أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى















المزيد.....

حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى


بن غربي احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8049 - 2024 / 7 / 25 - 16:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قال الملك الأفضل نورالدين ابن السلطان صلاح الدين الأيوبي (1196-1160) رحمة الله عليه في معرض حديثه عن خشيته المرتبطة بعودة الصليبيون إلى احتلال المسجد الأقصى وتعزيز الثغور المحيطة به: “أسكنت هناك من يثبتون في البر، ويبطشون في البحر، مَنْ أستأمِنُهم على هذا المسجد العظيم، وهذه المدينة”. حيث كان يقصد بوقف حارة المغاربة على المجاهدين (المغاربة) الذين شاركوا في الفتح المبارك لبيت المقدس لما تتميز به من موقع مهم لاعتبارها ملاصقة لحائط البراق الذي ربط عنده النبي محمد صلى الله عليه وسلم البراق ليلة الإسراء والمعراج ،كما تعتبرهذه المنطقة احد المداخل المهمة للقدس ،وفي وصفها المعاصر تقع في البلدة القديمة بالجانب الجنوبي الغربي لمدينة القدس، إلى الغرب من المسجد الأقصى المبارك.حيث كانت حارة المغاربة قبلة لأهل المغرب العربي بكل انتماءاته طلبا للرابط في القدس وطلبا للعلم والجهاد ، وخاصة أصحاب المذهب الصوفي أتباع أبي مدين الغوث والشيخ الزاهد عمر المصمودي وغيرهما.

وقد ظل الحال كذلك الى ان ظهرت الحركة الصهيونية ومشروعها التأسيسي للدولة اليهودية في احتلال فلسطين وكانت اول محاولات طمس الارتباط المغاربي بالقدس على يد البارون روتشيلد عام 1887 الذي أراد شراءه ثم هدمه لتخصيصه ساحة لصلاة اليهود، ثم تبعه الحاخام حاييم هيرشينسون بمحاولات شراء الجدار(حائط البراق) عام 1895، وكذلك حاول الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان استغلال وإقناع وزير خارجية بريطانيا أنذاك آرثر جيمس بلفور في عام 1918 بأن الحي عبارة عن مبان مهجورة واكواخ مهترئة وان تسليم الحائط (حائط البراق) لليهود بمقابل مالي يكون اكثر فائدة الا ان هذا العرض تم رفضه من قبل المفتي العام للقدس كمال الحسيني. و استمر تقديم هذا العرض حتى عام 1919م الا ان الحكومة البريطانية باعتبارها سلطة انتداب رفضت مقترح ايزمان و أيدت الوضع القائم في ذلك الوقت ورفضت تغييره.

الا انه يمكن القول ان اللحظة التاريخية الفارقة في المساس بوجود حارة المغاربة كانت منذ إعلان قيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، والذي كان لها الاثر البالغ في استهداف الصهاينة الوافدين الى القدس الغربية، حيث تم الاعتداء على وقف أبو مدين الغوث في قرية عين كارم التي يسكنها المغاربة. وتوالت الاعتداءات الصهيونية على حارة المغاربية الى ان هدمته وسوته بالأرض في عملية واسعة دامت 3 أيام ما بين 11 و13 يونيو/حزيران 1967، ، وبذلك وصلت الى الهدف المتعلق بطمس كل المظاهر الإسلامية والعربية والمغاربية المرتبطة بهذا الحي الذي له دلالات عميقة في وجدان الامة وتاريخ القدس الشريف رسمها البعد الاثري والمعماري والإنساني .

وعلى هذا النحو من العرض التاريخي الموجز نستخلص ان ما كان يهدف اليه الملك الأفضل نور الدين وما تستهدفه الحركة الصهيونية من حارة المغاربة وحائط البراق هما مشروعين وجوديين متناقضين قائمين على الهوية الدينية والتاريخية ومدى ارتباط هاته الحارة بالأمة الإسلامية وكذلك محاولات صهيونية زائفة لتعزيز الترابط اليهودي في العالم بالقدس والتمكين لتأسيس المشروع الصهيوني على دولة فلسطين ، كما ان تحليل العناصر المكونة لكلا المشروعين يمكن ان تعطينا قراءة متأنية مستقبلية ترسم لنا ركن من اركان استراتيجية يمكن الاعتماد عليه في تحرير بيت المقدس وكل فلسطين بإذن الله ، ولذلك في تقديرينا فإن احياء ذكرى هدم حارة المغاربة تعمل على تحقيق جملة من المقاصد والاهداف وتقوم على العديد من المبادئ المتأصلة في الامة العربية والاسلامية والتي توافقت مع الحركة الإنسانية عبر التاريخ ومن ثمة يمكن ان تضع استراتيجية عملها من المنظور المستقبلي لتجاوز به رهانات الحاضر

