|
فيلم -المحاكمة- تحفة المخرج أورسون ويلز المنسية
علي المسعود
(Ali Al- Masoud)
الحوار المتمدن-العدد: 8042 - 2024 / 7 / 18 - 22:13
المحور:
الادب والفن
فيلم "المحاكمة" المقتبس من رواية الكاتب فرانز كافكا " المحاكمة" التي نشرت لأول مرة في عام 1925 بعد وفاته " ، أخرج هذا الفيلم المخرج الأمريكي المعروف أورسون ويلز واشترك أيضًا بدور المحامي . ولعل حقيقة أن فرانز كافكا لم يكمل الرواية . والعمل من إنتاج عام 1962 . نشرت رواية المحاكمة أول مرة في عام 1925، إشتهر كافكا بالسوداوية والتشاؤم في كتاباته حتى أصبح اسمه مذهبًا في الأدب يدلُّ على ذلك، توفي كافكا قبل أن ينشر الراوية، وكان قد أوصى صديقه الروائي ماكس برود أن بحرقها والتخلص منها وهو ما لم يفعله الأخير ، تتمحور رواية المحاكمة عن رجل يعمل موظفًا كأمين صندوق في أحد البنوك ويدعى جوزيف. ك، يستيقظ كعادته من أجل الذهاب إلى وظيفته، لكنَّه يفاجئ في الصباح عند توقيفه من قبل عنصرين مجهولين، إذ يتمُّ توقيف جوزيف بسبب ارتكاب تهمة لم تحدَّد في الرواية، إلا أنَّ المثير للدهشة أنَّه جوزيف لم يُعتَقل على الفور، وإنَّما ترك طليقًا فترة من الوقت، كما طلبَ منه المسؤول انتظار بعض التعليمات. وفي تلك الأثناء كانت جارته التي تسكن قريبًا منه تحاول التخفيف عنه، وقد أشارت إلى أنَّ هذا الاعتقال قد يكون بسبب علاقته مع الجارة فرولين بورستنر، عند ذلك توجَّه جوزيف إلى جارته فرولين وراح يشكو لها أحزانه ويبثُّ لها همومه التي أصابته بسبب ذلك التوقيف الذي سيتعرض له . بعد ذلك وصلت تعليمات لجوزيف من أجل الحضور إلى المحكمة، ولكنَّ تلك التعليمات لم تذكر الوقت الذي يجب عليه أن يحضر فيه ولا الغرفة التي ستجري فيها المحاكمة . تأخر جوزيف عن المحاكمة أدى الغموض الذي دار حول موعد المحاكمة إلى تأخر جوزيف عنها، فقد بحث طويلًا عن مكان المحاكمة، ما أدى إلى زيادة حقد مجلس المحاكمة عليه، وأراد أن يقابل القاضي كي يتعرف على قضيته ولكنه لم يستطع، وقد تعرَّض للتوبيخ الشديد من المسؤولين عن المحاكمة، بعد أن وصف سخافة تلك المحاكمة وتفاهة التهمة التي وجِّهت إليه، والتقت به سيدة وأعطته بعض المعلومات عن قضيته. كانت تحاول تلك المرأة إغواؤه إلى أن دخل أحد طلاب القانون وادعى أنها عشيقته، ولكن بعد فترة قصيرة دخل زوج المرأة الحقيقي، وأخذ جوزيف في جولة طويلة على المكاتب في المحكمة، وفي تلك الجولة شاهد جوزيف الكثير من المسؤولين والمتهمين، وشاهد الرجلين اللذين اعتقلاه فطلبا منه الرشوة لمساعدتهما، ولكنه قدم شكوى عليهما فتعرضا للجلد في غرفة التخزين في البنك. يأتي عم جوزيف لزيارته والاطمئنان عليه، ويأخذه للتعرف على المحامي هيرهولد ليساعده في قضيته، وعندما يصل يجد المحامي طريح الفراش، وتوجد عنده شابة تساعده تدعى ليني، وتعمل ممرضة واستطاعت أن تجعل جوزيف يعجب بها، وهذا ما أغضب عمه الذي اتهمه بالاستهتار وعدم احترام العمل الذي يقوم به من أجله. عرف جوزيف أن المحامي هير هولد متقلب المزاج والأهواء كثيرًا، ولن يفيده في قضيته، فذهب إلى رسام المحكمة كما نصحه أحد العملاء، وبعد استشارة الرسام الذي تبين أنه يعرف كل شيء عن قضية جوزيف، يقدم له بعض النصائح والاقتراحات ولكنها لم تكن حاسمة ولن يستطيع من خلالها أن يبرئ نفسه من التهمة الموجهة إليه في المحاكمة. الضياع والشتات يقرِّر جوزيف أن ينهي عمله مع هير هولد المحامي ويتجاوزه، ويتابع إجراءت المحكمة وحده، وأن يحلَّ قضيته بنفسه، ووقع جوزيف في حيرة كبيرة عند ذلك تدل على الضياع والشتات الذي يعيشه .
