وكان الهدف المعلن للمنظمة هو «تعزيز التعاون الاقتصادي وتسهيل التبادل التجاري وحركة مرور البضائع والأفراد بين الدول الأعضاء». ومع بداية التسعينات اتفقت هذه الأخيرة على تشكيل قوة عسكرية خاصة بالمنظمة «اكوموك» تمكنها من التدخل لفض النزاعات المسلحة، وتدخلت هذه القوات منذ تشكلها في عدة أماكن، مثل: ساحل العاج وليبيريا وغينيا بيساو ومالي وغامبيا. وقد اعتمدت المنظمة العقوبات الاقتصادية كأداة رئيسية في "ردع" الدول المخالفة لميثاقها، بالإضافة لاستخدام القوة العسكرية في بعض الأحيان.
إلا أنه، وبعد انقلاب النيجر فرضت ايكواس عقوبات اقتصادية مباشرة، كما هددت النيجر بهجوم بري ما لم يعد محمد بازوم الرئيس المخلوع إلى السلطة، ولكن هذه التهديدات قوبلت برفض من النيجر، وبإعلان كل من بوركينا فاسو ومالي بأن أي تهديد للنيجر هو بمثابة إعلان حرب على الدول الثلاث مجتمعةً. فساهمت سياسة العقوبات هذه في تشدد حكومات مالي وبوركينا فاسو والنيجر، إزاء المساعي اللاحقة لبعض الدول (السينغال، طوغو) لرأب الصدع مع المجموعة. بل ثبّتت قناعاتها بضرورة الحسم معها والتوجه للبحث عن حلفاء جدد. فبادروا بالإعلان عن نيتهم تعليق عضويتهم في «إيكواس»، ثم أعلنوا الانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس، وهو تحالف اقليمي أنشأته فرنسا عام 2014 مع موريتانيا وتشاد بهدف «محاربة الارهاب وتعزيز التنمية»، ثم أعلنوا رسميا الانسحاب من المنظمة في بداية عام 2024، وتشكيل قوة عسكرية مشتركة في مارس من نفس السنة. فتراجعت ايكواس عن التهديدات وراحت تبحث عن وساطات لإثناء الدول الثلاث عن مغادرة المنظمة. وهو ما لم يثمر أية نتيجة الى حد اللحظة.
ورغم الأهداف المعلنة في تحقيق الاندماج الاقتصادي بين دول غرب أفريقيا، ظلَّت الإيكواس عاجزة عن تحقيق أيا منها بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني لمعظم مكوّناتها، إلى جانب النفوذ الأجنبي في منطقة غرب أفريقيا الغنية بالمواد الأولية ومصادر الطاقة، وما يترتب عليه من علاقات هيمنية لهذه القوة أو تلك التي تمنع أي توجه حقيقي للاندماج الاقتصادي البيني لصالح العلاقات المنفردة بالقوى الاستعمارية التقليدية. يضاف إلى ذلك ضعفُ البنى الاقتصادية للدول الأعضاء وشيوع الفساد الإداري والمالي وتوالي موجات الجفاف مع ما يترتب عليها من موجات نزوح واسعة إلى المدن غالبا، وما تُنتج من مشاكل اقتصادية واجتماعية تُفاقم الإشكالات البنيوية الموروثة عن الحقبة الاستعمارية.
يمكن أن نقول في النهاية، إن حصيلة نصف قرن من الوجود الفعلي كانت سلبية بأتم معنى الكلمة، فلا تقدم في اندماج هذه البلدان على المستوى الاقتصادي، ولا في تقاربها السياسي الذي من شأنه نزع فتيل الصراعات والحروب ولا تطوّر متناغم لهذه البلدان. بل إن علاقة كل منها مع المستعمر السابق بقيت أقوى وأمتن من علاقات كل منها مع البقية. فلا مواقف موحدة في المنظمات الإقليمية (الاتحاد الإفريقي ومختلف هياكله ومؤسساته مثلا) ولا على الصعيد الدولي (مؤسسات المنتظم الأممي مثالا) ولا مواقف موحدة على صعيد السياسات الخارجية: علاقة بعض بلدان إيكواس دون الأخرى مع دولة الكيان الصهيوني مثلا.
لكن ما هي حظوظ نجاح هذا "التحالف" الجديد واستمراره؟
فما هي حظوظ هذا التحالف في النجاح؟
شهدت القارة الافريقية اتحادات كونفدرالية كثيرة قبل الاستقلال وبعده، مثل: "اتحاد روديسيا ونياسالاند" الذي تكوّن من ثلاث مستعمرات بريطانية: روديسيا الجنوبية وروديسيا الشمالية ونياسالاند، وهي اليوم: زيمبابوي، وزامبيا، وملاوي؛ و"اتحاد الدول الأفريقية": مالي، وغانا، وغينيا، و"اتحاد سينيغامبيا": السنغال وغامبيا.
وقد انهارت جميعها بتدخل مباشر من القوى الاستعمارية، أو بسبب الخلافات فيما بينها حول كيفية تحقيق التوازن بين سيادة الدول الأعضاء والتوحد الفدرالي. وقد اتجهت الأنظار في السنوات الأخيرة نحو إقليم شرق أفريقيا الذي سعت بعض بلدانه للتشكل في نوع من الفدرالية تضم سبعة دول واقعة في منطقة البحيرات الكبرى في شرق إفريقيا وهي: بورندي وكينيا وروندا وجنوب وتنزانيا وأوغندا وجمهورية الكونغو، والتي لم تتقدم منذ إعادة تشكلها سنة 2000 قيد أنملة في ما خطته في مواثيقها ونصوصها المؤسسة.
وإذا علمنا أن ما يجمع بين مكونات "كونفدرالية دول الساحل" ضعيف جدا لتشكيل قاعدة صلبة لكيان وحدوي ولو على شكل فدرالي، فإن التساؤل حول إمكانية استمرار هذا الكيان يبقى مطروحا. فهذه الكونفدرالية المنشودة قامت على أساس:
ـ الضغوط المحلية والتهديدات الإقليمية
ـ تصاعد المشاعر المعادية لفرنسا لدى شعوب هذه البلدان
ـ الخطاب السيادي لدى قادة الانقلاب في البلدان الثلاثة والذي يستجيب لطموحات شعبية فعلية
ـ الرغبة المعلنة من قادة الانقلابات في التضامن والتكامل
ـ الاشتراك في الخصائص الديموغرافية والتاريخية
ـ التحديات الاقتصادية المشتركة الكبرى: غياب المنافذ على البحر وما يشكله ذلك من عوائق فعلية، محدودية الوصول الى الخدمات الاجتماعية (التعليم، الصحة، النقل...)، ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، اعتماد اقتصاداتها بصفة رئيسية على الزراعة والرعي والصناعات الاستخراجية (نفط، معادن بما فيها بعض المعادن الثمينة...)
ـ الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي والمتميز بسيطرة التنظيمات الإرهابية على أراضي شاسعة في هذه البلدان وهجماتهم المتكررة على السكان. وهذا الهاجس الأمني هو الذي جعل هذه البلدان ترتمي بسرعة رهيبة بين أحضان قوى امبريالية أخرى وخاصة روسيا فيما يتعلق بتدريب وتسليح قواتها الأمنية والعسكرية. أما على الصعيد الاقتصادي، فهي تتجه نحو الصين أو حتى بعض القوى الإقليمية كتركيا وإيران.
(يتبع)



