-حرية الفكر لا تعني حرية ارتكاب الهراء-/ بقلم أنطونيو غرامشي - ت: من الإيطالية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8047 - 2024 / 7 / 23 - 02:24
المحور: الادب والفن
    

اختيار وإعداد الغزالي الجبوري - ت: من الإيطالية أكد الجبوري

"حرية الفكر لا تعني الحرية في ارتكاب الأخطاء وارتكاب الهراء. نحن فقط ضد التعصب الناتج عن الاستبداد أو عبادة الأصنام..." (أنطونيو غرامشي)

مقال للفيلسوف والمنظر الماركسي والسياسي وعالم الاجتماع والصحفي الإيطالي أنطونيو غرامشي (1891 - 1937). في 13 أكتوبر 1917، تحت العنوان الأصلي: (لا تسامح مع الهراء).


النص؛

التعنت هو عدم السماح باتخاذ إجراءات - لتحقيق غاية - لا تتناسب مع النهاية وذات طبيعة مختلفة عن النهاية. العناد هو المسند الضروري للشخصية. إنه الدليل الوحيد على وجود جماعة معينة ككائن اجتماعي حي، له هدف، وإرادة فريدة، ونضج فكري. لأن العناد يتطلب أن يكون كل جزء منفرد متماسكًا في الكل، وأن تكون كل لحظة من الحياة الاجتماعية محددة مسبقًا بشكل متناغم، وأن يتم التفكير في كل شيء. ويقتضي أن تكون المبادئ العامة موجودة، واضحة ومتميزة، وأن كل ما هو مطلوب يتوقف عليها.


ومن ثم، لكي يتمكن كائن اجتماعي من الانضباط بشكل عنيد، من الضروري أن يكون لديه إرادة (نهاية) وأن يكون للنهاية سبب، وأن تكون نهاية حقيقية، وليست نهاية وهمية. لا يكفي: من الضروري أن يتم إقناع جميع المكونات الفردية للكائن الحي بعقلانية النهاية، حتى لا يتمكن أحد من رفض مراعاة الانضباط، وحتى يتمكن أولئك الذين يريدون فرض الانضباط من طلب هذا الالتزام كوفاء لالتزام تم التعاقد عليه بحرية، أو بالأحرى كالتزام بإثبات ما فضله المتمرد نفسه.

ويترتب على هذه الملاحظات الأولى أن التعنت في العمل له افتراضه الطبيعي والضروري، وهو التسامح في المناقشة التي تسبق المداولة.

ويجب أن تكون المداولات جماعية بما يتفق مع العقل. هل يمكن تفسير العقل بالجماعة؟ من المؤكد أن الفرد الواحد يتداول بشكل أسرع بكثير (للعثور على السبب والحقيقة) من الجماعة. لأن الفرد الفريد يمكن اختياره من بين الأكثر قدرة، من بين أولئك الأكثر استعدادًا لتفسير العقل، بينما تتكون الجماعة من عناصر مختلفة، مستعدة بدرجات مختلفة لفهم الحقيقة، لتطوير منطق الغاية، لمراقبة المراحل المختلفة التي يجب على المرء أن يمر بها للوصول إلى النهاية نفسها. كل هذا صحيح، ولكن الصحيح أيضاً أن الفرد المنفرد يمكن أن يصبح أو يُنظر إليه على أنه طاغية، ويمكن أن ينهار الانضباط الذي يفرضه لأن الجماعة ترفض أو لا تستطيع فهم فائدة الفعل، في حين أن الانضباط الذي يفرضه المجتمع يرفض الجماعية نفسها بمكوناتها، وعلى الرغم من بطء تطبيقها، إلا أنها لا تكاد تفشل في تنفيذها.

لذلك، يجب على أعضاء الفريق التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، والمناقشة فيما بينهم. ويجب عليهم، من خلال النقاش، أن يصلوا إلى اندماج النفوس والإرادات. إن العناصر الفردية للحقيقة التي يمكن أن يساهم بها كل فرد يجب أن يتم تجميعها في الحقيقة المعقدة وأن تكون تعبيرًا متكاملاً عن العقل. ولكي يحدث هذا، ولكي يكون النقاش واسعا وصادقا، فلا بد من أقصى قدر من التسامح. ويجب أن يكون الجميع مقتنعين بأن هذه هي الحقيقة، وبالتالي فإن تنفيذها ضروري للغاية. في لحظة العمل، يجب على الجميع الموافقة والدعم، لأنه في تدفق المناقشة تم تشكيل اتفاق ضمني، وتحمل الجميع مسؤولية الفشل.

لا يمكن للمرء أن يكون متعنتًا في العمل إلا إذا كان متسامحًا في المناقشة، وإذا كان الأكثر استعدادًا قد ساعد الأقل استعدادًا على قبول الحقيقة، وتم وضع التجارب الفردية بشكل مشترك، وتمت مناقشة جميع جوانب المشكلة. تم فحصها، ولم يتم إنشاء أي أوهام. (يصبح الناس مستعدين للتصرف عندما يقتنعون بأنه لم يخفى عليهم شيء، وأنه لم يتم خلق أي وهم، سواء كان طوعيًا أو غير طوعي. أنه إذا كان عليهم أن يضحوا بأنفسهم، فيجب عليهم أن يعلموا مسبقًا أن التضحية قد تكون ضرورية. إذا قيل لهم أن العمل سيكون ناجحا، فهذا يعني أنه تم إجراء الحساب الدقيق لاحتمال النجاح والفشل، وكان احتمال النجاح أكبر؛ وإذا قيل لهم إنه سيكون فاشلاً، فذلك لأن احتمال الفشل ينشأ من النقد - المشترك، دون حيل، دون إكراه أو تسرع أو ابتزاز أخلاقي - وبأعداد أكبر.)

وبالطبع هذا التسامح - أسلوب المناقشة بين رجال متفقين بشكل أساسي، ويجب أن يجدوا التماسك بين المبادئ المشتركة والعمل الذي سيتعين عليهم تطويره معًا - لا علاقة له بالتسامح، إذا تم فهمه بشكل مبتذل. لا تسامح مع الخطأ والهراء.

عندما تقتنع بأنك مخطئ - وتهرب من المناقشة، وترفض الجدال وتحاول القيام بذلك، قائلة إن لكل شخص الحق في التفكير فيما يريد - لا يمكنك أن تكون متسامحًا. حرية الفكر لا تعني الحرية في ارتكاب الأخطاء وارتكاب الهراء. نحن فقط ضد التعصب الناتج عن الاستبداد أو عبادة الأصنام، لأنه يمنع التوصل إلى اتفاقات دائمة، لأنه يمنع إنشاء معايير عمل ملزمة أخلاقيا لأن الجميع شاركوا بحرية في إرساءها. لأن هذا الشكل من التعصب يؤدي بالضرورة إلى التسوية وعدم اليقين وانحلال الكائنات الاجتماعية.

(من لم يتمكن من إقناع نفسه بالحقيقة، ومن لم تحرره الصورة الزائفة، ومن لم تساعده على فهم ضرورة العمل، سوف يتخلى عند أول اصطدام مفاجئ بواجباته، وينضبط سيعاني من التأثير، وسيؤدي العمل إلى الفشل.) ولهذا اتخذنا هذا النهج: التعنت - التسامح، التعصب - التعنت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 7/23/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات