|
نينوس آحو ، الشاعر الآشوري الثائر…
سليمان يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 8053 - 2024 / 7 / 29 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ولد(نينوس آحو) عام 1945 لأسرة آشورية فلاحية كادحة في قرية كرشامو(ريف القامشلي/ زالين) السورية. الابن الوحيد لوالديه والأصغر بين أخواته . توفي والده بعد أسابيع من ولادته. تربى على حب العلم والعمل والاعتماد على الذات .. حمل عبء الأسرة كسند و معيل لوالدته ولأخواته الأربعة إلى جانب استكمال تحصيله العلمي في الجامعات السورية. نشأ وترعرع في بيئة اجتماعية شعبية، عززت لديه عزة النفس وروح التضحية و الشجاعة والكبرياء والصدق والجدية والحيوية في العمل والالتزام بالقضايا العامة ، من قومية ووطنية . غادر سوريا إلى ألمانيا، تعرضت الطائرة التي يركبها لعملية اختطاف من قبل فلسطينيين، ومن ثمة غادر إلى الولايات المتحدة ،حيث يتواجد فيها أكثر من نصف مليون مهاجر آشوري من سوريا والعراق وإيران، أصبح عضواً فاعلاً في (الاتحاد الآشوري العالمي).. رغم تعرضه لكثير من المضايقات الأمنية على خلفية نشاطه السياسي عاد إلى سوريا من منفاه الإختياري (الولايات المتحدة الأمريكية) عام 1991 ليعيش بقية حياته مع شعبه وفي وطنه السوري الذي أحبه وحمله في وجدانه أينما ذهب وحيثما حل . لكن مرض عضال أجبره على العودة إلى أمريكا للعلاج ،وقد توفي هناك يوم 15 تموز 2013 .. الراحل الكبير، لم يستسلم للمرض، حافظ على وتيرة نشاطه ، لم يقطع زيارته لوطنه سوريا، بل كان يلبي الدعوات التي تأتيه من مؤسسات ومنظمات آشورية وغير آشورية.. الشاعر نينوس آحو ( أبو ديلمون) كان إنساناً متواضعاً خلوقاً متفانياً شفافاً صادقاً بعلاقاته مع الآخرين ، اتسمت شخصيته بـ" الكارزمية" ، جمع بين عظمة الرجال وبراءة الأطفال. لم يسع لجمع المال، كما فعل المتاجرون بالقضية الآشورية. نينوس رحل فقيراً من غير أن يترك ثروة مالية لأبناءه ، لكنه الأغنى بين الآشوريين بما تركه من إرث ثقافي أدبي ونضالي وبما له من رصيد قومي وشعبي في المجتمع الآشوري، هو مصدر فخر واعتزاز لأسرته ولكل آشوري محب لأمته .. في الوقت الذي تبحث غالبية الناس عن الخلاص الفردي، نينوس منذ صباه حمل هموم شعبه ، كرس حياته للقضية الآشورية التي أصبح أحد رموزها، ينشد الخلاص الجماعي. دقّ ناقوس الخطر على الوجود الآشوري في موطنه التاريخي(بلاد ما بين النهرين- بلاد آشور) من خطر الهجرة و الضياع في مجتمعات دول الشتات والمنافي . برؤياه العميقة ونظرته البعيدة أدرك بأن لا خلاص لأمته المقهورة ،وهي تأن تحت وطأة حكم الآخرين ،إلا بالتحرر والاستقلال وقيام الدولة الآشورية ..كابد الكثير في دروب نضاله السياسي ومهمته القومية الصعبة في مرحلة مصيرية تراجعت فيها حظوظ (القضية الآشورية) والكثير من الآشوريين أداروا ظهرهم لها ، وهي (القضية الآشورية) شغلت ذهن نينوس وأهاجت أشجانه . كان يحث الجميع على العمل والنضال حتى تنهض الأمة الآشورية من جديد وتعود لها زهوة ماضيها المجيد. دعا إلى الثورة على حالة التشرذم والتمزق والتفكك التي تعيشها الأمة الآشورية ورفض الذل والخنوع والتبعية للآخرين. أشعاره كانت صرخة قومية في وجه الآشوريين اليائسين المحبطين. نينوس آحو ، كشاعر متميز ، بأحلامه وتطلعاته وكتاباته، مثل مشروع (أمة آشورية) مقهورة تسعى للخلاص والتحرر . رغم جسامة التحديات وانحسار الوجود الآشوري في موطنه التاريخي( بلاد آشور- ما بين النهرين) ، نينوس لم يعرف اليأس ، لم يقطع الأمل بـ(دولة آشورية) تنبأ بقيامها 2050 وبإعادة بناء برج بابل وبوابة عشتار وعودة نينوى إلى مجدها وعظمتها وتحرير مدينة الآلهة( أربيل) و(أور) المقدسة، مهد الديانات، مراهناً على ولادة (الآشوري الجديد) الذي بشر به في إحدى قصائده( آثورايا خاتا) . نبوءته زرعت الأمل وبثت روح التفاؤل في نفوس وقلوب الأجيال الآشورية لتستكمل مسيرة النضال الآشوري التحرري… الشاعر والأديب (نينوس آحو) لم يكن شاعر كما كل الشعراء والأدباء الآشوريين . كان فوق الأحزاب والطوائف والمذاهب والملل والأديان.