أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - شغف














المزيد.....

شغف


رشيد عبد الرحمن النجاب
كاتب وباحث

(Rasheed Alnajjab)


الحوار المتمدن-العدد: 8052 - 2024 / 7 / 28 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


تشير معاجم اللغة إلى أن "الشغاف “هو غشاء القلب، ويقال "شَغَفَه الحُب"، أي وصل إلى غشاء قلبه من شدة الولع، كان هذا واحدا من معاني الشغف المتعددة التي تضمنتها هذه المعاجم، ولعله الأكثر صلة بمضامين هذه الرواية للروائية المصرية الأستاذة رشا عدلي، الصادرة في طبعتها الأولى عام 2017 عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت، واختيرت عام 2018 ضمن القائمة الطويلة لنيل الجائز العالمية للرواية العربية.
ضمت هذه الرواية دلالات عديدة للشغف، ولا تتوقف هذه الدلالات على الحب بين المرأة والرجل فحسب، بل تعدته لتصف شدة الاهتمام بمكان، أو بعمل، أو بشيء، أو مجموعة من الأشياء، فشغف ياسمين بعملها بوصفها واحدة من الذين "يمتلكون شغفا كبيرا بتاريخ الفن" هو الذي قادها إلى اكتشاف هذه المعلومات عن لوحة "زينب" بهذا القدر من الطموح والمثابرة، وهذا الحديث عن ياسمين أيضا ضمن الاقتباس التالي: "ياسمين...اسمها وحده كاف ليجلب العطر، أتراه سرب لها ذلك الشغف بكل ما هو طبيعي ومن نتاج الأرض؟" وقبل أن أبتعد عن الغلاف كان حريا بي أن أشير إلى الشغف الذي تملك شريف (العاشق العائد) في مرحلة من حياته، بعد أن مل من النجاح والثراء، وذلك الانجذاب إلى حياة الصوفيين، وفكرهم، وطقوسهم ممثلة في جزء منها بالرقص المولوي، وقد مثل الغلاف بتصميمه وألوانه هذا الشغف أصدق وأجمل تمثيل، فكان عتبة من عتبات النص وثيقة الصلة بالمضامين.
كان شريف شغوفا بالرقص الصوفي، أما صلته ب “نرمين" فلم تتعد الإعجاب "بحماسها للعمل وشغفها للحياة"، وقال الفنان الفرنسي آلتون جرمان الذي رافق الحملة الفرنسية عندما أدرك أن الحملة متوجهة لمصر "مسني الشغف لرؤية هذه الأرض" إلا أن أنه بات شغوفا بزينب كما باتت شغوفة به.
تنقلت الروائية بين هذه الصور في سرد رشيق، سريع الإيقاع، غير مثقل بالعبء التاريخي، ولئن عمدتُ في هذه العجالة إلى تكثيف المشهد بجمع هذه الصور ذات الدلالة، فقد وددت الإشارة إلى المهارة التي مكنت الأستاذة رشا عدلي من بث هذه الصور ضمن السرد، ورتبت العلاقات بينها باقتدار.
تكتشف الدكتورة الباحثة ياسمين خلال ترميمها للوحة مسها بعض التلف نتيجة لسوء التخزين، أن ثمة شعر آدمي قد أدخل إلى اللوحة بطريقة فنية، وفي بحثها عن جواب لدهشتها اتخذت هيئة أقرب إلى المحقق من الباحث، وقد تملكها شغف البحث والتحقيق برغم استغراب من حولها لهذا القدر من الاهتمام باللوحة التي بدت عادية بالنسبة لهم، وتجلى هذا الاستغراب بين قليل من الدعم والتشجيع وكثير من السخرية والتشكيك في جدوى هذه الجهود.
وفيما كانت الدكتورة ياسمين منهمكة ما بين دهشتها، ونتائج بحثها، وتفاصيل حياتها الخاصة، عادت الروائية بالكاميرا إلى نحو قرنين من الزمان مضت حين كان نابليون يتربص بمصر والشرق طامحا أن يكون إمبراطور الشرق، ولديه من تفاصيل هذا الطموح الكثير.
هل قلت كاميرا؟ نعم فقد باتت الكاتبة تتنقل عبر زمنين تلقي الضوء على تفاصيل المشهد وتترك القارئ يصل المشاهد ببعضها بحثا عن الدهشة التي ترتسم في الصفحات الأخيرة من الرواية.
يضم المشهد في مصر في السنوات القليلة الأخيرة من القرن الثامن عشر، وصول نابليون وجيشه زاعما الحرص على مصلحة الشعب المصري بتخليصهم من المماليك، وظلمهم، و كان في تفاصيل ممارسته اليومية ما يظهر زيف ادعائه الذي بدا واضحا للسواد الأعم من الناس، بينما خدع البعض بمظاهر التغير التي دأب الاستعمار على استغلالها في خديعة الشعوب ولا يزال، في حين وقفت قلة في خدمة الغازي لأسباب وثيقة الصلة بمصالحها الشخصية وأطماعه، ا ممثلة في الشيخ خليل البكري الذي اتخذ كافة السبل للتقرب من نابليون جاعلا من ابنته وأعوامها الخمسة عشر قربانا لنابليون، هي المبهورة بسذاجتها بالسهر والفساتين ،واللغة الفرنسية، والناس الذين تخالطهم ، ضاربة عرض الحائط بسخط الناس على تصرفاتها، ومرافقة نابليون بغض النظر عن تفاصيل هذه اللقاءات.
واحد من المرافقين للحملة الفرنسية من غير الجنود كانت رؤيته مختلفة عن معظم المشاركين في الحملة ونابليون في المقدمة وبدأت معالم شغف تتشكل بين هذا الفنان والفتاة التي كانتها زينب، وقد وثق لهذه العلاقة باللوحة التي شغلت الباحثة ياسمين، كيف مضت هذه العلاقات بينهما أترك للقراء فرصة التعرف إلى هذه التفاصيل وكيف ارتبطت هذه التفاصيل في الصعوبات التي واجهت ياسمين في بحثها عن سر هذه اللوحة.
اما المشاهد التي تنتمي إلى القرن الحادي والعشرين فقد تنقل مسرحها بين مصر وباريس، وتداولت مشاهدها صورا من حياة ياسمين مع جدتها في البيت، وأخرى لحياتها العملية؛ بين بحث عن سر اللوحة، وتدريس في الجامعة، وذكريات حياة عائلية يظللها الحزن والألم، وأخيرا معالم علاقة تتشكل ما بين غموض وشكوك مع عاشق عائد يبحث عن دفء في علاقات فترت في وقت سابق.
أما نابليون فقد قاده طموحه المجنون نحو فلسطين إلى أن اصطدم بأسوار عكا فردته خائبا، وتولى الطاعون البطش بمن تبقى معه من جيشه، ولم تكن علاقته بجيشه بأقل استعلاء من علاقته بالمصريين، فقد أمر بالتخلص من المصابين حتى لا يكونوا عبئا على الجيش.
وأما بعد أن تسلل نابليون من مصر كفأر مذعور، واغتيل نائبه كليبر على يد البطل سليمان الحلبي فقد أسدل الستار على حملته الخائبة، ولكن كيف تعامل الناس مع زينب وهي التي سخرت منهم ذات يوم، ودافعت بحماس عن مزايا الحملة مدفوعة بسذاجة أحلامها المراهقة، وقد غشي بصرها بزيف مظاهر اشتد سطوعها، فأي مشهد حملته الأيام التي تلت إسدال ستار الحملة الفرنسية على مصر؟!!!



