أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - - فنسنت فان جوخ - يقتل نفسه و - ثيو فان جوخ - يقتله سلفى جهادى















المزيد.....

- فنسنت فان جوخ - يقتل نفسه و - ثيو فان جوخ - يقتله سلفى جهادى


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 8055 - 2024 / 7 / 31 - 04:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" فنسنت فان جوخ " يقتل نفسه " ثيو فان جوخ " يقتله سلفى جهادى

===================================
فى 29يوليو 1890 ، انتهت حياة الرسام الهولندى، فنسنت فان جوخ ، ( 37 عاما ) بعد اطلاق الرصاص على صدره قبل يومين فى غرفته ، فى احد الملاجئ شمال فرنسا . الأصابع التى التقطت فُرشاة الرسم ، لتصور الضوء والطاقة والحيوية ، وتهب الخلود لواحد من أكثر الفنانين جنونا وتطرفا ، وأشدهم حزنا وبؤسا ، هى نفسها الأصابع التى ضغطت على
الزناد ، لتريحه من عذاباته ، مرة واحدة والى الأبد .
كانت آخر كلماته لمنْ حوله : " هذا جسدى الذى أملكه .. وأنا حر أفعل به ما أشاء ".
قلة من الرسامين الذين أجبرونى على التحديق المنبهر بلوحاتهم ، والذين ينتمون الى مدارس فنية مختلفة . فأنا بشكل عام ، لا أميل كثيرا الى فن التصوير . لكن فينسنت فان جوخ ، هو استثناء ، بكل ما تحمله الكلمة من معنى . هو عجينة تم تشكيلها ، لتكون بالضبط على مقاس مزاجى ، وبها كل المكونات التى تستهوينى وتحفز شغفى .
قال فيلسوفى الجميل فريدريك نيتشه 15 أكتوبر 1844 - 26 أغسطس 1900 : " لا أحب الا الكتابات التى خطها الانسان بدمه ". وأنا أيضا مثله . وهذا لا ينطبق فقط ، على كل أنواع الفن والابداع ، بل على كل شئ فى الحياة . حتى التفاصيل الصغيرة ، مثل اعداد فنجان قهوة ، اذا لم نفعلها ، بكل ما نمتلك من شغف ، وتركيز ، واهتمام يعتصرنا ، تفقد معناها ، وتأثيرها ، ومذاقها .
كان فينسنت فان جوخ ، يرسم بدمه ، وقلة حياته ، وأحلامه المجهضة ، وتجليات الحزن ، والبؤس ، التى تشاركه أنفاسه . قال فنسنت : " اننى أضع قلبى وروحى فى رسم لوحاتى وهذا ما أفقدنى عقلى ".
كيف استطاع فان جوخ ، أن يحول الفقر ، و اليأس ، والظلام ، والحرمان من الحب ، وتجاهل لوحاته ، وقسوة الوحدة ، والطفولة المضطربة فى جو محافظ ، الى طاقة متوهجة بزخم العواطف ، والضوء الساطع ، والحيوية ، والحركة ، والألوان الزاهية ؟. انه سر الابداع السهل الممتنع .
وصل عشق فان جوخ للطبيعة ، الى حد الهوس . الحقول ، والزهور والأشجار ،
والشمس ، والنباتات والطيور ، والليل ، والنجوم . يفتقد الذوبان فى أحضان امرأة ، تبادله الحب ، فكانت الطبيعة ، الحضن البديل المخلص ،الحاضر دائما لارواء تعطشه ، والانصات المرهف لنجواه واشتياقاته ، والعلاج المنقذ لاضطراباته ، ولا يكلفه شيئا .
فى عام 1873 ، رسم الفنان الفرنسى كلود مونيه 14 نوفمبر 1840 – 5 ديسمبر 1925 ، برسم لوحة " انطباع شروق الشمس " . وتزامن هذا مع معرض أقامته أكاديمية الفنون الجميلة . وقد اعترض مجموعة من فنانى الرسم والنحت غير المعروفين ، على التوجه المحافظ المعتمد من الأكاديمية . وقاموا فى عام 1874 ، باقامة معرض مستقل ، ينبئ بحركة جديدة فى الفن التشكيلى ، أكثر تحررا ، وجرأة فى استخدام الألوان ، والضوء والظلال ، لا تعكس مفردات الطبيعة كما هى ، ولكن ماهية انطباع الفنان عما يراه . فى مقدمة هؤلاء ، الرسام الفرنسى كلود مونيه ، والذى قدم فى المعرض لوحته عن ميناء لو هافر ،
" انطباع شروق الشمس " . وهكذا ظهرت الحركة الانطباعية ، كفعل تمرد ضد التسلط والوصايا على الفن . وأنا أقول : " ان الفنان هو الذى يصنع القواعد ، وليست القواعد التى تصنع الفنان " . ، وكان لابد أن يصبح فنسنت فان جوخ ، من أهم رواد الانطباعية ، حيث تناغمت مع أفكاره ، وتخيلاته ، وضربات فرشاته السريعة صارخة الألوان ، وغزارة
مشاعره ، وثراء الحوار بينه وبين الطبيعة ، الذى يجعلها أجمل وأعمق من حقيقتها .