أسقاطات الرواية وعبثية الوجود ؟؟ الرواية فيها إسقاطات كثيرة متعلقة بعبثية الوجود وما هو سر الوجود والبحث غير المجدي للإنسان عن معنى لحياته، تطرح أسئلة حول الظلم وغياب النظام والعدالة. يتحرك البطل ضمن احداث عديدة تبدأ باعتقال جوزيف في يوم عيد ميلاده ، وتنتهي في اليوم الذي نفذ فيه حكم الإعدام طعنا بالسكين والذي يقع عشية عيد ميلاده ايضاً. يبدو ان البطل جزء لا يتجزا عن الكاتب كافكا وكانه يعبر عن طريقة تفكيره في الكون والوجودية .الرواية تحمل إسقاطات كثيرة متعلقة بعبثية الوجود وما هو سر الوجود والبحث غير المجدي للإنسان عن معنى لحياته، تطرح أسئلة حول الظلم وغياب النظام والعدالة . لماذا وجد الانسان؟ لماذا يتعذب؟ لماذا يموت بطريقة رخيصة؟ ، في هذه الرواية يتم تصوير الأحداث غير الواقعية بطريقة تبدو واقعية للغاية كما يحدث في الكابوس .الذنب الذي لم يعرف ماهو وكان مجهودات الإنسان لإدراك معنى الكون دائما ما تنتهي بالفشل الحتمي. لقد كتب جوزيف ك التماس الدفاع عن نفسه كتب فيه جميع الذنوب التي قام بها في حياته ليدافع عنها في محاكمته ولكن دون جدوى . الكاتب يواجهنا بفكرة عبثية الحياة والوجود . فالحياة ليست عادلة علي الاطلاق كما انها قاتمة لانها لابد ان تنتهي بالموت. لقد اتينا الي الحياة بدون ارادتنا كما وجد ك . نفسه متهما بدون ارادته. ووجدنا أنفسنا في نظام عدالة فاسد بدون ارادتنا ايضا ، نحن نعد خاسرين مهما فعلنا من نجاحات لان مصيرنا النهائي هو الموت. وكما اضاع ك جوزيف وقتا طويلا للانشغال بقضيته الوهمية هكذا نحن تضيع اغلب حياتنا في روتين الحياة وفي قضايا غير مهمه ووهمية ونغوص في اعماق البيروقراطية .اجد ان الكاتب يحثنا علي المواجهة واقتناص اكبر قدر من السعاده من هذه الحياة علي الرغم من نهايتها العبثية. يتطرق الكاتب من خلال بطل القصة ك. لايجاد حلول لاثبات برائته من قضيته الوهمية والتي لا يد له فيها فيلتقي بالمحامي الذي لا يضع له حلا جذريا فيذهب للفنان الذي اراحه نفسيا عندما ساله عن برائته ولكنه ايضا لم يساعده فيتحول للكاهن او الدين وهو بدوره لم يقدم له ما يشف صدره حتي ياتي وقت تنفيذ الحكم وعندها استسلم ك. للموت الذي لا مفر منه . في نهاية حياته بجملته المؤثرة : وها أنا أموت مثل كلب حقير " . لا تسعى رواية "المحاكمة" لأن تُسهل أفكارها على قارئها، فالرواية متعددة الرمزيات ومتداخلة التفاصيل، فاستخدام "كافكا" للمحاكمة بمثابة وسيلة ناجحة لجعلنا نتعمق في عبثية الكون، فقد تستيقظ من نومك على أمر اعتقال يخصك لأتفه الأسباب المُمكنة؛ تشابه أسماء، آراء مخالفة لنظامك، إلى آخره من الأفعال التي قد تُعرضك للاعتقال وحينها تغوص في بحر البيروقراطية من اللف والدوران على كل المكاتب المختصة والبحث عن كل التواقيع والأختام لكل الأوراق التي تخصك منذ يوم ولادتك، تفتش عن أشطر المحاميين وألمعهم وأعلاهم سعراً، وكل ذلك بمثابة رحلة سعي للحصول على حريتك، ولكن، هل توجد حرية أساساً لتتمتع بها؟ هل توجد عدالة في العالم يُمكنها أن تمنحك حريتك بشكل كامل؟. الرواية متعددة الرمزيات ومتداخلة التفاصيل، فاستخدام "كافكا" للمحاكمة بمثابة وسيلة ناجحة لجعلنا نتعمق في عبثية الكون، فقد تستيقظ من نومك على أمر اعتقال يخصك لأتفه الأسباب المُمكنة؛ تشابه أسماء، آراء مخالفة لنظامك، إلى آخره من الأفعال التي قد تُعرضك للاعتقال وحينها تغوص في بحر البيروقراطية من اللف والدوران على كل المكاتب المختصة والبحث عن كل التواقيع والأختام لكل الأوراق التي تخصك منذ يوم ولادتك، تفتش عن أشطر المحاميين وألمعهم وأعلاهم سعراً، وكل ذلك بمثابة رحلة سعي للحصول على حريتك، ولكن، هل توجد حرية أساساً لتتمتع بها؟ هل توجد عدالة في العالم يُمكنها أن تمنحك حريتك بشكل كامل؟ . في فيلم أورسون ويلو ( المحاكمة ) بعد القبض على المسكين( أنتوني بيركنز ) بدور جوزيف ك دون معرفة جريمته وأثناء وجوده في السرير. عليه أن يقف "المحاكمة" التي تبدو غامضة مع القضاة الذين يمكن رشوتهم من قبل رسام ، والنساء المرتبطات بالمحكمة اللواتي على استعداد لمساعدته ولكن فقط بالوعود ، والحكم بدون هيئة محلفين. يعاني الفيلم من حبكة غريبة ونهج غير خطي المقصود منه توجيه الاتهام إلى مجتمع أخلاقي ، ومع ذلك ، فإن الفيلم هو متعة أن ننظر مع التصوير السينمائي فيلم معتم وكئيب في تنفيذه الفني الرائع. يبدو أن ويلز يحب وضع كاميرته في زوايا غريبة لجعل الشخصيات تفرض أو تخدعها أو مجنونة اعتمادا على المشهد. أنتوني بيركنز مناسباً جدا لهذا الدور السايكو ، من الواضح أن جوزيف ضحية للمجتمع وبيركنز يصور ذلك بالتأكيد - في كل مشهد يتلعثم بشكل يائس ومثير للشفقة من خلال المحادثات محاولا عبثا إثبات براءته. ومع ذلك ، لا يمكنني حقا التعاطف مع بيركنز . اعتقل من قبل مسؤولي الدولة ولكن لم يتم إبلاغه بالتهم الموجهة إليه ، جوزيف ك. (أنتوني بيركنز) ينحدر إلى عالم كابوسي من البيروقراطية الشمولية والقلق الوجودي. الفيلم يشبه لوحة في متحف - تستمتع بالجهد المبذول ولكنه يندرج في نسيج ثقافي للسماح بكل ما توقعه كافكا. وهي استخدام القانون نحو إضفاء الشرعية على ممارسات الأنظمة الشمولية . المحاكمة ، إن لم يكن أفضل فيلم لأورسون ويلز ، هو بالتأكيد أحد أكثر أفلامه تحديا وهو بالتأكيد أكثر أفلامه إثارة للاهتمام بصريا. استنادا إلى رواية فرانز كافكا ، يستخدم ويلز إضاءة فعالة ولقطات بزاوية إبداعية ومجموعات غير عادية ومؤثرات صوتية مقلقة لخلق عالم يشعر بالإخلاص للمادة المصدر ، عالم لا يستطيع خلقه سوى هو (وربما لويس بونويل). يقدم فيه الممثل ( أنتوني بيركنز) أحد أجمل عروضه ، وكذالك كان أداء أرسون ويلز ممتاز