أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - مسرحية لليافعين: ابنة الخياط















المزيد.....



مسرحية لليافعين: ابنة الخياط


طالب كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8050 - 2024 / 7 / 26 - 02:18
المحور: الادب والفن
    



شخصيات المسرحية حسب الظهور

الوزير الاول
وزير الخزينة
الامبراطور
الحاجب
الخياط
الخياط و ابنتيه
الحشود

الفكرة مستوحاة من التراث الصيني



المشهد الاول
( ببطء، تكشف الاضاءة عن شبحين يتبادلان حديثا هامسا في الظلام وهما يقتربان من منتصف المسرح ، نرى وجه الرجل القصير البدين (وزير الخزينة) وهو يتفقد المكان بخطواته ونظراته، يرتدي ثوبا طويلا داكن اللون، كما نرى (الوزير الاول) الطويل والهزيل الذي يرتدي ثيابا فخمة .
الوزير الاول: (هامسا) انها الفرصة التي انتظرناها طويلا .
وزير الخزينة:(يقلد صوت الوزير الاول) انها فرصة لا تقدر بثمن! انها تساوي (يعد على اصابعه) الالاف من الليرات الذهبية (يستطرد وهو يشير الى راسه) ولكن هنا شيء يدور في عقلي .
الوزير الاول : (متسائلا) شيء يدور في عقلك ؟!
وزير الخزينة : نعم في عقلي انه سؤال يبحث عن اجوبة !
الوزير الاول : دع عنك قلق البحث عن الاجوبة طالما انا موجود .
وزير الخزينة : ( يتنفس الصعداء) حقا طالما انت الوزير الاول انا أضع ثقتي بك .
الوزير الاول : ضع ثقتك يا شريكي لم لا ! اما الان فلنعقد اتفاقا نحدد فيه حصتي وحصتك .
وزير الخزينة : حسنا ، لنتفق لكي لا نفترق .
الوزير الاول : سأعطيك عشرة بالمئة .
وزير الخزينة : (بامتعاض) ماذا قلت ؟! عشرة بالمئة !! انها قسمة غير عادلة .
الوزير الاول : عشرة بالمئة ، تعد قسمة عادلة ، فانت لن تواجه المخاطر !
وزير الخزينة : (متسائلا) قسمة عادلة؟! ومواجهة المخاطر كيف يكون ذلك ؟!
الوزير الاول : لأني سأتلقى العقاب اذا اخفقت الخطة فالإمبراطور سيجعل رأسي يطير في الهواء .
وزير الخزينة : في الهواء ؟!!
الوزير الاول : (يشير الى راسه ويقلد بيديه تحليق الطائر ) نعم في الهواء ، انظر الي ، هكذا وبالحركة البطيئة !!
وزير الخزانة : في الهواء او على الارض ، تذكر فأنا وزير الخزينة والاموال بعهدتي .
الوزير الاول : (بتهكم) اعرف ذلك !! (لنفسه) فانت لص خزينة الامبراطور (مساوما) ستكون حصتك خمس وعشرون بالمئة .
وزير الخزينة : نحن نقف على قدمي المساواة.
الوزير الاول : (ينظر الى قدميهما ويقارن طوله بقصر وزير الخزينة ) مساواة وهنا ؟! انا لا ارى أي مساواة ؟
وزير الخزانة : المساواة تعني باننا سنتقاسم الاموال مناصفة .
الوزير الاول :( لنفسه) يا له من وزير طماع جشع (للوزير) فلتكن كذلك سنتقاسمها مناصفة.
وزير الخزينة : حان وقت العمل .
( يختفي وزير الخزينة وراء الكواليس ، تزداد شدة الاضاءة ، فتكشف عن قاعة عرش، فخمة مزينة بالتماثيل التي تمثل الامبراطور في وضعيات مختلفة، الحراس يعتمرون خوذاتهم النحاسية المزينة بالريش يقفون بلا حراك ، نرى الامبراطور وهو رجل في الخامسة والثلاثين ، ضئيل البنية، يرتدي ملابس مبهرجة ، تظهره اكبر من حجمه الحقيقي، يمسك بيده صولجانا ذهبيا و يجر عباءته الطويلة خلفه، وهو يقطع قاعة العرش ذهابا وايابا، يتوقف للحظات قصيرة ، ليستمع الى الوزير الاول الذي يدخل قاعة العرش ، مرتديا ملابسه المبهرجة الملونة وهو يمشي بخطوات فيها غطرسة ، غير بعيد عنهما يقف حاجب الامبراطور ).

الوزير الاول : سيدي الامبراطور .
الامبراطور: (بصوت انثوي حاد) انا اعرف باني سيدك الامبراطور!! ما الجديد في الامر ؟
الوزير الاول : سيدي الامبراطور، خطرت على بالنا فكرة مذهلة !
الامبراطور : (يضحك بتهكم ) على بالكم ام بابكم يا وزيري رقم واحد ؟!
الوزير الاول : (باهتمام) على بالنا يا سيدي بالنا وليس بابانا، لقد اتفقنا على اقامة احتفالات مبهجة تليق بعيد ميلادكم المجيد .
الامبراطور : ( ببرود) من ذاك الشخص الذي خطرت على باله هذه الفكرة الجهنمية ؟
الوزير الاول: (بتردد وخوف يشير بيده الى شخص غير موجود ) انها فكرته يا سيدي الامبراطور!!
الامبراطور : (ببرود) يا لها من فكرة جهنمية أنها تستحق الثناء.
الوزير الاول : (يتدارك وهو يشير الى نفسه) انها فكرتي سيدي الامبراطور فهو انا وانا هو.
الامبراطور : انت وهو الذي هو و انت امنحكما وسام الامبراطورية من الدرجة الاولى لأنكما مواطنان جيدان .
الوزير الاول : سيدي الامبراطور، سنقيم الاماسي الموسيقية الراقصة والموائد العامرة كما اعددنا مفاجئة مذهلة ستنال اعجاب جلالتكم .
الامبراطور : مفاجئة !؟
الوزير الاول : نعم مفاجئة مذهلة !
الامبراطور : (بلهفة) هيا اخبرني ما المفاجأة ؟
الوزير الاول : (مترددا) عذرا سيدي الامبراطور لأنها لن تعود مفاجئة ان اخبرتك بها.
الامبراطور: ( بتذمر ) اخبرني قبل ان ينفد صبري .
الوزير الاول : (بخوف) سنعد لجلالتك بدلة فاخرة ترتديها في عيد ميلادكم يا سيدي ؟
الامبراطور: بدلة ؟!!
الوزير الاول : (بخوف) سيدي انها بدلة استثنائية قماشها حرير صيني فاخر ونادر، مزينة بالمجوهرات وخيوط الذهب والفضة !
الامبراطور: من الحرير الخالص والمجوهرات !
الوزير الاول : نعم سيدي ، ولكن ؟
الامبراطور : (مستنكرا) ولكن ماذا ؟ اين الجلاد ، اين البلطة ، ايها الحاجب ، الم اخبرك باني اكره المفاجآت !!
الحاجب : (يقترب) لم تخبرني قبل الان بانك تكره المفاجآت يا سيدي الامبراطور!؟
الامبراطور : (للحاجب) ليس انت اعني هو (للوزير الاول) عد انت ، اما انت فقف في مكانك .
الوزير الاول : (يرتعد) سيدي الامبراطور كنت احاول ان قول ان البدلة التي نفكر بخياطتها ستكون مكلفة جدا .
الامبراطور : (يضحك ببرود) شرير انت يا ولد ، لأنك تعزف على وتري الضعيف، لأنك تعرف بولعي الشديد بالملابس الفخمة (يستطرد) لتكن بدلة باذخة تزينها الاشرطة والنياشين والاوسمة
الوزير الاول : (لنفسه وللجمهور) كما في كل مرة امبراطورنا يبتلع الطعم ( بصوت مرتفع ) ستعد كإحدى عجائب الدنيا.
الامبراطور : ( بسخرية ) تعني البدلة ستكون بمصاف اعجوبة برج بابل مثلا ؟
الوزير الاول : (بتردد) سيدي الامبراطور ستكون الاعجوبة الثامنة التي ستبهر الملوك وحكام الاقاليم بطرازها الفريد.
الامبراطور : (ببرود) الاعجوبة الثامنة !!
الوزير الاول : (بخوف ) انت اعجوبتنا الاولى .
الامبراطور :(بغضب) ايها الحاجب جرد سيفك من غمده !
الحاجب : (يجرد سيفه ) نعم سيدي الامبراطور المعظم ؟
الوزير الاول : (لنفسه) ايتها السماء انقذيني واعدك بأني سأعيد الاموال التي سرقتها مع وزير؟
الامبراطور : استدعي وزير الخزينة للمثول امامي حالا.
(يتراجع الحاجب لتنفيذ امر الامبراطور)
الوزير الاول : (يتنفس الصعداء ) شكرا ايتها السماء (بمكر) سامحيني ، هذه العملية ستكون الاخيرة.
صوت وزير الخزينة: جلالتكم.
الامبراطور : جاء ينط هذا القط .
(يدخل وزير الخزينة القصير البدين وهو يضع سلسلة مفاتيح حول عنقه وقلما للكتابة خلف اذنه ويحمل تحت ابطه سجلا كبيرا يحني امام للإمبراطور)
الامبراطور : (يشير بصولجانه الى وزير الخزينة ) سأحتفل بعيد ميلادي المجيد ( يشير بيده الى الوزير الاول ) بإقامة الأماسي الموسيقية الراقصة والولائم ، نفذ ما أمرك به الان.
(وزير الخزينة يفتح سجله ويهيئ نفسه للكتابة)
وزير الخزينة : جلالة الامبراطور!
الامبراطور : انا الامبراطور امنح وزيري الاول موافقتي على سحب الاموال التي يطلبها لتمويل احتفالات عيد ميلادي العظيم، على وزير الخزينة تنفيذ هذا الامر الامبراطوري حالا.
(وزير الخزينة وهو ينظر بطرف عينه الى الوزير الاول)
وزير الخزينة : (للإمبراطور، متسائلا) سيدي الامبراطور ، هل تعني ان من حق الوزير الاول ان يسحب أي مبلغ يطلبه؟
الوزير الاول :( لنفسه ) يا للغباء تأكد لي بان راسك محشو بالقش !!
الامبراطور : (لوزير الخزينة ) انا محظوظ بك، محظوظ لأنك حريص ، يا لنزاهتك، سأمنحك وسام الشرف الرفيع (يلتفت لوزيره الاول) نفذ الامر حالا .
الوزير الاول : (ينحني) سيدي الامبراطور .
الامبراطور: (لوزير الخزينة) انت ادفع للوزير رقم واحد أي مبلغ يطلبه (يحدث نفسه) يا لها من بدلة مزينة بالمجوهرات اللؤلؤية !
(الوزير الاول يسحب درج خزانة صغيرة وضعت جانبا ويخرج علبة حمراء ، يرفع غطائها و يخرج منها قلادة ذهبية ، يتناولها الامبراطور بيده ويقلدها لوزير الخزينة)
وزير الخزينة : (يتراجع منحنيا) جلالة الامبراطور!
(الامبراطور يغادر قاعة العرش ويتبعه الحاجب)
وزير الخزينة :(للوزير الاول) انظر، نلت وسام الشرف الرفيع ، ساترك لأحفادي تاريخا مجيدا ، كوني وزيرا شريفا ونزيها!
الوزير الاول : كلنا شرفاء ولكن بدرجات متفاوتة، بأوسمة او بدونها ، ها نحن ننجح في خطوتنا الاولى .
وزير الخزينة : سنتقاسم الاموال مناصفة !؟
الوزير الاول : ( هامسا) كم انت جشع وطماع !!
وزير الخزينة: في صباح الغد سنعلن في ميدان المدينة ان القصر يدعو الخياطين من اجل نيل شرف خياطة بدلة الامبراطور .
الوزير الاول : سندفع للخياط درهما فضيا واحدا لقاء خياطة البدلة !
وزير الخزينة : ولكننا سندون في دفتر حسابات القصر بأننا دفعنا عشرة ليرات ذهبية لقاء خياطة البدلة .
الوزير الاول : اجعلها مئة ليرة ذهبية .
وزير الخزينة : لما لا ! لتكن مئة ليرة ذهبية طالما البدلة للإمبراطور نفسه وليس لشخص اخر!
وزير الاول : ولكن ما المصير الذي ينتظر الخياطين اذ لم تنال البدلة اعجاب الامبراطور ؟
وزير الخزينة : لم علينا ان نهتم لأمرهم او ان نبالي بالمصير الذي ينتظرهم .





المشهد الثاني:
(تكشف بقعة ضوء خياطا في الاربعين ، يشبك الاقمشة الملونة بالدبابيس فوق مانيكان بحجم الامبراطور ، نرى فخامة البدلة ، بالقرب منه طاولة وضعت عليها عدة الخياطة ، مقص كبير وصندوق وضعت فيه عدة الخياطة ،الابر و بكرات الخيوط وشريط للقياس) .
الخياط : (يتحدث الى نفسه وهو يتلفت يمينا ويسارا) ماذا لو ان البدلة لا تنال اعجاب الامبراطور ولكن لم لا تعجبه البدلة التي سأخيطها بأصابع يدي الماهرتين ! ( يغني بصوت اوبرالي ) انا خياط عظيم ،اصابعي ذهبية، وخيوطي حريرية، وابرتي فضية، لرقتها لا تراها العيون البشرية!
(الخياط يضع البدلة على المنيكان).
الخياط : (بفرح) ها قد انجزت تحفتي ، انها بدلة فخمة تليق بإمبراطور، إنها بحق، قطعة فنية متكاملة!
( صوت خطوات تقترب ، يصمت الخياط وهو يتلفت حوله )
صوت الوزير الاول : انت ايها الخياط .
الخياط : نعم سيدي !
(يدخل الوزير الاول مرتديا زيا ملونا ومبهرجا وهو ينظر بطرف عينه الى الخياط)
الوزير الاول : هل انجزت خياطة بدلة الامبراطور ؟
الخياط : ( يشير بيده الى المنيكان ) نعم ها هي بدلة الامبراطور.
الوزير الاول : سأدفع لك نصف درهم فضي لقاء عملك لأنك تشرفت بخياطة رداء الامبراطور .
الخياط: يا سيدي انا لا اريد أي شيء مقابل شرف خياطة بدلة الامبراطور فهي لا تقارن بالدراهم!!
الوزير الاول : حسنا ، عليك ان لا تخبر أي شخص بالحديث الذي دار بيننا ، اخبرهم بانك نلت استحقاقا رفيعا لقاء خياطة البدلة هل فهمت ؟!
الخياط: اعدك باني لن اخبر أي شخص وسأخبر الاخرين بأني نلت استحقاقا رفيعا.
الوزير الاول :(يحاول التظاهر امام الخياط) سأعيد نصف الدرهم الفضي الى خزينة المملكة .
الخياط: (لنفسه ساخرا) يا للنزاهة ؟!!
الوزير الاول : (يتفحص البدلة ) في صباح الغد سنعرضها على الامبراطور .
(ينسحب الوزير الاول، يتلاشى الضوء فيختفي الخياط في الظلام، بينما تنتشر الاضاءة في منتصف المسرح لتكشف عن قاعة العرش، في منتصف القاعة يقف الخياط ، يبدو قلقا ومرتبكا وهو يتفقد المكان بعينيه، يضع على ساعد يده الايمن قماشا ملونا وهو يمسك بمقص كبير، نسمع صوتا اجشا يتبعه دخول الوزير الاول، يبدو بملابسه الملونة كطاووس، صوت دوي الطبول والابواق النحاسية، يتخذ الحراس وضع الاستعداد ، نرى الوزير الاول واقفا وقد طأطئ راسه وشبك يديه على بطنه ، يحاول الخياط تقليده، الا ان الوزير يزجره ويأمره بالركوع فيجثو على ركبتيه حاملا بساعده الايمن الاقمشة الملونة والمقص الكبير وشريط القياس بيده اليسرى ).
الوزير الاول :( للخياط) اجثو على ركبتك فانت لست سوى خياط !!
الحاجب : جلالة الامبراطور.
(نسمع صوت الامبراطور الناعم يأتينا من خارج المسرح قبل ان يدخل دائرة ضوء كبيرة تتبعه حاشية القصر وهو يتحدث الى الوزير الاول).
الامبراطور : يا وزيري الاول اين انت !
الوزير الاول : (ينحني) انا هنا خادمك بين يديك
الامبراطور :(ساخرا) يا رقم واحد ، لا تقل خادمك بين يديك !! عليك ان تقول شبيك لبيك انا عبدك بين يديك.
الوزير الاول : نحن في خدمة جلالة الامبراطور .
الامبراطور: (يشير الى الخياط) من هذا ؟!
الوزير الاول : انه الخياط يا سيدي!
الامبراطور: (يتذكر) البدلة الفاخرة بالزبرجد والياقوت ، اين وزير الخزينة ؟!
الوزير الاول : وبالعقيق والحرير!
وزير الخزينة : (يدخل ) انا هنا يا سيدي!
الامبراطور : (لوزير الخزينة ) ما الاخبار ؟ (يشير بصولجانه الى الخياط ) وانت !؟
الخياط : (بخوف) انا ، سيدي الامبراطور؟
وزير الخزينة : كل شيء على ما يرام سيدي الامبراطور .
الامبراطور: (للوزير الاول) وانت ما الذي فعلته لتسديد نفقات الاحتفالات (لنفسه) ستتواصل عشرة ايام بنهارها وليلها، يا للروعة .
الوزير الاول: ضاعفنا الضرائب على الفلاحين والحدادين واصحاب الحوانيت والبقالين يا سيدي الامبراطور .
الامبراطور : حسنا فعلت ، فأرباحهم طائلة وعليهم تسديد نفقات عيد ميلاد امبراطورهم المجيد.
وزير الخزينة : كما وضعنا ضرائب جديدة سيدي الامبراطور.
الامبراطور : ضرائب جديدة ؟
الوزير الاول : انها ضريبة جديدة ، كل شخص يعبر جسر المدينة ليتنقل بين جانبيها الشرقي والغربي عليه ان يدفع خمسة فلوس نحاسية يا سيدي.
الامبراطور : يا لكما من شقيين !
(الوزير الاول يتحسس رقبته)
وزير الخزينة: (لنفسه) شقيين ؟!!
الامبراطور : انتما رائعان حذقان شقيان !
(الوزير الاول ووزير الخزينة يتنفسا الصعداء )
الوزير الاول : والان مفاجأة البدلة الامبراطورية .
الامبراطور: حسنا اين بدلتي اللؤلؤية ؟! هيا فانا لا اطيق الانتظار .
(الامبراطور يخلع ملابسه ويظهر بثيابه الداخلية، يرتدي ملابسه المبهرجة الجديدة ، بينما الخياط يقوم بتثبيت البدلة الجديدة بوضع بعض الدبابيس، بينما الحراس يصوبون حرابهم نحو الخياط تحذيرا له).
الامبراطور : (يطلق صرخات) الا ترى احترس، فدبابيسك موجعة !!
(الوزير الاول ينظر باندهاش ، تتغير ملامح الإمبراطور وهو يشير الى نفسه في المرآة).
الامبراطور : (للوزير الاول منزعجا) انها بدلة مريعة !!
الوزير الاول : ( يتلفت حوله) نعم نعم سيدي الامبراطور انها تبدو كذلك ؟!!
وزير الخزينة : ولكن؟!!
الامبراطور:(لوزير الخزينة) اسكت انت !!
الوزير الاول :(للخياط) يا لك من خياط سيء الحظ !!
الامبراطور : ( للوزير الاول وهو ينظر الى نفسه في المرآة ) اكره اللون الاحمر والازرق اما اللون الاخضر فهو يسبب لي الصداع ، انها الوان راية المملكة المعادية التي تخطط للزحف على مملكتي العتيدة ؟!!
الخياط : (يرتعد مذعورا) لم يخبرني احد بذلك ، لم اعرف ان اللون الاحمر والازرق والاخضر الوان معادية؟
الامبراطور :(يشير الى الخياط بغضب ) جعلني ارتدي ثوبا يمثل راية العدو!!
الوزير الاول :(يشير الى الخياط) الى اين نذهب به سيدي الامبراطور.
الامبراطور : ارموه في السجن حتى اخر يوم في حياته.
الخياط :( بتوسل ) الرحمة.
( الامبراطور يجلس على العرش غير مبال بتضرعات الخياط ، وزير الخزينة يقتاده خارج قاعة العرش)
اظلام