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تشكل الانقلابات العسكرية في إفريقيا أداة لتحرّر شعوبها؟ ( ...
- شاحنات الموت تواصل حصد أرواح الكادحات في القطاع الفلاحي
- كيف يقيّم حزب العمال الشيوعي بفرنسا الدور الأوّل من الانتخاب ...
- الفقر والسخط الاجتماعي والوعي الطبقي
- صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية بالاكوادور
- تدهور الأوضاع المعيشية لعموم الكادحين منذ 25 جويلية
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 10)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 9)
- هل حُمّلت زيارة قيس سعيد الى الصين أكثر مما تحتمل؟
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 8)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 7)
- المقاومة الفلسطينية تكسب معركة الجامعات في العالم
- انتفاضة شعب كاناكي (كاليدونيا الجديدة) تطرح مجددا المسألة ال ...
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 6)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 5)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 4)
- سبعون سنة مرّت على ملحمة ديان بيان فو
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور(ج 3)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور(ج 2)
- في الذكرى الستين لـلحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالإكوادور ...


المزيد.....




- حاول دهس رئيسه السابق بالعمل.. شاهد ما حدث لموظف ساخط قاد سي ...
- غزة: وزارة الصحة تصدر حصيلة جديدة لإجمالي القتلى والجرحى منذ ...
- مقتل وجرح العشرات في هجوم تبنته -حركة الشباب- في مقديشو
- -سرايا القدس- تعلن تدمير آلية عسكرية إسرائيلية في خان يونس
- مقتل 32 شخصا على الأقل في هجوم انتحاري على شاطئ بالعاصمة الص ...
- الزاوية القادرية.. مقر المتصوفة الأفغان في القدس
- طائرة مسيرة تقصف مركبة فلسطينية تقلّ قياديا في القسام قرب مد ...
- شهداء جراء قصف من مسيّرة إسرائيلية بالضفة الغربية
- ارتفاع حالات قتل الأطفال الفلسطينيين برصاص قوات الاحتلال في ...
- فرنسا حين يغيب عنها فلاسفة الأنوار


المزيد.....

- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - هل تشكل الانقلابات العسكرية في إفريقيا أداة لتحرّر شعوبها؟ (ج 3/2 )