في دور المحامي المحامي ، حيث يقدم أحد أكثر خطوط الحوار المشؤومة في الفيلم: "أن تكون مقيدا بالسلاسل يكون أحيانا أكثر أمانا من أن تكون حرا " . تناظر شخصية اورسون ويلز كافكا على الشاشة تشترك الحياة الإبداعية لأورسون ويلز وفرانز كافكا والتناظر كبير في تلك المسألة . أحدهما مخرج والآخر كاتب ، كلاهما قدم أعمالا مثالية لعصورهما. ولسوء الحظ ، لم يتم تقدير المدى الكامل لعبقريتهم إلا بعد وفاتهم كما هي قصة العديد من الفنانين العظماء. ربما رأى المخرج ( أورسون ويلز) جانب من شخصيته في كافكا عندما تولى مهمة تكييف أعماله مع الفيلم ( المحاكمة ) عام 1962 ، ولكن قبل أن نستكشف الفيلم نفسه ، من الضروري أن نطور فهما أساسيا لفرانز كافكا وجوهر أعماله. يهتم الشكل الفني للعبثية بإضاءة أحلك الروافد في وعينا ، وكشف النقاب عن كل ما نقمعه دون علم. سواء كانت آمالنا وأحلامنا الخاملة أو مخاوفنا وشعورنا بالذنب واشمئزازنا من أنفسنا. كافكا الذي شابت حياته سوء المعاملة والاكتئاب . المحاكمة هي محاولة كافكا في بناء قصة تتعامل مع هذه المخاوف في اللاوعي والشعور بالذنب والاشمئزاز الذاتي بينما تغطيها بموضوعات حول الطبيعة القمعية للبيروقراطية . خلقت هذه النظرة غير المسبوقة للسريالية جوا فريدا لدرجة أن كلمة "سريالية" نفسها فشلت في تلخيص اضطراب المشاعر التي أثارتها قصصه . لا يمكن وصفها إلا وفقا لأحد سوى كافكا نفسه . تتلاعب قصص كافكا بمنطق الكابوس. لا ، ليس من الوحوش والأوهام ، ولكن عدم وجود وكالة على حياتك. أهوال كونك ترسا عن غير قصد داخل هذه الآلة العظيمة والقمعية التي تسمى الوجود. من هذا المنطق ولد مصطلح " كافكايسك ". كل هذه التكتيكات المقلقة التي يستخدمها ويلز بخبرة كبيرة ، تتم لصالح غرس شعور متأصل بالذنب في شخصية البطل " جوزيف ك ". رغم اعتقاله الغير مبرر تماما ولا يستند إلى أي أساس مسبق ، ولكن مع تكشف القصة ، يبدأ المشاهد في إدراك أن جوزيف ك. نفسه لا يعتقد تماما أنه بريء حقا . نرى هذا مع العديد من التلميحات الجنسية التي تتبعها دائما نفوره السريع منها. الجنس والشعور بالذنب هما شيئان مرتبطان ارتباطا جوهريا داخل المجتمع الحديث أو على الأقل المجتمع الغربي. ومن خلال عدم حذف هذا الجانب في الفيلم ، فإنه يستخدم استكشاف كافكا للذنب والاشمئزاز الذاتي من خلال رغباتنا اللاواعية. مما لا يثير الدهشة ، أن ويلز لا يمحو شخصيته الفنية في المحاكمة. في الواقع ، يعد فيلمه عام 1962 من بين أكثر أعماله حسية وثقة ، وهو عرض مذهل لشهية ويلز في الابتكار. ومع ذلك ، لم يضيع كافكا في كرنفال ويلز ، ولكنه يندرج في نسيج ثقافي للسماح بكل ما توقعه كافكا. وهي استخدام القانون نحو إضفاء الشرعية على ممارسات الأنظمة الشمولية .الكاتب أورسون ويلز يتكيف مع رواية فرانز كافكا ويتفاعل معها بشكل جنوني . إنه يقدم الحقائق لتصوير الحكومة القمعية والنظام القانوني الذي يجر الناس إلى المحاكم. المفاهيم الفلسفية كثيفة وتفسيرية للغاية . الممثل الأمريكي أنتوني بيركنز غريب جدا مثل البطل الغريب جوزيف ك. من الواضح أنه سمي على اسم كافكا ل(الكاف) الحرف الاول من أسم الكاتب . يعجبني أداء بيركنز الذي يتراوح من الجدية إلى السخط الهستيري على هذه الأحداث السريالية الغريبة. ترى كيف يزعجه الجنون تدريجيا بهذه الاتهامات الغامضة. اتهاماته بالرشاوى والفساد إلى ادعاءات كاذبة مضحكة. الممثلة الفرنسية جين مورو مغرية ومسلية مثل جارة بيركنز المثيرة ماريكا بورستنر.الممثلة الألمانية رومي شنايدر جميلة مثل ممرضة أورسون المهتمة واليقظة ليني . موسيقى الأرغن الحزينة للملحن جان ليدروت ممتازة ، تناسب السيمفونية الوترية الحزينة نتيجة لجو المحاكمة اليائس. مصممو الصوت جاك ليبرتون وجاي فيليت وجوليان كوتيلييه يحافظون على كل شيء هادئا باستثناء خطوات الأقدام والأصوات. تمكن السيناريو أيضا من تقديم شخصيات مميزة ومبدعة . جوزيف ك. (أنتوني بيركنز) ينحدر إلى عالم كابوسي من البيروقراطية الشمولية والقلق الوجودي. المحاكمة ، إن لم يكن أفضل فيلم لأورسون ويلز ، هو بالتأكيد أحد أكثر أفلامه تحديا وهو بالتأكيد أكثر أفلامه إثارة للاهتمام بصريا. يستخدم ويلز إضاءة فعالة ولقطات بزاوية إبداعية ومجموعات غير عادية ومؤثرات صوتية مقلقة لخلق عالم يشعر بالإخلاص للمادة المصدر . يجسد الفيلم الكثير من روح الرواية. أحب بشكل خاص استخدام ويلز للتركيز العميق مع المجموعات الضخمة لإنشاء أرض قاحلة من البيروقراطية . منطق هذه القصة هو منطق الحلم. يتم القبض على جوزيف ك الموظف البسيط الذي يعمل في مكتب وبالكاد يغطي نفقاته ويطرح عليه مجموعة من الأتهامات ، ولكن لم يتم إخباره أبدا ما هي هذه الاتهامات. إنه يوظف المحامي الوحيد الذي يمكنه تحمله ، والذي يصادف أنه غريب الأطوار ومحرج من نواح كثيرة. في منتصف محاكمته ، لا يستطيع فهم ما يجري وسيحتاج إلى أن يقرر ما إذا كان اختيار هذا المحامي غريب الأطوار هو الأفضل لمحاكمته . يتضمن الفيلم على بعض المواقف وبعض الخطوط القوية التي تبدو مثل كافكا حتى النخاع ، ولكن هناك عناصر أخرى تبدو أشبه بفرض ويلز لرؤيته الأحادية على عالم كافكايسك. المحاكمة ذات الطبقات العميقة هي في نفس الوقت محاكاة ساخرة سخيفة للبيروقراطية القانونية ، وتحذير من تصاعد الشمولية ، وقصة رمزية وجودية حول كلمة حكم خالقها على الجميع بالموت. يثبت ويلز أنه الرجل المناسب لفهم الرواية وتكيفها للسينما ، ويحول متاهات كافكا إلى متاهة من الظلال والضوء . فيلم أورسون ويلز ، المحاكمة ، ليست دراما في قاعة المحكمة على الإطلاق . إنه دراسة للطبيعة البشرية ولنا كمجتمع، المشهد المميز برأي هو عندما يتم