#رشيد_عبد_الرحمن_النجاب (هاشتاغ)       Rasheed_Alnajjab#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدم لا يتكلم
- الــمــولـــودة
- سوداد (هاوية الغزالة)
- قناع بِلَون السماء
- مذكرات القائد الشيوعي محمود الأطرش المغربي
- غالب هلسا: روح ناقدة بدأت بنقد الذات
- حمزة شحاتة: مِن أخلاق البيت إلى المدرسة إلى الزقاق.
- بندلي جــــوزي:رائد الاتجاه القومي الماركسي
- د.سيد القمني: من التقليد إلى التجديد في الفهم الديني
- صادق جلال العظم: المادية والتاريخ
- هادي العلوي: جدلية الفكر الديني
- طنطورية رضوى عاشور وهذا النداء للتوثيق
- أنا و الكتابة ، من ألف باء اللغة إلى بحر الكلمات
- فرح أنطون أحد رواد الفكر العلماني والديمقراطي
- شبــلي الشمــيل، رائـــد من أعــلام الفكـــر الــــعـــلمي ا ...
- أحــــــمــــد لــــــطــــفــــي الــــسيد – رائد الليبرالي ...
- سلامة موسى .... من رواد الفكر التنويري العربي
- أنت تشرق ....أنت تضيء
- محمد شحرور في تجديد الفكر الإسلامي المعاصر
- محمد شحرور، حول الحاكمية في الفكر الإسلامي المعاصر


المزيد.....




- مستوحى من فيلم -فورست غامب-.. توم هانكس يظهر في فيديو موسيقي ...
- بعد أن أسقطت اسمه من بيانها الأول.. أكاديمية الأوسكار تعتذر ...
- التعامل الراشد مع تراث الأئمة الفقهاء.. ابن تيميّة وتراثه ال ...
- اسماء خاجه زاده مترجمة کتاب الشهيد يحيي السنوار
- أكاديمية السينما تعتذر لعدم ذكر اسم مخرج -لا أرض أخرى-
- أحمد داش ومايان السيد في فيلم -نجوم الساحل- بموسم العيد
- -مبني على قصة حقيقية-.. ويل سميث يتناول -صفعة الأوسكار- الشه ...
- الفنان ماجد المصري يحدد سبب نجاح -إش إش-
- ضد السياحة.. أيام في إسطنبول لحسونة المصباحي
- مهرجان سندانس السينمائي الأميركي ينتقل إلى كولورادو في 2027 ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد عبد الرحمن النجاب - شغف