مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8049 - 2024 / 7 / 25 - 10:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
( خطاب نتنياهو امام الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ: اكاذيب واوهام وافتراءات)
في خطاب نتنياهو امام الكونجرس الامريكي بمجلسيه، النواب والشيوخ؛ وفي الفقرات التي وردت في الخطاب والتي قد تناقلتها القنوات العربية؛ كم ان السياسة سواء الامريكية او الاسرائيلية في غاية الكذب وكسر كل الحقائق الواضحة كل الوضوح الى اخرى هي بالضد منها؛ انها حقا سياسة يكتنفها العار الرذيلة والزور والبهتان. يقف اعضاء المجلسين مع كل نهاية مقطع من خطاب الخداع والكذب؛ وهم يصفقون له او لهذا الكذب. هل انهم لا يعلمون انه يكذب؟ بكل تأكيد انهم يعرفون تماما انه يكذب. وانا استمع الى تلك المقاطع من خطاب العار والجريمة او من خطاب العار الذي حاول فيه مجرم الحرب نتنياهو؛ ان يبيض صفحته وصفحة كل مجرمي الحرب ليس على غزة البطولة والتضحية والفداء بل على كل ارض فلسطين وشعبها العربي المسلم الابي؛ تردد في ذهني صدى كتاب اللوبي الاسرائيلي والسياسة الخارجية الامريكية، للكاتبين الامريكيين؛...فقد كنت قد قرأته قبل اكثر من شهرين؛ وكتبت عنه قراءتين، نشرتها صحيفة الراي اليوم الغراء. ان ما ورد في الكتاب يتسق تماما مع ما جاء في خطاب الكذب لنتنياهو وكأني به ربما هو الأخر قد قرأ الكتاب، وكما في التالي:
اولا، في الكتاب اعلاه؛ ان اللوبي الاسرائيلي يحاول ان يربط مصالح اسرائيل مع مصالح امريكا وان اسرائيل حين تدافع عن نفسها فأنها تدافع في ذات الوقت عن امريكا، وان عدو اسرائيل هو بالضرورة عدو امريكا. في الخطاب قال نتنياهو؛ ان عدونا هو ايضا عدوك وهنا هو يخاطب اعضاء مجلسي الكونجرس الامريكي. انها لعبة صهيونية بامتياز. ان الحقيقة تختلف كليا عن ما ورد سواء في خطاب العار والاجرام، خطاب نتنياهو، او ما تروج الحركة الصهيونية، او ما يروج له اللوبي الاسرائيلي في امريكا. ان الحقيقة هي ان امريكا بدعمها ومشاركتها لكل جرائم اسرائيل في فلسطين او في غير فلسطين؛ قد تسعت دوائر الكره لها ولسياستها سواء في المنطقة العربية او في الفضاء الاقليمي او في الفضاءات الدولية. ثم اي فائدة جنتها امريكا من سياستها هذه والتي بها خسرت ود اغلب شعوب الارض وحتى في الداخل الامريكي. ان المزاج العام الامريكي لا يؤيد سياسة بلدهم في الدعم اللامحدود ولا مشروط لإسرائيل؛ إنما اعضاء المجلسين لا يمثلون هذا المزاج، بل انهم يمثلون مصالحهم سواء الاقتصادية او السياسية، التي ترتبط باللوبي الاسرائيلي، اضافة الى قسم غير قليل منهم هم اعضاء في اللوبي الاسرائيلي بطريقة او بأخرى، مع ذلك فان تقريبا نصف اعضاء الحزب الديمقراطي لم يحضروا كلمة مجرم الحرب نتنياهو.
ثانيا، قال نتنياهو في الخطاب سيء الصوت والسياسة والسيرة؛ ان ايران مثلما هي عدو لأمريكا فأنها ايضا عدونا، وانها تزرع الارهاب في امريكا في اسرائيل وفي العالم. السؤال المهم هنا هو ما الذي يجعل ايران عدو لأمريكا؟ هو سياسة امريكا ليست الداعمة لإسرائيل، بل المشاركة لكل جرائم اسرائيل في فلسطين وفي غيرها. ولو قلبنا الوضع بالشكل او بالصورة الافتراضية التي فيها تكون امريكا دولة عدل وانصاف وتتخلى عن دعم ومشتركة اسرائيل، وتستخدم قوتها وتأثيراتها في العالم بالضغط على دولة الاحتلال الاسرائيلي؛ من اجل العدالة والحق والانصاف؛ هل كانت عندها بإمكان دولة الاحتلال الاسرائيلي الصمود، كلا بل الف كلا؛ حينها يكون في الإمكان الوصول وبسرعة الى حلول شاملة وعادلة وسلام دائم ومستدام. إنما اي من هذا لن تقوم به امريكا، بل ان ما سوف تستمر فيه؛ هو الدعم والمشاركة الكاملة لكل جرائم المجرم نتنياهو او غيره من عصابات الاجرام في تل ابيب. ايران وكل شعوب الاوطان العربية ورموزها التي تقاوم اسرائيل وسياستها العدوانية، سواء المقاومة الفلسطينية او كل فصائل المقاومة في الوطن العربي؛ عداءهم سواء ايران او الشعوب العربية، لأمريكا ليس لأمريكا كدولة وشعب بل لسياسة امريكا في دعمها واسنادها لجرائم اسرائيل وتوفير كل ادوات الجريمة والتي هي امريكية الصنع بالإضافة الى الغطاء السياسي والدبلوماسي والاعلامي، واقامة التحالفات.. امريكا بسبب ذلك تخسر وتخسر كثيرا من ود الشعوب الحية سواء في العالم او في الداخل الامريكي. امريكا ضحية ومختطفة من قبل اللوبي الاسرائيلي، ومن قبل عمالقة المال والاعمال والشركات العابرة للحدود والمتعددة الجنسيات؛ الذي تتداخل مصالحهم مع مصالح اللوبي الاسرائيلي؛ تداخلا وتشابكا استراتيجيين.
ثالثا، تشكيل تحالف لمواجهة ايران، تحت اسم كما هو نتنياهو قد سماه؛ التحالف الابراهيمي بين اسرائيل ودول المنطقة العربية، وربما يقصد ايضا امريكا تكون ضمن هذا التحالف المفترض. انها حقا مفارقة مضحكة ومؤلمة في عين الوقت؛ ان تتحالف الضحية واقصد هنا ضحية السياسة العدوانية سواء الامريكية او الاسرائيلية؛ من اجرام وتقتيل للأطفال والنساء والشيوخ، في غزة وفي كل فلسطين، وفي الغزو والاحتلال والتدمير والتخريب الامريكي، في العراق وفي سوريا وفي ليبيا، وفي اليمن؛ في مواجهة الضحية التي هي الأخرى واقصد هنا ايران لناحية العقوبات القاسية جدا عليها، التي تتشارك مع المقاومة الفلسطينية والعربية سواء في العراق او في اليمن او في لبنان او في سوريا، او في البقاع الأخرى من بقاع الاوطان العربية؛ في التصدي الكفوء للجرام الامريكي والاسرائيلي. انها مغالطات مضحكة لا تنطلي على اي انسان في المنطقة العربية او في جوارها الاسلامي، غبية بامتياز. وذكية؛ من الجانب الثاني فهي موجهه الى الداخل الامريكي النخبوي حصريا، في امريكا العميقة ومن اصحاب القرار في امريكا.
