مصطفى حسين السنجاري
الحوار المتمدن-العدد: 8056 - 2024 / 8 / 1 - 02:57
المحور:
المجتمع المدني
يعتقد أغلب الناس أن المدنية تعني العيش في المدينة، وأن البدائية هي العيش في القرى والأرياف، بمعنى أنهما ينحصران في البيئة التي يعيش فيها الإنسان، رغم أن هناك نسبة معينة من الاعتقاد تكون متوفرة و تسهم في إبقاء هذه وتلك وكلاهما يؤثران بلا شك لكن الحقيقة هو اعتقاد خاطئ جملة وتفصيلا، ولو سئلت عن السبب لقلت بكل بساطة : إن البدائية والمدنية هما في جملة ما نحمل من أفكار وتراث وتاريخ ومعتقدات وطقوس نمارسها ونلتف حولها وندور في دوائرها وليس في الأماكن التي نعيش فيها بل في مدى ايماننا بما ورثناه والدفاع المستميت عنه. فإن أي مجتمع يعيش على أفكار معينة غارقة في القدم رغم تعارضها مع سبل العيش والانسجام مع المجتمعات الأخرى لهو مجتمع بدائي متمسك بجموده وركوده لأن ما يحمله من أفكار بدائية تقيده من تخطي حدود دائرته المرسومة حوله ويتعامل مع هذا السجن الذي وجد نفسه فيه وراثيا ويغمره بهالات من القدسية وأن ولاءه لجذوره يتعين في مدى تمسكه بها والمحافظة على قدسيتها وايصالها إلى من يأتي من بعده بكل أمانة ويكون الولاء ضروسا اذا حاول أحدهم الخروج من الدائرة من داخلها أو أشار أحدهم من الخارج الى مساوئ هذه الحدود التي تفصله عن العالم الموجود خارج الدائرة. وهو تماما بخلاف المدني الذي يسعى دائما الى الانفتاح نحو العالم محاولا الاستفادة من سقف حريته، ثائرا أغلب الأحيان على المفروض من الموروث ولا سيما ما يتعلق منه بالتدخل في تكوين الشخصية والثقافة العامة أو تلك التي تقيد من حريته في الاختيار. ولسنا هنا بصدد ايجاد الفروقات بين هذين التيارين اللذين يتنازعان دفة الشعوب والمجتمعات لكننا نجد أنفسنا في هذه المرحلة العصيبة الوقوف منها موقف المحلل المنصف لنجد ما مدى قدرتنا على قيادة حياتنا أو أفكارنا الى السمو فكلا الطرفين بحاجة الى دراسة الطرف الثاني لإيجاد نقاط الالتقاء دون المساس بالآخر والطعن في شرعيته، ووجدت من الصعوبة بمكان أن نجد أرضا محايدة للقاء ومحاولة التقرب ولا سيما أن البدائية هي الطرف الذي يزعم انه يستمد قوته من السماء وأنها تمضي على تعاليم سماوية مقدسة فتجد التنازل عنها كفرا واستهانة بتلك التعاليم. مع ان الطرف المدني لا ينكر كل ما جاء في الفكر البدائي بقدر ما يسعى الى ايجاد متسع من السبل التي تودي بها الى الانفتاح باعتبار ان الحركة خير من الركود ومحاولة التناغم مع المدنية ليس مستحيلا
#مصطفى_حسين_السنجاري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