المشهد الثالث

(نرى جنديين يرتديان زي حراس الامبراطور ، يتبادلان الحديث فيما بينهما وهم يتجولان وسط سوق المدينة بينما يسرع الخياطون بالهروب وغلق حوانيتهم باستثناء دكان الخياط المسن ظل يزاول عمله).
الجندي الاول : لم نعد نعثر على اي خياط يرغب بخياطة بدلة الامبراطور!!
الجندي الثاني : برغم الاجر الذي وعدوهم به ، ليرة ذهبية واحدة ، انها تعد ثروة كبيرة لقاء خياطة بدلة!
الجندي الثاني : الليرة الذهبية ثروة !
الجندي الاول : انها تعادل مئة درهم فضي.
الجندي الثاني : خياطة سروال فاخر بنصف درهم فضي اما القميص الحريري فهو بربع درهم فضي لا اكثر!
الجندي الاول : في نهار الامس لاقى الخياط العاشر نفس مصير الخياطين الذين سبقوه، اقتادوه الى السجن وهو يتضرع طالبا الرحمة .
الجندي الثاني : كلهم يطلبون الرحمة ولا ينالوها ، الحبس في سجن القلعة المعتم الى اخر يوم في حياتهم ، امر مخيف حقا!
الجندي الاول : انظر ثمة خياط هناك !
الجندي الثاني : اخيرا وجدنا خياطا !
(الخياط المسن لم يتوقف عن خياطة قطعة قماش بين يديه بينما الجنديين ينظران اليه بدهشة ، يخرج احدهما لفافة مذيلة بشريط ملون يفردها بين يديه ويبدا بقراءتها ويقف الاخر بوضع الاستعداد).
الجندي الاول : (يقرا) ان واجب خدمة جلالة الامبراطور، يدعوك بالذهاب صباح يوم غد الى القصر الامبراطوري وذلك لخياطة البدلة الامبراطورية .
الخياط : ولكني خياط مسن وبصري ضعيف .
الجندي الاول : قل ذلك للوزير الاول حين تقابله يوم غد .
الخياط : (يريهما قماشا صوفيا ) كما ترون فانا خياط الناس الفقراء الذين يرتدون ثياب الصوف الخشنة !
الجندي الاول : لسنا مفوضين بمناقشتك او حتى الاستماع اليك .
الخياط : انظرا الى اصابعي انها خشنة و لا تصلح لخياطة الحرير !!
الجندي الاول : انه امر وعليك تنفيذه .
الخياط : (مستسلما) في الغد سأذهب الى القصر؟







المشهد الرابع:

( بقعة الضوء تكشف عن الخياط الكهل وهو يجلس الى طاولة خشبية تحيط به ابنتيه احدهما في السابعة عشرة والاخرى في الخامسة عشرة حول مائدة طعام العشاء حيث نرى فانوسا زيتيا معلقا في سقف غرفة بسيطة تكشف عن فقرهم ).
الخياط : احبكما كثيرا .
الابنتان :(معا) نحبك اكثر (تضحكان).
الخياط: (حزينا) تناولا الطعام .
البنت الكبرى: لم انت حزين يا ابي ؟!
الخياط : في الغد سأذهب الى قصر الامبراطور.
البنت الصغرى: (بخوف) ماذا قصر الامبراطور؟
البنت الكبرى : لماذا ؟!
الخياط: استدعوني لخياطة بدلة الامبراطور.
البنت الكبرى : لا تذهب الى هناك يا ابي انهم اشرار .
الخياط: اخبرتهم باني لا استطيع خياطة الاقمشة الحريرية الناعمة ولكن بلا جدوى.
(تقف البنت الصغيرة قرب المائدة وهي تستمع بخوف الى ابيها)
البنت الصغرى : انهم يلقون بالخياطين في سجن القلعة ، سمعت ذلك في السوق !!
البنت الكبرى : فلنهرب الى بلدة بعيدة .
البنت الصغيرة : لا نريد ان نفقدك يا ابي لأننا سنضيع .
البنت الكبرى: لنهاجر الى بلدة بعيدة .
الخياط : لن اهرب فهذه مدينتي التي ولدت وعشت فيها اجمل سنوات عمري.
(البنت الكبرى تمسك بيدي ابيها وتنظر اليه بحزن)
الخياط : (مخاطبا ابنته الكبرى) في صباح الغد سأذهب الى القصر، اما انت فزاولي ما علمتك اياه في دكان الخياطة، تساعدك شقيقتك حتى عودتي اليكما.
البنت الصغيرة :(متسائلة) سترجع الينا يا ابي اليس كذلك؟
الخياط : (مبتسما وهو يحتضنهما) سأعود اليكما حتما فانا لا استطيع فراقكما لحظة واحدة .














المشهد الخامس:
(تكشف الاضاءة البنتين وهما في السوق قرب دكان ابيهما ويبدو عليهما القلق).
البنت الكبيرة : مر اسبوع على ذهاب ابي الى القصر ولم يعد الينا .
مواطن : اذهبا الى القصر واستفسرا عن سبب غيابه ؟!
البنت الكبيرة : ذهبنا الى هناك لنسأل عن ابينا ، الا ان الحراس زجرونا بعنف وطردونا.
البنت الصغرى: قالو لنا اغربا عن وجهنا وابحثا عنه في مكان اخر!!
مواطن : يبدو ان اباكما واجه نفس مصير الخياطين الذين سبقوه الى هناك.
البنت الصغرى : ماذا تعني بكلامك ؟
مواطن: (مترددا) قد يعود اليكما في أي لحظة!
البنت الكبرى : اخبرناهم ان ابانا دخل القصر من اجل خياطة رداء الامبراطور.
البنت الصغرى : قالا لنا لا يمكن لخياط هو اب لفتاتين رثتي الملابس مثلكما ان يدخل القصر ؟!!
مواطن : الامبراطور متقلب المزاج، فهو يلقي بالخياطين الذين يخفقون في نيل اعجابه في السجن .
البنت الكبرى: تعني ان ابي في السجن .
مواطن : لا احد يعرف حقيقة ما يدور خلف تلك الاسوار العالية .
مواطن : الذي يدخل سجن القلعة لن يخرج منه ابدا .
البنت الكبيرة : (لنفسها ) عليّ ان افكر بخطة لإنقاذ ابي.


















المشهد السادس:
(نرى جنديين يدخلان السوق وهما يقومان بتفريق الناس المتجمهرين)
الجندي الاول : يمنع التجمهر.
الجندي الثاني : او الحديث في ما لا يعنيكم .
الجندي الاول : (هامسا) ما الذي تعنيه بكلامك هذا ؟!
الجندي الثاني : ان انصت اليهم جيدا ستكتشف بانهم يتبادلون كلاما خطيرا !! فهم لا يكفون عن التذمر والسخط ، لانهم يحملون الامبراطور ووزيره الاول كل ما اصابهم من فقر مدقع ارهق حياتهم.
الجندي الاول :(يحمل عصا) عودوا الى منازلكم وتبادلوا الاحاديث مع زوجاتكم او اولادكم بدل الثرثرة الفارغة هنا، تفرقوا حالا ، انت احمل سلة الخضار وعد الى منزلك ، اما انت ايتها الثرثارة اذهبي الى بيتك ام انك لا تبالين بتجهيز وجبة الغداء لأطفالك هيا اذهبوا جميعا وإلا !!
اظلام








المشهد السابع :
(بقعة ضوء تكشف البنت الكبرى متنكرة بملابس شاب وشقيقتها الصغرى بملابس فتى صغير وهما تضعان المكياج لتغيير ملامح وجهيهما)
البنت الكبرى : سأنتحل شخصية خياط حاذق ، يخيط اقمشة سحرية ، لا يستطيع رؤيتها الا الاذكياء.
البنت الصغرى :وسأكون صبي الخياط الحاذق !
البنت الكبرى : بعد ان طال الحبس اغلب خياطين المدينة ، سيأتون الينا يطلبون خياطة بدلة الإمبراطور!
البنت الصغرى : وحينها سنقوم بلعبتنا .
البنت الكبرى : نعم لعبتنا الكبرى لإنقاذ الجميع .
البنت الكبرى : هذه الخطة ستنقذ الجميع من بطش الامبراطور
البنت الصغرى : انها خطة محكمة .
(الاضاءة تغمر المكان فتكشف عن سوق شعبية حيث صيحات الباعة الجوالين واصحاب الحوانيت على بضائعهم يدور حديث بين فتاتين )
فتاة : (تشير الى الخياطة المتنكرة) انظري اليه ، يا له من خياط وسيم!
فتاة ثانية : الم تسمعي بمهارته فهو وسيم و خياط حاذق !
فتاة: وحاذق ايضا!
فتاة ثانية: انه يخيط ملابسا سحرية لا يراها الا الاذكياء.
فتاة : يا للجمال!
فتاة ثانية : لهذا السبب لم يستطع اي من اصحاب حوانيت السوق من الحصول على موعد لخياطة ثوبا سحريا فاخرا !
فتاة : (تضحك) لانهم لا يتمتعون بالذكاء الذي يتيح لهم رؤية الاقمشة السحرية اليس كذلك ؟
فتاة ثانية: نعم ، لا يستطيعون رؤية الاقمشة غير المرئية ! اما مساعده الصغير فهو كملاك بلا جناحين !
(تنتقل الاضاءة كاشفة عن لافتة انيقة فوق واجهة دكان الخياطة خط عليها ( خياط الامراء ) حيث نرى شابين يرتديان ثيابا جميلة ، الاكبر وقف قرب طاولة الخياطة منشغلا بتحريك يديه في الهواء وكانه يخيط رداء لا يرى ، يوهم من ينظر اليه بانه منشغل بخياطة رداء ، بينما مساعده انشغل بحركاته وكانه يوظب لفات الاقمشة ويضعها على الرف )
رجل : (للخياط) انتظرت اياما طويلة من اجل هذا الموعد فأرجو ان تأخذ مقاسي من اجل خياطة البدلة.
الخياط : يمكنك الحصول على بدلتك يا سيدي ( لمساعده) ولكن بعد ان تحدد لون ونوع القماش الذي تختاره بنفسك.
مساعد الخياط: (يعرض بحركات يده التي لا تحمل أي شيء) هل ترغب بهذا القماش يبدو اللون الاحمر جميلا ولكن الذي يناسب لون بشرتك هذا اللون ، انظر اليه ما اجمل اللون الازرق !
رجل : ( يشير بيده الى يد المساعد ) سأختار هذا اللون ، كما قلت فالأزرق يناسب لون بشرتي !
مساعد الخياط : (للخياط) لقد اخفق هذا السيد في الاختبار ، لون القماش الذي عرضته عليه كان اسودا ؟!
رجل: امنحني فرصة ثانية ارجوك ما الذي سيقوله الاصدقاء عني ، بأني لست ذكيا !!
الخياط :(لمساعده) امنحه فرصة ثانية.
مساعد الخياط :(للرجل وهو يشير بيده الى الرف الفارغ ) يمكنك ان تشير الى اللون الذي يعجبك من بين التشكيلة المعروضة امامك.
رجل : (مترددا يشير بسبابته الى الرف ) اختار اللون الازرق .
مساعد الخياط : الازرق الغامق قرب القماش الاحمر ذو المربعات الزرق ام الازرق المخطط بالأخضر قرب القماش الاسود .
رجل : (مرتبكا) قرب القماش الاحمر.
مساعد الخياط : (بحزن) لا فائدة (للخياط ) لم يكن بين الاقمشة اي قماش لونه احمر والازرق كان موضوعا بين اللون البني والاخضر لقد فشل السيد في اختيار اللون الصحيح مرة اخرى !!
الخياط : (للرجل) عد مرة اخرى حين تجد في نفسك القدرة على رؤية اقمشتنا السحرية .
رجل : (متضرعا يشير الى المارة ) لن اخرج من هنا ، يمكنك اخذ مقاساتي وكأنك وافقت على خياطة البدلة ، لا اريد ان ابدو غبيا امامهم .
الخياط: لا تحزن ، سأدون مقاساتك في دفتري ، وسأختار اللون الذي يناسبك ولكن لن نسلمك البدلة إلا بعد تمكنك من رؤيتها .
( بقعة ضوء تكشف الوزير الاول وهو في موكب يضم وزير الخزانة يحيط بهما الجنود ، يقتربون من دكان خياط الامراء ، احد الجنود يشير بيده الى لافتة الخياط ويهمس في اذن الوزير الاول) .
الجندي : هذا هو الخياط الذي اخبرتك عنه يا سيدي !
الوزير الاول : خياط الاقمشة السحرية ؟
الجندي : هو بعينه سيدي !
الوزير الاول :(ساخرا) الخياط بعينه ام بأنفه .
وزير الخزينة : المهم ، انه الخياط المطلوب ، سواء بأنفه ام بعينه!
الجندي : نعم، بعينه يا سيدي، بعينه، فانا اعرفه جيدا، لأني امضيت وقتا طويلا اراقبه بعيني هاتين !
الوزير الاول : (لوزير الخزينة) وجدنا اخيرا خياطا ، لننتهي من قصة البدلة.
وزير الخزينة : كما انتهت الخزينة يا شريكي!
الوزير الاول : يقال بان الاذكياء وحدهم الذين يرون القماش السحري !
وزير الخزينة: السنا بأذكياء !؟
الوزير الاول: اذكياء؟ ، نعم ، اذكياء ! لو لم نكن كذلك لما استطعنا افراغ خزينة الامبراطورية!
(يقترب الوزيران من الخياط وهو يقوم بتثبيت القماش الوهمي على كتفي الرجل بالدبابيس )
الوزير الاول :(لنفسه) هل يعقل باني غبي فانا لا ارى اي شيء؟!!
وزير الخزينة : ماذا ، ماذا قلت ؟
الوزير الاول : لم اقل أي شيء، لندخل الى الدكان .
(ينظر الوزير الاول ووزير الخزينة الى الخياط وهو يقوم بخياطة البدلة السحرية للرجل الذي وقف صامتا ينظر اليهما)
الوزير الاول :(يشير الى الرجل) ستكون بدلة انيقة جدا انظر الى اللون الاخاذ و القماش الفاخر !
الخياط : يبدو ان اللون الازرق اعجبك يا سيدي !
الوزير الاول : اعجبني جدا وكذلك الطراز فهو انيق وحديث !
الخياط : انت تملك ذوقا رفيعا يا سيدي !
الوزير الاول : بالتأكيد املك ذوقا رفيعا فانا الوزير الاول .
الخياط :(ينحني ) تشرفت بزيارتك سيدي .
وزير الخزينة :(لنفسه) هل يعقل اني غبي ولا اعرف ذلك، فانا لا ارى اي شيء لا القماش ولا الخيوط (يستطرد) ان عرف الوزير الاول بأني لم ار القماش سيخبر الامبراطور بذلك، وسيطردني من خدمته ( للوزير الاول ) انظر لا توجد ثنية زائدة ولا ثقب ابرة قد تراه العين او خيط في غير مساره المستقيم انها بدلة فاخرة يستحق خياطها الثناء.
الرجل : (لنفسه) كم انا غبي طالما الوزير الاول ووزير الخزينة في مملكتنا العتيدة رأى بدلتي الانيقة الا انا ، قد استطيع في يوم ما رؤية بدلتي السحرية.
الوزير الاول :(للخياط ) في الغد سأكون بانتظارك انت ومساعدك لتنال شرف خياطة بدلة الامبراطور.
الخياط : انت تمنحني شرفا رفيعا يا سيدي بخياطة رداء للإمبراطور .
(تتلاشى الاضاءة تدريجيا حتى يسود الظلام)