رابعا، يقول نتنياهو في الخطاب؛ ان اسرائيل لم تقتل اي مدني في رفح. اي كذب اكبر من هذا الكذب الذي سمعه كل العالم في مشرقة وفي مغربه وفي جنوبه وفي شماله. هذا العالم الذي يشهد بالصوت والصورة وفي الميدان كيف يتم قتل الاطفال والنساء وكبار السنة. ان نتنياهو في كذبه هذا كان قد تغلب على غوبلز وزير اعلام هتلر، صاحب المقولة الشهيرة؛ كذب كذب كذب حتى يصدقك الناس. الفرق بين نتنياهو الكذاب وبين غوبلز؛ في الحرب العالمية الثانية ليس هناك تقنيات معلوماتية كما هي عليها الآن؛ التي تنقل للعالم الصورة الحية الى جمع ارجاء المعمورة، ربما بأجزاء الدقيقة. النقل الحي لجرائم اسرائيل هو الذي دفع كل احرار العالم سواء في امريكا او في الغرب او في بقية انحاء الكون؛ للتظاهر ضد هذه المذابح. بالمنطق الذي لا يمكن دحضه؛ لأنه يستند الى وقائع جرمية حية؛ حركت ضمير العالم الانساني ضدها، وليس بدفع او تأجيج اي دولة لها، انها إرادة حرة في رفض الظلم والمظالم. من الهراء الذي قال به، نتنياهو؛ ان ايران هي من تقف وراء التظاهرات امام البيت الابيض وامام الكونجرس الامريكي وامام وفي داخل الجامعات الامريكية، ليقول تاليا في الخطاب؛ انها ادوات ايرانية ويقصد التظاهرات الامريكية. حتى لو افترضنا جدلا وجزافا؛ ان ايران قد حركتها؛ فأنها تحسب لصالح ايران وليس ضدها؛ لأنها ايقظت فيهم ضميرهم الانساني، حين قدمت لهم الاحاطة الكاملة لجرائم بلدهم ولجرائم اسرائيل بالسلاح الامريكي.
خامسا، قال نتنياهو وقد صفق له اعضاء المجلسين؛ ان غزة يجب ان تكون منزوعة السلاح كما كان وقد حدث في المانيا واليابان. وان غزة سوف تكون السيطرة الامنية فيها في المدى المنظور لإسرائيل. ويجب ان تحكم من اناس لا يعملون على تدمير اسرائيل اي غير متشددين. اولا هناك بين الحالتين في المانيا واليابان من جهة وبين فلسطين من جهة الثانية. المانيا واليابان كانتا او انهما قد شكلتا قلب دول المحور في الحرب العالمية الثانية. كلتهما احتلتا في الحرب دولا اخرى ذات سيادة. بينما ليس في غزة فقط، بل في كل فلسطين؛ هناك شعب شرد بقوة السلاح من ارضه، ودفع به الى الشتات او الى المخيمات؛ وان ما يقاتل هذا الشعب من اجله؛ هو ان تكون له دولة معترف بها دوليا وذات سيادة كاملة غير منقوصة. مقارنة نتنياهو، مقارنة اقل ما يقال عنها من انها مقارنة سخيفة تنم عن سطحية التفكير، وليس العكس؛ لأنها وبكل بساطة لا يمكن ان يقتنع بها او يقبلها اي عقل، انها للاستهلاك الكونجرسي..أما من الجانب الثاني فقد تنسى نتنياهو ان في غزة شعب مقاوم لا يعرف الخوف ولا التراجع، وقد قاوم الاحتلال الاسرائيلي طيلة قرن كامل والى الآن هو يقاوم؛ بدءا بالاستشهاد والحجارة والسكاكين وبالصواريخ والمسيرات. المقاومة الفلسطينية سواء في غزة او في عموم ارض فلسطين؛ لسوف يشتد اوراها.
سادسا، التحالف الابراهيمي كما كان في كلمته نتنياهو قد سماه؛ في مواجهة ايران؛ حتى تنعم المنطقة بالاستقرار والسلام. ما يقصده هذا المجرم هو استسلام وليس سلام عادل وشامل ومشرف؛ اي ابتلاع المنطقة لتكون مجالا جيوسياسيا لإسرائيل وامريكا وايضا ادماج دولة الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة العربية بصورة طبيعية. وفي ذات الخطاب قال ان القدس غير قابلة للتقسيم. هذا يعني ان حل الدولتين غير وارد لا في تكفير نتنياهو ولا حتى في تفكير المسؤولون الامريكيون.
في الختام اقول باختصار؛ هذه ما هي الا اوهام اسرائيلية امريكية؛ ولسوف تكذبها حركة الواقع.
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