استجواب بطل الرواية جوزيف وسؤاله تقريبا لأنه من الواضح ما إذا كان ضحية للمجتمع. يجيب بأعلى شكل من أشكال الثقة "أنا عضو في المجتمع". أعتقد أن هذا لم يعد يقال على الإطلاق ، يجب أن يكون الجميع فردا ولا يعترف أحد أبدا بأنه عضو مساهم في المجتمع. الخطوط العريضة الأساسية للقصة هي أن جوزيف "اعتقل" دون تهمة ، يمكن مقارنتها بنظام العدالة الأمريكي بطريقة ما. في تكييف فرانز كافكا . تشعر دائما بأنها مصنوعة للسينما . القصة هي في الأساس كابوس سخيف وبائس ، حيث أصبحت الشخصية الرئيسية ("جوزيف ك.") متشابكة بشكل متزايد في بيروقراطية مشؤومة لا تنتهي وخبيثة ، عازمة على محاكمته على جريمة لم يتم الكشف عنها. السياق المجازي غير واضح ، وفي الواقع لم يكشف عنه كافكا ، الذي توفي قبل الانتهاء من الكتاب. هذا يترك المشاهد مفتوحا لتفسير القصة من أي عدد من وجهات النظر. هل يحاكم جوزيف ك. لمجرد فضيلته؟ افتقاره إلى الصدع الأخلاقي؟ هل هذه القصة تأمل تحذيري من الفاشية ؟ هل هي شهادة على الطبيعة الموروثة (التي لا مفر منها) للذنب البشري؟ . الفيلم غارق في الظلال السوداء ويضم بعضا من أكثر المجموعات الشمولية تفصيلا التي رأيتها. العالم الذي يغامر جوزيف من خلاله يشبه المتاهة وجو الفيلم خانق للغاية. كان لدى أورسون ويلز حقا مثل هذا الإحساس الكبير لإنشاء تأطير مذهل . بيركنز رائع مثل جوزيف ك عالق في العالم الشمولي الكابوسي لنص مصدره كافكا. الشخصية الرئيسية ، جوزيف ،كانت أيضا متوترة للغاية ، مضطربة وخرقاء ، تنتمي إلى نوع آخر من الشخصيات غير تلك التي تتبعها الرواية. رأيته إما هادئا جدا ، حتى منفصلا في بعض الأحيان ، أو مليئا بالدهشة في أوقات أخرى ، يليه الخوف والعجز وجنون العظمة. يتقلب جوزيف بين هاتين الحالتين من الوجود ، بسبب الظروف الاستثنائية للوضع الذي هو فيه ، ويجد الأمر برمته سخيفا ويتفاعل كما لو أنه لم يحدث بالفعل في بعض الحالات ، وينكر خطورة الموقف أو الوضع (الذي يبدو غير واقعي) تماما. تحفة فنية من إخراج الأسطوري أورسون ويلز وبطولة أنتوني بيركنز ، جمع هذا الفيلم شظايا كافكا معا في كل موحد كما كان من المتوقع لأي شخص. ترجمة رائعة لرؤى فرانز كافكا الكابوسية على الشاشة. من الواضح أن أورسون ويلز قد استمتع كمخرج لهذا الفيلم ، باستخدام زوايا الكاميرا المعبرة ، والإضاءة الصارخة . استغرق ويلز ستة أشهر لكتابة السيناريو. ومن خلال تكييف العمل، أعاد ترتيب فصول كافكا. في هذه النسخة، قام ويلز أيضًا بتحديث العديد من جوانب القصة، حيث أدخل تكنولوجيا الكمبيوتر وغير مهنة الآنسة بورستنر من كاتبة إلى عازفة ملهى. افتتح ويلز الفيلم أيضًا بحكاية من الكتاب عن رجل محتجز بشكل دائم بسبب سعي أحد الحراس للوصول إلى القانون. حاول المخرج ويلز عموما أن يكون مخلصا لرواية كافكا في فيلمه ولكن