رفض أن يكون عبداً حتى للسيد المسيح له كل المجد، غير اسمه من "عبد المسيح " إلى "نينوس" - مؤسس مدينة نينوى / العاصمة القديمة للدولة الآشورية - بأشعاره وقصائده كان يحاكي الواقع الآشوري .. قصائد أشبه بـ(الملاحم الأدبية) منها(حبثو دحيطو - آثورايا خاتا) . كان بحق شاعر (القضية الآشورية) وسفيرها المتجول . حيثما يحل، تحل معه القضية الآشورية، عنها يحاضر ويلقي شعراً وينظم قصائد غنائية بلغته الأم (السريانية/الآشورية).أغنى المكتبة الآشورية بالكثير من القصائد القومية والوطنية والشعبية والعاطفية. ربط بين أحلامه القومية وتطلعاته الوطنية السورية، رفض الاستبداد بكل أشكاله(السياسي والديني والقومي والثقافي والاجتماعي) . استطاع نينوس التوفيق بين أحلامه القومية وارتباطه الوطني بسوريا، فرغم أنه غادر سوريا إلى الولايات المتحدة لكن الوطن لم يغادره، بقي في فكره ومشاعره ووجدانه، نظم القصائد الوطنية، دعا الآشوريين للتمسك بوطنهم الأم سوريا وعدم الهجرة… نينوس كان مُدرك لأهمية ومكانة سوريا بالنسبة للآشوريين ( سرياناً كلداناً)، فهي بالنسبة لهم أكثر من وطن ، عنهم أخذت اسمها وهويتها الوطنية . الآشوريون السوريون لم يفصلوا بين حقوقهم القومية والوطنية، فهم يعتبرون قضيتهم الآشورية هي جزء من قضيتهم الوطنية السورية العامة، نينوس جسّد هذه القناعة في أشعاره وخلال مسيرة نضاله. رحل الشاعر (نينوس آحو) وهو في ذروة عطائه، برحيله ترك فراغاً نضالياً وثقافياً في الساحة الآشورية . رحل وأمته تئن تحت سياط القهر والتسلط والمظالم.. رحل من دون أن يرحل معه فكره القومي ودعواته القومية الخالصة الصادقة. صدى كلماته وأشعاره سيبقى يصدح في قلوب وضمائر الأجيال الآشورية جيلاً بعد جيل... صورته الشامخة كـ(أسد بابل) ستبقى خالدة حية محفورة في ذاكرة الشعب الآشوري(سرياني كلداني). الراحل الكبير(نينوس آحو) ، حفر اسمه في (سجل الخالدين)، إلى جانب فريدون آثورايا و البطريرك الشهيد مار بنيامين شمعون ونعوم فائق والصحفي الشهيد آشور يوسف والملك قمبر والكابتن ملكيس وغيرهم.. . نينوس سيقى رمزاً خالداً في وجدان الشعب الآشوري ،المجد والخلود لروحه الطاهرة . نقتبس هذه الأبيات من أشعار الشاعر (نينوس آحو). لا وألف لا… آشور تبقى والزمان يصمت… آشور تبقى والبرج يعلو… آشور تبقى والتاريخ يسجد… آشور تبقى ولن تزول ….
#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آشوريو سوريا ضحايا الفاشية الحاقدة
-
أكراداً يكتبون عن الدور الكردي في الإبادة ( الآشورية - الأرم
...
-
مطارنة حلب المخطوفين .. (القضية المنسية)
-
-عيد النوروز- في حساب العلاقة( الآشورية -الكردية )
-
الأحزاب (السريانية الآشورية) ومسألة الأقليات في سوريا
-
حين توقف الزمن الآشوري فجر 23 شباط 2015
-
الأحزاب الكردية ومسألة الأقليات في سوريا
-
(نوري اسكندر)، موسيقار آشوري سوري عالمي، خذلته حكومة بلاده
-
مسيحيو المشرق في زمن -ثورات الربيع العربي-
-
إضاءة على (حركة التحرر الآشورية) المعاصرة
-
مسيحيو الجزيرة السورية من غير حماية
-
الأبعاد السياسية ل(المحرقة الآشورية) في بغديدا العراقية
-
المعارضة السورية و ( مسألة الأقليات)
-
حول الشأن الكردي
-
ماذا لو لم يعتنق الآشوريون المسيحية ؟؟؟.
-
الأبعاد السياسية ل(مذبحة سميل الاشورية - العراق 7 آب 1933 )
-
سوريا: أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية و (قضية الأقليات)
-
حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم و(مسألة الأقليات في سوريا)
...
-
سوريا و (مسألة الأقليات)
-
الجديد في ملف قضية الإبادة ( الآشورية - الأرمنية) 1915
المزيد.....
-
-رمز الرومانسية-..هذه المدينة اليابانية المغطاة بالثلوج تعان
...
-
كيف ترى الصحافة السعودية مستقبل العلاقات بين الرياض ودمشق؟
-
روبيو: السلفادور توافق على استقبال المرحلين والمجرمين الأمري
...
-
السفير الروسي: علاقاتنا مع مصر تتطور بثقة ونجاح وانضمامها إل
...
-
أول ظهور علني لزوجة أحمد الشرع في السعودية (فيديو)
-
تحليل لـCNN: هل الصين مستعدة لحرب تجارية ضد أمريكا بعد فرض ت
...
-
المتمردون يعلنون وقف إطلاق النار في الكونغو الديمقراطية -لأس
...
-
الولايات المتحدة تطالب بانتخابات في أوكرانيا
-
من سيحصل على القارة القطبية الجنوبية
-
سحب القوات الأمريكية من سورية يطلق أيدي تركيا وإسرائيل
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|