أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس وتأملات في الشأن العالمي ـ 235 ـ















المزيد.....


هواجس وتأملات في الشأن العالمي ـ 235 ـ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8044 - 2024 / 7 / 20 - 00:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


راحت السكرة وجاءت الفكرة، ربطت أوروبا نفسها بالولايات المتحدة في حربها على روسيا، اليوم هناك انتقالات، ربما تحولات هائلة في السياسة الأمريكية فيما إذا فاز ترامب في الانتخابات الامريكية، السؤال:
ماذا أنتم فاعلون يا أوروبا، يا فاقدي القرار الوطني، إذا أوقف السيد الأمريكي هذه الحرب؟
وإذا قال لكم، لم يعد لدينا رغبة في مواصلة الحرب، وسنجنح نحو السلام، ولم يعد لدينا القدرة على مواصلة هذه الحرب، وسنوفر جهودنا وأمكاناتنا في بناء أمريكا جديدة، وهذا ما سيفعله؟
أليس من الواجب أن تقدموا استقالاتكم من مناصبكم، وتذهبوا إلى بيوتكم، وتجلسوا في الحدائق بمرافقة كلابكم وقططكم، وأن تعلنوا لشعوبكم أنكم لم تكونوا أهلًا لقيادة بلادكم، بل كنتم مجرد تابعين لشركاء لكم لم يكونوا بمستوى الواجب.
عليكم بالاعتذار لشعوبكم، للآلام التي سببتوها لهم.
أثبتت الأيام أن الاقتصاد في العصر الرأسمالي الحالي هو قوة السياسة وليس العكس، وهذا الدرس، هو الدرس الرأسمالي الأول، مارسته الصين الرأسمالية بعد وفاة ماو تسي.
أكيد أغلبكم رأى السيارات الصينية في ملاعب يورو 24/ بي واي دي أوتو/ قبل شهر، وأن المقبلين على شراءها يزداد باطراد، وأن في الصين عشرة مصانع حديثة وأكثر، ومتطورة جدًا وتنافس الغرب في عقر داره.
بمعنى أن الحرب لم تعد تعطي نتائج تذكر، وأن أمريكا بايدن ومشروعه الحربي دفن، وكما قال فانس، نائب ترامب، لن ندخل الحروب الا اضطراريًا.
البلدوزر الأمريكي قادم، وترامب جهز أمريكا لمرحلة قادمة، بجلبه نائب له عمره 39 سنة، يفكر مثله، واستمرار لنهجه، وأن أوروبا ليست في حسابهما، بل ذهب فانس إلى السخرية من بريطانيا عندما سماها بريطانيا إسلامية نووية.

ألم نكن أوربيين مدة ألف سنة، لماذا نتبرأ من هذا التاريخ؟
نفتخر أننا أخذنا التراث الأغريقي الروماني وحملناه على أكتافنا كعبء وأمانة وأعدناه إلى أصحابه.
لماذا لا نقول أن تراثنا كان جزءًا من التراث الاغريقي الروماني؟
الأغريق دخلوا سوريا ومصر والعراق في العام 320 قبل الميلاد وأكمل المشوار الرومان، وبقوا فيها إلى العام 632.
ألف سنة كاملة، تمازج تاريخنا وحضارتنا بحضارتهم، ولا زلنا جيران وبيننا من التقارب أكثر من البعد.
لماذا لا نشتغل على هذا الجوار ونقربه بدلا من الانقسام الذي لا معنى له.
والدين الإسلامي المسيحي تكوين واحد وجذر واحد، الفارق في الشكل وليس في المضمون.

الكثير من الربع والنشامة لديهم تأكيد قاطع في عقلهم الباطن، كصك عقاب أو قصاص أو جزاء عن وقوفي إلى جانب روسيا.
أأكد أن الإغلب الأعم لا يعرف القراءة، ولا يعرف أبعاد ما أكتب، أنه يقرر بالاعتماد على النية.
لا يكلف نفسه معرفة مضمون النص وإلى أين يذهب، لهذا يلقي الاتهامات جزافًا.
وهذا النوع من الناس عاجز، وضعيف الحجة.
في آذار العام 2022، أي العام الماضي، أتفق الأوكران والروس على إنهاء الحرب والانسحاب الروسي من أراض أحتلوها، برعاية تركية.
الأمريكان رفضوا، وتراجع الأوكرانيين.
هل سألتم أنفسكم لماذا هذه الدولة العملاقة، الولايات المتحدة الامريكية رفضت الوصول إلى حل؟
روسيا دولة استبدادية، يقودها دكتاتور اسمه بوتين، يحاصره أكثر من خمسين دولة من أجل تفكيك هذه الدولة العريقة، روسيا، لصالح بقاء دولة همجية هجينة، لا تراث لها ولا تاريخ ولا أخلاق، وتريد عبر صيرورتها أن تدمر كل دول العالم من أجل بقاء همجيتها.

لم يكن الزمن مطابقًا لحركته، ولن يكون في المدى المنظور والأبعد.
أعرف أنك حزين وقلبك مكسور ونفسك مدمرة أن ترى ابنك الصغير، ثقافتك التي نشأت وترعرت عليها تنهار أمام عينيك.
كنت تتمنى أن تموت عشرات المرات قبل أن ترى هذا المولود النائم في حضنك يخطف من بين يديك ويتبدد في وضح النهار.
وأنت عاجز عن المقاومة وأدواتك ليست بالقوة الكافية لتحمي الأرض التي تحت قدميك.
الثقافة هي الرحم والأرض والعرض لم تسعفك في الدفاع عن ذاتك أمام هجماتهم القاسية وليس في جعبتك بديل يحمي جلدك من قسوة البرد وحرارة الشمس.
إذا ماتت الثقافة أو أنهارت، فتش عن البدائل
البدائل هي وليدة زمنها، المكان لم يعد أمنًا، أنه متحرك.
لم يكن الزمن مطابقًا لحركته

السويد لا تستطيع منع حرق القرآن قانونيًا، لأن فصل السلطات لديها لا يسمح بذلك.
بالمقابل، تستطيع أن ترسل مليارات الدولارات لإعمار أوكرانيا الذي ساهمت هي ذاتها بتخريبه مع بقية ركاب البلدوزر.
لقد تم نهب المجتمع السويدي عبر هذه الحرب مع بقية الدول الغربية برعاية الجوكر، الولايات المتحدة الأمريكية لوضع تلك الأموال في حافظات اللصوص الكبار، بيتوات السلاح والاعلام والبنوك وتجار الموت.
العالم الذي نعيش فيه مجرد خراء ولصوصية وقطاع طرق

ولد الوجود من رحم الوجود السابق على الوجود، لهذا نقول أن أي انزياح عن هذه الولادة هو خيانة.
الوعي بالحياة وعي مزيف، لهذا فإن الخضوع لهذه الولادة قدر وواجب لاستمرار بقاء هذا الرحم.
ولد الوجود كذات مستقل عن الوجود لأنه أراد أن يولد، كان قرارًا قابعًا في الوعي الكامن في الوجود.

هل وعي السلطة لذاتها، وعي أصيل؟
هل هو نتاج واقع موضوعي، أم لغياب وعي الهوامش لذاتهم؟
صيرورة التاريخ انتج انقسامًا حادًا بين السلطة، وهوامشها، ما هو السبب؟
أما لماذا الهوامش هوامش، لا وعي لذاتهم، فهذا يحتاج إلى مجلدات للرد.

الدين لم يستطع أن يقوم اعوجاج البشر. إنه عاجز. وإيمان البشر به يأتي من خارجه دون أن يمس سلوكهم ونزعاتهم السيكولوجية أو الأخلاقية.
ولم يغير في أنانيتهم وحبهم للتملك أو إلحاق الأذى بالآخرين، بل حولهم إلى عنصريين متمترسين حول أنفسهم.
الإنسان في ظل الأديان السماوية أكثر شراسة وعدوانية وقسوة على بني البشر من الفترة التي سبقتهم.
إنه شاهد زور على ممارسات البشر، بل يمنحهم الراحة والسكينة على أفعالهم اللإنسانية عندما يمنحهم البركة والتسامح بمجرد أن يتراجعوا.
يظن المؤمن أنه رسول سلام ومحبة، بيد أن ما يفعله الدين بشخصيته أنه يكبرها ويضخمها ويتركها تنفلت من الضوابط.
وينظر إلى الناس المختلفين عنه بفوقية واحتقار، ويتمنى في قرارة نفسه سحقهم.
إنه على جمر، وينتظر الظروف المناسبة لذلك.

المرأة في بلادنا تخاف الإعلان عن التحرش بها أو اغتصابها، لأن المجتمع يدين الضحية ويحملها المسؤولية، ويجبرها على الهروب إلى الأمام حفاظًا على العفة الشكلانية.
مأساة هذه المجتمعات الذكورية، الاستبدادية، أن قلوب الناس فيها تصفق وترقص وتغني وتدبك للقوي، للزعيم، بل تفقد القدرة على التوازن الهش عند حضوره الجسدي أو الرمزي،
وينظرون إلى ذلك الجلاد بخنث، باسترخاء كأن ركبهم ترتجف لذة، يصابون بشبق جنسي، بعطش ورغبة أن يتم الفعل بهم من هذا المنظور، ويتمنون التماهي به أو فيه.
إن التماهي مع القوي لدرجة الخنوع، هو فعل جنسي مازوخي، يبرز فيه الرجال والنساء على حقيقتهما الحقيقية.
تشعر أن العيون عطشى، وتحتاج إلى إرواء في حضور الفحل المخصي، الرئيس أو الملك أو الأمير أو صاحب الثروة والسلطة.
إن الرغبة في الاغتصاب الذاتي متعة في البلدان المكسورة ثقافيًا وذاتيًا، نراه على حقيقته في كل ممارسات حياتنا، بل أكاد أرى الأوركانزم ينفجر من الثياب، من مسامات الشعر والرأس والجسد واليدين والقدمين.
ونستطيع أن نرى كيف يتم احتقار الضعيف والنفور منه في الشارع، وكيف يتم تهميشه سلوكيًا، وكيف ينظر إليه على أنه شيء نافل.
عندما يتقدم شاب غني، والده نافذ، لخطبة فتاة ما، ترى وتشاهد ابو البنت وأمها، كيف يخران خنوعًا وخضوعًا، وكيف يتم اللواط بهما ذاتيًا، وترى السعادة المبالغة بها عليهما، وكيف يفتخران أن ابنتهما ستزف بدلًا عنهما، وستنتاك بالنيابة عنهما.
وترى كيف يسيل اللعاب على شفاههما، والعجز عن متابعة مشهد السرور والهزيمة الداخلية.
المجتمع المريض، الضعيف، عاجز في بنائه الداخلي، مستمتع بأزمته، مازوخي وسادي في تكوينه النفسي، يتمنى الوصول إلى الشهوة السلبية في حضرة السلطان أو السلطة.
والسلطة الدينية تلبي رغبة الجميع، تهيء السرير للسلطة، لتتم المجامعة العلنية بين الدولة والمجتمع، وتكون المبخر والمبخرة

أما زال الوطن موجودًا في عصرنا، عصر الحداثة؟
هل هو مجرد مفهوم عام؟
هل مات الوطن في العقل الباطن للإنسان في عصر الحداثة، ولماذا؟
هل الوطن في العقل أما في الواقع؟
هل الوطن السياسي هو الوطن الحقيقي، أم هو أرض وماء ونبع وحشائش ولغة وانتماء وتراث وماض وعادات وتقاليد؟
هل الوطن زراعة في العقل، في اللاشعور أم هو شيء طبيعي، هل هو العالم كله أم هذا الجزء منه؟
هل يستطيع الدين أن يكون الوطن أو القومية أو الأديولوجية؟
هل الوطن بيت عمل أو لقمة خبز أمن؟
الوطن هو المكان الذي يرتاح في الإنسان ينام فيه دون خوف، بل هو أمان، استقرار، هل هو كذلك واقعيًا في يومنا هذا؟