المشهد الثامن:
(الاضاءة تكشف عن طاولة الخياطة وتبدو فارغة ، نسمع صوت دوي الطبول والابواق النحاسية ، يتخذ الحراس وضع الاستعداد ، نرى الوزير الاول واقفا محنيا راسه وشابكا يديه على بطنه بينما الخياط ومساعده يجثيان على ركبتيهما وقد طأطأ راسيهما).
الحاجب : جلالة الامبراطور المعظم
الامبراطور : ما الجديد الان !
الوزير الاول : (منحنيا) جلالة الامبراطور العظيم هنالك خبر سار سينال اعجابك .
الامبراطور: اليوم اشعر برغبة كبيرة في سماع خبر سار لأني اشعر بالملل والنعاس .
الوزير الاول :(يشير الى الخياط ومساعده) جلالة الامبراطور ها هما امامك ! الخبر السار
الامبراطور : لا يبدوان كمهرجين فأنا بالكاد اراهما ، انهما ضئيلي الحجم .
الوزير الاول : سيدي الامبراطور انهما ليسا بمهرجين بل خياطين ماهرين رايتهما يخيطان رداء سحريا لا يراه الا الاذكياء (يشير بيده الى الطاولة ) انظر سيدي الى الطاولة واختار القماش واللون الذي يروق لك .
الامبراطور : (ينظر الى الطاولة الفارغة ) ماذا ،اختار ماذا؟!!
وزير الخزينة :(لنفسه) ايكون امبراطورنا هو الاخر غبيا ؟!!
الوزير الاول : سيدي الامبراطور، الاذكياء وحدهم هم اللذين يستطيعون رؤية القماش السحري ولونه وتحسس ملمسه.
(الوزير الاول يذهب الى الطاولة ويشير بيده اليها)
الوزير الاول : سيدي الامبراطور انظر الى التشكيلة الجميلة الاخاذة من الالوان والاقمشة
وزير الخزينة : انها رائعة يا سيدي انها فاخرة.
الامبراطور : (لنفسه) مستحيل ان يحدث ذلك هل يعقل ان شخصا بغباء وحماقة الوزير الاول يستطيع رؤية القماش السحري وانا لا استطيع ذلك؟!! بينما وزير الخزانة الذي لم يكن الا محاسبا تافها يعد على اصابع يده في بقالة صغيرة لبيع الحبوب ، يستطيع رؤية الاقمشة وانا لا ارى شيئا ، هل انا غبي؟!! لن اعرض نفسي للسخرية ؟!! سأخدعهم واقول باني ارى ما يروه .
الامبراطور:( للوزير الاول) ساترك لكما حرية اختيار القماش والالوان التي تليق بإمبراطوركم الذي هو انا!
الوزير الاول : سنختار القماش الفاخر واللون الجميل يا سيدي.
الامبراطور: (للوزير الاول ويشير للخياط بالاقتراب ) ليبدا عملهما.
الوزير الاول : (للخياط ) ابدا عملك بأخذ قياسات جلالة الامبراطور .
الخياط : هذا الامر يسعدنا يا سيدي
الامبراطور : سأمنحكما مكافئة كبيرة ان نال عملكما اعجابي .
الخياط : سيدي الامبراطور ان ننال اعجابك هو مكافئتنا الكبيرة .
الامبراطور : ان لم تنل اعجابي ستقضيان حياتكما في سجن القلعة.
الخياط : (ينحني) سيدي الامبراطور يتعين خلع ملابسك ليتسنى اخذ مقاسك.
( يخلع الامبراطور ملابسه ويظهر شبه عار الا من ملابس داخلية ضيقة ، باشرا بأخذ مقاساته ، وهما يوهمان الجميع بعملهما حيث حرصهما الشديد واهتمامهما المبالغ ، فالخياط يقص القماش ويثبته بالدبابيس بينما مساعده يخيط بالإبرة وسط اعجاب الوزراء ودهشتهم )
الوزير الاول : (بأعجاب ) سيدي جلالة الامبراطور انها بحق بدلة متناسقة وجميلة بالونها وطرازها ستدهش ضيوف المملكة .
وزير الخزانة :( يشبك يديه على صدره) يا لها من بدلة انيقة.
الامبراطور : (ينظر الى المرآة الكبيرة) لا يمكن لإمبراطور مثلي ان يقلل من شأن ذوقكما الرفيع انها بدلة رائعة حقا ، اشعر بمزاج جيد بل اشعر بالغبطة .
الوزير الاول : تكاد دموع الفرح تطفر من عيني وانا ارى سيدي الامبراطور في ابهى صورة حد انها تصل الكمال .
وزير الخزينة : سيغمى على من الدهشة سيدي الامبراطور ، ستذهل الملوك وحكام الاقاليم بفخامتك وبهاء اطلالتك بهذه البدلة الفخمة
الامبراطور : يا لمشاعركما اللطيفة ،كم انا مسرور ومبتهج (يشير الى وزير الخزينة ) يا وزير الخزينة ،انت ايها الحاجب .
وزير الخزينة : سيدي الامبراطور !؟
الحاجب : جلالة الامبراطور المعظم ؟!
الامبراطور : (لوزير الخزينة ) امنح هذين الخياطين صندوقا من قطع النقد الفضية لانهما يستحقان ذلك عن جدارة، لقد منحاني سعادة كبيرة لم اشعر بها منذ سنوات عديدة ، نفذ هذا الامر حالا .
وزير الخزينة : سينفذ امر جلالتكم في الحال.
الوزير الاول :(هامسا ) صندوق من العملات الفضة !!
وزير الخزينة : لا تخف سيكون مملوء بالعملات النحاسية ، لم يعد في الخزينة درهما فضيا واحدا!!
(يذهب وزير الخزينة لتنفيذ امر الامبراطور)
الخياط : سيدي جلالة الامبراطور ، لقد انهينا اللمسات الاخيرة ، انظر بنفسك الى المرآة كم تبدو البدلة رائعة ومتناسقة.
الوزير الاول : انها كذلك حقا فانا لم ار في حياتي بدلة بهذا الجمال الاخاذ .
(يعود وزير الخزينة برفقة جندي يحمل صندوقا صغيرا يقفان على بعد خطوات من الامبراطور)
الامبراطور : (يشير الى الصندوق )هذه مكافئتكما يمكنكما المغادرة الان ، تذكرا باني قد اطلب حضوركما باي لحظة .
الخياط : (ينحني ) سنتذكر ذلك دائما لأنه مدعاة للفخر والشرف الرفيع.
(الخياط ومساعده ينحنيان وهما يتراجعان للخلف يتناول الخياط الصندوق من يدي الجندي ويغادران القاعة )
الامبراطور : (للوزير الاول ) اعلن ان الامبراطور سيتفقد احوال رعيته في صباح يوم غد. .(لوزير الخزينة ) سأذهل رعيتي ببدلتي السحرية الجديدة (يشير لنفسه وهو بملابسه الداخلية الضيقة ) .
الوزير الاول : انهم محظوظون بوجود امبراطور عظيم مثلك يا سيدي .
( تتلاشى الاضاءة لتتحول الى بقعة تكشف الخياط ومساعده وهما يتخلصان من ملابسهما التنكرية ليكشفا عن حقيقتيهما).








المشهد التاسع:


(الضوء يكشف عن الجو العام الذي يسود السوق بالجمهور الكبير الذي احتشد بانتظار مرور موكب الامبراطور ، تدخل مجموعة من جنود القصر وخلفهم حاجب الامبراطور ، يمهدون الطريق لمرور الموكب وذلك بأخلاء طريق السوق من المارة والمتبضعين ، نلمح البنتين وهما تنظران الى حراس الامبراطور ، نسمع صوت الابواق النحاسية ودوي ضربات الطبول بايقاعها العسكري )

الحاجب : جلالة الامبراطور المعظم
(يدخل الامبراطور، بسروال وقميص داخلي ضيقين ، والتاج على راسه ، يضع قدميه في حذائين طويلين، ملوحا بصولجانه الذهبي وبرفقته الوزير الاول ووزير الخزينة والقائد ، يتصنعون ابتسامات عريضة على وجوههم بوجه الجمهور الذي انحنى وقد ساد عليه الصمت والذهول لحظات قبل ان يتحول ذهولهم الى ضحكات تسخر من الامبراطور العاري)

(الامبراطور والوزير الاول ووزير الخزينة يتفاجؤون بظهور بنت صغيرة ، ابنة الخياط الصغيرة ، من بين الجمهور وقد امسكت بها شقيقتها الكبرى ،تعترض طريق الموكب وهي غارقة في الضحك و تشير بيدها الى الامبراطور الذي صعق بكلامها )
الفتاة الصغرى : انظروا اليه ، انه بلا ملابس ، الامبراطور لا يرتدي اي شيء !! .
( نرى الامبراطور وهو ينظر الى نفسه فيمد يديه ليخفي وسطه بينما تتصاعد صيحات الاستهجان والسخرية بين الجمهور )
الامبراطور:( بغضب) انا بلا ملابس !! لقد خدعت (للوزير الاول ) ستنال عقابا قاسيا .
الوزير الاول :( يحاول الهروب ) عقابا قاسيا !!
وزير الخزينة : (للوزير الاول ) فلنهرب قبل فوات الاوان!!
الوزير الاول : نعم قبل ان نتحول الى عجينة بين يدي الحاجب .
( الجمهور الساخر يحيط بموكب الامبراطور ويهتف بصوت عال بينما الجنود المذعورين يهربون ويتركون الامبراطور والوزير الاول ووزير الخزينة بين الحشود )
الجمهور: (صيحات متداخلة) الامبراطور بلا ملابس .
(الفتاة الكبرى ، تعترض طريق الامبراطور وحاشيته وهو تلوح للجمهور بيديها )
الفتاة الكبرى : لا تدعوهم يهربون !!
الفتاة الصغرى : اقبضوا عليهم !
(الحشود تحيط بالإمبراطور الخائف وحاشيته المذعورة بينما بقعة ضوء تضيء البنت الكبرى وهي تلوح بيدها )
الفتاة الكبرى : لنذهب الى القلعة ونحرر السجناء... انها الحرية.


انتهت



#طالب_كاظم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نووايس عقدك الثاني
- نواويس عقدك الثاني المهجورة
- قصة قصيرة : في الاسبوع التاسع والاربعين
- حب ما


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يرد على تدوينة لعلاء مبارك طالب فيها الفنانين ...
- إشكالية المعرفة.. من الميثولوجيا إلى الرؤية المعرفية الإمبري ...
- باقري: تفتيش مركز هامبورغ الإسلامي انتهاك لقواعد الحرية الفك ...
- الشعور القومي والتأثر بالغرب.. كيف حاك باموق نسيج التحولات ا ...
- فيلم -النونو-.. تركي آل الشيخ يرد على علاء مبارك
- وجهة بغدادية عصرية.. مقاهي الثقافة والفنون تغادر الصبغة التق ...
- سوريا.. جائزة الدولة لفنان وأديبة وكاتب سياسي
- بمشاركة عربية.. -جائزة بريكس- لتلاوة القرآن تنطلق في قازن (ف ...
- -دخله 300 مليون جنيه سنويا-.. أزمة أحمد عز وزينة تعود من جدي ...
- عيش أجواء زمان.. استقبل تردد قناة روتانا سينما 2024 وشغل مسل ...


المزيد.....

- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - مسرحية لليافعين: ابنة الخياط