هناك نقطتان رئيسيتان في فيلميه لا تتوافق عند قراءة الرواية. بادئ ذي بدء ، شخصية جوزيف ك. في الفيلم لا تتدهور حقا ، وبالتأكيد لا تستسلم في النهاية . في الرواية يقتل وفي الفيلم يلقي نفس المصير ولكن العبقري ويلز كان جريئا بما يكفي لتغير النهاية الى الحد الذي لايستسلم ،إنه يقتل كما يقتل أي شخص عندما يتم إعدامه ، ولكن حيث يصرخ في الكتاب ، " أنت تقتلني مثل كلب حقير !" ، في تصوير ويلز يضحك في وجوههم لأنهم غير قادرين على قتله .يرفض أورسون ويلز الاعتراف بأن فيلمه “المحاكمة” اقتباس عن عمل كافكا الكلاسيكي المنشور في العام 1925 وحمل نفس الاسم، حتى أنه لا يقر بوصف فيلمه بأنه مستند إلى الكتاب. أورسون ويلز زعم أن كافكا أكثر انغلاقاً ليكون شريكاً في عمله "المحاكمة " ، وقد جادل ويلز بأن الفيلم كان مشروعا ويلزيا: من الواضح أن الكتاب ألهمه لصنعه ، لكن كل فيلم هو عمل فني منفصل وحقيقي ، لا يعتمد على المادة المصدر التي ربما كانت بمثابة أساسه. طالما أن الفنان لديه شيء مختلف ، شيء فريد ليقوله حول موضوع معين ، يعتقد ويلز أنه كان عملا فنيا مختلفا تماما. "حاولتُ عموماً أن أكون وفياً لعمل كافكا لكن هناك مجموعة من النقاط في فيلمي لا تتقاطع مع الرواية. هناك شخصية جوزيف ك قبل كل شيء، في الفيلم لا يتقهقر حقاً، بالتأكيد لا يستسلم في النهاية ، طبعاً هو يستسلم في الرواية ويُقتل . نعم، في الفيلم يُقتل في النهاية ولكنه لايستسلم ". تصوير فيلم "المحاكمة" في عام 1981 ، قدم ويلز جلسة أسئلة وأجوبة مدتها 90 دقيقة في جامعة جنوب كاليفورنيا بعد عرض فيلم المحاكمة ، وقام المصور السينمائي غاري جرافر بتصوير الجلسة بهدف تصوير أبرز اللقطات في الفيلم المعروض . بعد وفاة أورسون ويلز في عام 1985 ، تم توريث جميع أفلامه غير المكتملة لرفيقه وعشيقته على المدى الطويل أوجا كودار ، وتبرعت بدورها بالعديد منها (بما في ذلك تصوير المحاكمة) لمتحف ميونيخ السينمائي للحفظ والترميم."المحاكمة " أحد أكثر الأفلام ويلز التي لا تنسى في تلك الفترة. قال ويلز: "قل ما شئت ، لكن المحاكة هو أفضل فيلم صنعته على الإطلاق ... لم أكن أبدا سعيدا كما كنت عندما صنعت هذا الفيلم " . صُور الفيلم في باريس وزغرب وهي مدينة كرواتية في وسط أوروبا تتمتع بهوية بصرية مشابهة لبراغ التي لم يكن تصوير الفيلم ممكناً فيها بسبب نبذ السوفييت لأعمال كافكا . وعن السبب في تصوير اغلب المشاهد في يوغسلافيا قال ويلز " يبدو لي أن القصة التي نتعامل معها يقال إنها تحدث "في أي مكان". لكن بالطبع لا يوجد "في أي مكان". عندما يقول الناس أن هذه القصة يمكن أن تحدث في أي مكان ، يجب أن تعرف أي جزء من العالم بدأت فيه بالفعل. ولكني وجدت أوروبا الوسطى مكانا ما ورث شيئا من الإمبراطورية النمساوية المجرية التي تفاعل معها كافكا وذهبت إلى زغرب لأنني لم أستطع الذهاب إلى تشيكوسلوفاكيا لأن كتبه ممنوعة هناك ". واضاف " كانت اللقطة الأخيرة في زغرب ، التي لديها شوارع قديمة تشبه إلى حد كبير براغ. لكن كما ترون ، لم يكن التقاط تلك النكهة لمدينة أوروبية حديثة ، ولكن مع جذورها في الإمبراطورية النمساوية المجرية هو السبب الوحيد وراء تصويرنا في يوغوسلافيا. لقد صورت الكثير من الفيلم في باريس ، في محطة سكة حديد مهجورة " .
#علي_المسعود (هاشتاغ)
Ali_Al-_Masoud#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فيلم -عندما بكى نيتشه - تقييم أدبي لتاريخ الفلسفة وممارسة ال
...
-
فيلم - أينشتاين والقنبلة - يتعمق في حياة العالم ألبرت أينشتا
...
-
فيلم -الهارب العظيم - يحمل رسالة في مناهضة للحروب
-
فيلم -عدّاء الطائرة الورقية- قصة التمييز العرقي ، والغزو الأ
...
-
فيلم -عدّاء الطائرة الورقية- قصة التمييز العرقي ، والغزو الأ
...
-
الرقابة على حرية التعبير في الأنظمة القمعية يكشفها الفيلم ال
...
-
التميز والعنصرية في المجتمع الألماني يكشفها فيلم ( قاعة المع
...
-
أبناء الدانمارك- يناقش أزمة تنامي اليمين المتطرف والنازيين ا
...
-
( قصة كيرالا ) فيلم هندي يكشف تجنيد الفتيات في تنظيم داعش ال
...
-
أنا كوبا: فيلم يؤرخ نضال الشعب الكوبي من أجل الحرية
-
الفيلم الكوري - عندما يأتي يوم 1987 - يوثق الشرارة الأولى لا
...
-
- خيال أمريكي - نقد للمعايير التي يتم التحكم في تقيم الفن وا
...
-
( كربلاء) فيلم بولندي يوثق أحدى معارك جيش المهدي مع قوات الت
...
-
فيلم ( قتلني عمر ) يفضح عنصرية النظام القضائي الفرنسي
-
-الذاكرة الخالدة -فيلم إنساني وصورة مؤثرة بعمق عن الحب ومرض
...
-
-محبة فنست - فيلم رسوم متحركة يحكي قصة فان كوخ من خلال لوحات
...
-
فضح وحشية جنود الاحتلال الأمريكي في العراق في فيلم المخرج دي
...
-
-أحد عيد الأم - فيلم يصور حياة الكاتبة (جين فيرتشايلد ) حتى
...
-
-حافة الجنة - - فيلم عن الروابط الأسرية ويكشف جانب من نضالات
...
-
فيلم - باران - يتناول مأساة اللاجئين الأفغان وقصة حب جميلة
المزيد.....
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
-
3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV
...
-
-مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية
...
-
NOOR PLAY .. المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقه 171 مترجمة HD
...
-
بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص
...
-
بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص
...
-
حالا استقبل تردد قناة روتانا سينما Rotana Cinema الجديد 2024
...
-
ممثل أميركي يرفض كوب -ستاربكس- على المسرح ويدعو إلى المقاطعة
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|