ولدت الحياة من رحم نفسها، لهذا نقول أن أي انزياح عن هذه الولادة هو خيانة.
الوعي بالحياة وعي مزيف، لهذا فإن الخضوع لهذه الولادة قدر وواجب لاستمرار بقاء هذا الرحم.
ولدت الحياة لأنها أرادت أن تولد، كان قرارًا قابعًا في الوعي الكامن في الوجود.

الأيمان كالحب، إذا لا يرتكزا على العقل سيتحولا مع الأيام إلى شيء نافل، خواء.
في اللحظة الحميمة، لحظة التكثيف الأعظم، ضرورة وواجب انفصال العقل عن الجسد والتحليق في المجرد، في اللانهاية، ثم العودة.


أختي أنجيل عاشت في اليمن منذ العام 1990 إلى العام 2014.
في مطار اليمن الدولي كانت تتكلم مع أولادها باللغة الارمنية، بالصدفة كان اللأعب السوري الدولي كيفورك ماردكيان موجودًا في المطار مع المنتخب السوري، وقف مذهولًا، قال لها:
ـ أرمنية ومنقبة؟
ـ نعم، أرمنية ومنقبة، أننا نعيش في اليمن، واليمن بلد جميل وشعبه طيب وراقي وتأقلمنا معه.
ـ ولماذا وضعت النقاب؟
ـ علينا احترام ثقافة هذا البلد، ومراعاة أهلنا اليمنيين، أن لا نستفزهم.
بالمناسبة إحدى بناتها طبيبة أسنان والأخرى مهندسة كومبيوتر، وأبنها طبيب أسنان.
عندما تذهب إلى بلد أخر عليك أن تحترم ثقافته وقوانينه، أن لا تفرض ثقلك وحمولاتك الثقافية عليه. أنت الذي اختار المجيء إلى بلده، وقبلت به، بقوانينه وأعرافه وثقافته، وإذا ما عجبك بلدك الجديد، تستطيع ان تلغي إقامتك أو جنسيتك وتذهب إلى بلاد الأيمان والمحبة والخير كإيران أو السعودية أو مصر أو تركيا، هناك سترى الفارق جيدًا
لا تقدم نفسك همجيًا، متكلفًا، متخلفًا، ثقيل الدم.
الأمر بيدك.
معتقداتك شأن خاص بك، تستطيع أن تمارسه في بيتك، بعيدًا عن استفزازك للدولة التي استضافتك.
المجالات الإبداعية مسموح فيها في هذه البلاد، السينما، المسرح، الأوبرا، الموسيقى والفن بكل أنواعه، الرقص والغناء والنحت والرسم وغيره.
لا تقدم نفسك أنك مظلوم ومضطهد، اشتغل على نفسك، وقدمها بلباقة، بهذه الحالة ستخدم نفسك ومجتمعك الجديد، وستساهم في سوية وطنك الجديد يا جديد.
والمثل يقول، يا غريب كن أديب، من أجلي وأجلك وأجلنا جميعًا.

يولد الحب قلقاً، هذه طبيعته. ويجب أن يعيش قلقًا، ويبقى ويستمر قلقاً.
إذا استقر، تعفن ومات.
ويغير ولاءه، لأنه لا يستطيع البقاء في الأماكن المهجورة والنفوس الميتة.
هو مطلق في تكوينه، مستقر في ذاته، يمتح من ذاته أو يستقي من نفسه العطاء تلو العطاء دون منّة او إحسان، بيد أن ولاء الحب يتغير، نتيجة علاقته الذاتية بنفسه، بين الثابت لذاته والمتحول في حركته.

الصين غيرت الأساليب القديمة في الصراع، فهي لم تحمل سلاحًا ولم تقدم نفسها على أنها دولة مهيمنة أو ترغب في السيطرة على دول العالم عسكريًا أو سياسيًا.
إنها تشتغل في الحقل الاقتصادي وتطويره ليصبح رقمًا عالميًا لا يضاهيها أحد.
أنا اعتبر الصين دولة حقيقية بغض النظر عن رأي الشخصي، لأن الدولة تقف على ثلاثة دعائم اساسية لم تتوفر في الولايات المتحدة وأوروبا:
الاقتصاد كاساس كما يقول مهدي عامل، والسياسة كعنصر رئيسي والايديولوجية.
هذه بنى الدولة أو البنية الحقيقية للدولة تاريخيًا، عبر السياسة تقبض على الاقتصاد.
الصين تعمل على المدى الطويل، نفس طويل، تشتغل على التكنولوجية والبنية التحتية، وتوسع أفاق مجالاتها في كل أنحاء العالم وخاصة افريقية، تمد لدول هذه القارة استثماراتها الرخيصة على مدى طويل، تبني بنية تحتية لكل دولة ترغب في العمل معها بشروط سخية جدًا.
ولإن الدولة متحكمة في القرارات السيادية فهي تشتغل وفق رؤية بعيدة المدى.
أما في الولايات المتحدة، فالنخب، كالبنوك الاحتكارية والشركات العابرة للقارات وغيرهم كثر، يتحكمون في قرارات الدولة في هذه الدولة ويجعلوها رهينة لهم، لهذا نقول ان هناك أحد الدعائم الاساسية أو الرئيسية او الأيديولوجية مكسور أو غير قادر على أخذ القرارات، فالاقتصاد مرهون بيد النخب العملاقة المهيمنة والمسيطرة على القرارات السيادية، وهذه القرارات تؤخذ وفق حسابات كثيرة ودقيقة وصعبة، ومتداخلة.
كما أن الأيديولوجية يأتيها من خارجها، تتحرك وفق التطورات الدولية، أي ليس اعتمادًا على أيديولوجية الدولة.
الصين تنهض وتقرر سياساتها الاقتصادية دون أي وجع رأس، هناك شلة سياسية واقتصادية تقرر من الأعلى السياسات العامة الداخلية والخارجية، وكيفية تطوير الصين، كالقاعدة الاقتصادية أو السلاح أو علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع العالم الخارجي.
لهذا نقول، ليس غريبًا ان نرى في المدى الغير بعيد قواعد جديدة أو أساليب جديدة في العلاقات السياسية الدولية.
بتقديري سيكون الاقتصاد هو العنصر المهيمن على العلاقات الدولية كبديل عن الشكل السياسي المتبع اليوم عن طريق الولايات المتحدة

يبدو أن التطور التكنولوجي لا يزال يغطي على هشاشة المجتمع وعيوب، وعلى جهل قطاع كبير من المجتمع على مختلف الاصعدة.
لم يعد هناك شيء يبهرنا فيما يدور حولنا، فالخواء النفسي والثقافي والروحي والفكري يضرب الكثير من المجتمعات المتطورة، ويفككها من الداخل ويحولها إلى مقاطعات منفصلة عن بعضها ولا رابط بينهم سوى كونهم يتجمعون في مكان عام.
إن التكنولوجية لا تغطي على الفراغ العاطفي والنفسي لأي مجتمع، أنما تؤجل خرابه وانهياره إلى المستقبل.
أغلب السياسيين لا ينظرون إلى المخاطر المحدقة في انهيار القيم لأن غايتهم الأولى تكون حول كيفية التسيد والاستمرار والبقاء في القمة، أما ما سيحدث بعد ذلك فهذا غير جدير بالتفكير من قبلهم.