واعتمادا على ما سبق ذكره فإن المشروعين السابقين وما يهدفان اليه ،فإننا للوهلة الاولى نتلمس خطط الكيان في جعل حائط البراق وحارة المغاربة مرتكز تاريخي وايديولوجي وثقافي ،ومحطة دورية تتجمع عنده الآلاف من اليهود وتحج اليه عبر العلام بشكل دوري وتجعل منه واقعا مفروضا عالميا يصعب تجاوزه ويمكن البناء عليه في تجسيد الخطط الاستيطانية وتحقيق المشروع الأكبر المزعوم بدعم ومقبولية عالمية متوافق تماما و السردية التاريخية التي تطرحها الحركة الصهيونية والتي تعززها بالبروباغندا الإعلامية ،حيث يشتغل على تطوير هذا المكان الذي يعتبره اليهود اخر نقطة من الهيكل المزعوم ،ولذلك رصدت له مبالغ مالية هائلة لإستيعاب عدد الزوار المتزايد كل عام والذي وصل بين عام(2015-2020 ) الى 10 و12 مليون زائر كما تشير اليه بعض المصادر ذات الصلة ،ومن ثمة ولأهمية هذا الموقع ومحاولة سلطة الاحتلال الاسرائيلي طمس كل المظاهر الإسلامية وقطع التاريخ وتزييفه ،وتحييد الترابط الشعبي للأمة الذي أسس له القائد صلاح الدين وابنه نورالدين بتمكين المغاربة جميعا من وقف وتعزيز مكانتهم في بيت المقدس من خلال هذا الموقع ،ولذلك فإن احياء هاته الذكرى في تقديرنا لابد على المشتغلين عليها من افراد ومؤسسات ان يضعوا من اهم الأهداف وراسها هي مجابهة هاته الخطة بذات القدر من التركيز ووضع هدف الاهتمام بإعادة التذكير بحق المغاربة بهذا الحي بشكل دوري وتنشيط الذاكرة العامة للامة العربية والإسلامية وغيرها بإحياء ذكرى هدمه، لان الذاكرة هي تعزيز للحاضر وإعطاء روح الامل للامة وتعزيز الحق في صناعة المستقبل ،فضلا عن ذلك اضعاف السردية التاريخية الصهيونية وخاصة اذا وضعنا في الحسبان ما نشاهده من اثر بعد عملية طوفان الأقصى التي احدثت شروخات عميقة في البروباغاندا الإعلامية الصهيونية و التي غرست بذور التغيير في الضمير العام العالمي والوعي العام الدولي يفرضان إعادة النظر في كل بروباغندا اسرائيلية والتشكيك في كل ما تم طرحه سابقا من مرتكزات تاريخية ودينية منها حائط المبكى .
كما انه واعتمادا على نظرة القائد الأيوبي منذ إعلانه ان حارة المغاربة هي وقف لكل الشعوب المغاربية

على اختلاف أجناسهم، ذكورهم وإناثهم من اهل ليبيا والجزائر وتونس والمغرب الأقصى وموريتانيا وليست حكرا على فئة او طائفة معينة وانما هي لعموم المغاربة سواء بسواء ، وبهاته النظرة القيادية والاستراتيجية للقائد الايوبي فإن احياء تراث المغاربة في القدس وفلسطين اليوم يعزز روابط الانتماء لكل مكونات الامة العربية والإسلامية بشرقها وغربها بعربها وعجمها ، ويجسد وحدة الساحات الهوياتية للامة التي طالتها ايدي التقسيم والتمزيق ، ثم بهذا الجهد المبارك هو الاسمنت المسلح للتماسك الداخلي للشعوب المغاربية ضمن اطارها القطري والاقليمي ، فبوصلة حارة المغاربة هي البوصلة الحقيقة ليسترشد بها المشتغلون على وحدة الامة واستنهاض طاقتها ،فالتاريخ المشترك والايمان به حتما سيعزز قناعات راسخة لدى العموم الشعبي بان المستقبل والمصير واحد ،فمن هدم حارة المغاربة وانهى أي ارتباط مغاربي بالقدس له أيضا مستهدفات ما وارء ذلك تتعلق بشتيت الشعوب العربية والإسلامية ويمنع نهضتها ومن ثمة كان هدف احياء الذاكرة هو إعادة الوعي العام المغاربي الى لحظة الاعتداء الأولى والبناء عليها فكريا ، لذلك في تقديرنا هو أساس مهم ومرتكز صلب لتمتين الجبهة الإقليمية المغاربية ومنع أي اختراق قد يحدث لا قدر الله في تشتيت الوحدة وإدخال المنطقة في احتراب بين الأنظمة والشعوب .