مات فنسنت ، معدما ، فقيرا ، لا يجد منْ يشترى لوحاته . اللوحة الوحيدة التى باعها أثناء حياته ، هى " الكرم الأحمر " .
قبل أن يتم نقله الى رقدته الأبدية ، رفضت الكنيسة الكاثوليكية الصلاة على جثمانه ، لأنه
قتل نفسه ، والوصية فى انجيل متى : " لا تقتل " . والانتحار رفض هبة الله لنا ، وهى
الحياة ، وبالتالى يعتبر اعاقة للناموس الكونى ، وافسادا لخطط وارادة الله .
وكما هو معتاد ، مع الاستثناءات من الفنانين المبدعين ، فقد حصد فينسنت فان جوخ ، على التقدير والتكريم والشهرة ، والثراء ، بعد موته . وأصبحت لوحاته ضمن أغلى اللوحات العالمية . على سبيل المثال ، بيعت لوحة من أشهر أعماله ، وهى " عباد الشمس " بمبلغ 40 مليون دولار 1987 .
ويرجع الفضل فى تأسيس شهرته ، الى جوانا فان جوخ بونجر4 أكتوبر 1862 – 2 سبتمبر 1925، زوجة أخيه ثيو ، التى بدأت رحلة تجميع لوحات فان جوخ ، والتواصل مع أهم الرسامين فى العالم ، والمهتمين باقامة المعارض , ونجحت فى اقامة أول معرض لرسوماته ، فى باريس ، 17 مارس 1901 ، يضم 71 لوحة ، ولاقى اعجابا غير متوقع .
كما قامت جوانا ، بنشر كتاب يضم الرسائل بين فنسنت فان جوخ ، وأخيه الأصغر ثيو 1 مايو 1857 – 25 يناير 1891 والذى رحل بعده بستة شهور ، ودُفن بجانبه . ومن المعروف أن صداقة عميقة جمعت الأخوين ، وكان ثيو يدعم أخاه الأكبر فينسنت ماديا ومعنويا ، لكى يتفرغ تماما للفن . ومن أكثر التفسيرات قربا للحقيقة ، أن فان جوخ لم يقطع جزءا من أذنه ، فى شجار بينه وبين صديقه الرسام الفرنسى بول جوجان 7 يونيو 1848 – 8 مايو 1903 . ولكن بعد زواج أخيه ثيو ، وفى احدى نوباته العقلية والنفسية ، أصابه القلق والخوف ، أن بزواج أخيه وتكوينه لأسرة ، ستضعف علاقتهما ، ويتوقف الدعم المادى له ، فأمسك بشفرة الحلاقة ، وقطع أذنه .
من لوحاته الشهيرة ، بورتريه شخصى ، آكلو البطاطس ، حقل القمح والغربان ، زهر
اللوز ، بورتريه شخصى بعد قطع أذنه ، شرفة المقهى ليلا ، زهرية 15 من عباد الشمس ، زهرة الخشخاش ، ليلة النجوم ، حقول القمح وأشجار السرو ، بورتريه د . غاشيه ، أزهار السوسن ، زهرة الخشخاش ، غرفة النوم ، وغيرها .
لا يمكننى الكتابة عن فنسنت فان جوخ ، اليوم فى الذكرى 134 لموته ، دون أن أتذكر
المبدع الآخر من العائلة ، متعدد المواهب ، حفيد أخيه ثيو ، المخرج والمنتج والمذيع ،
والمدون ، والصحفى ، والكاتب ، ومقدم البرامج ، من مواليد 23 يوليو 1957 ، وتم اغتياله فى 2 نوفمبر 2004 ، على يد مسلم ، من أهل السُنة والجماعة ، من أصول هولاندية ، وادين محمد بويرى . قام باطلاق سبع رصاصات علي المخرج ، وطعنه ، وذبحه ، وعلق على جثته خمس صفحات تهديد الى اليهود ، والحكومات الغربية ، وأيان هرسى على ، الكاتبة الصومالية وعضوة سابقة فى البرلمان الهولندى ، ومؤلفة فيلم الخضوع ، والذى أخرجه ثيو ، وعُرض قبل اغتياله بثلاثة أشهر .
" الخضوع " فيلم لا يتعدى 15 دقيقة ، يصور أربع حالات من النساء المسلمات ، يحكين عن تجارب واقعية ، التحرش الجنسى من ذكور العائلة ، والزواج القهرى للقاصرات ، والعنف الجسدى مثل الضرب من الزوج ، وسؤال الله لماذا 100 جلدة فى علاقة جنسية بالتراضى ، وأداء الصلاة بالاجبار .
بعد عرض الفيلم فى أغسطس 2004 ، كان ثيو فان جوخ ، يتلقى التهديدات اليومية ، بالقتل والانتقام . لكنه لم يهتم بها ، ورفض عرض الحكومة الهولندية بفرض الحماية عليه .
تم القبض على القاتل محمد بويرى ، بالسجن مدى الحياة ، دون امكانية افراج مشروط . وهو ينتمى الى تنظيم ارهابى سلفى جهادى ، حسب وصف السلطات الهولندية .
يبدو أن فنسنت فان جوخ ، قد استشعر مقتل ثيو ، حفيد أخيه ، فكانت رسالته الأخيرة :
" يا ثيو .. ان الحزن والبؤس سيبقيان الى الأبد ".
ويظل مشهد الاغتيال ، لحفيد أخيه ، اللوحة المستحيلة ، التى استعصت على أصابع ، فنسنت فان جوخ .



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليه أعود .. فى ليلة ممطرة قصيدتان
- تجديد الفكر الدينى يحتاج الى تجديد فى الفكر والثقافة
- المسرحية .. أين قلبى ؟ .. شهوة النكاح ثلاث قصائد
- يعيشون فى القرن الواحد والعشرين بعقلية القرن السابع لشبه الج ...
- فى المطار .. انتحلت شخصيتى قصيدتان
- القرار .. فقط حينها .. الطبيب الشرعى ثلاث قصائد
- أعجز عن النوم مع - الكذب - فى فراش واحد
- وردة دُفنت .. أحبك قصيدتان
- - المصرية اليوم - تهدى باقة ورد الى - المصرى اليوم -
- الوطن المحشور .. خمس قصائد
- شرطة - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر - تتنكر فى شكل- المطو ...
- البئر الملوثة .. قصيدة
- الخطاب الأخلاقى للنساء فقط
- ليس من وظائف الدولة المدنية مكافحة الالحاد والفكر اللادينى
- لماذا مع - التدين بالفطرة - وتضخم - التدين المغروس - انحدرت ...
- الجهر بالافطار فى نهار رمضان من أساسيات الدولة المدنية
- تمهيد التربة لزراعة المواطن الصالح والمواطنة الصالحة
- سرير القهر .. احتياج قصيدتان
- الثمن الذى ندفعه من أعصابنا ودمنا وسعادتنا لنأكل
- - أمى - ليست ناقصة عقل ودين


المزيد.....




- الأشخاص الأكثر عرضة للجلطات أثناء السفر بالطائرات
- Acer تتحدى آبل بحاسب مميز
- جيمس ويب يرصد ضوءا -مستحيلا- من فجر التاريخ
- تحديد خلايا جديدة في العين قد تفتح آفاقا لعلاج العمى
- تحديات جوهرية تواجه تطور الذكاء الاصطناعي
- في غضون عامين يمكن لترامب أن يدير ظهره لروسيا
- الجيش الأوكراني يستعد لعدوان
- اكتشاف علاقة بين أمراض القلب والتغيرات الدماغية
- بدء مفاوضات بين روسيا وأميركا بشأن -المعادن النادرة-
- ما الأضرار التي تسببها منتجات التنظيف؟ وهل يمكن استبدالها؟


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - - فنسنت فان جوخ - يقتل نفسه و - ثيو فان جوخ - يقتله سلفى جهادى