المفارقة المجنونة أن جزء من هذا العالم ممنوع فيه أن توجه كلمة نابية لطفل وفي الجزء الأخر يذبح طفل دون الثانية عشرة من العمر, ودون وازع من ضمير او حس إنساني.
ما تفعلوه عار عار.
حتى نخرج من جلدنا ونبني جيل فاعل, علينا أن لا نضرب أطفالنا, أن لا نوجه لهم كلمات نابية, أن لا نحشو أدمغتهم الطرية, النظيفة بأفكارنا ومعتقداتنا, انتماءاتنا العنصرية والدينية والطائفية والمذهبية.
أن نعلمهم حب الحياة, الإنسان, الشجر والماء والهواء والطبيعة وكائناتها.
جيل وراء جيل, نحن متشابهون في السلوك والتفكير والعنف والقسوة على غيرنا.
لنكف, نتوقف عن ذلك.

هناك بلدان كثيرة حظيت بحكومات وأنظمة عملوا على تحسين شروط حياة مجتمعاتهم, وأخذها من القاع إلى مكانة لائقة.
مآساتنا, في أنظمة عربية, غريبة عن طبيعة البلدان والعمران. ممارساتهم السياسية والاجتماعية تنحو نحو تمزيق وتفتيت هذه المجتمعات وتدمير أي بنيان لمصلحة بقاء الحاكم أو أسرته ودون أي تفكير في مصير وطنه ومستقبله.
أغلبهم, بالتأكيد خرج من مأخور, مارسوا الدعارة المنظمة قبل وصولهم إلى كرسي الحكم.
من أين جاء هؤلاء المتوحشين؟
يا مآساتنا؟

في هذه الحرب الدائرة في سوريا, هل ستتمزق الكيانات الماضوية, كالطائفية والمذهبية والعشائرية, أم سنؤكد على ذلك ونرسخه في جذور أزماتنا الوجودية, أم سنتعلم دروسًا من هذه التجربة ونحاول الارتقاء بفكرنا وعقولنا, لننحو نحو العالم الحديث, ونتحول إلى شركاء فيه من موقع الفاعل؟
هذا الانتماء إلى الماضي رسخ هزيمتنا على كل المستويات, هل نستطيع أن نطلقه, حتى نغير ما بأنفسنا؟

الذي أعرفه أن الطوائف لا يكسبون المعارك, بله أنهم يكرسون الانفصال عن الواقع, ويفتتون المجتمع إلى أجزاء, ويدفعونه نحو الهزيمة في أبشع أشكاله.
إن بنية الطائفة تحمل هزيمتها في بنيانها, في داخلها, لانها لا تعبر عن مشروع وطني, مستقبلي.
إنه نزوع نحو الحطام والدمار, نحو ماض هلامي غير محدد المعالم. إنه بنيان مريض, رافض لمفهوم الدولة, الاندماج في المجتمع الكبير. إنه تقليص المجتمع على مقاس نخبة منفصلة عن الواقع, تأكيد لحضور عاجز, لفئات أو شريحة, لا تستطيع أن تكون جزءًا من مفهوم واسع, وطن للجميع, دون حمولات قذرة.

الطائفة بنية لها شروطها التاريخية وتموض, ولها تاريخ, انفصلت تاريخيا عن الجسم الكبير, نتيجة غبن سياسي أو اجتماعي أو تاريخي قام بها نخب, أرادوا تأكيد ذاتهم التاريخي المهزوم, عبر الانزياح عن الجسد الكبير لتأكيد حضورهم الضيق في محيط واسع.
ربما هو محاولة القبض على التاريخ من منظور ضيق لغياب البعد المعرفي والفكري.
إذا الطائفة هي معطى تاريخي, ولا يتفكك في ظل دولة الاستبداد, بله انه حلقة ضمن حلقات أخرى متناثرة, كالمذهبية والعشائرية, على طول الجسد الكبير. إنها تنتعش في ظل الفوضى وضعف الدولة الاستبدادية.
الانطلاق الى دولة المواطنة نحتاج إلى تكسير البنية الطائفية والمذهبية والعشائرية عبر الفكر والممارسة, لأن الاستبداد يعتمد على هذه المداميك, يتطور بها ويستقر عليها.
الاستبداد منظومة متكاملة من القاعدة إلى القمة, له ثقافته, مثقفيه, مفكريه, وتكوين نفسي وعقلي صلب, ولا يمكن تغييره الا عبر الفكر على المدى الطويل. عبر تفكيك هذه البنى وإعادتهم إلى المربع الأول الذي خرج منه

تنبه السياسيون منذ آلاف السنين أن وجود عدو ما يقوي شوكة السلطة ويلتف حولها الناس طلبا للأمان والسلامة. لهذا وصلوا إلى نتيجة, إذا غاب العدو علينا صناعته سواء من وهم أو في مختبر, نجري وراءه ونعد العدة لخلقه.
إذا هي فكرة قديمة قدم وجود السلطة. هذا جزء من تناقض السلطة والمجتمع التي لا تستطيع حماية نفسها إلا بالوسائل الالتفافية.
وفي هذا الزمن لم يتغير أي شيء, انتقل التناقض من محلي محلي إلى ما بعد محلي, وأخذ بعد عالمي, كما تفعل مختبرات السلطات العالمية على صناعة ارهابيين, وأرسالهم إلى البلدان الغير مكتملة وطنيًا, الهشة سياسيًا, لتخريب ما يمكن تخريبه.

يبدو أن عصر النت كشف الأزمة الحقيقية والعميقة والخانقة التي يعانيها انصار المقدس في الدفاع عنه وعن رموزه. وكشف عمق الخوف الذي يعانونه من فقدانهم لهذا المقدس.
إن المبالغة التي نراها في الصلاة والصيام. والكميات الهائلة للانتحاريين المؤمنين دفاعا, تأكيدا, أن المقدس موجود ولم يغب.
هذه إشارات مفتعلة, اعلان ورغبة في اعتراف الاخرين بهم وبمقدسهم.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس الديمقراطية 234
- هواجس فكرية وأدبية 233
- هواجس ثقافية وفكرية ـ 232 ـ
- هواجس ثقافية وسياسية ــ 231 ــ
- هواجس ثقافية ـ 230 ـ
- هواجس ثقافية ـ 229 ـ
- هواجس ثقافية وسياسية ـ 228 ـ
- هواجس ثقافية ـ 227 ـ
- هواجس ثقافية 226
- هواجس ثقافية وفكرية وسياسية 225
- هواجس ثقافية ـ 224 ـ
- هواجس ثقافية أدبية فكرية 223
- هواجس ثقافية ـ 222 ـ
- هواجس ثقافية 221
- هواجس ثقافية ـ 220 ـ
- هواجس ثقافية ـ 219 ـ
- هواجس ثقافية وأدبية وسياسية ـ 218 ـ
- هواجس ثقافية وفكرية وسياسية 217
- هواجس فكرية وسياسية 216
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ـ 215 ـ


المزيد.....




- مقتل برلمانية أوكرانية سابقة إثر محاولة اغتيال في لفوف
- بعد تسجيل إصابة بمرض.. السعودية تحظر مؤقتا استيراد الدواجن م ...
- رغم إعلانه مواصلة حملته.. تزايد دعوات الديمقراطيين لبايدن لل ...
- لقطات لصواريخ أمريكية أسقطتها منظومة الدفاع الجوي الروسية فو ...
- بلينكن: وقف إطلاق النار في غزة يقترب من خط النهاية
- -نيويورك تايمز-: هاريس ستجري محادثات مع كبار المانحين في الح ...
- البنتاغون يعترف باستحالة التصدي للحوثيين عسكريا
- انحسار عطل رقمي عالمي بعد حالة شلل واسعة والتركيز الجديد ينص ...
- الرئيس التونسي يعلن ترشحه لولاية جديدة في انتخابات أكتوبر
- البيت الأبيض يندد بـ -الضربة المتهورة- على تل أبيب


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس وتأملات في الشأن العالمي ـ 235 ـ