بالإضافة الى ذلك فان القائد الايوبي حينما رأى ان اهل المغرب ( المنطقة المغاربية) هم اقوام يثبتون في البر و يبطشون في البحر وهم شعوب مستأمنون على القدس من هاته النظرة الثاقبة والاستشرافية فإنه وجب النظر الى حارة المغاربة على انها قلعة متقدمة لصد العدو عن احتلال القدس وحتى الاوطان المغاربية ، فالتطبيع قد وضع يده للأسف على بعض الأنظمة العربية ويرسم سياسته التوسعية والمهيمنة على المنطقة بانظمتها وشعوبها وبدعم غربي منقطع النظير ومن ثمة تأتي استراتيجية احياء حارة المغاربة تضع من بين مستهدفاتها الرئيسية مجابهة التطبيع في المنطقة ومكافحته من مدخل حارة المغاربة وحائط البراق وذلك بتسخير أدوات ووسائل وطرح كيفيات ورصد طاقات وإمكانات حتى تصد وتمنع حالة التطبيع وستجد باذن الله البيئة والحاضنة الشعبية الملائمة في ذلك منها ان الشعوب المغاربية على غرار باقي شعوب الامة بطبيعتها شديدة الثبات ومتفاعلة مع قضايا الامة وخاصة فلسطين ومغروس فيهم الاستئمان على الدين ومقدسات الأمة ولهم تاريخ طويل في التضحية والبسالة في ذلك وعليه تفكيك هاته النظرة الأيوبية وتحليلها واعطائها حقها من المدارسة والكتابات وتفعيل المناشط على مختلف انماطها من مؤتمرات ومنتديات وغيرهما سيمنع بإذن الله استفحال التطبيع وإعادة الاحتلال الى نقطة البداية التي انطلق منها.

وعلى هذا النحو من الفكرة يمكن القول أيضا ان تذكير العالم وشعوب الامة بحق المغاربة في القدس له رمزيتان الأولى تتعلق بوحدة العدو الذي يهدد وجوديا وكذلك اتصال ساحات المقاومة على مختلف تنوعها جغرافيا وموضوعاتيا ، كما ان تنشيط الذكرى هو توجيه لبوصلة الامة توجيها صحيحا وواضحا مما يعطي شعور معنوي لأهلنا في فلسطين بان الامة تؤمن ايمانا راسخا بان القضية الفلسطينية هي قضية مشتركة وان مسؤولية دحض الاحتلال هي مسؤولية الجميع وليس الفلسطينيون وحدهم ،كما ان الرمزية الثانية تتعلق بالإرث التاريخي الذي لا يتقادم في مطلبه ولا ينتهي بالاحتلال او الاستيطان مهما طال الزمن وان وجود الكيان الاسرائيلي على ارض فلسطين المحتلة هو وجود احلالي استيطاني معتدي وان الصراع ليس على الارض فقط وانما يمس بالمقدسات والمعتقدات والحقوق التاريخية للامة والشعب الفلسطيني.



تم



#بن_غربي_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح تجذر الموقف الجزائري الداعم للشعب الفلسطيني
- بعد جرائم الإبادة في قطاع غزة القانون الدولي بين الازمة واعا ...


المزيد.....




- هل يؤثر انسحاب بايدن من السباق الرئاسي على مفاوضات وقف إطلاق ...
- وسائل إعلام: زيلينسكي وفريقه يشعران بالقلق من لقاء بوتين وأر ...
- وزير الخارجية الصيني: العلاقات بين روسيا والصين مستقرة والثق ...
- السحر انتهى بنزول المعوذتين.. الداعية خالد الجندي يعلق على ح ...
- -حقيقة أم تريند ؟-.. إقامة أول حفل طلاق في مصر يثير جدلا افت ...
- تريستي الإيطالية تحتفظ بجدار الفصل على شاطئ El Pedocin.. حيث ...
- مصر تطلب توضيحات من الكويت بشأن معادلة الشهادات المصرية
- روجر ووترز عن خطاب نتنياهو: الكونغرس دعا مجرما وقاتلا جماعيا ...
- وكالة: سقوط 4 صواريخ على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق
- القوات الجوية الروسية والصينية تجريان دورية جوية مشتركة فوق ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى